مــظــاهــــر الــفـــرح ( حفلات النجاح أنموذجاً )
عبدالإله بن سعود الجدوع
1437/07/29 - 2016/05/06 00:05AM
تعلمون - ياكرام - أنه في قادم الأيام سيكثر عند الناس أفراحها ، سواء بأيام الزواج ، أو حفلات النجاح ونحو ذلك ، ولاغضاضة في ذلك ، إذ أن الفرح يعد أمرافطريا ينسجم مع طبيعة النفس البشرية ، وإذا ارتقت هذه النفس ، وعُمرت بالإيمان ، والتزمت بما في السنة والقرآن .. قرنت هذا الفرح بشيء آخر عظيم وهو الشعور بالنعمة ، وعظيم فضل المُنعم الموفق لهذا الفرح ، مما يستوجب شكر المتفضل سبحانه وتعالى ، وإدراك أن الفضل بيده عز وجل ، فهو من كان المعين والمتفضل ، يقول الله تعالى ( ومابكم من نعمة فمن الله ) ونحن نقول ذلك ، لنؤكد أننا لا ندعو لعدم الفرح بالنجاح ونحوه ، كلاّ ، وإنما لنكشف عن الوجه الآخر الذي تحولت له كثير من مظاهر الفرح في مجتمعنا ، ولننبه إلى ما انفرط فيها من مخالفات أو مبالغات ، التي قد تقلب الأفراح إلى أتراح ، ونريد كذلك أن نتذاكر وإياكم أسباب التوفيق والبركة في مثل هذه الأفراح : سواء كانت زواج أو حفلات نجاح أو نحوها
فمن أسباب التوفيق والبركة وشكر النعمة في الأفراح : ألا يكون بمعصية الله جل في علاه ، أيّا كانت هذه المعصية ، والذي يكثر من المعاصي ، الصدح بالأغاني ، فبعض الناس أولى مهمات إعداد الفرح عنده ، أن يحجز موعداً مع من يحيي تلك الليلة بمكبرات أصوات ، صوتها يخرق الجدران، ويدوّي في الآذان، بكلمات الهوى والشيطان ، ولربما دفع الكثير في سبيل ذلك ، وما علم أنه يدفع ليأثم ، بل ويشرك معه آثام من حضر واستمع لذلك ، ليخرج محملاً بذنوب ملئ ظهره ، والعجب أنه ينشد التوفيق والبركة !
ومن المعلوم شرعًا أن الأغاني حرام ولا يجوز سماعها، قال الله –في كتابه حكاية عن الشيطان: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) . قال مجاهد: باللهو والغناء، أي استخفهم بذلك. ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال (صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة ) رواه البزار وحسنه الألباني
ومن نقص الحياء التي بدأت تنتشر في بعض الأفراح أن تُستأجر فرقة رجالية وتنقل مباشر لقاعة النساء ليتراقصوا على طبلهم ومزمارهم ، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول ( استحيوا من الله حق الحياء ) وخير ماتُربى عليه المرأة الحياء ، وكلما نقص الحياء فهو لايأتي إلا بشر كما هو مفهوم الحديث ( الحياء لايأتي إلا بخير )
- ومن الأسباب الجالبة للتوفيق والبركة في الأفراح : الاقتصاد في الإنفاق اتباعا لقول الله تعالى في وصفه عباد الرحمن ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ) فما أجمل أن يعرف من ينشد التوفيق والبركة أن الاقتصاد أساس في ذلك ، وبالأخص في النكاح لقول النبي صلى الله عليه وسلم خيرُ النكاح أيسرُه" رواه ابن حبّان بإسناد صحيح ، وقال عليه الصلاة والسلام "أعظم النساء بركة أيسرهن مَؤُونَة" رواه الامام أحمد، فالمسلم الموفق هو الذي ييسر في المهور ويقتصد في النفقات والأجور ، وإنك لتحزن والله عندما تشاهد مظاهر البذخ والإنفاق في الأفراح سواء من القادر أو غير القادر ، ألا فليعلموا أنهم ما أجادوا ولا أصابوا ، بل ربما تسبب بذخهم هذا إلى عدم توفيق ، لأنهم خالفوا سبباً رئيساً للتوفيق والبركة ، بل الأعجب من هذا من يبذخ ويسرف تحت وطأة الدين والعوز وقد قال صلى الله عليه وسلم ( لايتكلفن أحد لضيفه مالايقدر عليه ) حسنه الألباني
ومن مخالفات الأفراح سواء في حفلات الزواج أو النجاح : التهاون في اللباس بالنسبة للنساء، فهذه ثياب رقيقة، وأخرى عارية، وثانية مخرمة، وتلك قصيرة ومفتوحة من الجوانب، وأخرى ضيقة تصف حجم الأعضاء، وحدث ولا حرج عن البناطيل والصدور ، والحجة: يوم فرح ، ومع الموضة !
فيا أيها الأولياء ، أيسرك أن تكون زوجتك وبناتك لا يدخلون الجنة ؟!، اسمع ما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما قط"، وذكر منهما: "نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها". فلاحظ أنه قال نساء كاسيات ، نعم كاسيات ، لكنهن في الحقيقة عاريات . وفي جواب اللجنة الدائمة للإفتاء عن لباس المرأة أمام النساء، قالت اللجنة: وقد دل ظاهر القرآن على أن المرأة لا تبدي للمرأة إلا ما تبديه لمحارمها مما جرت العادة بكشفه في البيت، كانكشاف الرأس واليدين والعنق والقدمين..
وأما التوسع في الكشف فعلاوة على أنه لم يدل دليل على جوازه، فهو طريق لفتنة المرأة وتشبه بالكافرات والبغايا الماجنات في لباسهن، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم". - انتهت فتوى اللجنة الدائمة - ، ولايخفى على المؤمن العاقل ، أن جمالُ المرأة في سترِها، وبهاؤها في حيائها، ورونقُها في عفافِها .
ومن المبالغات في الأفراح ، المبالغَة في ملابِسِ النساء والفتيات ، بتعمد اختيار الأغلَى ثمنًا والأرفعِ سِعرًا والأحدث عَرضًا ، بل تجاوَز ذلك إلى الوَلَع بالأكثر عُريًا ، وإلى التنافُس في هذا ، والتسابُقِ إلى بلوغِ أقصى الغاياتِ في ذلك؛ أملاً في الحَظوة بالتفوّق والتمتُّع بشعورِ التفرُّد والتميُّز.
ومن المخالفات التي تقع في الأفراح سواء في حفلات النجاح أو في حفلات الزواج : مايقع من تصوير النساء بأي طريقة كانت ، وكم جرّت هذه الصور والأفلام من مصائب ، وكم أفسدت من أسر وبيوت ، وكم تسببت في شقاق وفراق، وكم هُتك بسببها من ستر وعفاف وفضيلة!! فهل يرضى غَيور أن تكون صورة ابنته أو أخته أو زوجته بأيدي الناس؟! وهل يرضى العاقل أن تلتقَط الصورُ لمحارمه ونسائه فضلاً عن ذي الإيمان والمروءة ؟! إن هذا والله ، مما تنكره الفطر السليمة ، وتَمُجُّه النفوس السوية. ، وتأباه العقول الناضجة ،
والمؤسف أن بعضهم يتعذر إذا فعل ذلك بأعذار واهية مثل أن يقول أن المصورين ثقات، فنقول أن كلامنا على مبدأ التصوير والمشكلة الأكبر هي كسر جانب الحياء عند المرأة الذي هو لبها وأساسها .، ثم إن المصورين أيا كانوا غير معصومين عن الخطأ والنسيان والسرقة والاختراق . حمانا الله وإياكم وأهليكم مما يسوء ......
الخطبة الثانية :
يبالغ بعض الناس في أفراحهم بصور شتى ، ومن ذلك المبالغَة في ألوان الطعامِ والشرابِ ، وينتهي به الأمر إلى ما لا يليق بنعمةٍ يجِب إكرامُها والعنايةُ بها؛ لا سيَّما وأنَّ هناك من يطمَح إليها أو إلى بعضٍ منها ممّن مسَّتهم البأساء والضرّاء ، وكان من الأجدى به ألا يبالغ مبالغة فاحشة ، فإن فاض عن حاجته اتصل بمن يأتي ويأخذ ماتبقى من طعام ليصل إلى محتاج ونحوه ، وقد قال النبي: "كلوا واشرَبوا والبَسوا وتصدَّقوا في غير مخيلةٍ ولا سَرَف"،
ومن مخالفات الأفراح ما تفعله بعض الفتيات أو بعض الجهات من إقامة حفلات التخرج أو النجاح وتكليف الأهالي بمتطلبات لاطائل لها ، وربما كسروا قلوب من لايقدر على ذلك ، أو لايود ذلك ، وأيضا مما يندى له الجبين ويفرح الشيطان الرجيم ، مظاهر الجرأة والعري واللباس الفاضح في كثير من هذه حفلات النجاح ، وقد كررت هذه النقطة مرة أخرى لتساهل الآباء والأمهات في حفلات النجاح تحديداً بحجة عدم التضييق عليهن أو دعوى أخذ راحتهن في يوم فرح ، وهذا مما سينعكس سلباً ولاشك على سلوك الفتاة ، ومما ينقل في كثير من هذه حفلات النجاح ويستحق أن ننوه عليه ، هو ما يقع بدعوى الفراق من مظاهر الضم الطويل تحت وقع كلمات الأغاني الحزينة ، مما يوقع في العُجب والمحظور ، ومما ينقل أيضا مايحدث من تصوير للفتاة في حفلات التخرج تحت دعوى الذكريات ، وهو مايجلب المصائب والويلات ، ويعرّض للابتزازات .
أيها الأخوة الكرام : إن المقام هنا مقام تذكير وليس مقامَ حصر وتفصيل ، وإلا فكم من المنكرات والمبالغات في الأفراح يجب النهي عنها والتحذير منها !! كلجوء كثير من النساء عند الأفراح وغيرها إلى الزينة المحرمة الممنوعة شرعًا, مثل النمص والوشم ولبس الباروكة ، والتشبه بالكافرات في اللباس وقص الشعر، وكمثل دخول العريس أمام النساء ، أو رقص الرجال أمام النساء وغير ذلك من المنهيات التي يحسن بالمسلم وقت الفرح ألا يشينه بأيّ معصية لله ورسوله .