مسؤولية الآباء وصلاح الأبناء

صالح العويد
1444/02/12 - 2022/09/08 13:34PM

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يَهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾

أيها الناس : أولادنا ثمار قلوبنا ، وعماد ظهورنا ، وفلذات أكبادنا وزينة حياتنا ، قال تعالى : " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " ، الأولاد قرة الأعين ، وبهجة الحياة ، وأنس العيش ، بهم يحلو العمر ، وعليهم تعلق الآمال ، وببركة تربيتهم يستجلب الرزق ، وتنزل الرحمة ، ويضاعف الأجر

"  ولقد اهتم الأنبياء بقضية الولد أيما اهتمام ، فهذا الخليل عليه السلام يدعو الله أن يرزقه ولدا صالحا فيقول : (( رب هب لي من الصالحين )) ، ويقول زكريا عليه السلام : (( رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء)) هذا اهتمام منهم بشأن الذرية قبل وجودها ، أمـــا بعد وجودها فكانت تتضاعف جهودهم ، ويعظم اهتمامهم بتربيتها وتوجيهها إلى الخير، وإبعادها عن الشر ،وأول ماينصب اهتمامهم إلى إصلاح العقائد ، كماقال تعالى  ))ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يبني إن الله اصطفى لكم الدين فلاتموتن إلا وأنتم مسلمون ))

أيها المسلمون إن الإسلام يحمل الأبوين مسؤولية التربية لأولادهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " أخرجه البخاري ومسلم .

فكل مولود يولد على الفطرة وعلى الإيمان والتوحيد والحق والخير والفضيلة والنفور من الباطل والشر والرذيلة ، فمهمة الآباء أن يحافظوا على هذه الفطرة السليمة وليعلموا أن أمانة الأبناء وحقوقهم عسيرة قال صلى الله عليه وسلم : "وإن لولدك عليك حقا " أخرجه مسلم

فالمهمة عظيمة خصوصا هذا الزمان الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن واشتدت غربة الدين ،وكثرت فيه دواعي الفساد .

فاحذروا أيها الناس من التفريط في تربية الأبناء ، أو التخلي عن المسؤولية تجاههم ، فهذا هو الغدر ، وتلكم هي الخيانة ، أخــــــرج البخاري ومسلم واللفظ للبخاري من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة" ، فارعوا أبنائكم ، وأدوا أماناتكم ، وانصحوا لأولادكم .

وأكثر الأولاد إنما جاءهم الفساد بسبب إهمال الآباء وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغاراً فلم ينفعوا أنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كباراً

وحين توارَى دورُ الوليِّ الصالح، وضعُف تأثيرُ المُربِّي الناصِح؛ ظهرَت بين شبابنا وفتياتنا سُلوكياتٌ شاذَّة، ومظاهرُ مقيتة، وتصرُّفاتٌ غريبة لم تكن معهودةً ولا موجودةً تأملوا تلكم الموضات والقصات أشكال غريبة ، وهيئات مريبة ، شبابٌ أُصيبَ بداءِ التأنُّثِ والتخنُّثِ، والتحلِّي والتفنِّي، والتميُّعِ والتكسُّرِ والتعطُّفِ، وفَتياتٌ وبناتٌ، وآهٍ على حالِ فتياتٍ غابَ الرقيبُ عنهنَّ، وغفَلَ المُستحفَظُ عليهن، فتدرَّجنَ في مدارجِ الاختِلاطِ والبُروز والظهور، وتساقَطنَ في مدارجِ التبرُّج والتفلُّت والسفور، وصارت المرأةُ تُزاحِمُ الرجلَ وتُصافِحُه وتُمازِحُه، وتخضعُ له بالقولِ، وتُلايِنُه بالكلام. يا لها من صورةٍ تنفطِرُ منها القلوبُ وتنصدِع!  وكل ذلك بسبب إهمال الأمهات والآباء فاتقوا الله -أيها المسلمون-، اتقوا الله -أيها الأولياء-، قوموا بما أوجبَ الله عليكم من رعايةِ أولادكم، وصونِهم وتربيتهم، وغرسِ الفضيلةِ في نُفوسهم.

 (( يا أيها الذين آمنوا لاتخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون * واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم )) وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالإمام الذي على الناس راع  وهو مسئول عن رعيته ، والرجل راع على أهل بيته وهومسئول عن رعيته ، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها  وولده وهي مسئولة عنهم ، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسئول عنه ، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " متفق عليه : (( ياأيها الذين آمنوا قو انفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة  عليها ملائكة غلاظ شداد لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون مايؤمرون ))

عباد الله : صلاح الأبناء والبنات أمنية الآباء والأمهات ، يا لها من نعمة عظيمة ، يوم تمسي وتصبح ، وقد أقر الله  عينيك بالذرية الصالحة ، ذرية تقيم الصلاة وتخاف الله .

صلاح الأبناء والبنات تقر به العيون في الحياة وبعد الممات، تقر به عينك في الدنيا، تراه عبداً ناصحاً، عبداً خيراً صالحاً، إن أمرته أطاعك، وإن طلبته برّك، وكان لك بعد الله نعم المعين، وكان لك الناصح الأمين. صلاح الأبناء والبنات تقر به العيون في اللحود والظلمات يوم تغشاك منه صالح الدعوات وأنت في القبر وحيداً، وأنت في مضاجعها فريداً، يذكرك بدعوةٍ صالحة، ينعّمك بها الرحمن، ويغشاك منه الروح والريحان. ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ " [ أخرجه مسلم

صلاح الأبناء والبنات تقرّ به العيون في الموقف بين يدي الديان، حجابٌ من النار، قال: ((من ابتلي بشيءٍ من هذه البنات فأدّبهن فأحسن تأديبهن ورباهن فأحسن تربيتهن كن له حجاباً من النار)

صلاح الأبناء والبنات يكون أول ما يكون منك، يكون من حركاتك وسكناتك، يكون من أقوالك وأفعالك، يوم ينشأ الابن وتنشأ البنت في أحضان أب يخاف الله، وفي أحضان أم تخشى الله.

صلاح الأبناء والبنات يقوم أول ما يقوم على قدوة صالحة من الآباء والأمهات صلاح الأبناء والبنات يحتاج منك إلى كلمات نافعات وتوجيهات ومواعظ مؤثرات فكم من نصيحةٍ من أبٍ ناصح، وأم مشفقة ناصحة نفعت الأبناء والبنات ما عاشوا أبداً وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلمٌ عظيم

صلاح الأبناء والبنات يتوقف على أمرهم بالصلوات، الصلاة عماد الدين ومرضاة لرب العالمين، فمروهم بها لسبع سنين واضروهم عليها لعشر سنين ينشؤون عليها تصلح أحوالهم وتصلح شؤونهم أقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر علم الخليل عليه الصلاة والسلام عظيم شأن الصلاة فرفع كفّه إلى الله داعياً سائلاً ضارعاً رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي

صلاح الأبناء والبنات يتوقف على أمرهم بالأخلاق الفاضلة، والآداب الكريمة يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور علّموهم إفشاء السلام وإطعام الطعام وخصال الكرام،مروهم بصلة الأقارب والأرحام واعلموا أنكم لاتعلموهم خصلة من خصال الخير إلا كتب الله لكم أجره، ما عمل بها حياته أبداً.

صلاح الأبناءفي تجنيبهم قرناء السوء والفواحش والآثام وسيء القنوات والمجلات والأفلام ومتابعة لهم بشدة في غير عنف ، ولين في غير ضعف  وإياكم والمبالغة في إحسان الظن بل كونوافطناء  فلاإفراط ولاتفريط

اللهم وفقنا للقيام بحقوقهم وجنبنا التقصير في تربيتهم وعقوقهم رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وبقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

أما بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل.

أيها الأولياء إن الله أمركم في أبنائكم وبناتكم أن تكون من العادلين لقوله : ((اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم)).فلا تفضلوا الأبناء ، ولا تفضلوا البنات ، ولاتفضلواالكبيرعلى الصغيرولاالصغيرعلى الكبيرواتقوا الله في الجميع حتى كان السلف الصالح رحمة الله عليهم يعدلون بين أولادهم حتى في القبلة

ومما يلزم التنبيه إليه  الحذرالحذر من الدعاء على الأولاد فقد يكون ذلك سبباً للشقاء الدائم، روى مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم ولا على خدمكم ولا على أموالكم)). وخصوصاً الأمهات فتجد الأم ـ ولأدنى سبب ـ تدعو على ولدها وما علم الوالدان أن هذا الدعاء قد يوافق ساعة إجابة فتقع الدعوة موقعها فيندمان حين لا ينفع الندم وادعوا لهم فدعاء الوالد لولده مستجاب  فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث دعوات مستجابات لا شكَّ فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة الوالد، ودعوة المسافر))

فاتقوا الله أيها المسلمون تفلحوا واعتنوابذرياتكم وأحسنواتأديبهم تسعدوا وصلوا وسلموا على النبي المختار صادق الأخبار ، فقد أمركم الله بذلك ليل نهار ، فقال الواحد القهار : " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً " ،اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على خير خلقك وأفضل رسلك سيدنا ونبينا محمدٍ، اللهم ارض عن خلفائه الراشدين. وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، ودمر أعداء الدين ، اللهم من أرادنا وأراد المسلمين بشر وسوء فاجعل كيده في نحره ، واجعل تدبيره تدميراً عليه ، اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين اللهم وفق إمامناوولي عهده لماتحب وترضى وخذبناصيتهم للبروالتقوى وأعنهم على أمور الدين والدنيا  اللهم نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ومن العمل ما تحب وترضى اللهم تول أمرنا ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، اللهم اهد شباب المسلمين من بنات وبنين ، اللهم رد ضالهم إليك رداً جميلاً ، اللهم جنبهم رفقاء السوء ، وأصحاب الفساد ، اللهم جنبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، اللهم اجعلنا واياهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين يا رب العالمين اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان ، اللهم وعليك بأعداء الملة والدين ،

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياءمنهم والأموات وخص منهم الآباءوالأمهات والأبناء والبنات والزوجات ربناظلمناأنفسناوإن لم تغفرلناوترحمنالنكونن من الخاسرين ربنا آتنافي الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقناعذاب النار سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون

 

المشاهدات 1236 | التعليقات 0