مسائل عشر ذي الحجة والاضحية

أبو ناصر فرج الدوسري
1438/11/24 - 2017/08/16 03:39AM

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا،

مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،

وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا .

أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛

واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ

وَاِعْلَمُوا ياعباد الله بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .

عبادَ اللهِ، مواسِمُ خيرٍ تتبعُهَا مواسِمُ، وهَا نحنُ علَى مشَارِفِ مَوْسِمٍ عظِيمٍ، وهُوَ مَوْسِمُ الحَجِّ؛ وَالْعَشْرُ الْأَوَائِلُ مِنْ ذِي الحِجَّةِ ، وَالعملُ فيهَا عظيمٌ؛ قالَ ﷺَ: مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟ قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟

قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

فَانْظُرْ – يَا رَعَاكَ اللهُ – مَعَ عِظَمِ الجِهَادِ عِنْدَ اللهِ؛

إلاَّ أنَّ عَمَلَ العَامِلِ فِي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ أفضلُ مِنْ جِهَادِ مُجَاهِدٍ فِي بقيةِ شُهُورِ العامِ ، بِلْ والعملُ فِي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ أفضلُ مِنْ أنواعٍ متعددةٍ مِنَ الجِهَادِ، إلاَّ الجهادَ الذِي اِسْتَثْنَاهُ النَّبِيُّ ﷺ بِقَوْلِهِ : " مَنْ عُقِرَ جَوادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ"

وَإليكُمْ مسائل وأحكام فيما يتعلق بعشر ذي الحجة والأضاحي:

المسألة الأولى :

أن أيام عشر ذي الحجة هي أفضل أيام العام ولياليها أفضل الليالي ماعدا ليلة القدر.

المسألة الثانية :

يستحب التكبير المطلق في هذه الأيام ويبدأ من ليلة الأول من ذي الحجة حتى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق وهو الثالث عشر من ذي الحجة.

ويستحب أيضا التكبير المقيد من فجر عرفة حتى عصر آخر أيام التشريق ،

وسمي مقيداً لتقييده بعد الصلوات المفروضات فيبدأ به بعد الصلاة المكتوبة.

والفرق بين التكبير المطلق والمقيد أن المطلق يقال في كل وقت في البيوت والأسواق والمساجد وغيرها

أما المقيد فمختص بما بعد التسليم من الصلاة.

وصيغ التكبير كثيرة منها:

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

المسألة الثالثة :

يستحب صيام تسع ذي الحجة كلها وآكدها يوم التاسع يوم عرفة وصيامه يكفر سنة ماضية وسنة قادمة .

قال ﷺ: "صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ " رواه مسلم.

وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة والله ذو الفضل العظيم .

المسألة الرابعة :

يستحب الإكثار من الأعمال الصالحة بجميع أنواعها في هذه الأيام من صلاة وقراءة قرآن وصلة الأرحام وغيرها.

المسألة الخامسة :

الأضحية سنة وليست بواجبة.

المسألة السادسة :

من أراد أن يضحي عن نفسه أو تبرع عن ميت بأضحية فليمسك عن شعره وأظفاره وبشرته من حين رؤية هلال ذي الحجة أو غروب شمس آخر يوم من ذي القعدة حتى يذبح أضحيته.

لقول النبي ﷺ: "مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فَإِذَا أُهِلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعَرِهِ، وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا، حَتَّى يُضَحِّيَ".

المسألة السابعة :

من أراد أن يضحي عن غيره بوكالة أو وصية فلا يلزمه الإمساك عن شعره أو أظفاره أو بشرته.

المسألة الثامنة :

أهل المضحي وأولاده لا يلزمهم الإمساك عن ذلك وإنما يلزم المضحي فقط.

وغالباً صاحب البيت هو المضحي.

المسألة التاسعة :

من نسي فأخذ من شعره وأظفاره وهو مريد للأضحية فلا إثم عليه لأنه معذور ولا ينقص أجر أضحيته.

المسألة العاشرة :

إذا تعمد الأخذ من شعره وظفره فأضحيته مجزئة لكنه يأثم بذلك.

المسألة الحادية عشرة :

وقت الأضحية يبدأ بعد صلاة العيد ولا يصح ذبحها قبل صلاة العيد

وينتهي وقت الأضحية بغروب شمس يوم الثالث عشر من ذي الحجة.

ولا يجزئ ذبح الأضحية بعد هذه الأيام إلا إذا كان ناسيا.

أما الأضحية الواجبة بوصية أو نذر أو تعيين فتذبح قضاء إذا فات وقت الذبح.

المسألة الثانية عشرة :

نقل الأضاحي إلى خارج البلاد بتوكيل جهة تتولى شرائها وذبحها هناك هو عمل مخالف لأمر الله وسنة رسول الله ﷺ .

المسألة الثالثة عشرة :

من حج ببعض عائلته وترك البقية في بلده فيشرع أن يضحي لأهله الباقين أضحية عندهم.

المسألة الرابعة عشرة :

الأضحية عن الميت لوحده بغير وصية غير مشروع.

والصدقة عن الميت أفضل من الأضحية عنه.

المسألة الخامسة عشرة:

الأفضل والسنة أن يرسل المغترب عن وطنه ثمن الأضحية إلى أولاده في وطنه ليقوموا بشرائها وذبحها في بيتهم.

المسألة السادسة عشرة:

يكفي عن البيت الواحد أضحية واحدة مهما بلغ عددهم ولا يشرع أن يذبح أي فرد منهم أضحية مستقلة، فالنبي ﷺ كان يضحي عن أزواجه رضي الله عنهن وهن في بيوت متعددة ولم ينقل أن إحداهن ضحت عن نفسها.

المسألة السابعة عشرة:

من كان متأهلا وساكنا مع والده لكنه مستقل بنفقته وطعامه، فيسن أن يضحي أضحية مستقلة ولا يكتفي بأضحية والده.

اما إن كان غير مستقل فتكفيهم أضحية واحدة.

المسألة الثامنة عشرة:

يجوز إعطاء الكفار من الأضحية إذا لم يكونوا محاربين لنا.

المسألة التاسعة عشرة:

من لايملك المال وقت شراء الأضحية هل يستحب أن يشتريها بالدَين أو يقترض؟
والجواب: أنه يستحب أن يقترض إذا كان يرجو وفاء الدَين، كما لو كان موظفاً واقترض حتى يأخذ راتبه آخر الشهر، أما إذا كان لا يرجو الوفاء فالأولى له عدم الاقتراض، لأنه يشغل ذمته بهذا الدَّيْن في شيء غير واجب عليه.

…... الخطبة الثانية.... 

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً .

أمَّا بَعْدُ فَاِتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وأعلموا ان مِنَ الأَعْمَالِ الَّتِي يَنْبَغِي للمُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَيْهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ:

الدُّعاءُ، قَالَ رسولُ اللهِ ﷺَ "الدُّعاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ" رَوَاهُ أَبُو دَاوودَ، والتِّرْمِذيُّ

وَقَالَ تَعَالَى ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ﴾

فَعَلَي الْمُسْلِمِ أنْ يجتهِدَ فِي الدُّعَاءِ فِي الْعَشْرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَخَاصَّةً فِي يومِ عرفةَ ، يقولُ الرسولُ ﷺ:" خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ".

عبادَ اللهِ: إنَّ لربكم في أيَّامِ دهرِكُمْ لنفحاتٌ ألا فتعرضُوا لها ، فليشمر كلٌّ منَّا عن ساعدِ الجدِّ ،وليجتهد في الأيامِ العشرِ بما يليقُ بمكانتِهَا عندَ اللهِ، حتَّى أنَّهُ أقسمَ بِهَا في كتابِهِ العزيزِ؛

فَقَالَ سُبْحَانَهُ ﴿وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ

وأُذَكِّرُ نفسِي وإيَّاكُم بالدُّعاءِ لإخوانِنَا المُستضعَفِينَ فِي كَلِّ مَكَانٍ، في هذهِ العشرِ أنْ يُنجِّيَهُمُ اللهُ ، وأنْ يجعلَ لهمْ ممَّا هُمْ فِيه مَخْرجًا، وأنْ ينصرَهُمْ ويثبِّتَ أقْدَامَهُمْ .

اللهمَّ لا تحرمْنَا بذنوبِنَا فضلَ الأيامِ العشرِ، اللهُمَّ وفقْنَا فيهَا للعملِ الصالحِ .

الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن،

الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ،

الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ،

الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ،

اللهم أنصر الإسلام والمسلمين، وكن عوناً ونصيرا لإخواننا المستضعفين في كل مكان يارب العالمين.

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك نبيِّنا محمد الحبيب المُصطفى، والنبي المُجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ .





























الخطبة منسقة على الرابط

https://docs.google.com/document/d/1NznCEbPhBYStNDLlIU3kD7T22FIRKhBeacGadClgTfE/edit?usp=drivesdk



بتصرف من خطب الشيخ عبدالله بن رجا الروقي

المشاهدات 877 | التعليقات 0