معنى الفصاحة والفرق بينها وبين صفات أخرى
الفريق العلمي
معنى الفصاحة لغةً واصطلاحًا:
معنى الفصاحة لغةً:
الفصاحة هي الإبانة والظُّهور، يقال: أفْصَحَ الصُّبح، إذا بدا ضوؤه. وكلُّ وَاضِحٍ: مُفْصِحٌ. ورجل فَصِيح وكلام فَصِيح، أي: بليغ. ولسان فَصِيح، أي: طَلْقٌ. ويقال: كل ناطق فَصِيح، وما لا ينطِقُ فهو أَعْجَمُ. وفَصُحَ الْأَعْجَم، تكلَّم بالعربية وفُهِم عنه. وأفْصَحَ، تكلَّم بالفَصَاحة. وفَصُحَ الرَّجل وتَفَصَّحَ: إِذا كَانَ عَرَبِيَّ اللِّسان فازداد فَصَاحة (انظر: مختار الصحاح للرازي، ص: 240)، والصحاح للجوهري: 1/391)، والمحكم والمحيط الأعظم لابن سيده: 3/164).
وأصل هذه المادة يدل على خُلوصٍ في شيءٍ، ونقاء من الشَّوب (انظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس: 4/506).
معنى الفصاحة اصطلاحًا:
قال الجرجاني: "وهي (أي الفصاحة) في المفرد: خُلُوصه من تَنَافر الحروف والغَرَابة ومُخَالفة القِياس، وفي الكلام: خُلُوصه من ضعف التَّأليف، وتَنَافُر الكلمات مع فَصَاحَتها،... وفي المتكلِّم: مَلَكَةٌ يقتدر بها على التَّعبير عن المقصود بلفظ فَصِيح" (التعريفات: ص: 167).
وقال الرازي: "الفصاحة خُلُوص الكلام من التَّعقيد" (المستطرف للأبشيهي، ص: 50).
وقيل: "الفصاحة عبارة عن الألفاظ البيِّنة، المتبادرة إلى الفهم، والمأْنُوسة الاستعمال بين الكُتَّاب والشُّعراء لمكان حُسْنِها... وفصاحة الكلام: سلامته بعد فصاحة مفرداته مما يُبهم معناه، ويَحُول دون المراد منه" (جواهر البلاغة للهاشمي، ص: 19 - 32).
اختلاف الناس في معنى الفصاحة:
وقد اختلف الناس في الفصاحة: فمنهم من قال: أنها راجعة إلى الألفاظ دون المعاني.
ومنهم من قال: إنها لا تَخُصُّ الألفاظ وحدها...
والذي أراه في ذلك أن الفَصِيح هو اللَّفظ الحَسَن، المألوف في الاستعمال، بشرط أن يكون معناه المفهوم منه صحيحًا حسنًا" (المستطرف للأبشيهي، ص: 51).
الفرق بين الفصاحة والبلاغة والبيان والبراعة:
قال الهاشمي: "يرى الإمام عبد القاهر الجرجاني وجمع من المتقدمين: أن الفصاحة والبلاغة والبيان والبراعة ألفاظ مترادفة، لا تتصف بها المفردات، وإنما يُوصَف بها الكلام بعد تحرِّي معاني النحو فيما بين الكَلِم حسب الأغراض التي يُصَاغ لها.
وقال أبو هلال العسكري في كتاب "الصناعتين": الفصاحة والبلاغة ترجعان إلى معنى واحد، وإن اختلف أصلهما؛ لأن كل واحد منهما إنما هو الإبانة عن المعنى، والإظهار له.
وقال الرازي في "نهاية الإيجاز": وأكثر البلغاء لا يكادون يفرِّقون بين الفصاحة والبلاغة.
وقال الجوهري في كتابه: "الصحاح": الفصاحة هي البلاغة" (جواهر البلاغة للهاشمي، ص: 17).
وأما من يذهب إلى التفريق بين الفصاحة والبلاغة فيرى "أن الفصاحة مقصورة على وصف الألفاظ، والبلاغة لا تكون إلا وصفًا للألفاظ مع المعاني. لا يقال في كلمة واحدة (لا تدل على معنى يَفْضُل عن مثلها) بَلِيغة، وإن قيل فيها أنها فَصِيحة. وكل كلام بَلِيغ فَصِيح، وليس كل فَصِيح بَلِيغًا، كالذي يقع فيه الإسْهَاب في غير موضعه" (سر الفصاحة للخفاجي، ص: 59).
كذلك من وجوه التفريق بينهما عند أصحاب هذا القول أن "البلاغة هي: أن يبلغ المتكلِّم بعبارته كُنْه مراده، مع إيجاز بلا إخلال، وإطالة من غير إملال.
والفصاحة خُلُوص الكلام من التَّعقيد.
وقيل: البلاغة في المعاني، والفصاحة في الألفاظ، فيقال: لفظ فَصِيح ومعنى بَلِيغ.
والفصاحة خاصَّة تقع في المفرد، يقال: كلمة فَصِيحة، ولا يقال: كلمة بَلِيغة، وأنت تريد المفرد، فإنَّه يقال للقصيدة كلمة، كما قالوا: كلمة لبيد. ففصاحة المفرد خُلُوصه من تَنَافر الحروف، والفصاحة أعمُّ من البَلَاغة؛ لأنَّ الفصاحة تكون صِفةٌ للكلمة والكلام، يقال: كلمة فَصِيحة، وكلام فَصِيح.
والبلاغة لا يُوصف بها إلَّا الكلام، فيقال: كلام بَلِيغ، ولا يقال: كلمة بَلِيغة.
واشتركا في وصف المتكلِّم بهما، فيقال: متكلِّم فَصِيح بَلِيغ" (خزانة الأدب وغاية الأرب، لابن حجَّة الحموي: 2/414).
المصدر: طريق الإسلام