مكارمُ الأخلاقِ 2-12-2-1441-مستفادة من خطبة الشيخ سالم الغيلي

محمد بن سامر
1441/02/04 - 2019/10/03 21:35PM
الحمدُ للهِ ربِ العالمينَ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وليُ الصالحينَ، وأشهدُ أنَّ محمدًا رسولُه الأمينُ، عليه وآلهِ الصلاةُ وأتمُ التسليمِ.
"يا أيها الذينَ آمنوا اتقوا اللهَ حقَ تقاتِه ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون".
أما بعدُ: فما نهضتْ أمةٌ من الأممِ ولا قويتْ إلا بأَخلاقِها الحسنةِ، وما ضعُفتْ أمةٌ أو هلكتْ إلا بأَخلاقِها السيئةِ.
إنما الأممُ الأخلاقُ ما بقيتْ*فإنْ هُمُو ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا
ومنِ الأُمورِ التي تختبرُ فيها أخلاقَك وأدبَك مع خلقِ اللهِ: التأدبُ مع رسولِ اللهِ-عليهِ وآلِه الصلاةُ والسلامُ-باتباعِه وطاعتِه، قال-تعالى-: "قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"، هل تصلي وتسَلِّمُ عليه كلَّما سمعتَ اسمَه؟-عليهِ وآلِه الصلاةُ والسلامُ-، هل تأكلُ أو تشربُ بشمالِك؟، هل تحلِقُ لحيتَك أو تُسبِلُ ثوبَك، هل تتابعُ المؤذنَ؟ هل تـُحافظُ على السننِ الرواتبِ؟ هل تُسَلِّمَ وتَرُدُّ السلامَ؟
منِ الأُمورِ التي تختبرُ فيها أخلاقَك وأدبَك مع خلقِ اللهِ: هل أخلاقُك حسنةٌ وتعاملُك راقٍ مع والديك، ومع أهلِك وأولادِك، ومعَ إخوانِك وقرابتِك وجيرانِك، ومع الناسِ عامةً حتى لو كانوا غيرَ مسلمينَ، ومع الحيواناتِ والعجماواتِ.
"وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا"، "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ".
أين أخلاقُنا الحسنةُ في تعاملِنا: في بيعِنا، في شرائِنا، في حديثِنا مع الآخرين، فيما في صدورِنا للمسلمين، "وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ*يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ".
قالَ-عليهِ وآلِه الصلاةُ والسلامُ-: "أنا زعيمٌ-كفيلٌ-ببيتٍ في رَبَضِ الجنةِ لمَن تَرَكَ المِراءَ وإن كان مُحِقًّا، وبيتٍ في وسطِ الجنةِ لمَن تركَ الكذبَ وإن كان مازحًا، وبيتٍ في أعلى الجنةِ لمَن حُسُنَ خُلقُه"، ومن نظرَ في تعاملِ بعضِ المسلمينَ مع بعضِهم، ومع جيرانِهم، ومع الوافدينَ والضيوفِ يَعْجَبُ، فالإسلامُ في وادٍ، وتعاملُهم في وادٍ آخرَ، واللهُ المستعانُ.
اللهم كما حسَّنتَ خَلْقَنا، فحسنْ أخلاقنا وأخلاقَ المسلمينَ.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ ربِ العالمينَ، كما ينبغي لجلالِ وجههِ وعظيمِ سلطانِه، أما بعدُ: فبعضُ الناسِ يحكمُ بميزانِ الدنيا الخاطِئِ، فإذا رأى الطيبَ، صاحبَ الخُلُقِ والأدبِ، الذي ما اشتكى منه أحدٌ، ولا تعرَّضَ لأحدٍ، قالَ: "هذا مِسكينٌ ضعيفٌ"، وإذا رأى الظالمَ المتكبرَ المتجبرَ، المؤذيَ البذيءَ، الذي غَرَّتْه دنياهُ، وما آتاهُ اللهُ، قال: "هذا الكفؤُ الذي لا مثيلَ له"، ولكن ميزانَ اللهِ يختلفُ، "مَرَّ رَجُلٌ علَى رَسولِ اللَّهِ-صَلَّى اللهُ عليه وآلهِ وسلَّمَ-، فَقالَ لرَجُلٍ جَالِسٍ عِنْدَهُ: ما رَأْيُكَ في هذا؟ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، هذا رَجُلٌ مِن أشْرَافِ النَّاسِ، هذا واللَّهِ حَرِيٌّ-جديرٌ وأهلٌ-إنْ خَطَبَ أنْ يُزوجَ، وإنْ شَفَعَ أنْ يُشَفَّعَ، وإنْ قالَ أنْ يُسمعَ لقولِه، فَسَكَتَ رَسولُ اللَّهِ-صَلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّمَ-ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرُ، فَقالَ له: ما رَأْيُكَ في هذا؟ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، هذا رَجُلٌ مِن فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، هذا واللَّهِ حَرِيٌّ-جديرٌ وأهلٌ-إنْ خَطَبَ ألا يُنْكَحَ، وإنْ شَفَعَ ألا يُشَفَّعَ، وإنْ قالَ ألا يُسْمع لِقَوْلِهِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ-صَلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّمَ-: هذا خَيْرٌ مِن مِلْءِ الأرْضِ مِثْلَ هذا".
فهل نحنُ من أهلِ الأخلاقِ الحسنةِ؟ اللهم اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا والمسلمينَ سيِئ الأخلاقِ والأعمالِ، اللهم أصلحْ ولاةَ أُمورِنا وولاةَ أُمورِ المسلمينِ، وارزقهمْ البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالمينَ غانمينَ، اللهم اغفرْ لنا ولوالدينا وللمسلمينَ، أسألُك لي ولهم من كلِّ خيرٍ، وأعوذُ وأُعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، اللهم اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، اللهم عليك بأعداءِ المسلمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ يا قويُ يا عزيزُ.
 
المرفقات

الأخلاقِ-2-12-2-1441-مستفادة-من-خطبة-الشيخ-سالم

الأخلاقِ-2-12-2-1441-مستفادة-من-خطبة-الشيخ-سالم

المشاهدات 745 | التعليقات 0