مع قوله تعالى ( ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِ )

حامد ابراهيم طه
1437/07/09 - 2016/04/16 07:36AM
قد تمت إضافة خطبة

( ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) )

في خطب ( القرآن وتفسيره)

يمكنكم الوصول إليها وباقي الخطب المكتوبة والدروس من خلال موقع
( خطب الجمعة - حامد ابراهيم )
أو من خلال هذا الرابط

https://hamidibraheem.wordpress.com/

ملاحظة :
جميع الخطب يمكن مشاهدتها اونلاين او تحميلها ملفات وورد


الخطبة الأولى ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا )

الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد أيها المسلمون

موعدنا اليوم إن شاء الله مع قوله تعالى :

(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) فاطر 32 ، 33.

والمعنى ثم جعلنا هذا القرآن الذى أوحيناه إليك يا محمد ميراثاً منك لأمتك ، التى اصطفيناها على سائر الأمم، وجعلناها أمة وسطا.
وقد أورثنا أمتك هذا الكتاب لتنتفع بهداياته.وتسترشد بتوجيهاته وتعمل بأوامره ونواهيه .

والمؤمنون من أمتك يا محمد ليسوا على درجة واحدة ، ولكن.منهم ضعيف الإيمان ظالم لنفسه ، ومنهم متوسط الإيمان مقتصد،ومنهم قوي الإيمان سابق لغيره بفعل الخيرات .وذلك هو الفوز الكبير
أيها الموحدون

هكذا تبين لنا الآية الكريمة أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم من أهل القرآن على ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ
فانظر من أي الأنواع أنت ؟ وأي الدرجات بلغت ؟ وأي الطرق سلكت ؟

{فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} وهذا هو الصنف الأول فهو :
مؤمن مُفَرِّطُ فِي فِعْلِ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ، الْمُرْتَكِبُ لِبَعْضِ الْمُحَرَّمَاتِ

{وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} وهذا هو الصنف الثاني:
وهو الْمُؤَدِّي لِلْوَاجِبَاتِ، التَّارِكُ لِلْمُحَرَّمَاتِ ،

{وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ}
وهذا هو الصنف الثالث وهو أعلاها قدرا وأعظمها أجرا
وَهُوَ: الْفَاعِلُ لِلْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ، التَّارِكُ لِلْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ .

وجاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)، قَالَ:
هُمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَّثهم اللَّهُ كُلَّ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ،
فَظَالِمُهُمْ يُغْفَر لَهُ بشفاعة الشافعين، وَمُقْتَصِدُهُمْ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا،
وَسَابِقُهُمْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ.

وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: السَّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَالْمُقْتَصِدُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ،وَالظَّالِمُ لِنَفْسِهِ وَأَصْحَابُ الْأَعْرَافِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ويصدق ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (شَفَاعَتِي لأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِى).


وفي مسند الْإِمَام أَحْمَد: عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ،. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
"قَالَ اللَّهُ: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ
وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ}

فَأَمَّا الَّذِينَ سَبَقُوا فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ،
وَأَمَّا الَّذِينَ اقْتَصَدُوا فَأُولَئِكَ. يُحَاسِبُونَ حِسَابًا يسيرا،
وأما الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يُحْبَسُونَ فِي طُولِ الْمَحْشَرِ،

ثُمَّ هُمُ الَّذِينَ تَلَافَاهُمْ بِرَحْمَتِهِ، فَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ) .

وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَان الهُنَائي قَالَ:سَأَلْتُ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،عَنْ قَوْلِ الله:
{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} الْآيَةَ، فَقَالَتْ لِي:

يَا بُنَيَّ، هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ، أَمَّا السَّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ فَمَنْ مَضَى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،، شَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَيَاةِ وَالرِّزْقِ،

وَأَمَّا الْمُقْتَصِدُ فَمَنِ اتَّبَعَ أَثَرَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى لَحِقَ بِهِ،
وَأَمَّا الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ فَمِثْلِي وَمِثْلُكُمْ. قَالَ: فَجَعَلَتْ نَفْسَهَا مَعَنَا.وَهَذَا مِنْهَا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، مِنْ بَابِ الهَضْم وَالتَّوَاضُعِ، وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ أَكْبَرِ السَّابِقَيْنِ بِالْخَيْرَاتِ؛
لِأَنَّ فَضْلَهَا عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ.

أمة الاسلام

اعلموا أن أمتكم أمة مفضلة على كل الأمم وقد اختصها الله تبارك وتعالى بالعطايا والمنح والجوائز ما لم يعط لغيرها من الأمم
وفي البخاري(عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ
«إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ،
أُوتِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا ، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا،
ثُمَّ أُوتِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ ، ثُمَّ عَجَزُوا ، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا
ثُمَّ أُوتِينَا الْقُرْآنَ فَعَمِلْنَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ،
فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ أَىْ رَبَّنَا أَعْطَيْتَ هَؤُلاَءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا،
وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلاً، قَالَ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَىْءٍ قَالُوا لاَ، قَالَ فَهْوَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ »

وفي رواية (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالاً
فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ ،
ثُمَّ عَمِلَتِ النَّصَارَى عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ ،
ثُمَّ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَعْمَلُونَ مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغَارِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ،
فَغَضِبَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَقَالُوا
نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلاً وَأَقَلُّ عَطَاءً،قَالَ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا قَالُوا لاَ.
فَقَالَ فَذَلِكَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ »

أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم




الخطبة الثانية ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا )


بعد أيها المسلمون

عن عمر بن الخطاب أنه قال : ألا أن سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له.
وعن كعب، قال: يلوموني أحبار بني إسرائيل أني دخلت في أمة فرقهم الله تعالى أولاً ثم جمعهم فأدخلهم الجنة جميعاً، ثم تلا هذه الآيات (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)
أيها المسلمون

ثم بين الحق تبارك وتعالى جزاء الأصناف الثلاثة ممن أورثوا الكتاب فقال وقوله الحق
(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ)

أيها المؤمنون

كونوا من المسارعين إلى القربات والسابقين في الخيرات بطاعة رب الأرض والسموات
فيكون الجزاء جنة عرضها الأرض والسموات

ففي البخاري عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ
« مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ نُودِىَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا خَيْرٌ.
فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ،
وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ
وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ
وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ »

الدعاء
المشاهدات 988 | التعليقات 0