مطرنا بفضل الله ورحمته
عمر الدهيشي
1433/05/20 - 2012/04/12 12:05PM
خطبة مطرنا بفضل الله ورحمته 21/5/1433هـ
عباد الله..عندما تكون الأرض يابسة والبسيطة قاحلة، والآبار جافة، والأشجار خاشعة ، والزروع هامدة والبهائم عجاف ويصيب الناس يأس وقنوط..ينشر أرحم الراحمين رحمته ويعمهم بفضله وإنعامه وهو المنعم الجواد الكبير المتعال، (وهو الذي ينزل الغيب من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد).
عباد الله.. المطر يكون عذاباً يعذب الله به من يشاء من عباده،كما قال تعالى عن قوم نوح (وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية) وقال سبحانه عن قوم لوط (وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذَرين) بل قال سفيان بن عيينة : ما سمى الله مطراً في القرآن إلا عذابا،وتسميه العرب الغيث. رواه البخاري
ويكون الغيب والمطر رحمة كما سماه الله تعالى في مواضع كثيرة من كتابه،قال تعالى (وهو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي حمته) وقال سبحانه (وهو الذي أرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته) وقال تعالى (فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيى الأرض بعد موتها).
عباد الله.. ومن مظاهر تلك الرحمة طمأنينة النفس وراحتها،والأنس والاستمتاع والاستبشار،وهي مشاعر قلبية يحس بها كل إنسان،ويشعر بها كل جنان عند نزول قطرات الغيث (فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون)وكان نبينا محمد صلى إذا نزل المطر حسر عن ثوبه حتى يصيبه وكان يقول: حديث عهد بربه ..فرحاً واستبشارا.
ومن مظاهر الرحمة خروج النبات المختلف ألوانه ، وإنبات الحدائق البهيجة والبساتين الغناء، قال سبحانه (وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات) ويقول تعالى (وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها)
ومن مظاهر الرحمة شرب الماء العذب الزلال،الذي لا يشوبه كدر ولا يخالطه قتر،قال سبحانه (هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب) وقال تعالى (وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاماً وأناسي كثيرا).
ومن مظاهر الرحمة كذلك سلوكه في باطن الأرض،واستخراجه عند الحاجة إليه (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعاً مختلفاً ألوانه) قال ابن عباس: ليس في الأرض ماء إلا نزل من السماء،ولكن عروق في الأرض تغيره.
ومن مظاهر تلك الرحمة نزوله بقدر بحيث لا يكثر فيفسد الأرض،ولا يقل فلا يكفى الزروع والثمار،قال تعالى (وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون) قال ابن كثير: يذكر تعالى نعمه على عبيده التي لا تعد ولا تحصى في إنزاله القطر من السماء بقدر أي بحسب الحاجة لا كثيراً فيفسد الأرض والعمران ولا قليلاً فلا يكفي الزروع والثمار بل بقدر الحاجة إليه من السقي والشرب والانتفاع به.
ومن المظاهر الطهارة الحسية والمعنوية،وتجديد الروح في البدن وتلطيف الأجواء وإزالة الأوساخ والأقذار،قال تعالى (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام).
ومن مظاهر الرحمة كذلك اخضرار الأرض بعد نزول الغيث بعد أن عمها اليبس وشملها القحط (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير) قال ابن عطية في تفسيره: وقد شاهدت هذا في السوس الأقصى نزل المطر ليلاً بعد قحط وأصبحت الأرض الرملة التي نسفتها الرياح قد اخضرت بنبات ضعيف دقيق.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولأن كفرتم إن عذابي لشديد) أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وبعد: فاتقوا الله حق التقوى
عباد الله..كان من هدي المصطفى الحبيب صلى الله عليه وسلم إذا رأى المطر قال: اللهم صيباً نافعاً رواه البخاري، وعن زيد بن خالد الجهني قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر السماء كانت من الليل . فلما انصرف أقبل على الناس فقال : " هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر . فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته ، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا ، فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب "رواه مسلم، وكان يحسر ثوبه حتى يصيبه المطر فسأل عن ذلك فقال: لأنه حديث عهد بربه رواه مسلم،وكان صلى الله عليه وسلم إذا رأى الغيم عرف ذلك في وجهه فأقبل وأدبر فإذا أمطرت سري عنه،وذهب ذلك عنه،عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تخيلت السماء تغير لونه خرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سري عنه،فعرفت ذلك في وجهه قالت: فسألته؟ فقال: لعله يا عائشة كما قال قوم عاد فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا. متفق عليه.
هذا وصلوا..