مكارم الأخلاق
سالم بن محمد الغيلي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله م شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً أشهد الا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى الامانه ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاده صلى الله عليه وسلم ما تعاقب ليل ونهار وعلى آله وصحبه الاخيار .
- }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ{ ]سورة آل عمران: 102[
- }يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا{ ]سورة النساء:1[
- }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا{ ]سورة الأحزاب:70[
عباد الله:
من تأمل تاريخ الأمم يجد عجباً فما نهضت أمة من الأمم ولا قويت ولا تمكنت ولا سادت إلا كان لها قيماً وثوابت واخلاق منحتها بإذن الله القوة والصلابة والسيادة , وما بادت امة أو تبعثرت أو فنيت أو عاقبها الله إلا حينما فسدت اخلاقها وذهبت قيمها وتبعثرت آدابها , وما قوم لوط وقوم ثمود وقوم صالح واصحاب الأيكة وفرعون وقومه وقارون وهامان وغيرهم غلا ضحايا لفساد الاخلاق ورداءة الطبع وسوء الأدب مع الله ثم مع أنبيائه ورسله ثم مع أنفسهم فاستحقوا المسخ والغرق والصعق والتدمير
إنما الأمم الاخلاق ما بقيت
فإنْ همو ذهبت اخلاقهم ذهبوا
جاء الله بالإسلام ليعزز مكارم الاخلاق ويهدي إليها ويأمر بها , أرسل الله إلى هذه الامة أكرم الناس خلقاً على الاطلاق صلى الله عليه وسلم ومدحه الله بها فقال تعالى} :وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ { ]سورة القلم: 4[, وسُئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: (كان خلقه القرآن)صحيح الجامع للالباني, قال أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما مسست ديباجاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت رائحةً قط أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي قط أف ولا قال لشيءٍ فعلته لم فعلته؟ ولا شيء لم أفعله ألا فعلت كذا؟) متفق عليه أين بعض الناس الذين لا هم لهم إلا تصيد الأخطاء والانتقاد في الصغيرة والكبيرة والوقوع على الجروح قال صلى الله عليه وسلم: (ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق وأن الله تعالى يبغض الفاحش البذيء) صحيح الترمذي للالباني , الذين يفرحون بالسقطات والهفوات والزلات العيارين المستهزئين , قالت عائشة رض الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أكملُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهمْ خُلُقًا، وخِيارُكُمْ خِيارُكُمْ لِنِسائِهِمْ) السلسة الصحيحة للالباني, وقال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا ، وإنَّ مِن أبغضِكُم إليَّ وأبعدِكُم منِّي يومَ القيامةِ الثَّرثارونَ والمتشدِّقونَ والمتفَيهِقونَ، قالوا : يا رسولَ اللَّهِ، قد علِمنا الثَّرثارينَ والمتشدِّقينَ فما المتفَيهقونَ ؟ قالَ : المتَكَبِّرونَ) صحيح الترمذي للالباني , ولعل كل واحد منا يختبر اخلاقه في هذه الساعة ليرى مكانته ودرجته فإذا كان على خلق وأدب فليحمدالله ويثبت على ذلك, وإذا كان بعيداً عن الخلق والأدب فليراجع مساره ويعاتب نفسه ويراجع اخلاقه وأدبه .
إن الاخلاق منزلة عظيمة لا ينالها كلُ أحد والناس متفاوتون فيها تفاوتاً عظيماً وجميعنا مقصرون دون استثناء والدليل على ذلك أنه لا معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم , ودليل آخر أننا نظن أن مكارم الاخلاق والآداب هي فقط في التعامل مع أهلنا والتعامل مع الناس وحسن المنطق معهم , وفي الحقيقة أن مكارم الاخلاق أوسع مما نتصور فصاحب الخلق وصاحب الأدب يجب أولاً أن يتأدب مع الله جل جلاله ومع رسوله صلى الله عليه وسلم ومع الناس عامة هذه مكارم الاخلاق , فهل نحن مؤدبون مع الله؟ كيف اخلاقنا مع الله؟
تعالوا لنرى ونختبر اخلاقنا مع الله تعالى من خلال استعراض بعض الأمور, منها:
- الاخلاق في النية
ما منا أحد يعمل عمل إلا بنية لابد أن ينوي بعمله قال صلى الله عليه وسلم: (إنما الاعمال
بالنيات وإنما لكل امري ما نوى ....الحديث) رواه بخاري ومسلم
فما نيتك إذا اتقنت الصلاة؟
وما نيتك إذا انفقت من مالك؟ وتصدقت واعطيت ودفعت وعاونت وسلفت أو أقرضت؟
وما نيتك إذا زرت أو عزمت و اكرمت؟
إن الله تعالى يطلع على ما في القلوب ولذلك يقول عن بعض الناس الذين اساءوا الأدب والأخلاق معه تعالى في هذا الباب : }فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ { ]الماعون: 4,6[, وقال تعالى: }كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ ..{ ]البقرة:264[ ,هؤلاء المخلطين غواية الشيطان و فرائسهُ السهلة, قال تعالى: }قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ{ ]سورة ص:83,82 [
ومن الامور التي تختبر فيها أخلاقك وأدبك مع الله تعالى:
- الظن ما ظنك بالله إذا اعطاك وأغناك وأقناك , ما ظنك بالله إذا ابتلاك في نفسك أو ولدك أو مالك أو أهلك؟
قال الله تعالى في الحديث القدسي : (يقولُ اللَّهُ تَعالَى: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً.) اخرجه البخاري ومسلم , ومن ظن بالله خيراً أتاه الخير وربي, وكان مؤدباً مع الله , ومن أساء الظن بالله أتاه شراً ونقصاناً وكان ذلك سوء خُلق وأدب مع الله تعالى.
ومن الامور التي تختبر بها أخلاقك وأدبك مع الله:
- الخشية والمراقبة في السر والعلانية
وخشية الله ومراقبته في العلانية أمام الناس قد تكون سهلة خوفاً من الناس ومن مطارق السنتهم, لكن خشية السر هي المؤشر هي الخلق والأدب مع الله كيف أنت إذا خلوت ولم يرك أحد؟ وكيف جوالك وشاشتك وقروباتك ونظراتك؟ }إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ{ ]سورة الملك:12[, وتأملوا معي هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (لأَعْلَمَنَّ أقوامًا مِن أُمَّتي يَأْتون يومَ القيامةِ بحَسناتٍ أمثالِ جِبالِ تِهامةَ بَيْضاءَ، فيَجْعَلُها اللهُ هَباءً مَنثورًا. قال ثَوْبانُ: يا رسولَ اللهِ، صِفْهُم لنا، جَلِّهِم لنا، أنْ لا نَكُونَ منهُم و نحن لا نَعْلَمُ. قال: أمَا إنَّهُم إخوانُكُم، ومِن جِلْدَتِكُم، ويَأخُذون مِنَ اللَّيلِ كما تَأْخُذون- أي عندهم قيام ليل يصلون-، ولكنَّهُم أقوامٌ إذا خَلَوْا بمَحارمِ اللهِ انتَهَكوها).السلسلة الصحيحة للالباني, هذا جزاء سوء الخلق والأدب مع الله تعالى في الخلوات.
وآخر مثال أو اختبار لأخلاقنا وأدبنا مع الله:
- ماذا تجد في نفسك إذا اعطى الله غيرك وحرمك , إذا أغنى الله جارك أو أخاك أو قريبك, إذا ترقى زميلك وتفوق صديقك ورزق بمولود جارك؟
ماذا تجد في نفسك فرحةً أو ترحةً أو ترحةً حسداً أو غِيرةً أو كراهية أو حباً ومودة؟
من الذي يحب لأخيه المسلم مثلما يحب لنفسه من الذي لديه هذا الخلق, بعض الناس يترقب ماذا يحدث لجيرانه وأقاربه و أرحامه فإذا اصابتهم النعماء تضايق وتورم , وإذا جاءتهم الضراء يفرح ويقول ماعليهم يستاهلون , فإذا أصيب صاحب الجاه والمال قالوا والله ما يستاهل, ما هذه الاخلاق ماهذا الجور ماهذا المرض, قال تعالى:} وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ..{ ]سورة النساء:32[, وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تَحاسَدُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَناجَشُوا، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا.) اخرجه البخاري, ومسلم واللفظ له.
هذه بعض المقاييس فقط وقس وعليها ما شئت من باقي شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
اللهم حسّن اخلاقنا نعوذ بك من شر أنفسنا وشر الشيطان, اللهم أجعلنا لك مخلصين شاكرين ذاكرين ولا تؤاخذنا بسوء أعمالنا يا أرحم الراحمين.
أقول ما تسمعون..
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين .
عباد الله:
ومن الاخلاق والأدب التي لابد أن يتصف بها المسلم :
التأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
واختبر نفسك بصدق وأعرض أخلاقك وأدبك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على آية المحنة تسمى آية المحنة.
قول الله تعالى: }قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{ ]سورة آل عمران:31[
هل أنت تصلي عليه كلما سمعت اسمه؟ هل تأكل بشمالك أو تشرب, هل تحلق لحيتك أو تسبل أزارك هل ثوبك أسفل من الكعبين هل تتابع المؤذن هل تحافظ على السنن الرواتب هل تُسَلِمَ وترد السلام؟
من الامور التي تظهر فيها اخلاق المؤمن أو تنعدم:
اخلاقه وأدبه مع الناس مع أهله مع أولاده مع والديه مع جيرانه مع الناس عامة حتى لو كانوا غير مسلمين.
}وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا{ ]سورة الإسراء:23,24[
}إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{ ]سورة النحل: 90[
}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ{ ]سورة التحريم:6[
أين اخلاقنا في تعاملنا : في بيعنا في شرائنا في حديثنا مع الآخرين فيما نكنه في صدورنا للمسلمين, }وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{ ]سورة الأنعام:152[
}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ{ ]سورة الحجرات:12[ والآية التي قبلها : }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{ ]سورة الحجرات:11[
قال صلى الله عليه وسلم: (أنا زعيمٌ ببيتِ في رَبَضِ الجنةِ لمَن تَرَكَ المِراءَ وإن كان مُحِقًّا ، وببيتِ في وسطِ الجنةِ لمَن تركَ الكذبَ وإن كان مازحًا ، وببيتٍ في أعلى الجنةِ لمَن حُسُنَ خلقُه) حسّنه الالباني في صحيح أبي داود, ومن نظر في تعاملنا مع بعضنا ومع جيراننا ومع الوافدين إلينا يجد العجب يجد الاسلام في وادٍ وتعاملنا في واد آخر وهذه المصيبة.
لم تقولون مالا تفعلون؟
كيف نحن في أحكامنا على الناس وأحوالهم وما يحدث منهم؟ إذا رأينا الطيب وصاحب الخلق والأدب مع أقاربه وجيرانه وأهل الذي ما اشتكى أحد ولا تعرض لأحد فنقول هذا مسكين مسكين نحكم عليه بالمسكنة والضعف, ثم نرى الظالم المتكبر المتجبر المؤذي البذيء الذي غرته دنياه وما أتاه الله فنقول هذا بطل هذا الذي لا مثيل له, ولكن الموازين عند الله تعالى تختلف, لكنها ادبيات كثيراً ما نخطئ فيها وكثيراً ما نحكم على الظواهر فقط فنخطي في أحكامنا ونجور.
روى سهل بن سعد رضي الله عنه : مَرَّ رَجُلٌ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ: ما رَأْيُكَ في هذا فَقالَ: رَجُلٌ مِن أشْرَافِ النَّاسِ، هذا واللَّهِ حَرِيٌّ إنْ خَطَبَ أنْ يُنْكَحَ، وإنْ شَفَعَ أنْ يُشَفَّعَ، قالَ: فَسَكَتَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرُ، فَقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما رَأْيُكَ في هذا فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، هذا رَجُلٌ مِن فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، هذا حَرِيٌّ إنْ خَطَبَ أنْ لا يُنْكَحَ، وإنْ شَفَعَ أنْ لا يُشَفَّعَ، وإنْ قالَ أنْ لا يُسْمع لِقَوْلِهِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هذا خَيْرٌ مِن مِلْءِ الأرْضِ مِثْلَ هذا) صحيح البخري, وفي رواية أحمد قال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لهذا أفضل عند الله يوم القيامة من قراب الأرض مثلِ هذا) صحيح على شرط الشيخين.
فهل نحن من أهل الاخلاق الكريمة ؟ نسأل الله أن يسخرنا في مرضاته , نسأل الله ان يقينا شر أنفسنا وشر الشيطان وشركه.
وصلوا وسلموا..
والله أعلم.
جامع القو 2/11/1437هـ
جامع القو 18/10/1440هـ
عرجان عرجان
كتب الله اجرك ورفع قدرك
تعديل التعليق