مسائل في الصيام

أبو ناصر فرج الدوسري
1438/08/28 - 2017/05/24 20:15PM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾
أمَّا بعدُ فيا عبادَ اللهِ أوصيكُمْ ونفسِي بِتَقْوَى اللهِ العليّ العظيمِ، يقولُ اللهُ تبارَكَ وتعَالى في مُحْكَمِ التَّنْزيلِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾[سورة البقرة 183].
واعلموا ، أنَّ ربَّنا - سبحانه - شرَع لنا صيام رمضان، وجعَلَه أحدَ أركان الإسلام، فكان لزامًا على كل مسلم أن يتعلَّم من الأحكام ما يتعلَّق بالصيام؛ حتى يعبدَ الله - تعالى - على بصيرة، وليؤدي الواجب عليه عن عِلمٍ ومعرفة،
وفَرْقٌ بين مَن يتعبَّد الله - تعالى - عن علْمٍ وإدراك، فيتَّبع النبي ﷺ أحسنَ اتِّباع، وبين مَن يبني عبادته على مشاهدة الناس، وما يتناقله العوام أو يدعونه.
وقد قرَّر أهل العلم أنه يجب على المكلَّف تعلُّم ما تَصِحُّ به عبادته، ومَن يُرِد الله به خيرًا، يُفَقِّهه في الدين.
وإليكم أيها الأحباب جملةً من أهمِّ مسائل الصيام التي لا غِنى للمسلم عنها.
واعلموا إن من كبائر الذنوب الإفطار في رمضان بدون عذر
فمن أفطر بغير عذر وجب عليه القضاء والتوبة.
ويشترط للحكم بفطر من وقع في المفطر ثلاثة شروط: أن يكون عالمًا ذاكراً مختاراً.
● ومفطرات الصيام هي :
الأكل والشرب عمداً ومافي حكمها مثل الإبر المغذية أما من أكل أو شرب ناسياً فصيامه صحيح.
والإستمناء وهو إخراج المني عمداً في نهار رمضان.
اما الاحتلام لا يفطر، لكن يجب أن يغتسل إذا وجد منيًا وصيامه صحيح .
والجماع مفطر وزيادة على ذلك فمن جامع أهله في نهار رمضان يجب عليه أن يقضي ذلك اليوم فعليه كفارة عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فليطعم ستين مسكيناً، ولا يجوز له أن يطعم ستين مسكيناً إلا إذا عجز عن صيام شهرين متتابعين.
ويجوز للرجل أن يجامع أهله في ليالي رمضان، قال الله تعالى ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُم ﴾
وخروج دم الحيض والنفاس يفطر حتى لو كان قبل أذان المغرب بدقائق, والحجامة وإخراج القيء عمداً أما إن خرج القيء بدون تعمد فلا يفسد الصوم.
واستنشاق البخور يفطر أما مجرد التطيب فلا تفسد الصوم.
والغسيل الكلوي مفطر وعليه القضاء ، وإن استطاع تأخير الغسيل إلى الليل وجب عليه الصيام.
وإذا كان لا يستطيع الصيام مطلقاً فإنه يطعم عن كل يوم مسكين.
● اما الأمور التي لا تفطر فهي :
خروج الدم من أي مكان من الإنسان بغير اختياره وإذا كان من الفم وجب لفظه ولا شيء عليه., ودم التحليل اليسير, والإبر في العضل وإبر السكر والبنج وبخاخ الربو كلها لا يفطر.
وبلع النخامة ، أو الريق, وتذوق الطعام بدون ابتلاع شيء منه لايفطر .
وخلع الضرس لا يفطر ومعجون الأسنان لايفطر ، بشرط ألا يُبتلع منه شيء.
ويستحب السواك للصائم وفي كل وقت ، ويجوز بلع الريق بعد السواك ، إلا إذا كان تحلل من السواك شيء في الفم فإنه يخرجه ثم يبتلع ريقه .
وتحاميل الحرارة والبواسير والقطرة في العين والأذن لا تفطر.
واللصقات العلاجية التي توضع على الجلد كلها بجميع أنواعها لا تفطر.
اما أهل الأعذار في الفطر نوعان:
من له عذر يرجى زواله وهم:
المسافر والمريض المرجو برؤه "الذي له علاج" فهؤلاء يفطرون ويقضون
والحائض والنفساء ، والحامل والمرضع اللتان تخافان على ولديهما أو نفسيهما من الصيام فهؤلاء أيضا يفطرون ويقضون.
ومن له عذر لايُرجى زواله "ليس له علاج" وهم:
من عجز عن الصوم لكبر سنه بحيث أصبح ضعيفاً لا يستطيع الصيام أو لمرض لايرجى برؤه ، فهؤلاء يسقط عنهم الصيام ويطعمون مسكينًا عن كل يوم نصف صاع من أرز أو غيره وقدره كيلو ونصف.
لكن لا يترك الصيام لمجرد أنه كبير في السن أو عنده بعض الألم الذي لا يمنعه من الصيام , هذا يجب عليه الصيام.
أما فاقد العقل فليس عليه صيام ولا إطعام مثل الكبير المهذري لا يصوم ولا يُطعم عنه.
ويجوز للمسافر أن يفطر سواء شق عليه السفر أم لا, والأفضل أن يصوم إذا لم يكن فيه مشقة.
وإذا تضرر المسافر أو المريض بالصوم حرم عليهما الصيام.
ومريض السكر في رمضان فهو على أمرين:
منه ما يحرم معه الصوم لتضرر صاحبه وربما أودى بحياته ، فهذا لايصوم ويطعم عن كل يوم مسكين.
ومنه مايمكن معه الصوم بلاضرر فيجب عليه الصوم ويكون ذلك باستشارة الطبيب.
وأعلموا أنه لا يجوز الإفطار في رمضان من أجل العمل حتى ولو اشتد عليه الأمر بسبب العمل والشمس والحر فهذا ليس له الفطر ولو كان العمل شاقاً ، بل يجب عليه الصوم إلا إذا خاف على نفسه من الموت، إذا كان ضرورة.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، نبينا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أجمعين.
أما بعد: فتعلمون يا عباد الله أن كل أرباب المواسم يستعدون لها قبل دخولها ، فلا يُتصور تاجرٌ ناجحٌ يدخل عليه أكبر مواسم التجارة ومحله فارغٌ من البضائع ،
ولا يُتصور مزارعٌ مجتهدٌ يدخل عليه أهمَّ مواسم الزراعة وهو بعدُ لم يحرث أرضه ولم يسمّدها ،
ولا يُتصور طالبٌ متفوقٌ يدخل عليه موسم الامتحانات النهائية وهو بعدُ لم يذاكر ولم يراجع
ومثلهم تماماً المؤمنُ التقي ،
فلا يُتصور مؤمنٌ تقيٌّ يدخل عليه أعظمَ مواسم الإيمان ، أعني موسم رمضان ثم هو لا يستعد له أكملَ الاستعداد ولا يستثمره أفضلَ الاستثمار
وموسم رمضان هو أعظمُ مواسمِ المؤمن ، وذوي الألبابِ يعرفون لرمضان فضله ، ويقدِرُونَ له قدرَه يجلِّونَ زمانهُ ويعظِمونَ أيامهُ يَفرَحُون بِهِ وَيُحِبُّون لقائه ُوَ" مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ "، وهو عندهم موسمٌ جليل ليس له مثيل ومن ثمَّ فلا يجوز في حِسِهم إهدارُ ثانيةٍ منه في غير طاعةٍ ، فضلاً أن تُرتكبَ فيها معصية .
والبعض هدانا الله وإياهم ربما ليس لديه من تداعياتِ هذا الأمر إلا (المعلومة) فقط!
أما الإحساس والشوق والاستعداد والعمل والبذل وغير ذلك من مظاهر الاستعداد والتهيؤِ للأمرٍ العظيم فربما ليس لها عندهم نصيبٌ!
بل إن البعض يستقبل رمضان بحماسة شديدة وتشوق لمتابعة المسلسلات التلفزيونه وهذه المسلسلات تقدح في عقيدتك , وإن سلمت من ذلك فهي لن تخلوا عن الموسيقى والنساء .
وصدق من قال همُّك على قدر ما أهمَّك .
أخرج ابن ماجه بسند حسن عن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: " إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ ".
فعلينا أن نستقبل رمضان بالدعاء بأن ندعوا الله أن يبلغنا هذا الشهر الكريم, ونستقبله بالتوبة لله من المعاصي.
نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُبَلِّغَنَا رَمْضَانَ وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِمَّنْ صَامَهُ وَقَامَهُ إِيمَانَاً وَاحْتِسَابَاً, وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الْعُتَقَاءِ مِنَ النَّارِ
هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على من أمركم الله بالصلاة عليه فقال
﴿إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك …
اللّهمَّ يا رحيمُ يا رحمانُ، يا كريمُ يا منّانُ: بلّغنا شهرَ رمضانَ، وأعنّا فيه على الطّاعةِ والإحسانِ، ووفِّقنا فيه لحُسنِ الصِّيامِ والقِيامِ، وارزقنا فيه توبةً نصوحاً تغسِلُنا بها من جميعِ الذُّنوبِ والآثامِ.
اللهم أعنا على صيامه وقيامه وإتمامه، ووفقنا للقيام بحقك فيه وفي غيره،
واجعل أعمالنا خالصة لوجهك ، صوابًا على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم.
اللهم تب علينا وأغفر لنا وعافنا وأعف عنا ياذا الجلال والإكرام,
اللهم أهدي شبابنا وأعنهم على الصلاة والصيام وطهر قلوبهم من حب الشهوات
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامَنا ووليَّ أمرنا، ووفِّقه لما تُحبُّ وترضى يا سميعَ الدعاء
اللهم أعِزَّ وانصر الإسلام والمسلمين وألِّف بين قلوب المسلمين، ووحِّد صفوفَهم، وأصلِح قادتَهم، واجمع كلمتَهم على الحق
اللهم أنصر المسلمين المستضعفين في سوريا والعراق وفلسطين وفي كل مكان وعليك اللهم بعدوك وعدوهم يارب العالمين
عباد الله ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾
واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نِعَمِهِ يزدكم، ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾


الخطبة مقتبسة من عدة مصادر
المرفقات

مسائل في الصيام.docx

مسائل في الصيام.docx

المشاهدات 1017 | التعليقات 0