مقترح خطية بعنوان: (الصِّدقُ: فَضَائِلٌ وَثَمَرَاتٌ وَمَجَالَاتٌ.)
رمضان صالح العجرمي
✍ مقترح خطبة الجمعة الأولى من شهر جمادى الأولى ودروس هذا الأسبوع ودروس النساء. 👇
.
💫 الصِّدقُ: فَضَائِلٌ وَثَمَرَاتٌ وَمَجَالَاتٌ.
.
👈1- مُقَدِّمَةٌ عَنِ الصِّدقِ وَأَهَمِّيَتِةِ.
👈2- فَضَائِلُ وَثَمَرَاتُ الصِّدقِ.
👈3- صُوَرُ وَمَجَالِاتُ الصِّدقِ.
.
.
(الهَدَفُ مِنَ الخُطبَةِ) 👇
بيان فضل ومنزلة الصدق، وحث المؤمنين على الاتصاف به، مع بيان ثمرات، ومجالات الصدق.
.
.
📁 مُقَدِّمَةٌ ومَدَخَلٌ للمُوْضُوعِ:
.
■ أيُّهَا المُسلِمُونَ عِبَاد الله، فإن من أهم صفات وأخلاق المسلم التي أمر الله تعالى بالتحلي بها: صفة الصدق؛ فهو سيِّدُ الأَخلاقِ وجَامِعَةُ المَكارِمِ والفَضَائِلِ، ورأَسُ البِرِّ وعُنوانُ الشَّمَائِلِ؛ ولذا فقد امتَدَحَ اللهُ تعالى بِه نَفسَهُ في كِتَابِهِ العَزِيزِ.
👈فَقالَ تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} ، وقالَ تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً}
👈وَوَصَفَ كَلِمَتَهُ بِأَنَّهَا صِدْقٌ وَعَدْلٌ؛ فَقَالَ تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا}
■ وامتَدَحَ رُسُلَهُ وأَنبيَاءَهُ، وَوَصَفَهم بالصِّدقِ.
👈فَقَالَ تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا} ، وقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا}
■ وأمرَ الله تعالى به عباده المؤمِنينَ.
👈قال اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}
👈ومن شدة حثِّهِ على التحلي بالصدق؛ فقد بيَّن سبحانه وتعالى أنه سيسألُ الصادِقَ على صدقه: {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ} ؛ فكيف بالكاذبين في كذبهم؟!
👈وفي الصحيحين عن عبد اللهِ بنِ مسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: ((عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ، ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ؛ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ، ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ؛ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا.))
■ والصدق يكفيه أهمية وفضلًا أنه من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد عُرِف به صلى الله عليه وسلم، ولُقِّبَ به قبل البعثة، وبعد بعثته أيضًا وهو في أوساط نَاسٌ يكرهونه ويسبونه ويؤذونه؛ فكان لا يُدْعى بيْنهم إلَّا بالصَّادق الأمينِ صلى الله عليه وسلم.
👈ولِذَلك لمَّا نزَلَ عليه الوَحيُ، قَالَتْ له خَدِيجَةُ رضي الله عنها وَهِيَ تُطمئنهُ: ((كَلاَّ أَبْشِرْ، فَوَ اللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فَوَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ.))
👈وحينما نزل عليه قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} ، جمع قريشًا، ثم صعد الصفا، وقال لهم: ((أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ: أَنَّ خَيْلًا بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟))، قَالُوا: "نعم، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا" قال: ((فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد)) [متفق عليه.]
👈ولمَّا سأَلَ هِرقلُ مَلِكُ الرُّومِ أبا سُفيانَ، عن صِفَةِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كان فيما سأله: ((أَوَكُنتُم تَتَّهِمونه بالكذِبِ قبْلَ أنْ يقولَ ما قال؟ قال: لا. فقال هِرَقلُ: فما كان لِيَدَعَ الكذِبَ على النَّاسِ ويَذهبَ فيَكذِبَ على اللهِ عزَّ وجلَّ))
👈ولمَّا وصَلَ إلى المدينة صلى الله عليه وسلم مُهاجِرًا؛ يقول عبد الله بن سلام رضي الله عنه: "فما أن رأيت وجهه، حتى عرفت أنه ليس بوجه كذَّاب"
■ ورفْعُ الصِّدقِ وغيابُهُ بين الناس من علامات آخر الزمان؛ وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الزمان الذي تُقلَبُ فيه الحقائقَ وتُزوَّر فيه الوقائع؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سيأتِي على الناسِ سنواتٌ خدّاعاتٌ؛ يُصدَّقُ فيها الكاذِبُ، ويُكذَّبُ فيها الصادِقُ، ويُؤتَمَنُ فيها الخائِنُ، ويخَوَّنُ فيها الأمينُ، وينطِقُ فيها الرُّويْبِضَةُ.)) قِيلَ: وما الرُّويْبِضةُ؟ قال: ((الرجُلُ التّافِهُ يتَكلَّمُ في أمرِ العامةِ.)) [ابن ماجه في سننه، وصحَّحه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه]
.
📁 الوقفة الثانية:- فَضَائِلُ وَثَمَرَاتُ الصِّدقِ.
1- الصِّدقُ هو سِرُّ سعادة العبد في الدنيا والآخرة:
■ فإذا كنت صادقًا في كلامك، وتتحرى الصدق، فلا عليك ما فاتك من الدنيا؛ فأنت تملك أعظم الكنوز.
👈فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ فَلاَ عَلَيْكَ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا: حِفْظُ أَمَانَةٍ، وَصِدْقُ حَدِيثٍ، وَحُسْنُ خَلِيقَةٍ، وَعِفَّةٌ فِي طُعْمَةٍ)) ؛ [رواه أحمد، وصححه الألباني في صحيح الترغيب.]
2- الصِّدقُ شعار وصفة لازمة لأهل الإيمان:
👈قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ}
👈وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ.))
👈وفي الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ.)) أَمَّا الْمُؤْمِنُ فهو عَكْسُ ذَلِكَ: فإِذَا حَدَّثَ صَدَقَ في حديثه.
3- الصِّدقُ يرفعُ شأنَ الإنسان إذا اتصف به:
■ بالصِّدقِ يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ تعالى صِدِّيقًا.
👈كما في الحديث: ((وَلا يَزَالُ الْعَبْدُ يَصْدُقُ، وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ؛ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا))
■ وبالصِّدق يكون من أفضل الناس:
👈عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَفْضَلُ النَّاسِ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: ((كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ)) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، صَدُوقُ اللِّسَانِ عَرَفْنَاهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: ((هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، الَّذِي لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ فِيهِ وَلَا حَسَدَ.)) ؛ [رواه ابن ماجه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة]
👈وقال الفضيل رحمه الله: "لم يتزين الناس بشيء أفضل من الصدق وطلب الحلال."
■ وبالصِّدقِ في البيع والشراء، والأمانة؛ يتبوأ المؤمن الدرجات العالية في الجنة.
👈عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((التَّاجِرُ الْأَمِينُ الصَّدُوقُ الْمُسْلِمُ، مَعَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) [رواه الترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة]
4- الصِّدقُ منجاةٌ في الدنيا:
👈يُحكى: أن هاربًا لجأ إلى أحد الصالحين، وقال له: أخفني عن طالبي، فقال له: نم هنا، وألقى عليه حزمة من خوص، فلما جاء طالبوه وسألوا عنه، قال لهم: ها هو ذا تحت الخوص، فظنوا أنه يسخر منهم فتركوه، ونجا ببركة صدق الرجل الصالح.
👈ويُروى: أن الحجاج بن يوسف خطب يومًا، فأطال الخطبة، فقال أحد الحاضرين: الصلاة؛ فإن الوقت لا ينتظرك، والرب لا يعذرك، فأمر بحبسه، فأتاه قومه، وزعموا أن الرجل مجنون، فقال الحجاج: إن أقرَّ بالجنون، خلَّصته من سجنه، فقال الرجل: لا يسوغ لي أن أجحد نعمة الله التي أنعم بها عليَّ، وأثبت لنفسي صفة الجنون التي نزَّهني الله عنها، فلما رأى الحجاج صدقه، خلَّى سبيله.
5- الصِّدقُ منجاةٌ في الآخرة:
■ فكما أنه كان منجاة لك في الدنيا، فإنه منجاة من كُرَب الآخرة وشدائدها، والفوز برضا الرحمن والخلود في الجنان.
👈قال تعالى: {قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
👈وقال تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ}
6- الصِّدقُ من أسباب دخول الجنة؛ بل ضَمِنَ له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
👈ففي الحديث الصحيح الذي مرَّ معنا: ((عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِى إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِى إِلَى الْجَنَّةِ، وَلا يَزَالُ الْعَبْدُ يَصْدُقُ، وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ؛ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا.))
👈وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اضْمنُوا لِي سِتًّا من أنفسِكمْ؛ أضْمَنُ لكمْ الجنةُ: اصْدُقُوا إذا حدَّثْتُمْ، وأوْفُوا إذا وعدتُمْ، وأدًُّوا إذا ائْتُمِنْتُمْ، واحفَظُوا فُروجَكمْ، وغُضُّوا أبْصارَكمْ، وكُفُّوا أيديّكمْ))؛ [رواه أحمد وحسَّنَه الألباني في صحيح الجامع]
7- الصِّدقُ في النية به يتبلغُ العبدُ منازل وأجور الشهداء بإذن الله تعالى.
👈ففي صحيح البخاري عن عُمَرَ بْن الخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.))
👈وفي صحيح مسلم عَنْ سهل بن حُنَيْفٍ رضي الله عنه، أنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ سأَلَ اللَّه تَعَالَى الشَّهَادةَ بِصِدْقٍ بلَّغهُ اللهُ منَازِلَ الشُّهَداءِ وإنْ ماتَ على فِراشِهِ.))
👈وعندما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، ودنا من المدينة، قال: ((إنَّ بالمدينة لرجالاً ما سِرْتُم مَسِيرًا، ولا قطعْتُم وادِيًا إلاَّ كانوا معكم؛ حَبَسَهُم المَرَضُ.)) ، وفي رواية: ((حَبَسَهم العُذْرُ.)) ، وفي رواية: ((إلاَّ شَرَكُوكم في الأجْرِ.))
👈وهذه بشارة عظيمة كما في السنن من حديث أبى كبشة الأنماري رضي الله عنه وفيه: ((وعبدٍ رزقَهُ اللَّهُ علمًا ولم يرزقْهُ مالًا فَهوَ صادقُ النِّيَّةِ يقولُ لو أنَّ لي مالًا لعملتُ بعملِ فلانٍ فَهوَ بنيَّتِهِ فأجرُهما سواءٌ.))
.
.
نسأل الله العظيم أن يجعلنا من عباده الصادقين.
.
.
***********************
📁 الخطبة الثانية:- صُوَرُ وَمَجَالِاتُ الصِّدقِ.
.
■ أيُّهَا المُسلِمُونَ عِبَاد الله، فإن الصِّدقَ له مجالاتٌ وصورٌ عديدة؛ فهو يدخل في جميع علاقات العبد: سواءٌ مع ربه سبحانه وتعالى، أو مع الناس، أو مع نفسه؛ ومن هذه الصِّورِ والمجَالاتِ:-
1- الصِّدْقُ في الحديث:
👌فينبغي للمؤمن أن يكون صادقًا في أقواله، وأفعاله، وأن يتحرَّى ذلك في كل أحواله.
2- الصِّدْقُ في نقل الأخبار:
👈قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}
👈وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كَفَى بالمرءِ كذِبًا أن يحدِّثَ بِكُلِّ ما سمِعَ))
3- الصِّدْقُ مع الأولاد:
👈ففي سنن أبي داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ؟))، قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، فَقَالَ لَهَا النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ.))
4- الصِّدْقُ فِي البيع والشراء وسائر المعاملات:
👈ففي الصحيحين عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا.))
■ وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم صِنفًا من التجار بالفجور؛ لأنهم لا يتحرَّوْنَ الصِّدْقَ في معاملاتهم.
👈فعن رفاعة بن رافع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّ التُجَّارَ يُبعَثُونَ يَومَ القِيَامَةِ فُجَّارًا، إِلَّا مَن اتَّقَى اللَّهَ وَبَرَّ وَصَدَقَ)) [رواه الترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، وقال الترمذي: حسن صحيح]
■ وجاء في السنة الصحيحة ما يدل على سبب وصفهم بالفجور؛ وهو ما يتلبَّسُونَ به من الحلف الكاذب، وإخلاف الوعود.
👈عن عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّ التُجَّارَ هُمُ الفُجَّارَ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ أَوَ لَيسَ قَد أَحَلَّ اللَّهُ البَيعَ؟ قَالَ: بَلَى، وَلِكِنَّهُم يُحَدِّثُونَ فَيَكذِبُونَ، وَيَحلِفُونَ فَيَأثَمُونَ.)) [رواه أحمد، والحاكم وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة]
5- الصِّدْقُ إذا حلف:
👈عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يحلِفُ بأبيه، فقال: ((لا تحلِفوا بآبائِكُم، مَن حلفَ باللَّهِ فليصدُقْ، ومَن حُلِفَ لَه باللَّهِ فليرضَ، ومَن لم يرضَ باللَّهِ فليسَ منَ اللَّه)) [رواه ابن ماجه وصححه الألباني.]
👈ولذلك لا تجوز التورية في الحلف؛ كما في الحديث: ((ويمينك على ما صدقك به صاحبك)) [رواه مسلم]
6- الصِّدْقُ فِي المِزَاح:
👈فمن الأخطاء المزاح بالكذب وهذا ورد فيه وعيد شديد؛ فعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ، وَيْلٌ لَهُ.)) [رواه أبو داود، وحسَّنه الألباني]
👈وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صَادقُا حتى في مِزاحِهِ وفكاهته؛ ومن ذلك ما رواه أحمد في مسنده، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَحْمَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّا حَامِلُوكَ عَلَى وَلَدِ نَاقَةٍ)) قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَصْنَعُ بِوَلَدِ نَاقَةٍ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((وَهَلْ تَلِدُ الإِبِلَ إِلاَّ النُّوقُ.؟!))
👈ووعد ببيت في الجنة لمن يتحرَّى الصدق في مزاحه؛ فعن أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ.)) [رواه أبو داود، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة]
7- الصِّدْقُ فِي التوبة:
■ فمن تاب من ذنبه توبةً صادقةً؛ تاب الله تعالى عليه، وأبدل سيئاته حسنات.
👈قال تعالى: {إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيمًا}
👈وعن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ.)) [رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني]
👈يقول ابن القيم رحمه الله: "إذا تاب العبد توبة نصوحًا صادقةً خالصةً؛ أحرقت ما كان قبلها من السيئات وأعادت عليه ثواب حسناته."
8- الصِّدْقُ فِي طلب الكسب الحلال:
👈وتأمل في ذلك حديث واحد عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّهُ سَمِعَ النَبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ؛ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا.)) [رواه أحمد، والترمذي، وصححه الألباني.]
9- الصِّدْقُ فِي الشهادات:
👌فيحذر المسلم من شهادة الزور؛ لأنها من الكبائر.
10- الصِّدْقُ فِي العهود والوعود وذلك بالوفاء بها:
👈قَالَ الله تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا} وقال تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}
.
.
نسأل الله العظيم أن يجعلنا من عباده الصادقين في الأقوال والأفعال.
.
.
(ملحوظة) 👇
.
1- الموضوع قابل للزيادة والتعديل بحسب وقت الخطبة أو الدرس.
2- إن لم تكن خطيبا أو واعظا فتستطيع بإذن الله تعالى أن تكون كذلك:- 👇
🔸إما بقراءة المادة الوعظية على غيرك (أسرتك..أقرانك..زملاءك...
🔸وإما بنشرها وما يدريك لعل الخير يكون على يديك
#كن_داعية
#لا_تحقرن_من_المعروف_شيئا
.
#سلسلة_خطب_الجمعة
#دروس_عامة_ومواعظ
*(دعوة وعمل،هداية وإرشاد)*
قناة التيليجرام: 👇
https://t.me/khotp
.