معرفة الله
عمر الزبيدي
الحمد لله
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، فمن اتقى الله وقاه، وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا .
عباد الله: في آيات القرآن العظيم بيان لعظمة الله وقدرته، وفيها ذكرٌ لكثير من أسماء الله وصفاته، وفيها مدح لأهل الإيمان الذين يخشون الله ويخافونه، وفيها الذم للكافرين الذين لم يقدروا الله حق قدره، ﴿مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ وقال تعالى: ﴿وما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ والأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيامَةِ والسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ هو الملك والملك له ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾ وهو بكل شيء عليم ﴿يَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ وهو سبحانه سميع بصير، وسع سمعُه الأصواتَ كلَّها، يسمع السر والنجوى، لاتخفى عليه خافية ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ وهو تعالى أحكمُ الحاكمين، حكيم في خلقه وأمره، وفي قضائه وقدره، له الحكمة البالغة، والقدرة القاهرة، فهو على كل شيء قدير، ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ وهو تعالى العلي الأعلى مستو على عرشه ﴿لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ قريب من عباده المؤمنين يجيب دعاءهم ويثبِّتُ جنانهم، ويحفظهم ويعينهم، وهو سبحانه الكبير فلا أكبر منه وفي الحديث أنه تعالى " يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجرَ على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع" ﴿وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ ذلت لكبريائه الخلائق طوعاً وكرهاً، وهو عز وجل الخافض الرافع يخفض القسط ويرفعه، يعز من يشاء ويذل من يشاء ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً﴾ يعز أولياءه وأهلَ طاعته، ويذل أعداءه والمجترئين على معصيته، وهو تعالى عزيز ذو انتقام، في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ اللَّهَ يُمْلِي لِلظّالِمِ، حتَّى إِذَا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وكَذلكَ أخْذُ رَبِّكَ إذا أخَذَ القُرَى وهي ظالِمَةٌ إنَّ أخْذَهُ ألِيمٌ شَدِيدٌ﴾" وهو تعالى فعّال لما يريد، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، كلَّ يوم هو في شأن، وهو تعالى يغضب ويسخط، والصالحون المؤمنون مشفقون من غضب الله وجلون من سخطه، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في سجوده "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِك" وهو تعالى يحب ويكره، ويرضى ويغضب، ويسمع ويبصر ويتكلم، وصفاته تعالى لا تشبه صفات المخلوقين فله الصفات العلا، وقد قال وهو أصدق القائلين: ﴿ولَهُ المثَلُ الأعْلى في السَّماواتِ والأرْضِ وهو العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ منزه تعالى عن النقائص والعيوب، لاند له ولا كفء ولا نظير، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ حي لايموت قيوم لاينام ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ ﴿هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِی لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَـٰلِمُ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِۖ هُوَ ٱلرَّحۡمَـٰنُ ٱلرَّحِیمُ . هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِی لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡقُدُّوسُ ٱلسَّلَـٰمُ ٱلۡمُؤۡمِنُ ٱلۡمُهَیۡمِنُ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡجَبَّارُ ٱلۡمُتَكَبِّرُۚ سُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا یُشۡرِكُونَ. هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَـٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَاۤءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ یُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ﴾
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله
ربنا عز وجل غني كريم، خزائن السماوات والأرض بيده، ويدُ اللهِ ملْأَى لا يُغِيضُها نَفَقَةٌ، سحَّاءُ اللَّيْلَ والنهارَ، يرزق من يشاء بغير حساب، وفي الحديث يقول عز وجل: يَا عِبَادِيْ لَوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوْا فِيْ صَعِيْدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُوْنِيْ فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِيْ إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إَذَا أُدْخِلَ البَحْرَ، وربنا عز وجل رحمن رحيم وسعت رحمته كل شيء، ﴿وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ ومن رحمته أن يسر أحكام الدين، وعفا عن الخطأ والنسيان، وفتح لعباده باب التوبة وجعلها ماحية للذنوب والآثام، وأحق الخلق برحمة الله عبادُه المتقون، وأهلُ طاعته من المؤمنين، قال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾ وربنا عز وجل شكور حليم يثني على الطائعين ويمدحُهم، ليقبلوا على طاعته ﴿لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾ يثيب على القليل الكثير، ويجزي على الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، ويوفي الصابرين أجرهم بغير حساب، وهو عز وجل عفو يحب العفو، تواب يقبل التوبة، جميل يحب الجمال، ﴿ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ. لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾
اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك حبك والرضا بقضائك والقناعة بعطائك.
اللهم اجعلنا لك شاكرين، لك ذاكرين، إليك أواهين منيبين.
ربنا اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأكرمنا ولا تهنا واهدنا ويسر الهدى لنا
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا واجزهم عنا خيراً، وأصلح اللهم أزواجنا وذريتنا واجعلهم قرة أعين لنا ياذا الجلال والإكرام.
اللهم وفق إمامنا ومليكنا سلمان بتوفيقك، وشد عضده بولي عهده، واكتب لهما العون وارزقهما السداد يارب العالمين.
اللهم فرج عن المهمومين، ونفس عن المكروبين، واشف المرضى والموجعين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم عليك باليهود المعتدين اللهم أنزل عليهم رجزك وعذابك، اللهم اهِزمهم وانصر المسلمين عليهم.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرةحسنة وقنا عذاب النار
المرفقات
1729834923_معرفة الله.pdf