معالم التمكين من قصة موسى عليه السلام - عاشوراء

راكان المغربي
1446/01/04 - 2024/07/10 15:18PM

 

الخطبة الأولى

أما بعد:

المشهدُ قاتمٌ، والأحداثُ قاسيةٌ، والآلامُ تتضاعفُ يوماً بعد يوم..

فرعونُ يمارسُ كلَّ أنواعِ البطشِ والتنكيلِ ببني إسرائيل، قهرُ الرجالِ يتزايدُ، وصراخُ النساءِ يتعالى، والأطفالُ البُرءاءُ يُؤخذون ويُقتلون بدمٍ باردٍ..

تنظرُ يمنةً ويسرةً، لا تكادُ ترى بصيصاً من نور، أو شعاعاً من أمل، أو نفحةً من فرج. الظلامُ يعمُّ، والمأساةُ تحفُّ المكانَ (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ).

تلك نظرةُ البشرِ الناقصةِ، التي كانت لا ترى من المشهدِ إلا جزءاً يسيراً منه. لا ترى إلا الظلمَ والبطشَ، والعذابَ والتنكيلَ، والمستقبلَ الأليمِ.

ولكن حين تكتملُ الصورةُ، ويَتِمُّ المشهدُ، ترى شيئاً مختلفاً تماماً..

 من أحداثِ تلك المعاناة، ومن رحمِ تلك الآلام، كانت إرادةُ اللهِ تصنعُ واقعاً جديداً، ومستقبلاً مجيداً، وفرجاً قريباً لبني إسرائيل (‌وَنُرِيدُ ‌أَنْ ‌نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ مَا كانُوا يَحْذَرُونَ).

تلك كانتْ إرادةُ الله، أن يُمِكّنَ للمستضعفين، وأن يُفَرِّجَ عن المقهورين، وأن يُحِلَّ سخطَه بالمجرمين. ولعلَّ النفوسَ الآنَ تتهيأُ لاستقبالِ أخبارِ النصرِ، وبشرياتِ الفرجِ.

يقولُ اللهُ سبحانه في الآيةِ التالية: (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ)..

وهنا يتوقفُ الذهنُ للوهلةِ الأولى! ولعلَّه يتساءل:

أين الفرجُ المكتوبُ على بني إسرائيل؟ ألم يردِ اللهُ التمكينَ لهم؟ أليس هو سبحانه قادرٌ على أن يقولَ للشيءِ: كن فيكون؟ فلماذا تبدأُ قصةُ التمكينِ من رضاعةِ طفلٍ صغيرٍ أمامَه أعوامٌ وعقودٌ طويلةٌ حتى يشِبَّ ويكبرَ وينضجَ.

إن في ذلك رسالةً مفادها أن التمكينَ طريقٌ شاقٌّ طويلٌ، لا يأتي في لحظةٍ عابرةٍ، أو حادثةٍ عارضةٍ. وإنما التمكينُ رحلةٌ ممتدةٌ، لا بد لسلوكِ طريقِها من الخوضِ في معتركاتِ الزمان، ومواجهةِ الصعاب، التي تصقلُ الناسَ، وتميّزُ الصفوف.

رحلةُ التمكينِ في قصة موسى سارت بخطواتٍ واضحةٍ، ومعالمَ بارزةٍ، ما أشدَّ الحاجةَ لأن ندرسَها في أزمنةِ الضعفِ، وعصورِ الخَور!

فأولُ معالمِ التمكين: صناعةُ البشرِ وتربيةُ الإنسانِ وضبطُ ميزانِه على منهاجِ اللهِ سبحانه الذي به تصلحُ حياةَ البشرِ، وبمخالفتِه تفسدُ وتضطربُ.

وقد تولى اللهُ سبحانه تربيةَ نبيِّه موسى عليه السلام، فقال سبحانه يخاطبُه: (‌وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي)، فقد كان سبحانه يوصيه ويُقوِّمُه ويربيه بالأحداثِ حتى صارَ أهلاً للقيادةِ والإمامةِ لأمّةِ بني إسرائيلَ التي سيُمَكَّنُ لها في الأرض.

ومن ذلك أولُ الوصايا من اللهِ سبحانه لكليمِه موسى عليه السلام حين قالَ له: (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ ‌فَاسْتَمِعْ ‌لِما ‌يُوحى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (15) فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى).

ثم تولى موسى عليه السلام تربيةَ بني إسرائيل، فقد كان يعيشُ معهم المعاناة، يُصبّرُهم ويُثَبِّتُهم ويُرشدُهم، ومن ذلك ما قال سبحانه: (وَقالَ مُوسى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ ‌فَعَلَيْهِ ‌تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84) فَقالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (86) وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).

وهكذا استمرَّ موسى وهارون عليهما السلام ثم من تبعهم من الأنبياءِ في تربيةِ بني إسرائيلَ على المعاني الإيمانيةِ الجليلةِ، حتى صاروا أهلاً للتمكين.

ومن معالمِ التمكينِ: الدعوةُ إلى سبيلِ الحقِّ، ومجابهةُ الباطلِ مهما طغى وتجبّر، فالحقُّ إن لم يكن له دعاةٌ يدعون إليه، ويذبون عنه كيدَ الأعداءِ، فلن تقومَ له قائمة.

وهكذا فعلَ موسى عليه السلام، فقد قامَ بالحقِّ أعظمَ مقام، وانطلقَ -بأمر ربه- يدعو إلى الله أشدَّ جبابرةِ الأرضِ وأتباعَه. وحين وجدَ الصدَّ والنفورَ لم تخرْ قواه، ولم تضعفْ عزيمتُه، بل قام عليه الصلاة والسلام مقامَ الراسخين، وثبتَ على الدعوةِ إلى الحقِّ حين لم يكن يدعو إليه أحد.

ولعل من حولَه كانوا يتساءلون: وما تصنعُ كلماتُ موسى ودعوتُه أمامَ تلكَ الحضارةِ الفرعونيةِ العريقةِ، وذلك الملكِ المسيطرِ العظيمِ؟

 ومرّت الأيامُ وثبتَ أنّ كلماتِ موسى كانت أمضى من ملكِ فرعون، وأن حقَّ موسى كان أعلى وأبقى من باطلِ فرعون، وسرت كلمةُ التوحيدِ في الناس، حتى تغلغلتْ في بيتِ فرعونَ وفي أقربِ المقربِين منه (‌وَما ‌كَيْدُ ‌فِرْعَوْنَ إِلَاّ فِي تَبابٍ)

حين جمعَ فرعونُ السحرةَ ليغلبوا موسى، انقلبَ السحرُ على الساحرِ، فآمن السحرةُ وتمثلوا الحق وقالوا لإلههم السابق: (لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى).

وآمنت ماشطةُ بنتُ فرعونَ وأولادُها.

وآمن ابنُ عمِّ فرعون، وقام بكلمةِ الحقِّ بين ملئِه وفي مجلسِه، فكان مما قاله لهم: (وَيا قَوْمِ مَا لِي ‌أَدْعُوكُمْ ‌إِلَى ‌النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لَا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (44) فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ مَا مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ).

وآمنت زوجةُ فرعونَ وشريكةُ فراشِه وقالت: (رَبِّ ابْنِ لِي ‌عِنْدَكَ ‌بَيْتاً ‌فِي ‌الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).

كلُّ هذه السلسلةِ المباركةِ من المؤمنين والمؤمنات، ما كانت لتكونَ لولا قيامُ موسى عليه السلام بدعوةِ الحق، وبذلُ كلِّ السبلِ لنشرِها وبثِّها في الناس، ولا يمكنُ أن تُمَكَّنَ أمةُ التوحيدِ إلا بقيامِها بالحق، وتعاليها عن الباطلِ، وهذا ما حصلَ لموسى وقومِه.

ومن معالمِ التمكين: الصبرُ على البلاء، فلا يمكن أن يُنالَ التمكينُ إلا بعدَ الامتحان، ثم النجاحُ فيه بالصبرِ على البلاءِ، وقد سئل الإمام الشافعي رحمه الله: "أيهما أفضل للرجل أن يُمَكّنَ أو يُبتلى؟ فقال الشافعي: لا يُمَكّنَ حتى يُبتلى، فإن الله ابتلى نوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدًا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فلما صبروا مكّنهم، فلا يظنُّ أحدٌ أن يخلصَ من الألمِ البتة".

لقد كان معلمُ الصبرِ في رحلةِ التمكينِ واضحاً في نظرِ موسى عليه السلام. فحين كانت المآسي تشتدّ، والأحوالُ تضيقُ، كان عليه الصلاة والسلام يُذكّرُهم بمعلمِ الصبرِ، الذي ما بعدَه إلا الفرجُ والتمكينُ بإذن الله. يقول سبحانه: (وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ (127) قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ ‌اسْتَعِينُوا ‌بِاللَّهِ ‌وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنا قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129))

وبمعونةِ اللهِ سبحانه ثم تثبيتِ موسى عليه السلام لقومِه، صبرَ بنو إسرائيل على الابتلاءات، ونجحوا في الامتحانات. فمع عِظَمِ الكيدِ والمكرِ، والقتلِ والاستعبادِ، إلا أنهم ثبتوا على إيمانِهم، ولم يتزعزعوا عن عقيدتِهم، طوال سنينِ البلاءِ المديدةِ، ولم يُبدّلوا ولم يُغيّروا فجازاهم الله أن أهلكَ عدوَّهم ومكَّنَ لهم في الأرض. قال سبحانه: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا ‌يُسْتَضْعَفُونَ ‌مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا).

تلك هي أبرزُ معالمِ رحلةِ التمكينِ التي استلهمناها من قصة موسى عليه السلام: التربيةُ على منهاجِ الله ووحيِه، والقيامُ بالحقِّ ومجابهةُ الباطلِ، والصبرُ على ابتلاءاتِ الطريق. فما أحوجَنا لأن نربيَ أنفسَنا وأهلينا وأبناءَنا وبناتِنا على هذه المعالم، عسى اللهُ أن يكتبَ لأمتِنا الفرجَ، ويرزقَها التمكينَ في الأرض.

بارك الله لي ولكم..

 

الخطبة الثانية:

أما بعد:

حين حققت أمةُ بني إسرائيلَ شروطَ التمكينِ، استخلفها اللهُ في الأرض، وفتحَ لها أبوابَ الدينِ والدنيا، فقامت تلك الأمةُ بالتوحيدِ، وكان يقودُها من بعدِ موسى وهارونَ أنبياؤُها كيوشع بن نون وداودَ وسليمانَ عليهم السلام.

ولكن حين زاغت أمةُ بني إسرائيلَ عن منهجِ الله، واتبعتْ سبلَ الباطل، سلبهم اللهُ نعمةَ التمكين، وأذاقهم سوءَ العذابِ من التفريقِ والتشتيتِ وتسلطِ الأعداء.

وهذا ما حصلَ تماما مع أمةِ الإسلام، فحين سارَ المسلمون على معالمِ التمكين، سادت أمتنا الأرضَ قروناً، وحين فرطتْ في تلك الشروطِ، سلبها اللهُ النعمة. فحريٌ بنا أن نراجعَ أنفسناَ، ونصلحَ ذواتِنا ومن حولَنا.

عباد الله

سيقبل علينا يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي نجى اللهُ موسى وقومَه من بطشِ فرعونَ وجنودِه، فكان هذا اليومَ هو يومُ ذكرى للنصرِ، والنجاةِ من الظالمين، ويومُ شكرٍ لرب العالمين، فعن ابن عباس -رضي الله عنه-: "أنَّ النَّبيَّ -ﷺ- لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، وجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا، يَعْنِي عَاشُورَاءَ، فَقالوا: هذا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وهو يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فيه مُوسَى، وأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ، فَقالَ: "أَنَا أَوْلَى بمُوسَى منهمْ" فَصَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ". وقد شُرع لنا أن نصوم يوما قبله أو يوما بعده مخالفة لليهود.

 

اللهم وفقنا لطاعتك، وجنبا معصيتك

اللهم اكتب لأمة الإسلام فرجا عاجلا ونصرا قريبا.

اللهم اكتب لهذه الأمة نصرها وعزها ومجدها وتمكينها. اللهم وحد صفوفها، واجمع كلمتها، وقوي شوكتها، وانصرها بنصرك يا قوي يا عزيز

 

 

المرفقات

1720613879_معالم التمكين من قصة موسى عليه السلام.docx

1720613883_معالم التمكين من قصة موسى عليه السلام.pdf

المشاهدات 843 | التعليقات 0