مصر أرض مباركة

الحمد لله رب العالمين ,,,,
إخوة الإيمان والعقيدة ... لقد فضل الله بعض الشهور على بعض، وبعض الأيام على بعض، وبعض الليالي على بعض، وبعض المساجد على بعض، ولقد فضل الله مصر على غيرها من البلدان عدا مكة، وإن كان فضل الحرمين كبيرًا جدًا، لكن لا يقلل من شأن مصر في القرآن ولا في السنة النبوية.
فقد أثنى الله على مصر في القرآن ووصى النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مصر خيرًا.
فمصر بلد الخيرات، وهذا ثابت في القرآن ، لقد طلب بنو إسرائيل من موسى عليه السلام ( فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ).
وقد افتخر فرعون بملكه لمصر ونادى ( فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) ولما أهلك الله فرعون وقومه قال ( فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ) أخرج الله فرعون وقومه من أرض "مصر" ذات البساتين وعيون الماء، وخزائن المال والمنازل الحسان. وفي سورة الدخان قال ( كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ) و( كَمْ ) هذه للتكثير، كم تركوا من بساتين وعيون للماء وزروع كثيرة ومنازل حسان كالقصور، ونعمة كانوا مترفين مرفهين فيها. فهل وصف الله بلدة من البلدان بهذه النعم الكثيرة !!!
وبها – أي مصر - من الخير ما يكفي لإطعام الأرض كلها، فهي خزانة الأرض كلها، وسلطانها سلطان الأرض كلها. قال الله تعالى على لسان يوسف عليه السلام ( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) ولم تكن تلك الخزائن بغير مصر، فأغاث الله بمصر وخزائنها كل حاضر وباد من جميع الأرض. وكانت تسمى ببقرة الخلافة، لإنها كانت تدر على دولة الخلافة في المدينة الكثير من الخير لما حدث بها جدب. ف مصر أم البلاد، وغوث العباد.
وأخبرنا الله أن مصر أرض مباركة، كما قال تعالى ( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ ).
يقول كعب الأحبار : من أراد أن ينظر إلى شبه الجنة، فلينظر إلى مصر إذا أخرفت وأزهرت، وإذا اطردت أنهارها، وتدلت ثمارها، وفاض خيرها، وغنت طيرها.
وقال عبد الله بن عمرو: من أراد أن ينظر إلى الفردوس فلينظر، إلى أرض مصر حين تخضر زروعها، ويزهر ربيعها، وتكسى بالنوار أشجارها وتغنى أطيارها.
عباد الله ... بلد مصر مليئة بالأماكن المذكورة في القرآن ومهبط لكثير من الأنبياء، ففيها سيناء التي ذكرها الله في القرآن أكثر من مرة،
قال تعالى ( وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ ) شجرة الزيتون التي تخرج حول جبل طور في سيناء يعصر منها الزيت, فيدَّهن ويؤتدم به.
وواعد الله موسى عليه السلام من جانب الطور الأيمن لإنزال التوراة عليه هناك، ونادى الله موسى عليه السلام من نفس المكان وقربه إليه،
فقال تعالى ( وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً ) وفي هذا تشريف عظيم للطور، بل سمى الله الوادي الذي كلم عليه موسى بالوادي المقدس طوى ( إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) .
في مصر نشأ وترعرع سيدنا موسى وهارون ويوشع بن نون وهو من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
وزار مصر إبراهيم عليه السلام، وعاش فيها سيدنا يوسف عليه السلام ، وزارها سيدنا يعقوب عليه السلام وأولاده الاثنا عشر سبطا. وقبط مصر مجمعين على أن عيسى وأمه عليهما السلام سكنا مصر، وبعض المفسرين فسَّر قوله تعالى ( وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ) أنها مصر. ومكث في مصر إسماعيل عليه السلام في طفولته.
ومن أهل مصر من أثنى الله عليه، كالرجل المؤمن الذي يكتم إيمانه قال ( أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ ) وأثنى الله على السحرة المصريين الذين آمنوا بموسى عليه السلام بمجرد أن رأوا المعجزة، فأثنى الله عليهم وعلى حسن توكلهم على الله ، لما توعدَّهم فرعون لأصلبنكم في جذوع النخل.
عباد الله ... بلد مصر بلد الأمان ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً ) أي : وأوحينا إلى موسى وأخيه هارون أن اتخذا لقومكما بيوتًا في مصر تكون مساكن وملاجئ تعتصمون بها. وقال تعالى ( فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ ).
من شاهد الأرض وأقطارها
والنــــاس أنواعًا وأجناسا
ولم يـــــر مصــــر وأهلها
فما رأى الدنيـــا ولا الناسا
مصر هي أم البلاد، وموطن المجاهدين والعباد، قهرت قاهرتها الأمم، ووصلت بركاتها إلى العرب والعجم، هي بلاد كريمة التربة، مؤنسة لذوي الغربة، فكم لمصر وأهلها من فضائل ومزايا، وكم لها من تاريخ في الإسلام وخفايا، منذ أن وطأتها أقدام الأنبياء الطاهرين، ومشت عليها أقدام المرسلين المكرمين، والصحابة المجاهدين.
مصر مقبرة الغزاة ... فما مكث فيها احتلال لمدة طويلة، ويتميز أهلها بقتال المعتدين والمحتلين، فما مكث بها الهكسوس ولا التتار.
وكانت مصر ترسل المجاهدين لمقاومة الحملات الصليبية، وإن شاء الله سينطلق منها الجيش الذي سيحرر فلسطين.
أقو ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين .. لقد أوصى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأهل مصر خيرا، فقال ( إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا ) أما الرحم في أم العرب هاجر عليها السلام زوج إبراهيم عليه السلام فهي أم إسماعيل وهو أبو العرب، ولهذا قال أبو هريرة عن هاجر : فتلك أمكم يا بني ماء السماء.
وأما الذمة فإن النبي صلى الله عليه وسلم تسرى من القبط مارية القبطية رضي الله عنها، فولدت له إبراهيم.
أيها المسلمون ... إن لأهل مصر علينا حق الرحم والذمة، فما يصيبهم يصيبنا ، وما يفرحهم يفرحنا.. فلندع لهم بالفرج ، وأن يرفع الله عنهم البلاء ... ونوصيهم أن يضعوا أيديهم مع الرئيس لتطبيق الشريعة الإسلامية، فإن الله لن ينصر الدولة بقوتها ولا بقدراتها، إنما ينصر الله الدولة العادلة التي تطبق شريعة الله تعالى. ومصر لن تنهض بالقوانين الوضعية ولن يرتفع شئنها إلا بتطبيق الشريعة الإسلامية التي يرتضيها الله عز وجل
والواضح أن المعركة ليست على الدستور وإنما على الإسلام، ولذلك فإن المصريين الشرفاء، وفي مقدمتهم التيار الإسلامي لن يتنازلوا عن تطبيق شرع الله. غير أن الإعلام الذي يتبع فلول الحزب الوطني المنحل يروجون لآراء العلماء الرافضين لتعطيل الدستور الذي يحقق أهداف الثورة.
وإني لأدعو الإخوة المصريين إلى التمسك بكتاب ربهم وعدم الرضا إلا بتطبيق شريعة الله التي تحقق لهم العيش الكريم والحياة السعيدة، فضلاً عن الجنة في الآخرة، كما أدعوهم بالصبر على الأذى الذي ينالونه، خاصةً من الإعلام الهابط، وسينصر الله الحق وأهله ويهزم الباطل وأهله.
اسأل الله أن يفرق جمع الفلول وأعداء الوطن الذين يحاربون الشريعة، وأن يُمكِّن الله لأهل مصر في الأرض، وأن يُفرِّج الهم ويُؤلف بين قلوبهم


أخوكم
خطيب جامع أبي عائشة
السعودية - الخبر - حي الثقبة
المشاهدات 4865 | التعليقات 0