مكارم الأخلاق – بدع رجب
محمد البدر
1437/07/08 - 2016/04/15 01:39AM
[align=justify]الخطبة الأولى
أما بعد: عباد الله : قال تعالى :﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ (القلم:4) .
نحن نعيش أزمة حقيقية هي أزمة تدني مستوى الأخلاق بل حالة إنعدامها عند البعض نعم إنّنا نعيش اليوم أزمة قد مسّت الجميع دون استثناء ، أزمة قد تؤدي إلى الانحلال الأخلاقي والقيمي ،ويجب علينا أن نبذل قصارى جهدنا لاستئصاله والقضاء عليه ، أو على الأقلّ الحدّ من انتشاره ،لأنّ بقاء الأمم من زوالها رهين أخلاقها ، والقرآن شاهد على الأمم التي أبادها الله بسبب فسقها وانهيار أخلاقها .....
عباد الله :ديننا يحثنا على الأخلاق الحسنة والقيم الفاضلة ، ونبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان المثل الأعلى لهذه الصفة الحميدة فقد كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحسن الناس سمتاً، وأكملهم خُلُقاً، وأطيبهم عشرة، وقد وصفه سبحانه بذلك فقال تعالى:﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ .
فما من خصلة من خصال الخير إلا ولرسول صلى الله عليه وسلم أوفر الحظ والنصيب من التخلق بها ، وقد وصف الصحابة حسن خلقه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أحاديث كثيرة .
فعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بن العاص رضي الله عنهما إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا وَقَالَ « إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا » متفقٌ عَلَيْهِ.ووصفه الله تعالى بلين الجانب لأصحابه فقال ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾ . ففي معاشرته لأصحابه من حسن الخلق ما لا يخفي، فقد كان يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، ويقبل الهدية ممن جادت بها نفسه و يكافئ عليها.
وكان عليه الصلاة والسلام يؤلفهم ولا ينفرهم، ويتفقدهم ويعودهم، ويعطى كلَّ مَنْ جالسه نصيبه من العناية والاهتمام، حتى يظن جليسه أنه ليس أحدٌ أكرم منه، وكان ولا يواجه أحداً منهم بما يكره.
فعن أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: « لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي، فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَنَسًا غُلاَمٌ كَيِّسٌ، فَلْيَخْدُمْكَ قَالَ: فَخَدَمْتُهُ فِي الْحَضَرِ وَالسّفَرِ فَوَاللهِ مَا قَالَ لِي، لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ: لِمَ صَنَعْتَ هذَا هكَذَا وَلاَ لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ: لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هذَا هكَذَا » متفقٌ عَلَيْهِ.
وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: « مَا حَجَبَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلاَ رَآنِي إِلاَّ تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ أَنِّي لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا» متفقٌ عَلَيْهِ.
ومعنى قوله ما حجبني: أي ما منعني الدخول عليه متى ما أردت ذلك.
وهذا الذي ذكرناه من حسن خلقه وعشرته قليل من كثير وغيض من فيض مما لا يمكن الإتيان على جميعه في خطبة .
وحسن الخلق، ولين الجانب، وطيب العشرة، صفات أجمع العقلاء على حسنها، وفضل التخلق بها.
عباد الله :إنّنا نعيش اليوم أزمة أخلاق حقيقية في كلّ المستويات ، فلا نجد احترام ولا أدب مع ولاة الأمر والعلماء ،و بين المدير والعاملين، وبين الأستاذ وتلاميذه، وبين التاجر والمشتري، وبيْن الرَّجُل والمرأة وأولاده، وأرْحامه وجِيرانه. وكلّ هذا بسبب ضعف الوازع الدّيني ، لم نعد نرى أثرا لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ : ( كلكم رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ... إلخ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
إنّنا نعيش اليوم أزمة أخلاق حقيقية فالأبناء يعيشون كاليتامى في وسط والديهم ، وغرباء في بلدانهم ، فالاب مشغول بالمعاش والأم تزاحم الرجال في الأسواق والمستشفيات ، وكأنهم اتفقوا على ضياع الأبناء ، والمدرسين مشغولين عن فلذات أكبادهم ومقصرين مع أهاليهم فكيف يغرسون الأخلاق والقيم في التلاميذ ، ففاقد الشيء لا يعطيه .
إنّنا نعيش اليوم أزمة أخلاق حقيقية في كل شيء الا ترى ما يدور من حولك ، إن بيننا وحولنا من يخلف المواعيد ويكذب ويداهن وينم ويغتاب ويسعى بالوشاية بين الناس ويبطش بهذا وذاك ويستغل مكانته ومركزه وسطوته لصالحه ويؤذي جيرانه ويقذف هذا وذاك وينكر المنكر ويأتيه ، ويحث الناس على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخالفه والله المستعان .
أقول قولي هذا...
الخطبة الثانية :
عباد الله : إن مما أحدثه الناس في هذا الشهر تخصيصهم شهر رجب بأنواع من البدع والمحدثات، فمن ذلك تخصيصهم شهر رجب بصيام قال الإمام ابن القيم: ولم يصم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثلاثة الأشهر سردا (أي رجب وشعبان ورمضان) كما يفعله بعض الناس ولا صام رجبا قط ولا استحب صيامه.
وكذلك مما أحدث في رجب العمرة، ويسمونها الرجبية، وهذا أيضاً من الخطأ فإنه لم يرد حديث في فضل العمرة في شهر من الشهور إلا في شهر رمضان، فعَنْ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً - أَوْ حَجَّةً مَعِي ) متفقٌ عَلَيْهِ . ولذلك فإن من اعتمر في هذا الشهر قاصداً الشهر فقد أخطأ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رجب أبداً مع أنه اعتمر أربع مرات
فاحذروا ـ يا عباد الله من البدع والمحدثات.فكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف .
الا وصلوا ...
[/align]
أما بعد: عباد الله : قال تعالى :﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ (القلم:4) .
نحن نعيش أزمة حقيقية هي أزمة تدني مستوى الأخلاق بل حالة إنعدامها عند البعض نعم إنّنا نعيش اليوم أزمة قد مسّت الجميع دون استثناء ، أزمة قد تؤدي إلى الانحلال الأخلاقي والقيمي ،ويجب علينا أن نبذل قصارى جهدنا لاستئصاله والقضاء عليه ، أو على الأقلّ الحدّ من انتشاره ،لأنّ بقاء الأمم من زوالها رهين أخلاقها ، والقرآن شاهد على الأمم التي أبادها الله بسبب فسقها وانهيار أخلاقها .....
عباد الله :ديننا يحثنا على الأخلاق الحسنة والقيم الفاضلة ، ونبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان المثل الأعلى لهذه الصفة الحميدة فقد كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحسن الناس سمتاً، وأكملهم خُلُقاً، وأطيبهم عشرة، وقد وصفه سبحانه بذلك فقال تعالى:﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ .
فما من خصلة من خصال الخير إلا ولرسول صلى الله عليه وسلم أوفر الحظ والنصيب من التخلق بها ، وقد وصف الصحابة حسن خلقه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أحاديث كثيرة .
فعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بن العاص رضي الله عنهما إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا وَقَالَ « إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا » متفقٌ عَلَيْهِ.ووصفه الله تعالى بلين الجانب لأصحابه فقال ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾ . ففي معاشرته لأصحابه من حسن الخلق ما لا يخفي، فقد كان يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، ويقبل الهدية ممن جادت بها نفسه و يكافئ عليها.
وكان عليه الصلاة والسلام يؤلفهم ولا ينفرهم، ويتفقدهم ويعودهم، ويعطى كلَّ مَنْ جالسه نصيبه من العناية والاهتمام، حتى يظن جليسه أنه ليس أحدٌ أكرم منه، وكان ولا يواجه أحداً منهم بما يكره.
فعن أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: « لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي، فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَنَسًا غُلاَمٌ كَيِّسٌ، فَلْيَخْدُمْكَ قَالَ: فَخَدَمْتُهُ فِي الْحَضَرِ وَالسّفَرِ فَوَاللهِ مَا قَالَ لِي، لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ: لِمَ صَنَعْتَ هذَا هكَذَا وَلاَ لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ: لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هذَا هكَذَا » متفقٌ عَلَيْهِ.
وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: « مَا حَجَبَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلاَ رَآنِي إِلاَّ تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ أَنِّي لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا» متفقٌ عَلَيْهِ.
ومعنى قوله ما حجبني: أي ما منعني الدخول عليه متى ما أردت ذلك.
وهذا الذي ذكرناه من حسن خلقه وعشرته قليل من كثير وغيض من فيض مما لا يمكن الإتيان على جميعه في خطبة .
وحسن الخلق، ولين الجانب، وطيب العشرة، صفات أجمع العقلاء على حسنها، وفضل التخلق بها.
عباد الله :إنّنا نعيش اليوم أزمة أخلاق حقيقية في كلّ المستويات ، فلا نجد احترام ولا أدب مع ولاة الأمر والعلماء ،و بين المدير والعاملين، وبين الأستاذ وتلاميذه، وبين التاجر والمشتري، وبيْن الرَّجُل والمرأة وأولاده، وأرْحامه وجِيرانه. وكلّ هذا بسبب ضعف الوازع الدّيني ، لم نعد نرى أثرا لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ : ( كلكم رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ... إلخ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
إنّنا نعيش اليوم أزمة أخلاق حقيقية فالأبناء يعيشون كاليتامى في وسط والديهم ، وغرباء في بلدانهم ، فالاب مشغول بالمعاش والأم تزاحم الرجال في الأسواق والمستشفيات ، وكأنهم اتفقوا على ضياع الأبناء ، والمدرسين مشغولين عن فلذات أكبادهم ومقصرين مع أهاليهم فكيف يغرسون الأخلاق والقيم في التلاميذ ، ففاقد الشيء لا يعطيه .
إنّنا نعيش اليوم أزمة أخلاق حقيقية في كل شيء الا ترى ما يدور من حولك ، إن بيننا وحولنا من يخلف المواعيد ويكذب ويداهن وينم ويغتاب ويسعى بالوشاية بين الناس ويبطش بهذا وذاك ويستغل مكانته ومركزه وسطوته لصالحه ويؤذي جيرانه ويقذف هذا وذاك وينكر المنكر ويأتيه ، ويحث الناس على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخالفه والله المستعان .
أقول قولي هذا...
الخطبة الثانية :
عباد الله : إن مما أحدثه الناس في هذا الشهر تخصيصهم شهر رجب بأنواع من البدع والمحدثات، فمن ذلك تخصيصهم شهر رجب بصيام قال الإمام ابن القيم: ولم يصم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثلاثة الأشهر سردا (أي رجب وشعبان ورمضان) كما يفعله بعض الناس ولا صام رجبا قط ولا استحب صيامه.
وكذلك مما أحدث في رجب العمرة، ويسمونها الرجبية، وهذا أيضاً من الخطأ فإنه لم يرد حديث في فضل العمرة في شهر من الشهور إلا في شهر رمضان، فعَنْ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً - أَوْ حَجَّةً مَعِي ) متفقٌ عَلَيْهِ . ولذلك فإن من اعتمر في هذا الشهر قاصداً الشهر فقد أخطأ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رجب أبداً مع أنه اعتمر أربع مرات
فاحذروا ـ يا عباد الله من البدع والمحدثات.فكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف .
الا وصلوا ...
[/align]