مرحبا رمضان-25-8-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري(خط كبير)
محمد بن سامر
مرحبا رمضان-25-8-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري
الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ-.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَـمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، (یَـاأَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّنْ نَّفْسࣲ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالࣰا كَثِیرࣰا وَنِسَاءࣰ وَاتَّقُوا۟ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَیْكُمْ رَقِیبࣰا)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) ، أَمَّا بَعْدُ:
فلو قِيلَ لَكَ: إِنَّ ضَيفًا كَريمًا عِندَهُ مِنَ المَالِ الكَثيرِ، والخَيرِ والوَفيرِ، سَيَزورُكَ في بَيتِكَ بَعدَ أُسبوعٍ، ومَعَهُ مِن الهَدايا والخَيرِ لَكَ ولأهلِكَ جَميعًا، بَلْ حتى لِجِيرانِكَ وأَهلِ مَدينَتِكَ، فَكيفَ سَيَكونُ استِعدَادُكَ أَنتَ وأهلُ بيِتكَ لِهذا الضَّيفِ؟ وما هِيَ أَنواعُ الضِّيافةِ التي سَتُقَدِّمونَهَا لَهُ؟ وكَيفَ هِيَ السَّعادةُ والوُجوهُ البَاسِمةُ التي سَتَكونُ في استِقبالِهِ؟
والآنَ أَخبِروني عَنْ ضَيفٍ أَرسَلَهُ أَكرَمُ الأكرمينَ، وَجاءَ بالخِيرِ مِن أرحمِ الرَّاحمينَ، فِيهِ فَلاحُ الدِّينِ والدُّنيا، وفِيهِ الفَوزُ بالمَراتِبِ العُليا، يَأتي ومَعَهُ أحسنُ البُشَاراتِ، ويَدخلُ ومَعَهُ أَفضلُ الحَسَناتِ، يَقولُ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ"، فمَرحبًا بِالضيفِ العَزيزِ، مَرحبا برَمضانَ.
رَمَضَانُ هَلَّ بِوَافِرِ الخَيرَاتِ*
يُهدِي لَنَا الآمَالَ وَالبَرَكَاتِ
جَاءَكمْ ضَيفٌ بالأنباءِ السَّعيدةِ، والأجورِ العظيمةِ، فَنَهارُه مَغفرةٌ بالصِّيامِ، ولَيلُهُ مَغفرةٌ بالقِيامِ، قَالَ-صَلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ-: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ، إيمَانًا واحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقدَّمَ مِنْ ذَنبِهِ"، ضَيفٌ يأتينَا مَرَّةً في كُلِّ عَامٍ، لِيُكَفِّرَ مَا كَانَ مِنَ الذُّنوبِ والآثامِ، قَالَ-صَلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ-: "الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ"، فمَرحبًا بِشَهرِ الغُفرانِ.
رَمَضَانُ يَا شَهرَ الفَضَائلِ والهِمَمْ*
شَهرٌ أَفاضَ بِهِ الإلهُ مِن النِّعَمْ
كَيفَ سَيَكونُ استقبَالُنا لِهَذا الضَّيفِ الثَّمينِ، إذا عَلِمْنَا أنَّ اللهَ قَد أَخفى فِيهِ أَجرَ العَاملينَ، وَجَعلَ الفَرحَةَ فِيهِ فَرحَتينِ، يَقُولُ الرسولُ-عَليهِ وآلِهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِئَة ضِعْفٍ، قال اللهُ-تعالى-: إِلا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ"، فمَرحبًا بِشَهرِ الخَيرِ والفَرحِ.
لَكَ فِي القُلوبِ مَحبةٌ مَكتوبةٌ*
عَاشَتْ عَلى نَسَمَاتِها الأبدانُ
كَيفَ هُوَ فَرحُنا بِهَذا الضَّيفِ، إذا عَلِمنا أنَّه لا ينسى حُسنَ ضِيافَتِنَا لَهُ بِالصِّيامِ، وأنَّهُ يَأتي يَومَ القِيامةِ شَفِيعاً لِمنَ صَامَ وَقَامَ، ولَا يَتركُ مَن أَكرَمَهُ بالعَمَلِ الصَّالحِ حتى يُدخِلَهُ دَارَ السَّلامِ، يَقُولُ الرسولُ-عَليهِ وآلِهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتهُ النَّومَ بِالَّليْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ"، فمَرحبًا بِشَهرِ الصَّومِ والقُرآنِ.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:
فَهَنيئًا لَكُم هذا الضَّيفَ، الذي قَد جَعَلَ اللهُ-تَعَالى-للدُّعاءِ فِيهِ مَنزِلةً عَجيبةً، وَجَعلَ الاستِجابةَ فِيهِ متيقنةً قَريبةً، فتَقرأُ بِينَ آياتِ صِيامِ رَمَضانَ، قَولَهُ-تَعالى-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وَقالَ النبيُ-عَليهِ وآلِهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ"، فمَرحبًا بِشَهرِ الدُّعاءِ.
وإذا كُنَّا نُنَظِّفَ بُيُوتَنَا لأنفسنِنا أولًا، ثم لاستِقبَالِ الضُّيوفِ ونُرَتِّبَ لَهم المَكانَ، فلا بُدَّ أن نُطَّهِرَ قُلوبَنا وألسِنَتنا وأسمَاعَنا لاستِقبالِ رَمضانَ، فَأيامُ الصِّيامِ، لَيسَتْ كَغيرِها من الأيامِ، النبيُ-عَليهِ وآلِهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ"، فمَرحبًا بِشَهرِ الأخلاقِ.
إذا لم يَكُنْ في السَّمْعِ مِنِّي تَصَاونٌ*
وفي بَصري غَضٌ وفي مَنظَري صَمْتُ
فحظّي إِذنْ مِنْ صَومي الجُوعُ والظَّمَا*
وإن قُلْتُ: إنِّي صُمتُ يَومًا فَمَا صُمْتُ
إخواني: أَرسلَ اللهُ لَكُم ضَيفًا مُباركًا بِالخَيراتِ، فَأحسِنوا استِقبَالَهُ وإكرامَهُ بالاجتِهادِ والطَّاعاتِ.
اللهمَّ أَعنا عَلى صِيامِ رَمضانَ وقِيامِه وحسنِ عبادتك فيه إيمانًا واحتسابًا.
يا حيُّ يا قيومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، نسألكَ بأسمائِك الحُسْنَى، وصفاتِك العُلَى، يا ولي الإسلامِ وأهلِه ثبتْنا والمسلمينَ به حتى نلقاكَ.
اللهمِ إني أسالكَ لي وللـمُسْلمينَ: اللهم إِنَّا نَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ حولِنا وقُوَّتِنا إلى حولِكَ وقُوَّتِك، رَبِّ أَعِنِّا وَلَا تُعِنْ عَلينا، وَامْكُرْ لنا وَلَا تَـمْكُرْ عَلينا، وَانْصُرْنا وَلَا تَنْصُرْ عَلينا، وَانْصُرْنا عَلَى مَنْ بَغَى عَلينا، وخُذْ مِنْهُ بِثَأْرِنا، وَاهْدِنا وَيَسِّرْ الهُدَى إِلَينا، رَبِّ اجْعَلْنا لَكَ شَكَّارِينَ ذَكَّارِينَ رَهَّابِينَ مِطْواعِينَ، إِلَيْكَ مُخْبِتينَ أَوَاهينَ مُنِيبينَ، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتَنا، وَاغْسِلْ حَوْبَتَنا، وَأَجِبْ دَعْوَتَنا، وَثَبِّتْ حُجَّتَنا، وَسَدِّدْ ألسنَتَنا، وَاهْدِ قَلْوبَنا، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْوبِنا".
اللهم أصلحْ لنا ديننَا ودنيانا وآخرتَنا، واجعلِ الحياةَ زيادةً لنا في كلِّ خيرٍ، والموتَ راحةً لنا منْ كلِّ شرٍ.
اللهم اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا وعنهم سيِئها، اللهم اغفرْ لوالدينا وارحمْهم واجعلْهم في الفردوسِ الأعلى من الجنةِ وإيانا والمسلمينَ، اللهم إنَّا نسألك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ في كلِّ شيءٍ، اللهم يا شافي اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمينَ والـمسالـمينَ، اللَّهُمَّ اِكْفِنَا والمسلمينَ بحلالِكَ عن حرامِكَ، وأَغْنِنـَا بفضلِكَ عَمَّنْ سِواكَ، اللَّهُمَّ إنَّا نسألُكَ مِنْ فَضْلِكَ ورَحْـمَتِكَ فإنَّهُ لا يـَمْلِكُها إلا أنتَ، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، اللهُمَّ عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ وعليكَ بالظالمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ، حسبُنا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ، لا إلهَ إلَّا هوَ عليهِ توكلنا وهو ربُّ العرشِ العظيمِ، اللهُمَّ إنَّا نجعلُكَ في نـُحورِهم، ونعوذُ بكَ مِنْ شرورِهم، اللهم إنَّا والمسلمينَ مستضعفونَ فانتصرْ لنا يا قويُ يا عزيزُ.
اللهم أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، واجعلْ أَمرَهم لِنَصرِ دِينِكَ، ولإعلاءِ كَلمتِكَ، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالـمينَ غانـمينَ.
اللهم صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالمين.
المرفقات
1678952739_مرحبا رمضان-25-8-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري.pdf
1678952760_مرحبا رمضان-25-8-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري.docx