مسلمو إفريقيا الوسطى ...تنصّر لتعيش ببلدك // د. عامر الهوشان

احمد ابوبكر
1436/10/20 - 2015/08/05 06:26AM
[align=justify]منذ بداية المحنة التي بدأت تعصف بمسلمي إفريقيا الوسطى منذ سنوات , والتي وصلت إلى أشدها عام 2013م بعد أن استطاعت قوات سيليكا - التي توصف بالإسلامية - الإطاحة بالرئيس "فرانسوا بوزيزى" النصراني الذي اشتهر بالفساد و استبد بالحكم وتنصّل من كل التزاماته وتعهداته .....وكثير من الباحثين يؤكدون استثمار مليشا "انتي بالاكا" المسيحية الحدث لتقوم بأبشع حملة ضد المسلمين في كافة مدن إفريقيا الوسطى , والتي تستهدف في المقام الأول الوجود الإسلامي وهوية المسلمين في هذا البلد .
وعلى الرغم من تدخل الدول الغربية سريعا بعد هذه الإطاحة لكون من يقودها مسلما - بعد صمت طويل ومشين عن كثير من أحداث انقلابات كثيرة سابقة لمجرد كونها مسيحية مسيحية - وعلى الرغم من إجبار أول مسلم "ميشيل جوتوجيا" عن التخلي عن الحكم بعد حوالي عشرة أشهر من حكمه , إلا أن عمليات التطهير العرقي والتهجير الممنهج لحوالي مليون مسلم من هذا البلد الذي لا يتجاوز عدد سكانه 5 ملايين استمرت دون توقف حتى نهاية 2014 وبداية العام الجاري .
لم يكتف الفرنسيون الذين سارعوا بإرسال 2000 جندي للعاصمة بانغي بغض الطرف عن انتهاكات مليشيا "انتي بالاكا" المسيحية التي قتلت أكثر من ستة آلاف مسلم بالسواطير والسكاكين داخل المساجد والبيوت وفي الطرقات حسب وثائق منظمات أممية وحقوقية دولية , ولم تكتف بالتغطية على هدم جميع مساجد المسلمين هناك البالغ عددها 436 مسجدا بشكل كلي وجزئي على أيدي "انتي بالاكا" حسب تقرير موقع "فايف بليرز" الذي يغطي أخبار المسلمين في العالم , وبتهجير جميع مسلمي إفريقيا الوسطى تقريبا ....بل تسعى لمحو الهوية الإسلامية من هذا البلد بشتى الوسائل ولا زالت .
لقد كان التآمر الأوروبي – وخصوصا فرنسا - على نظام الحكم الجديد بإفريقيا الوسطى واضحا لمجرد أن الحاكم يأتي للمرة الأولى من المسلمين , من خلال عملية التحريض وحشد المنظمات الدولية والحقوقية والكنيسة الكاثوليكية ضد "سيلكيا" والرئيس الجديد , عبر رفع تقارير مزيفة إلى الأمم المتحدة والفاتيكان تفيد بأن حركة سيليكا حركة تحمل طابعا إسلاميا متشددا , وأن هدفهم هو "أسلمة" شعب أفريقيا الوسطى بالقوة ...حسب تقرير للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين .
ولم تكتف الدول الغربية بطي صفحة حكم أول مسلم للبلاد الذي لم يستمر إلا لأشهر , بل تحاول من خلال استخدام العنف وارتكاب المجازر والجرائم الوحشية والانتهاكات الصارخة بالتعاون مع مليشيا "انتي بالاكا" إجبار المسلمين العائدين إلى بيوتهم ومنازلهم باعتناق النصرانية إن أرادوا العيش بسلام , في مساومة دنيئة تتعارض مع أبسط حقوق الإنسان الدينية التي تزعم تلك الدول مراعاتها وحمايتها .
لم يوثق المعلومات والأخبار الواردة من هناك عن العنف الممارس ضد المسلمين العائدين إلى بيوتهم لإجبارهم على اعتناق النصرانية وترك دينهم الإسلام إن أرادوا العيش في بيوتهم وبلدهم بسلام ...منظمات إسلامية أو جهات عربية , بل أماط اللثام عنها تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية أمس الجمعة نشر في موقعها الرسمي على شبكة الانترنت يؤكد : "أن بعض المسلمين العائدين إلى مناطق جرت فيها سابقاً عمليات تطهير عرقي أجبروا عن التخلي عن دينهم" , مما يرد على أي محاولة تشكيك بالمصداقية أو اتهام بالمبالغة .
نعم ...لقد حمل التقرير هذه المرة اسم "محو الهوية" صراحة قائلا : "إن بعض مناطق غرب إفريقيا الوسطى ، شهدت منع ميليشيات الأنتي بالاكا المسلحة المسيحية المسلمين العائدين إلى ديارهم، بعد الاحداث الدامية التي عرفتها البلاد عام 2014، من ممارسة شعائرهم الدينية، ومن الإفصاح عن هويتهم الدينية على الملأ" . فهل هناك جريمة موصوفة وواضحة وعلانية تستحق الإدانة والمساءلة والعقوبة أكثر من هذه ؟!
ومما جاء في التقرير أن بعض هؤلاء الأشخاص تعرضوا للتهديد بالقتل، إن لم يستجيبوا إلى دعوات التنصير , مما يعني أن التهمة التي تحاول الدول الغربية إلصاقها بالإسلام والمسلمين في العالم دائما وهي : "استخدام العنف لأسلمة المجتمع حسب وصفها" , تقوم بها جهارا نهارا وبتوثيق منظمات دولية أممية , فهل هناك كذب وافتراء وبلطجة – كما يقال – أكثر من ذلك ؟!
لم يكن هدف التدخل الغربي في دول القارة الإفريقية يوما لإحلال السلام وإستعادة الأمن فيها كما تزعم , بل تثبت الوقائع والأحداث دائما أن هدف ذلك التدخل العسكري هو محاربة الهوية الإسلامية ومحوها من القارة , وترسيخ استمرار تبعية دول القارة للاستعمار الغربي القديم , والذي لا يمكن أن يستمر بوجود المناهض والمقاوم الأول والأخير له متمثلا بالإسلام والمسلمين .
فهل ستبقى الدول الإسلامية عاجزة عن حماية دين أبنائها وأرواحهم وأوطانهم بسبب تفرقها وتشرذمها وضعفها عن مواجهة منطق القوة الذي تمارسه ضدها الدول الغربية ؟!
[/align]
المشاهدات 700 | التعليقات 0