مفاتيح الرزق للشيخ صالح بن مبارك دعكيك

شادي باجبير
1444/06/16 - 2023/01/09 20:47PM

خطبة الجمعة للشيخ صالح بن مبارك دعكيك
العنوان : مفاتيح الرزق
ألقيت في ٣٠ / ١٢ / ٢٠٢٢

                   الخطبة الأولى

         إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.

أما بعد: عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل- القائل في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [سورة آل عمران 102].

      عباد الله، حينما خلق الله -سبحانه وتعالى- هذه الأرض، وخلق عليها الخلق، قدَّر أرزاقهم وأقواتهم فيها قبل أن يخلقهم، قال الله -عز وجل-: ﴿وَجَعَلَ فيها رَواسِيَ مِن فَوقِها وَبارَكَ فيها وَقَدَّرَ فيها أَقواتَها في أَربَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلينَ﴾ [فصلت: ١٠]. ومعايش الناس وأرزاقهم أضحت تُضفي عليهم بظلال من الأرق والقلق، مع أنها محسومة، فكل مخلوق قبل أن يُخلق قد قدر الله -عز وجل- له رزقه كما قدر له أجله، ولهذا جاء في الحديث (إِنَّ الرِّزْقَ لَيَطْلُبُ الْعَبْدَ كَمَا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ). والحديث رواه ابن حبان(3238)، صحيح الترغيب (1703).

      فالرزق يطلب صاحبه فلا يحتاج إلى كثير من الذكاء والشطارة، ولكنه يحتاج إلى البذل والأخذ بالأسباب، ليس على العبد إلا أن يبذل السبب، فإن الرزق ممدود له ما بين السماء والأرض، ولا يحتاج الإنسان فيها إلى أن يقتحم للطعام والشراب مواطن الشبهات، أو أن يتخذ طرقاً غير مشروعة حتى يصل إلى ما يريده من الرزق، فإن ما عند الله -عز وجل- لا ينال إلا بطاعته.

     نعم، أيها الأحبة العبرة في المال  ليس بكثرة عدده، وإنما العبرة بما يضعه الله -سبحانه وتعالى- في المال من البركة. إيه والله، البركة إذا حلّت مالاً تحل فيه وتدوم، البركة ما حلّت في قليل إلا وكثرته، ولا في كثير إلا ونفعته، ولا في أحد إلا كان مباركاً في نفسه وأهله وماله.

     أيها الإخوة الكرام، اليوم كثرت الشكوى من قلة البركة وانعدامها، وذهبت نعمة البركة في الأعمار والأولاد والأموال والأرزاق، فكأنّها نزعت مما بين أيدينا، حتى إن الشخص الذي ربما كان دخله -من هنا وهناك- مئات الآلاف، لا يصل إلى شيء مما يريد، محقت البركة، وأُخذت من أيدي الناس ولا شك أن لذلك أسبابا متعددة.

  تعالوا -أيها الأحبة- نتذاكر كيف نحصِّل البركة؟ وما هي مفاتيحها؟

      إن العبد لا ينبغي أن يغفل-وهو يلهث خلف هذه الدنيا، ويكدح فيها - عن مفاتيح الرزق، التي جعلها الله عز وجل، وهي ليست أسباباً مادية محضة، بل هي غيبية روحية، وهي كثيرة ومتعددة من أهمها:

ا)- تقوى الله -سبحانه وتعالى- والعمل بطاعته -جل وعلا-، يقول ربنا -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: ﴿... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَهُ مَخرَجًا۝وَيَرزُقهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ ...﴾ [الطلاق: ٢-٣]. ﴿...وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَهُ مِن أَمرِهِ يُسرًا﴾ [الطلاق: ٤].

نعم، هذا كتاب الله -تعالى- بيننا ناطق، ويقول -جل شأنه-: ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ﴾ [الأعراف: ٩٦].

فالتقوى هي العمل بطاعة الله -عز وجل-، واجتناب محارم الله -سبحانه وتعالى-، فليكن العبد مستقيماً ، فإن التقوى من أعظم مفاتيح الرزق.

       من مجالات التقوى -أيها الأحبة- في الرزق: العمل على تحصيله من المكاسب المشروعة الطيبة، والتورع عن مشتبهات الأمور، فضلاً عن أن يقع في المحرمات، والملتويات من المكاسب الخبيثة عياذا بالله تعالى، فرب درهم خبيث أتى على المال فمحقه جميعا، وإن الله -تعالى- لا ينظر إلى العبد الذي أوقع في بطنه لقمة من حرام، وكما قال بعض السلف: لو أنك قمت كما تقوم هذه السارية -أي بالليل والنهار في الصلاة-، ما نفعك حتى تعلم ما يدخل في بطنك.

      نعم، البركة في المال لا تجتمع مع الحرام، وإتقان العمل -أيها الأحبة-، والصدق في التعامل، والالتزام بالأمانة، وأداء العمل كما طلب منك في أي وظيفة من الوظائف، وأداء ساعات العمل بتمامها، هذا جزء أيضا من التقوى، بأن تؤدي ما عليك كما طلب منك،  كما أنك لا ترضى أن يكون عندك عامل يقتطع من أوقات العمل لمصلحة نفسه، ولا يصدق في أمانته، ولا في حديثه مع الناس، لعلك أن تتخلى عنه في أقرب يوم ممكن، كذلك يجب أن تؤدي عملك كاملاً كما طلب منك؛ لتستلم بذلك أجرة حلالاً طيبة، يبارَك لك فيها ولو كانت قليلة.

      وإذا كنت -ياعبد الله- لا تشعر بالبركة في مالك، فعليك بإعادة النظر في طبيعة العمل، أو في طريقة أدائه، فهناك خلل ما يكتسح تلك الأجرة وذلك الراتب.

سئل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عن المتبايعين فقال:  "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا ". رواه البخاري ومسلم.

فالبركة في الصدق، والأمانة، وإتقان العمل، والمحافظة على ساعات العمل الفعلية، ومحق البركة نتيجة طبيعية للكذب، والخيانة، واتخاذ طرق غير مشروعة للتكسب والارتزاق.

  ٢)- بر الوالدين وصلة الأرحام، وهي من مفاتيح الرزق العظيمة، يقول -عليه الصلاة والسلام- في الحديث المتفق عليه :  " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ". فالصلة سبب للبسط في الرزق، والبركة فيه، ونوال خيراته الطيبة، وفي الصلة الزيادة في العمر، وفيه إشارة إلى نوال العمر المديد الخالي من الآلام، والمنغصات، والأمراض، وأول صلة الرحم بر الوالدين، والإحسان إلى الأرحام، والأقارب من الإخوان، والأخوات، والأعمام، والعمات، والأخوال، والخالات، وأولادهم.

     إن تلك القلوب الواصلة للرحم والله لقلوب موصولة بالله -عز وجل-، قلوب رفعت الضغينة، وقد تجاوزت الشقاق والخلاف والنزاع، وتعمل على رأب الصدع، وتقريب المتباعدين.

      نعم، تلك القلوب المباركة، وتلك الأفئدة الخيرة لا توجد في أسرة، ولا في قوم إلا أوجدت بينهم الهناء الدائم، والمودة الدائمة، إنها تدفع المنغصات، وترد كيد الشيطان، إنها قلوب الكبار الذين يتجاوزون الخلافات، التي تقع غالبا بين الناس، فيعملون على رأب الصدع، وجمع الكلمة، وحسن المعاملة، والصلة بالحسنى، إنها أعمال عظيمة، تدل على أن صاحبها مبارك بإذن الله -سبحانه وتعالى-، ويبارك له في رزقه، وعمره، وولده، وأهله.

٣)- من مفاتيح البركة -أيها الأحبة- : التبكير في طلب الرزق، وترك النوم والكسل، يقول عليه الصلاة والسلام -وهو يدعو لأمته في بوركها-: " اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا ". [رواه أبو داود والترمذي وغيرهما.] وهذا يستدعي أن يبكر الإنسان في عمله، في تجارته، في دراسته، في علمه، وأن يدع النوم والكسل بعد الفجر، أو بعد الشروق ؛ ليدرك الأوقات الفاضلة، و قد كان ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- لا يدع أحدا في بيته نائما بعد الفجر؛ ليدركوا بركة اليوم، وهذا معلوم بالمشاهدة، من نام أول النهار ذهب عليه اليوم ببركته، وبركة ساعاته ودقائقه.

٤)- ومن مفاتيح البركة: الإنفاق، والصدقة، وتفريج الكربات، ومواصلة ذوي الحاجات، والقيام بما يستطيع من حقوقهم، والجزاء من جنس العمل، فمن فرّج عن إخوانه الكربات فرّج الله -تعالى- كرباته، ومن وسّع عليهم وسع عليه، ومن أعطاهم أعطاه الله، ومن كساهم كساه الله، وهكذا على هذه القاعدة: الجزاء من جنس العمل.

       قال تعالى عن الإنفاق: ﴿... وَما أَنفَقتُم مِن شَيءٍ فَهُوَ يُخلِفُهُ ...﴾ [سبأ: ٣٩] قال المفسرون: يخلفه عليكم في الدنيا بالبدل الحسن، وفي الآخرة بالجزاء والثواب، ولفظة الإخلاف توحي أن الإخلاف يكون أعظم مما وقع من البذل، إحسانا للمحسن وبركة له في ماله ورزقه.

      وقد جاء في الحديث "يَا ابْنَ آدَمَ، أَنْفِقْ ؛ أُنْفِقْ عَلَيْكَ ". أخرجه البخاري مسلم، وفي الصحيحين مرفوعاً: " مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا ". دعوة على من؟ على الممسك القادر، الذي عنده ما يمسكه عن أهل الحاجات، والأمراض، والآلام، والفقر، والمخمصة .

     وقد رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يوما بلالا، وهو يجمع التمر في كيس، قال: "ما هذا يا بلال؟" قال: إنما أجمعه لضيوفك يا رسول الله،  قال: "يا بلال أَنْفِقْ وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالًا".

  والعطاء والإنفاق ولو كان بالقليل، فإن الله -سبحانه وتعالى- يجزل لصاحبه الأجر، ويخلف عليه بما لا يقع على الحسبان.

٥)- ومن مفاتيح الرزق بل هو من أعظمها: الاستغفار، والتوبة وإعلان التقصير في جنب الله سبحانه وتعالى، وقد حكى الله -سبحانه وتعالى- على لسان نوح -عليه السلام- قوله: ﴿فَقُلتُ استَغفِروا رَبَّكُم إِنَّهُ كانَ غَفّارًا۝يُرسِلِ السَّماءَ عَلَيكُم مِدرارًا۝وَيُمدِدكُم بِأَموالٍ وَبَنينَ وَيَجعَل لَكُم جَنّاتٍ وَيَجعَل لَكُم أَنهارًا﴾ [نوح: ١٠-١٢]. كل ذلك من آثار الاستغفار، وجاء في الحديث: " مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ". رواه أبو داود، وصححه الحاكم وغيره.

   ولزوم الاستغفار بأن تكون هذه اللسان دائما مستغفرة رطبة بالاستغفار.

     فكن لهجا بالاستغفار والدعاء، فإن من ساعات النهار ما تفتح فيها أبواب السماء، لعل ذلك الاستغفار والدعاء  يكون في تلك الأوقات، فتصل تلك التمتمات إلى تحت العرش، ويسمعها رب العزة سبحانه وتعالى.

     أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

                     الخطبة الثانية

الحمدلله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل .

٦)-إن من المفاتيح أيها الأحبة: مفاتيح القناعة والرضا بما قسم الله، وتتفاوت قسمة الله -عز وجل- لخلقه،  تلك القسمة القائمة على حكمته سبحانه وتعالى، فيعطي من يشاء، ويقدر على من يشاء بمحض حكمته ورحمته سبحانه وتعالى، وعلى العبد أن يرضى بما قسم الله -سبحانه وتعالى- له، فإن القناعة كنز لا نفاد له، وفي الحديث: " إِنَّ الله يَبْتَلِي عَبْدَهُ بِمَا أَعْطَاهُ، فَمَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَ الله لَهُ ؛ بَارَكَ الله لَهُ فِيهِ، وَوَسَّعَهُ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ ؛ لَمْ يُبَارِكْ لَهُ ". [رواه أحمد، انظر صَحِيح الْجَامِع: (1869)، الصَّحِيحَة: (1658).]

      لا تتطلع إلى ما في أيدي الناس، وإلى ما أعطى الله -عز وجل- الناس، لا تنظر إلى من فوقك حتى لا تحتقر عطاء الله -عز وجل- لك، واقنع بما أعطاك الله عز وجل، هذه القناعة تورث البركة في ذلك المال، ولو كان قليلا " إِنَّ الله يَبْتَلِي عَبْدَهُ بِمَا أَعْطَاهُ، فَمَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَ الله لَهُ ؛ بَارَكَ الله لَهُ فِيهِ، وَوَسَّعَهُ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ ؛ لَمْ يُبَارِكْ لَهُ ". والحديث أخرجه أحمد، وصححه الألباني.

     وقد أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- أباهريرة يوماً، فقال له -كما عند الترمذي- : "ارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ". تستغني عنهم، يضع الله -عز وجل- لك البركة في ذلك المال، وجاء عند ابن ماجه بلفظ: (وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ). صحيح الجامع (٤٥٨٠).

هي القناعةُ فالزَمْها تعِشْ ملكاً       لو لم يكنْ منكَ إلاّ راحةُ البدنِ

لو لم تكن إلا راحة البدن.

٧)- ومن مفاتيح البركة: الالتزام بسنن الطعام وآداب الطعام، وذلك كثيرا ما ننساه من كثرة غفلتنا، من ذلك :

- التسمية في أول الطعام ففيها بركة، قالت عائشة -رضي الله عنها- كَانَ رَسُولُ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْكُلُ طَعَامًا فِي سِتَّةِ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : " أَمَا إِنَّهُ لَوْ كَانَ قَالَ : بِاسْمِ الله. لَكَفَاكُمْ، فَإِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلْ : بِاسْمِ الله. فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَقُولَ : بِاسْمِ الله. فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ : بِاسْمِ الله فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ ". [رواه ابن ماجه (٣٢٦٤)، والترمذي (١٨٥٨)، وقال: حسن صحيح، والنسائي في الكبرى (١٠١١٢)، وأحمد (٢٥١٠٦)، وصححه الألباني في الإرواء ١٩٦٥، وصحيح الترغيب ٢١٠٧.]

        بركة التسمية في كل شأن، واسم الله -سبحانه وتعالى- مبارك، فأينما وضع حلت بمكانه البركة، فتبارك اسم الله -تعالى- حيث حل.

- ومن تلك الآداب أيضاً: الاجتماع على الطعام وعدم التفرق، ولهذا جاءوا فقالوا: يَا رَسُولَ الله، إِنَّا نَأْكُلُ وَلَا نَشْبَعُ. قَالَ : " فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ ؟ ". قَالُوا : نَعَمْ. قَالَ : " فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ الله عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ ". أخرجه أبو داود، وهو في السلسلة الصحيحة(٦٦٤).

- ومن الآداب أيضاً: الأكل من طرف الصحفة، وتجنب الأكل من الوسط، إلا ما كان موضوعاً في الوسط للأخذ منه، جاء في الحديث: " الْبَرَكَةُ تَنْزِلُ وَسَطَ الطَّعَامِ، فَكُلُوا مِنْ حَافَتَيْهِ، وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهِ ". رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح .

-ومن الآداب أيضاً: لعق الأصابع فيما كان من الطعام يبقى على الأصابع، فتلعق الأصابع، وكذا أخذ اللقمة الساقطة، إذا سقطت لقمة خذها بعد أن تنقيها، هذا هو إرشاد نبيكم عليه الصلاة والسلام، قال في الحديث :   "إِذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْهَا،  فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى، وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، وَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ بِالْمِنْدِيلِ، حَتَّى يَلْعَقَ أَصَابِعَهُ ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ الْبَرَكَةُ ". رواه مسلم. وفي رواية أخرى : "وَلْيَسْلُتْ أَحَدُكُمُ الصَّحْفَةَ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمُ الْبَرَكَةُ ". أي يلحس الصحفة بيده، ولا يغسل الإناء وفيه بقية الطعام.

   وفي الأخير -أيها الأحبة- هناك آداب أخرى جاءت في الأحاديث، منها:

-السلام على من دخل البيت، قال عليه الصلاة والسلام: "إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ، يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ ". أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.

   إذا دخلت البيت فسلم على أهل البيت، يكن ذلك بركة عليك وعلى أهل بيتك.

    أسأل الله العظيم رب العرش العظيم بمنه وكرمه أن يكتب لنا البركات في أنفسنا، وفي أعمارنا، وفي أولادنا، وفي أزواجنا، وفي أرزاقنا، وفي أعمالنا، وفي بيوتنا، وفي كل ما أعطانا!

اللهم أسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة!

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات!

ارحمنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض عليك يا أرحم الراحمين!

وصلوا وسلموا على من أكرمه ربه، وصلى عليه وملائكته، وأمركم بذلك تشريفا وتعظيما، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾ [الأحزاب: ٥٦].

اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنَّك حميد مجيد! اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنَّك حميد مجيد!

عباد الله، إنَّ الله يأمر بالعدل، والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء، والمنكر، والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون .

قوموا إلى صلاتكم، يرحمكم الله! وأقم الصلاة.

المشاهدات 670 | التعليقات 0