مقالان مترابطان في الفتن وعلامات الساعة للأستاذ السيد العربي بن كمال
مازن النجاشي-عضو الفريق العلمي
1431/04/08 - 2010/03/24 05:57AM
الفتن وموقف المسلم منها
السيد العربي بن كمال
الفتن جمع فتنة , وجماع معنى الفتنة الإبتلاء والإمتحان والإختبار و منه قوله تعالى: { وفتناك فتونا } [ طه : 40 ] ، و وقوله: { آلم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون } [ العنكبوت : 1 – 2 ] ، أي: لا يختبرون فيميز خبيثهم من طيبهم، وأصلها مأخوذ من قولك فتنت الفضة والذهب إذا أذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيد ...
والفتن: الإحراق، ومن هذا قوله عز وجل: { يوم هم على النار يفتنون } ؛ أي يحرقون بالنار....
وقال تعالى { إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات } أي حرقوهم....
والفتنة العذاب ومنه قوله تعالى : { ذوقوا فتنتكم } [ الذاريات : 14 ] ، أي: عذابكم ..
وتارة يسمون ما يحصل عنه العذاب (أى ما يكون بسببه العذاب).. نحو قوله: { ألا في الفتنة سقطوا } [ التوبة : 49 ] ...
وجعلت الفتنة كالبلاء في أنهما يستعملان فيما يدفع إليه الإنسان من شدة ورخاء، وقد قال فيهما: { ونبلوكم بالشر والخير فتنة } [ الأنبياء : 35 ].....
وهما في الشدة أظهر معنى وأكثر استعمالا، كما فى قوله تعالى: { إنما نحن فتنة } [ البقرة : 102 ] ، { والفتنة أشد من القتل } [ البقرة : 191 ]، { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } [ البقرة : 193 ]، وقال: { ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا } [ التوبة : 49 ]، أي: يقول لا تبلني ولا تعذبني، وهم بقولهم ذلك وقعوا في البلية والعذاب....
وقال: { واحذرهم أن يفتنوك } [ المائدة : 49 ]، { وإن كادوا ليفتنونك } [ الإسراء : 73 ]، أي: يوقعونك في بلية وشدة في صرفهم إياك عما أوحي إليك، وقوله: { فتنتم أنفسكم } [ الحديد : 14 ]، أي: أوقعتموها في بلية وعذاب، وعلى هذا قوله: { واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة } [ الأنفال : 25 ].
قال ابن حجر:
ومعنى الفتنة في الأصل الاختبار والإمتحان ، ثم استعملت في كل أمر يكشفه الإمتحان عن سوء .
وتطلق على الكفر ، والغلو في التأويل البعيد ، وعلى الفضيحة والبلية والعذاب والقتال والتحول من الحسن إلى القبيح والميل إلى الشيء والإعجاب به ، وتكون في الخير والشر كقوله تعالى { ونبلوكم بالشر والخير فتنة } .
ويسمى الصائغ الفتان، وكذلك الشيطان،...
وعلى هذا فالفتنة المحنة، والفتنة المال، والفتنة الأولاد، والفتنة الكفر، والفتنة اختلاف الناس بالآراء، والفتنة الإحراق بالنار.....
بل والتكليف كله بلاء واختبار قال تعالى : { الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور } [ الملك : 2 ]
والكلام على الفتن فى مقامنا هذا يتعلق بما يكون فى آخر الزمان أو ما يكون بين يدى الساعة....وهنا أنبه على عدة حقائق وهى:
الأولى:
النبي صلى الله عليه وسلم بين أن بعثته كانت والساعة أيهما يسبق الأخر وكأن مبعثه من علامات أخر الزمان , ففى الحديث: " عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: « رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بإصبعيه هكذا بالوسطى والتي تلي الإبهام بعثت والساعة كهاتين » .. [خ..ك..تفسير القرآن].
وفى رواية فى كتاب الطلاق: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بعثت أنا والساعة كهذه من هذه أو كهاتين وقرن بين السبابة والوسطى ».
قال القرطبي في " المفهم " حاصل الحديث تقريب أمر الساعة وسرعة مجيئها , وقال القرطبي في " التذكرة " : معنى هذا الحديث تقريب أمر الساعة ..
قال ابن حجر: سياقه يفيد قربها وأن أشراطها متتابعة كما قال تعالى { فقد جاء أشراطها } قال الضحاك : أول أشراطها بعثة محمد صلى الله عليه وسلم , والحكمة في تقدم الأشراط إيقاظ الغافلين وحثهم على التوبة والاستعداد , وقيل معنى الحديث أنه ليس بيني وبين القيامة شيء , هي التي تليني كما تلي السبابة الوسطى .
الثانية:
أن موعد الساعة لايعلمه بحال إلا الله تعالى وحده ..
أخرج البخارى عن أبي هريرة قال « كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزا يوما للناس فأتاه جبريل فقال ....(فى حديث طويل) ... متى الساعة قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل وسأخبرك عن أشراطها إذا ولدت الأمة ربها وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان ... في خمس لا يعلمهن إلا الله ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غدا وما تدري نفسٌ بأي أرض تموت إن الله عليمٌ خبيرٌ } [ لقمان : 34 ] ....الحديث » ... [خ...ك...الإيمان].
الثالثة:
أن أكثر من كان يسأل عن الساعة - متى هى – العوام فى زمن النبي وهم الأعراب وأهل البوادى , أما الخواص فكانوا يعملون لها لايسألون عن موعدها...ففى الحديث عن أبي هريرة قال : « بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابيٌ فقال متى الساعة فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث فقال بعض القوم سمع ما قال فكره ما قال وقال بعضهم بل لم يسمع حتى إذا قضى حديثه قال أين أراه السائل عن الساعة قال ها أنا يا رسول الله قال فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال كيف إضاعتها قال إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة » ...[خ...ك...العلم].
وعند البخارى عن أنس : « أن رجلا من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله متى الساعة... » الحديث.
الرابعة :
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب السائل عن الساعة بما ينفعه لا بما تطلبه نفسه ، ففى الحديث عن أنس : « أن رجلا من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله متى الساعة قائمةٌ قال ويلك وما أعددت لها قال ما أعددت لها إلا أني أحب الله ورسوله قال إنك مع من أحببت فقلنا ونحن كذلك قال نعم ففرحنا يومئذ فرحا شديدا... » ...[خ...ك...الأدب].
واسمع إلى هذا الحديث لتتعلم كيف كان شأنهم فى السؤال عن الساعة:
أخرج البخارى عن أنس بن مالك : « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر فقام على المنبر فذكر الساعة فذكر أن فيها أمورا عظاما ثم قال من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل فلا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ما دمت في مقامي هذا فأكثر الناس في البكاء وأكثر أن يقول سلوني فقام عبد الله بن حذافة السهمي فقال من أبي قال أبوك حذافة ثم أكثر أن يقول سلوني فبرك عمر على ركبتيه فقال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا فسكت ثم قال عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط فلم أر كالخير والشر » .( أي المرئي في ذلك المقام ... يعنى كالذى رأيت) . ..[خ...ك...مواقيت الصلاة]....
فهم كانوا يخافون الساعة ونحن نتسلى بالسؤال عنها فياللعجب من الفرق بين الحالين.
الخامسة:
كان النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ينتظرون الساعة ويتوقعون قيامها فى حياتهم ولا يقولون بقي الآف السنين وأن هناك علامات صغرى وكبرى لا بل كانوا يستعدون لها ففى الحديث عن النضر قال كانت ظلمةٌ على عهد أنس بن مالك قال فأتيت أنسا فقلت يا أبا حمزة هل كان يصيبكم مثل هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال معاذ الله إن كانت الريح لتشتد فنبادر المسجد مخافة القيامة".[.د..ك..الصلاة].
السادسة:
الصحابة الميامين سألوا عن الفتن وما بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم , ليس للتسلية والحكايات والتندر والمقالات , وإنما للإستعداد بالإيمان والعمل...
ففى الحديث عن حذيفة بن اليمان قال : « كانالناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر قال نعم قلت وهل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخنٌ قلت وما دخنه قال قومٌ يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت فهل بعد ذلك الخيرمن شر قال نعم دعاةٌ على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا قال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت فإن لم يكن لهم جماعةٌ ولا إمامٌ قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك » ..[.خ...ك...الفتن].
وعن حذيفة قال
« كنا جلوسا عند عمر رضي الله عنه فقال أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة ؟
قلت أنا كما قاله قال إنك عليه أو عليها لجريءٌ قلت فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصوم والصدقة والأمر والنهي
قال ليس هذا أريد ولكن الفتنة التي تموج كما يموج البحر
قال ليس عليك منها بأسٌ يا أمير المؤمنين إن بينك وبينها بابا مغلقا
قال أيكسر أم يفتح
قال يكسر
قال إذا لا يغلق أبدا قلنا أكان عمر يعلم الباب
قال نعم كما أن دون الغد الليلة إني حدثته بحديث ليس بالأغاليط فهبنا أن نسأل حذيفة فأمرنا مسروقا فسأله فقال الباب عمر » .....
[.خ...ك...مواقيت الصلاة].
وهذه الحقائق الست هى بمثابة أصول فيما يتعلق بموقف المؤمن أمام فتن أخر الزمان .... فأنا أقول لنفسى ولك عندما نسأل عن الساعة أو عن أمارتها ما قاله سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام لمن سأله متى الساعة : « ويلك وما أعددت لها » ...
فيا مشغولين بالساعة وأماراتها ....
يا مشغولين بظهور المهدي وهرمجيدون وانحسار الفرات عن جبل من ذهب ومقاتلة اليهود بآخر الزمان ....و...و...و..
ماذا أعددتم لهذه الفتن والملاحم...
أم هى تسلية وتتبع أحداث على طريقة القصص والأحداث العالمية الكبرى...
أم شهوة معرفة ما فى الغد وقد يكون فيه هلاكم ... عفانا الله وإياكم...
السؤال يكون ماذا يأمرنا الشرع عند ذلك... إذا أدركنا ذلك ...
كثرة الحيرة أرثت مزيد من الحيرة....ستضرب العراق أم لن تضرب ثم ماذا وإلى أي حد ستسير تلك الغطرسة وماذا يكون غدا وأنت لم تعمل لهذا الغد شئ...إنشغال وإنشغال وإنشغال ...
بكل شئ حتى برؤية ، الله أعلم بحقيقتها ....
رؤية شغلت الناس كثيرا ولا زالت تشغل الكثير ويكثر التساؤل حولها ...
يقال : امرأة رأت أنها ترضع القمر أو أن الشمس ترضع القمر أو نحو ذلك...
وأولها بعضهم بأننا فى زمن المهدى بمعنى أنه ولد الآن وهو الآن طفل يرضع وخلال ثلاثة عقود أو نحو ذلك يخرج المهدى...ليس على الله ببعيد والحقيقة يعلمها الله تعالى وحده....
لكن الفراغ والبعد عن معرفة تلك الحقائق التى ذكرت تجعل القصص والحواديت على طريقة ألف ليلة وليلة...لا ليس هذا مسلك الموحدين أمام الفتن ...
ويسأل كثير منكم عن تأويل ذلك ويقولون أحد رجال التأويل قال بذلك ...
منذ متى تقف الأمة على الرؤى...أو يقف إثبات الحقائق على الرؤى ..يامؤمنين عندكم كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فيه خبر الأمس واليوم والغد ...
وعندكم هدى خير الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم فيه ما يكون بين يدى الساعة ثم تتنتظرون وتتشوقون لمعرفة رؤية وتأويلها...ياللعجب ...
أنا لا أنكر حقيقة الرؤية الصالحة وليس هذا مقام تفصيل ما يتعلق بها من مقال....
لكن أين قوله تعالى: { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب } [ الحشر : 7 ]
أين هذا فيكم... وأين قوله صلى الله عليه وسلم : « وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله... » [م...ك...الحج].
وحقيقة الرؤية لو صحت أنها رأت فيها القمر وأهل تأويل الرؤى يقولون:
رؤية القمر في الأصل وزير الملك الأعظم أو سلطان دون الملك الأعظم والنجوم حوله جنوده ومنازله ومساكنه أو زوجاته وجواريه وربما دل على العالم والفقيه وكل ما يهتدي به من الأدلة لأنه يهدي في الظلمات ويضئ في الحنادس ويدل على الولد والزوج والسيد وعلى الزوج والابنة لجماله ونوره..... ومن رآه عنده أو في حجره أو في يده تزوج زواجا بقدر ضوئه ونوره رجلا كان أو امرأة ويروى أن، عائشة رضوان الله عليها رأت ثلاثة أقمار سقطت في حجرتها فقصت رؤياها على أبيها رضي الله عنه فقال لها "إن صدقت رؤياك يدفن في حجرتك ثلاثة هم خير أهل الأرض"....
ومن رأى القمر تاما منيرا في موضعه من السماء فإن وزير الملك ينفع أهل ذلك المكان ومن نظر إلى القمر فرأى مثال وجهه فإنه يموت... ومن رآه في حجره أو عنده تزوج زوجة بقدر ضوئه ونوره رجلا كان أو امرأة فإن كان كدرا فإنه يتزوج غير كفء وإن رأت امرأة أن القمر وقع في بيتها فأخذت منه بعضه ولفته في خرقة فإنها تلد ابنا ويموت وتحزن.. ومن رأى القمر صار شمسا فإن الرائي يصيب خيرا وعزا ومالا من قبل أمه أو امرأته.
(وحكي) أن ابن عباس رضي الله عنهما رأى في المنام كأن قمرا ارتفع من الأرض إلى السماء بأشطان فقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال « ذاك ابن عمك يعني نفسه » عليه أفضل الصلاة وأزكى التحيات.
(والشمس) هي في المنام الملك الأعظم فى الدنيا أو الخليفة أو الأب أو الذهب أو أمير من الأمراء أو امرأة جميلة ومن رأى في منامه أنه تحول شمسا فإنه يصيب ملكا على قدر شعاعها وإن رأى أنه تعلق بها فإنه ينال قوة وخيرا من وزير أو كاتب فإن أصاب شمسا معلقة بسلسلة ولى ولاية وعدل فيها فإن قعد في الشمس ودنا منها فإنه ينال من ملك نعمة ومالا وقوة وتأييدا فإن أضاء شعاعها من المشرق إلى المغرب فإنه يملك ما بينهما إن كان لذلك أهلا ويرزق علما يذكر به في الخافقين فإن رأى أنه ملك الشمس أو تمكن منها فإنه يكون مقبول القول عند الملك الأعظم وإن رآها صافية منيرة قد طلعت عليه فإن كان واليا نال قوة في ولايته من الملك الأعظم وإن كان [ص:3] قائدا عاش في كنفه وإن كان من الرعية نال رزقا حلالا وإن كانت امرأة نالت من زوجها ما تقر عينها به فإن طلعت الشمس في بيته نال شعبة من السلطان وواصله الخليفة إن كان لذلك أهلا وإلا فليحذر رجلا يعزه وإن طلعت في بيته تزوج وإن رأتها امرأة تزوجت واتسعت عليها دنياها وإن رآها تاجر ربح في تجارته وضوء الشمس هيبة الملك وعدله وإن رأى الشمس كلمته أصاب رفعة من قبل الخليفة وكذلك القمر
فإن رأى الشمس والقمر طالعين عليه فإن والديه راضيان عنه وإن لم يكن لهما شعاع فإنهما ساخطان عليه فإن رأى شمسا وقمرا عن يمينه وشماله أو قدامه أو خلفه فإنه يصيبه هم وخوف أو بلية أو هزيمة يضطر معها إلى الفرار وسواد الشمس والقمر والنجم وتكديرها تغير الدنيا ومن رأى شمسين اصطكتا فهما ملكان يقتتلان ومن رأى أنه سجد لشمس أو القمر فإنه يرتكب إثما عظيما وجرما كبيرا ....
هذه هى تأويلات من همّ بتأويل الرؤيا عالمون ... والعلم عند الله تعالى وحده...
والمقصود ألا تنشغلوا إلا بثلاث:
الأول: ربكم.. تعلمون من هو وما حقه عليكم.
والثانى: أنفسكم كيف تنجونها... من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
والثالث: عاقبتكم ... الجنة أم النار.
قال تعالى:
{ أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب ، الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ، والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ، والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار ، جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ، سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } [ الرعد : 19 - 24 ] ...
والحمد لله رب العالمين.
المصدر: طريق الإسلام
السيد العربي بن كمال
الفتن جمع فتنة , وجماع معنى الفتنة الإبتلاء والإمتحان والإختبار و منه قوله تعالى: { وفتناك فتونا } [ طه : 40 ] ، و وقوله: { آلم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون } [ العنكبوت : 1 – 2 ] ، أي: لا يختبرون فيميز خبيثهم من طيبهم، وأصلها مأخوذ من قولك فتنت الفضة والذهب إذا أذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيد ...
والفتن: الإحراق، ومن هذا قوله عز وجل: { يوم هم على النار يفتنون } ؛ أي يحرقون بالنار....
وقال تعالى { إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات } أي حرقوهم....
والفتنة العذاب ومنه قوله تعالى : { ذوقوا فتنتكم } [ الذاريات : 14 ] ، أي: عذابكم ..
وتارة يسمون ما يحصل عنه العذاب (أى ما يكون بسببه العذاب).. نحو قوله: { ألا في الفتنة سقطوا } [ التوبة : 49 ] ...
وجعلت الفتنة كالبلاء في أنهما يستعملان فيما يدفع إليه الإنسان من شدة ورخاء، وقد قال فيهما: { ونبلوكم بالشر والخير فتنة } [ الأنبياء : 35 ].....
وهما في الشدة أظهر معنى وأكثر استعمالا، كما فى قوله تعالى: { إنما نحن فتنة } [ البقرة : 102 ] ، { والفتنة أشد من القتل } [ البقرة : 191 ]، { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } [ البقرة : 193 ]، وقال: { ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا } [ التوبة : 49 ]، أي: يقول لا تبلني ولا تعذبني، وهم بقولهم ذلك وقعوا في البلية والعذاب....
وقال: { واحذرهم أن يفتنوك } [ المائدة : 49 ]، { وإن كادوا ليفتنونك } [ الإسراء : 73 ]، أي: يوقعونك في بلية وشدة في صرفهم إياك عما أوحي إليك، وقوله: { فتنتم أنفسكم } [ الحديد : 14 ]، أي: أوقعتموها في بلية وعذاب، وعلى هذا قوله: { واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة } [ الأنفال : 25 ].
قال ابن حجر:
ومعنى الفتنة في الأصل الاختبار والإمتحان ، ثم استعملت في كل أمر يكشفه الإمتحان عن سوء .
وتطلق على الكفر ، والغلو في التأويل البعيد ، وعلى الفضيحة والبلية والعذاب والقتال والتحول من الحسن إلى القبيح والميل إلى الشيء والإعجاب به ، وتكون في الخير والشر كقوله تعالى { ونبلوكم بالشر والخير فتنة } .
ويسمى الصائغ الفتان، وكذلك الشيطان،...
وعلى هذا فالفتنة المحنة، والفتنة المال، والفتنة الأولاد، والفتنة الكفر، والفتنة اختلاف الناس بالآراء، والفتنة الإحراق بالنار.....
بل والتكليف كله بلاء واختبار قال تعالى : { الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور } [ الملك : 2 ]
والكلام على الفتن فى مقامنا هذا يتعلق بما يكون فى آخر الزمان أو ما يكون بين يدى الساعة....وهنا أنبه على عدة حقائق وهى:
الأولى:
النبي صلى الله عليه وسلم بين أن بعثته كانت والساعة أيهما يسبق الأخر وكأن مبعثه من علامات أخر الزمان , ففى الحديث: " عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: « رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بإصبعيه هكذا بالوسطى والتي تلي الإبهام بعثت والساعة كهاتين » .. [خ..ك..تفسير القرآن].
وفى رواية فى كتاب الطلاق: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بعثت أنا والساعة كهذه من هذه أو كهاتين وقرن بين السبابة والوسطى ».
قال القرطبي في " المفهم " حاصل الحديث تقريب أمر الساعة وسرعة مجيئها , وقال القرطبي في " التذكرة " : معنى هذا الحديث تقريب أمر الساعة ..
قال ابن حجر: سياقه يفيد قربها وأن أشراطها متتابعة كما قال تعالى { فقد جاء أشراطها } قال الضحاك : أول أشراطها بعثة محمد صلى الله عليه وسلم , والحكمة في تقدم الأشراط إيقاظ الغافلين وحثهم على التوبة والاستعداد , وقيل معنى الحديث أنه ليس بيني وبين القيامة شيء , هي التي تليني كما تلي السبابة الوسطى .
الثانية:
أن موعد الساعة لايعلمه بحال إلا الله تعالى وحده ..
أخرج البخارى عن أبي هريرة قال « كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزا يوما للناس فأتاه جبريل فقال ....(فى حديث طويل) ... متى الساعة قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل وسأخبرك عن أشراطها إذا ولدت الأمة ربها وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان ... في خمس لا يعلمهن إلا الله ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غدا وما تدري نفسٌ بأي أرض تموت إن الله عليمٌ خبيرٌ } [ لقمان : 34 ] ....الحديث » ... [خ...ك...الإيمان].
الثالثة:
أن أكثر من كان يسأل عن الساعة - متى هى – العوام فى زمن النبي وهم الأعراب وأهل البوادى , أما الخواص فكانوا يعملون لها لايسألون عن موعدها...ففى الحديث عن أبي هريرة قال : « بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابيٌ فقال متى الساعة فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث فقال بعض القوم سمع ما قال فكره ما قال وقال بعضهم بل لم يسمع حتى إذا قضى حديثه قال أين أراه السائل عن الساعة قال ها أنا يا رسول الله قال فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال كيف إضاعتها قال إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة » ...[خ...ك...العلم].
وعند البخارى عن أنس : « أن رجلا من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله متى الساعة... » الحديث.
الرابعة :
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب السائل عن الساعة بما ينفعه لا بما تطلبه نفسه ، ففى الحديث عن أنس : « أن رجلا من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله متى الساعة قائمةٌ قال ويلك وما أعددت لها قال ما أعددت لها إلا أني أحب الله ورسوله قال إنك مع من أحببت فقلنا ونحن كذلك قال نعم ففرحنا يومئذ فرحا شديدا... » ...[خ...ك...الأدب].
واسمع إلى هذا الحديث لتتعلم كيف كان شأنهم فى السؤال عن الساعة:
أخرج البخارى عن أنس بن مالك : « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر فقام على المنبر فذكر الساعة فذكر أن فيها أمورا عظاما ثم قال من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل فلا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ما دمت في مقامي هذا فأكثر الناس في البكاء وأكثر أن يقول سلوني فقام عبد الله بن حذافة السهمي فقال من أبي قال أبوك حذافة ثم أكثر أن يقول سلوني فبرك عمر على ركبتيه فقال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا فسكت ثم قال عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط فلم أر كالخير والشر » .( أي المرئي في ذلك المقام ... يعنى كالذى رأيت) . ..[خ...ك...مواقيت الصلاة]....
فهم كانوا يخافون الساعة ونحن نتسلى بالسؤال عنها فياللعجب من الفرق بين الحالين.
الخامسة:
كان النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ينتظرون الساعة ويتوقعون قيامها فى حياتهم ولا يقولون بقي الآف السنين وأن هناك علامات صغرى وكبرى لا بل كانوا يستعدون لها ففى الحديث عن النضر قال كانت ظلمةٌ على عهد أنس بن مالك قال فأتيت أنسا فقلت يا أبا حمزة هل كان يصيبكم مثل هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال معاذ الله إن كانت الريح لتشتد فنبادر المسجد مخافة القيامة".[.د..ك..الصلاة].
السادسة:
الصحابة الميامين سألوا عن الفتن وما بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم , ليس للتسلية والحكايات والتندر والمقالات , وإنما للإستعداد بالإيمان والعمل...
ففى الحديث عن حذيفة بن اليمان قال : « كانالناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر قال نعم قلت وهل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخنٌ قلت وما دخنه قال قومٌ يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت فهل بعد ذلك الخيرمن شر قال نعم دعاةٌ على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا قال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت فإن لم يكن لهم جماعةٌ ولا إمامٌ قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك » ..[.خ...ك...الفتن].
وعن حذيفة قال
« كنا جلوسا عند عمر رضي الله عنه فقال أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة ؟
قلت أنا كما قاله قال إنك عليه أو عليها لجريءٌ قلت فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصوم والصدقة والأمر والنهي
قال ليس هذا أريد ولكن الفتنة التي تموج كما يموج البحر
قال ليس عليك منها بأسٌ يا أمير المؤمنين إن بينك وبينها بابا مغلقا
قال أيكسر أم يفتح
قال يكسر
قال إذا لا يغلق أبدا قلنا أكان عمر يعلم الباب
قال نعم كما أن دون الغد الليلة إني حدثته بحديث ليس بالأغاليط فهبنا أن نسأل حذيفة فأمرنا مسروقا فسأله فقال الباب عمر » .....
[.خ...ك...مواقيت الصلاة].
وهذه الحقائق الست هى بمثابة أصول فيما يتعلق بموقف المؤمن أمام فتن أخر الزمان .... فأنا أقول لنفسى ولك عندما نسأل عن الساعة أو عن أمارتها ما قاله سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام لمن سأله متى الساعة : « ويلك وما أعددت لها » ...
فيا مشغولين بالساعة وأماراتها ....
يا مشغولين بظهور المهدي وهرمجيدون وانحسار الفرات عن جبل من ذهب ومقاتلة اليهود بآخر الزمان ....و...و...و..
ماذا أعددتم لهذه الفتن والملاحم...
أم هى تسلية وتتبع أحداث على طريقة القصص والأحداث العالمية الكبرى...
أم شهوة معرفة ما فى الغد وقد يكون فيه هلاكم ... عفانا الله وإياكم...
السؤال يكون ماذا يأمرنا الشرع عند ذلك... إذا أدركنا ذلك ...
كثرة الحيرة أرثت مزيد من الحيرة....ستضرب العراق أم لن تضرب ثم ماذا وإلى أي حد ستسير تلك الغطرسة وماذا يكون غدا وأنت لم تعمل لهذا الغد شئ...إنشغال وإنشغال وإنشغال ...
بكل شئ حتى برؤية ، الله أعلم بحقيقتها ....
رؤية شغلت الناس كثيرا ولا زالت تشغل الكثير ويكثر التساؤل حولها ...
يقال : امرأة رأت أنها ترضع القمر أو أن الشمس ترضع القمر أو نحو ذلك...
وأولها بعضهم بأننا فى زمن المهدى بمعنى أنه ولد الآن وهو الآن طفل يرضع وخلال ثلاثة عقود أو نحو ذلك يخرج المهدى...ليس على الله ببعيد والحقيقة يعلمها الله تعالى وحده....
لكن الفراغ والبعد عن معرفة تلك الحقائق التى ذكرت تجعل القصص والحواديت على طريقة ألف ليلة وليلة...لا ليس هذا مسلك الموحدين أمام الفتن ...
ويسأل كثير منكم عن تأويل ذلك ويقولون أحد رجال التأويل قال بذلك ...
منذ متى تقف الأمة على الرؤى...أو يقف إثبات الحقائق على الرؤى ..يامؤمنين عندكم كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فيه خبر الأمس واليوم والغد ...
وعندكم هدى خير الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم فيه ما يكون بين يدى الساعة ثم تتنتظرون وتتشوقون لمعرفة رؤية وتأويلها...ياللعجب ...
أنا لا أنكر حقيقة الرؤية الصالحة وليس هذا مقام تفصيل ما يتعلق بها من مقال....
لكن أين قوله تعالى: { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب } [ الحشر : 7 ]
أين هذا فيكم... وأين قوله صلى الله عليه وسلم : « وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله... » [م...ك...الحج].
وحقيقة الرؤية لو صحت أنها رأت فيها القمر وأهل تأويل الرؤى يقولون:
رؤية القمر في الأصل وزير الملك الأعظم أو سلطان دون الملك الأعظم والنجوم حوله جنوده ومنازله ومساكنه أو زوجاته وجواريه وربما دل على العالم والفقيه وكل ما يهتدي به من الأدلة لأنه يهدي في الظلمات ويضئ في الحنادس ويدل على الولد والزوج والسيد وعلى الزوج والابنة لجماله ونوره..... ومن رآه عنده أو في حجره أو في يده تزوج زواجا بقدر ضوئه ونوره رجلا كان أو امرأة ويروى أن، عائشة رضوان الله عليها رأت ثلاثة أقمار سقطت في حجرتها فقصت رؤياها على أبيها رضي الله عنه فقال لها "إن صدقت رؤياك يدفن في حجرتك ثلاثة هم خير أهل الأرض"....
ومن رأى القمر تاما منيرا في موضعه من السماء فإن وزير الملك ينفع أهل ذلك المكان ومن نظر إلى القمر فرأى مثال وجهه فإنه يموت... ومن رآه في حجره أو عنده تزوج زوجة بقدر ضوئه ونوره رجلا كان أو امرأة فإن كان كدرا فإنه يتزوج غير كفء وإن رأت امرأة أن القمر وقع في بيتها فأخذت منه بعضه ولفته في خرقة فإنها تلد ابنا ويموت وتحزن.. ومن رأى القمر صار شمسا فإن الرائي يصيب خيرا وعزا ومالا من قبل أمه أو امرأته.
(وحكي) أن ابن عباس رضي الله عنهما رأى في المنام كأن قمرا ارتفع من الأرض إلى السماء بأشطان فقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال « ذاك ابن عمك يعني نفسه » عليه أفضل الصلاة وأزكى التحيات.
(والشمس) هي في المنام الملك الأعظم فى الدنيا أو الخليفة أو الأب أو الذهب أو أمير من الأمراء أو امرأة جميلة ومن رأى في منامه أنه تحول شمسا فإنه يصيب ملكا على قدر شعاعها وإن رأى أنه تعلق بها فإنه ينال قوة وخيرا من وزير أو كاتب فإن أصاب شمسا معلقة بسلسلة ولى ولاية وعدل فيها فإن قعد في الشمس ودنا منها فإنه ينال من ملك نعمة ومالا وقوة وتأييدا فإن أضاء شعاعها من المشرق إلى المغرب فإنه يملك ما بينهما إن كان لذلك أهلا ويرزق علما يذكر به في الخافقين فإن رأى أنه ملك الشمس أو تمكن منها فإنه يكون مقبول القول عند الملك الأعظم وإن رآها صافية منيرة قد طلعت عليه فإن كان واليا نال قوة في ولايته من الملك الأعظم وإن كان [ص:3] قائدا عاش في كنفه وإن كان من الرعية نال رزقا حلالا وإن كانت امرأة نالت من زوجها ما تقر عينها به فإن طلعت الشمس في بيته نال شعبة من السلطان وواصله الخليفة إن كان لذلك أهلا وإلا فليحذر رجلا يعزه وإن طلعت في بيته تزوج وإن رأتها امرأة تزوجت واتسعت عليها دنياها وإن رآها تاجر ربح في تجارته وضوء الشمس هيبة الملك وعدله وإن رأى الشمس كلمته أصاب رفعة من قبل الخليفة وكذلك القمر
فإن رأى الشمس والقمر طالعين عليه فإن والديه راضيان عنه وإن لم يكن لهما شعاع فإنهما ساخطان عليه فإن رأى شمسا وقمرا عن يمينه وشماله أو قدامه أو خلفه فإنه يصيبه هم وخوف أو بلية أو هزيمة يضطر معها إلى الفرار وسواد الشمس والقمر والنجم وتكديرها تغير الدنيا ومن رأى شمسين اصطكتا فهما ملكان يقتتلان ومن رأى أنه سجد لشمس أو القمر فإنه يرتكب إثما عظيما وجرما كبيرا ....
هذه هى تأويلات من همّ بتأويل الرؤيا عالمون ... والعلم عند الله تعالى وحده...
والمقصود ألا تنشغلوا إلا بثلاث:
الأول: ربكم.. تعلمون من هو وما حقه عليكم.
والثانى: أنفسكم كيف تنجونها... من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
والثالث: عاقبتكم ... الجنة أم النار.
قال تعالى:
{ أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب ، الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ، والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ، والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار ، جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ، سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } [ الرعد : 19 - 24 ] ...
والحمد لله رب العالمين.
المصدر: طريق الإسلام
مازن النجاشي-عضو الفريق العلمي
السيد العربي بن كمال
عرفنا فى الدرس السابق معنى الفتن عموما وما يتعلق بمعناها فى هذه السلسلة من الدروس على الخصوص وهى ما يكون من البلايا والأمور العظام فى أخر الزمان وبين يدى الساعة مما يعد بمثابة الإختبار والإبتلاء الذى يتميز عنده الصادق المصدق بالحق من المنافق المذبذب الذى يميل وينقلب عند الإختبار والإبتلاء والفتن....سواء كانت هذه الفتن والبلايا تسمى بأشراط الساعة الصغرى أو الكبرى أو علاماتها أو إماراتها أو تسمى بغير ذلك ...المهم أن تعرف حقيقة تسمية هذه الأمور بالفتن...
وعرفنا فى الدرس السابق أن هناك حقائق هى كالأصول بين يدى تعلم هذه الأمور وما يتعلق بها...وهى:
1- بعثة النبي هي من أول علامات الساعة.
2- موعد الساعة لا يعلمه بحال الا الله تعالى.
3- أكثر من ينشغل بالسؤال عن موعد الساعة متى هى هم العوام والطغام.
4- إجابة النبي للسائل عنها كانت بما يفيده لابما يريده السائل.
5- النبي وصحابته الكرام كانوا ينتظرون الساعة فى حياتهم ويتوقعون وقوعها.
6- الصحابة الكرام سألوا النبي عن الفتن ليستعدوا لها بالإيمان والعمل الصالح.
وهذه الأصول لابد من معرفتها حتى لاينشغل العبد بطلب معرفة العلامات وترتيبها ومايكون منها أولا وما يكون أخرا وما شابه وفقط...بل ينشغل بالإستعداد لها بالإيمان وكثرة العمل الصالح وهذا النهج والسبيل هو الذى هدى إليه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام وأتباعه الميامين , وعرفهم ماذا عليهم أمام الفتن أو قبل وقوعها ، وعلمهم لماذا يذكرها ولماذا يعلمهم ما يتعلق بها – أمر تلك الفتن – لماذا؟؟:
*فى الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها أو الدخان أو الدجال أو الدابة أو خاصة أحدكم أو أمر العامة » ..[.م...ك...الفتن واشراط الساعة]...وفى رواية" و" بدل" أو"...
وقوله « بادروا بالأعمال ستا » أي اعملوا الصالحات واشتغلوا بها قبل مجيء هذه الست التي هي تشغلكم عنها.... والمبادرة المسارعة بإدراك الشيء قبل فواته أو بدفعه قبل وقوعه.... وقال في النهاية تأنيث الست إشارة إلى أنها مصائب ودواه « وخاصة أحدكم » يريد حادثة الموت التي تخص كل إنسان وفى رواية "خويصة" وهو تصغير خاصة وصغرت لاحتقارها في جنب ما بعدها من البعث والعرض والحساب وغير ذلك « وأمر العامة » أي قبل أن يتوجه إليكم أمر العامة والرياسة فيشغلكم عن صالح الأعمال... وقال القاضي : أمرهم أن يبادروا بالأعمال قبل نزول هذه الآيات فإنها إذا نزلت أدهشت وأشغلت عن الأعمال أو سد عليهم باب التوبة وقبول العمل « طلوع الشمس من مغربها » فإنها إذا طلعت منه لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل و « الدخان » أي ظهوره « ودابّة الأرض والدجال » أي خروجهما سمي الدجال - من الدجل وهو الخلط والتغطية - لأنه خداع ملبس ويغطي الأرض بأتباعه....
وفى الحديث عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا » .[م..ك..الإيمان]
وقوله : « كقطع الليل المظلم » جمع قطعة وهي طائفة منه يعني وقوع فتن مظلمة سوداء .... والمراد الحث على المسارعة بالعمل الصالح قبل تعذره أو تعسره بسبب الإنشغال بما يحدث من الفتن المتكاثرة والمتراكمة كتراكم ظلام الليل وقوله : « المظلم » يعنى ليس مقمرا، تعبيرا عن فرط سوادها وظلمتها وعدم تبين الصلاح والفساد فيها... وحاصل المعنى تعجلوا بالأعمال الصالحة قبل مجيء الفتن المظلمة من القتل والنهب والإختلاف بين المسلمين في أمر الدنيا والدين، فإنكم لا تطيقون الأعمال على وجه الكمال فيها ، والمراد من التشبيه بيان حال الفتن من حيث أنه بشع فظيع ، ولا يعرف سببها ولا طريق الخلاص منها..... ثم وصف نوعا من شدائد الفتن بقوله « يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا » وهذا لعظم الفتن يتقلب الإنسان في اليوم الواحد هذه الإنقلابات « يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل » أي بقليل من حطامها قال في الكشاف : العرض ما عرض لك من منافع الدنيا... أي بأخذ متاع دنيء وثمن رديء..... وقوله : « يصبح الرجل مؤمنا » أي موصوفا بأصل الإيمان أو بكماله... « ويمسي كافرا » أي حقيقة أو كافرا للنعمة أو مشابها للكفرة أو عاملا عمل الكافر.... وقيل المعنى يصبح محرما ما حرمه الله، ويمسي مستحلا إياه وبالعكس...
وقال بعض أهل العلم: في ذلك الحال وجوه:
أحدها: أن يكون بين طائفتين من المسلمين قتال لمجرد العصبية والغضب، فيستحلون الدم والمال.
وثانيها: أن يكون ولاة المسلمين ظلمة، فيريقون دماء المسلمين ويأخذون أموالهم بغير حق، ويزنون ويشربون الخمر، فيعتقد بعض الناس منهم أنهم على الحق ويفتيهم بعض علماء السوء، على جواز ما يفعلون من المحرمات، من إراقة الدماء وأخذ الأموال ونحوها.
وثالثها: ما يجري بين الناس مما يخالف الشرع في المعاملات والمبايعات وغيرها فيستحلونها.
وفى الحديث عن عابس الغفاري قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « بادروا بالأعمال ستا , إمارة السفهاء , وكثرة الشرط , وبيع الحكم , واستخفاف بالدم , وقطيعة الرحم , ونشوا – أونشئا - يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليغنيهم وإن كان أقلهم فقها » ..[الطبرانى فى الكبير...وفى صحيح الجامع برقم:2812].
وأمره بالمبادرة بالعمل في هذه الأخبار يقتضي المسارعة إلى التوبة إلى الله والحث على المبادرة إلى طاعته ومسابقة العوارض والقواطع قبل ورودها.
و « إمارة السفهاء » بكسر الهمزة أي ولايتهم على الرقاب لما يحدث منهم من العنف والطيش والخفة , والسفيه هو ناقص العقل والسفه نقص العقل.
« وكثرة الشرط » وهم أعوان الولاة والمراد كثرتهم بأبواب الأمراء والولاة وبكثرتهم يكثر الظلم , وسمو بذلك لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها والشرط العلامة.
« وبيع الحكم » بأخذ الرشوة عليه.
« واستخفافا بالدم » أي بحقه بأن لا يقتص من القاتل , ويكثر القتل – كما هو فى نصوص أخر مما يكون قبل قيام الساعة.
« وقطيعة الرحم » بإيذائه أو عدم الإحسان إليه أو هجره وإبعاده.
« ونشئا يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليغنيهم وإن كان أقلهم فقها » أى يتغنون به ويتشدقون ويأتون به بنغمات مطربة , وقد كثر ذلك في هذا الزمان وانتهى الأمر إلى التباهي بإخراج ألفاظ القرآن عن وضعها , ويزيدون وينقصون فيها لأجل موافاة الألحان وتوفر النغمات , إذ ليس غرضهم إلا الإلتذاذ والإستماع لتلك الألحان والأوضاع .
وهذا يعنى أن المهم فى المسألة هو المبادرة إلى الإيمان والعمل الصالح , والعمل الصالح لايكون إلا بالعلم الشرعى الصحيح الذى لاضلال فيه ولاتلبيس , واعلم أن أول ما يكون من الفتن المضلة فشو الجهل وارتفاع العلم...
ففى الحديث عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا » ..[خ...ك..العلم].
وعنه أيضا قال لأحدثنكم حديثا لا يحدثكم أحد بعدي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « من أشراط الساعة أن يقل العلم ويظهر الجهل ويظهر الزنا وتكثر النساء ويقل الرجال حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد » .[.خ..ك..العلم].
وعن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم « لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل حتى يكثر فيكم المال فيفيض » ..[.خ...ك...الجمعة].
وفى رواية عند مسلم فى كتاب العلم: عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يتقارب الزمان، ويقبض العلم، وتظهر الفتن، ويلقى الشح، ويكثر الهرج .. قالوا: وما الهرج ؟ قال : القتل »
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم لنا كيف يقبض العلم ويرفع كما فى الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس. ولكن يقبض العلم بقبض العلماء. حتى إذا لم يترك عالما، اتخذ الناس رؤسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم. فضلوا وأضلوا » .[م..ك...العلم].
قال النووى: هذا الحديث يبين أن المراد بقبض العلم في الأحاديث السابقة المطلقة ليس هو محوه من صدور حفاظه ولكن معناه أنه يموت حملته ويتخذ الناس جهالا يحكمون بجهالاتهم فيضلون ويضلون.... وقال أيضا: في هذا الحديث الحث على حفظ العلم وأخذه عن أهله واعتراف العالم للعالم بالفضيلة.
فتعلم العلم الشرعى ضرورة فى زمن الفتن ، لأنك إن دخلت إلى الفتن بجهلك وضلالك قد تهلك مع الهالكين.... فإما أن تكون من أصحاب الجهل والضلال...وإما أن تكون من أهل الإيمان والعلم … والفريق الثانى هو الناج بفضل الله .... يقول تعالى: { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب } [الزمر : 9]
ويقول سبحانه : { قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور .... } [الرعد : 16 ]
وقال عز من قائل: { وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون } [ غافر : 58 ]
وكل من لاعلم له أعمى... مسئ.... ومن يعلم فهو مبصر بنور العلم يجره ذلك إلى العمل الصالح...إذا فلابد من العلم الشرعى ومن العلم الشرعى معرفة الفتن والموقف الشرعى منها , وهذا يعنى أنك لابد أن تسأل نفسك سؤالا …لماذا تتعلم أمور الفتن وأشراط الساعة...للقصص والتسلية لا......للتندر والتعجب لا ولا .....للعلم بالغيبيات لا ولا ولا....إذا فلماذا؟؟؟....
الكلام المتقدم فيه بعض الإجابة وحتى نعرف الإجابة التامة الكاملة لهذا السؤال الهام….. تعالى نتعلم مسألة هامة وهى:
ما فائدة ورود وذكر أشراط الساعة وأمور آخر الزمان فى الكتاب والسنة؟؟:
أمور الفتن وما يكون بين يدى الساعة وما هو فى آخر الزمان مما أخبر به الله ورسوله - وخاصة ما جاء منهاعلى لسان الصادق المصدوق - منها ما يكون إمارات للساعة:
قال ابن حجر فى الفتح : قال الطيبي : الآيات إمارات للساعة إما على قربها وإما على حصولها فمن الأول الدجال ونزول عيسى ويأجوج ومأجوج والخسف ومن الثاني الدخان وطلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة والنار التي تحشر الناس.
وبالجملة فإن كل ما أخبر به النبي فى هذا الباب من المذكورات التى أخبر صلى الله عليه وسلم بأنها ستقع بعده أو قبل أن تقوم الساعة ، على أقسام :
الأول: ما وقع على وفق ما قال , وهذا قد تقدم معظمه في علامات النبوة , وقد استوفى البيهقي في " الدلائل " ما ورد من ذلك بالأسانيد المقبولة ، ومنه اقتتال الفئتين العظيمتين , وظهور الفتن , وكثرة الهرج , وتطاول الناس في البنيان , وتمنى بعض الناس الموت , وقتال الترك.(ولعلهم أهل الصين). وتمنى رؤيته صلى الله عليه وسلم , ومما ورد منه حديث المقبري عن أبي هريرة أيضا « لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها » ...وغير هذا كثير مما يعد من دلائل النبوة وقد جاءت به النصوص الصحيحة.
والثاني: ما وقعت مباديه ولم يستحكم , ومن هذا النمط تقارب الزمان وكثرة الزلازل وخروج الدجالين الكذابين , ومنها حديث ابن مسعود « لا تقوم الساعة حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة » أخرجه مسلم , وحديث حذيفة بن أسيد أن قبل الساعة يقع عشر آيات فذكر منها « وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب » أخرجه مسلم , وحديث ابن مسعود « لا تقوم الساعة حتى يسود كل قبيلة منافقوها » أخرجه الطبراني , وقد تقدم حديث أبي هريرة « إذا وُسّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة »
والثالث: ما لم يقع منه شيء ولكنه سيقع (إن شاء الله) ، ومن هذا النمط طلوع الشمس من مغربها ؛ وحديث « لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر » الحديث أخرجه مسلم , وحديث أنس « أن أمام الدجال سنون خداعات يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب ويخون فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن ويتكلم فيها الرويبضة » ، وحديث سمُرة « لا تقوم الساعة حتى تروا أمورا عظاما لم تحدثوا بها أنفسكم » ، وحديث أبي هريرة « لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيارهم يومئذ من يقول لو واريناها وراء هذا الحائط » ، وحديث حذيفة بن اليمان عند ابن ماجه « يدرس الإسلام كما يدرس وشى الثوب حتى لا يدري ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة , ويبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة ويقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها » وحديث أنس « لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض لا إله إلا الله » أخرجه أحمد بسند قوي , وهو عند مسلم بلفظ « الله الله » وله من حديث ابن مسعود « لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس » , وحديث أبي هريرة « لا تقوم الساعة حتى يرجع ناس من أمتي إلى الأوثان يعبدونها من دون الله » , ولمسلم وأحمد من حديث ثوبان « ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين , وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان » ولمسلم أيضا عن عائشة « لا تذهب الأيام والليالي حتى تعبد اللات والعزى من دون الله » الحديث وفيه « ثم يبعث الله ريحا طيبة فيتوفى بها كل مؤمن في قلبه مثقال حبة من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم » .......وغير هذا كثير.
قال البيهقي وغيره : الأشراط منها صغار وقد مضى أكثرها ومنها كبار ستأتي... قال ابن حجر: وهي التي تضمنها حديث حذيفة بن أسيد عند مسلم وهي الدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها كالحامل المتم ونزول عيسى بن مريم وخروج يأجوج ومأجوج والريح التي تهب بعد موت عيسى فتقبض أرواح المؤمنين ..
وقد استشكلوا على ذلك حديث « لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله » فإن ظاهر الأول أنه لا يبقى أحد من المؤمنين فضلا عن القائم بالحق , وظاهر الثاني البقاء , ويمكن أن يكون المراد بقوله « أمر الله » هبوب تلك الريح فيكون الظهور قبل هبوبها , فبهذا الجمع يزول الإشكال بتوفيق الله تعالى , فأما بعد هبوبها فلا يبقى إلا الشرار وليس فيهم مؤمن فعليهم تقوم الساعة
إذا فنحن نتعلم أمور الفتن وما يكون بين يدى الساعة لأمور منها:
1- تجديد الإيمان بالله ورسوله وذلك من اعتبارنا بدلائل النبوة...الدالة على ربوبية الله من جهة وصدق نبوة محمد
2- المسارعة إلى التوبة والإنابة إلى الله تعالى , حيث أن الموت والساعة لايأتيا إلا بغتة قال تعالى : { يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة ….. } (187 الأعراف).
3- المبادرة بالإيمان والعمل الصالح لأنها ستكون فتن كقطع الليل المظلم ...كإمارة السفاء...وكثرة الشرط...والإستخفاف بالدم...وكثرة الهرج...وفشو الزنا والعياذ بالله تعالى.... وهى فتن تحتاج إلى الصبر والحلم والعلم والإعتصام بحبل الله المتين.
4- الإقامة والمصابرة على الإيمان والعلم والتعلم والعمل المرضى , والتزود بالتقوى مخافة الإنقلاب وحتى لانكون ممن يصبح مؤمنا ويمسى كافرا والعياذ بالله.
5- لئلا نركن إلى الدنيا وقد عاينا قرب الرحيل لنا أو للدنيا بقيام الساعة وذلك إذا عاينا أشراطها وعلاماتها.
6- لئلا نظن أن بقاء الدنيا أمامه دهرا ، وأنه بقى فى عمرها قرونا عدة لأن من علامات الساعة تقارب الزمان فلا مانع من وقوعها بعد زمن يسير تقع فيه العلامات كلها فى زمن يسير وإن كان كثير فهو متقارب…وعلم ذلك وعده عند ربى وحده..
المصدر: طريق الإسلام
تعديل التعليق