مراقبة الله، وطلاب العالي

د عبدالعزيز التويجري
1442/05/02 - 2020/12/17 23:06PM
الحمد لله ذي الملكُ والملكوت ، والعزةِ والجبروت ، والكبرياءِ والعظمةِ، وأشهد ان لاإله إلا الله ، حيٌّ قيوم ، لا تأخذهُ سنةٌ ولا نوم ، والصلاةُ والسلامُ على خيرِ الأنام  صلى الله عليه وعلى آلهِ وأصحابهِ أولي التُقى والنُهى وسلم تسليماً كثيراً، أمَّا بعد :

وصية الله : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله والتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون )

ووصية رسول الله (اتَّقِ اللهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ )

هذه مقومات الثبات، وأسباب النجاة، ونبراس الحياة .. هي معايير الاستقامه، والمنقذة من الغواية .

إذَا المرءُ لمْ يلبسْ ثياباً من التُّقَى   **   تقلَّبَ عُرياناً وإنْ كانَ كاسِيَا

راقب الله فمن راقبه نجا .. والجأ إلى الحق فقد فاز من إلى الحق لجا.. منْ صدق الله لم ينلهُ أذى .. ومن رجَاهُ يكونُ حيثُ رَجَا .. مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) .

إن خلَوْتَ وحدَكَ فريد فمعكَ مَن هوَ أقربُ إليكَ من حبلِ الوريد {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}

قالت عَائِشَةُ، رضي الله عنها: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ، لَقَدْ جَاءَتْ الْمُجَادِلَةُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَشْكُو زَوْجَهَا، وَأَنَا فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، وإنه ليخفى علي كلامها، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} أخرجه البخاري.

لاتجادل بباطل، ولا تخاصم بغير حق ( لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (*) إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا)

إذا ما اجتَنَبت النّاسَ إلاّ على التّقَى **  خَرَجْتَ مِنَ الدّنْيا وَأنتَ سَليمُ

  وَإنّ امرَأً ، لا يَرْبَحُ النّاسُ نَفْعَهُ   **     ولمْ يأمنُوا منهُ الأذى للئيمُ

   وَإنّ امرَأً ، لمْ يَجْعَلِ البِرَّ كَنزَهُ     **    وَإنْ كانَتِ الدّنْيا لَهُ ، لَعَديمُ

وَإنّ امرَأً ، لمْ يُلْهِهِ اليَوْمُ عَنْ غدٍ   **      تخوفَ ما يأتي بهِ لحكيمُ 

وأحكم جيل من يردون بغير تأثيم ، أخرج البخاري عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ» فَسَلَّمَ وَقَالَ: إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الخَطَّابِ شَيْءٌ، فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ، فَقَالَ: «يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ» ثَلاَثًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ، فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ، فَسَأَلَ: أَثَّمَ أَبُو بَكْرٍ؟ فَقَالُوا: لاَ، فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ، فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَعَّرُ، حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْر على عمر، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ، مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ، وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي» مَرَّتَيْنِ، فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا.

قومٌ جرى حبهمْ مجرى دمي فهمُ **   روحٌ لروحي وأوصالٌ لأوصالي

حلتْ محاسنهمْ جيدَ الزمانِ فما  **  أصفى الزمانَ وأبهى جيدهُ الحالي

من كريم الطباع وحسن الاتباع، جمال المظهر وطيب المخبر ، وشهامة الإنسان تكمن فيما يبدو على اللسان وما ينطوي عليه الجنان ، والمرء بأصغريه قلبه ولسانه «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» أخرجه مسلم .

وَكَاءٍ تَرَى مِنْ صَامِتٍ لَكَ مُعْجِبٍ  **    زِيَادَتُهُ أَو نَقْصُهُ فِي التَّكَلُّمِ

لِسَانُ الفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُؤَادُهُ   **   فَلَمْ يَبْقَ إَلا صُورَةُ اللَّحْمِ وَالدَّمِ

أقولُ هذا ما سمعتم وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم . 

الخطبة الثانية

الحمد لله ولي الصالحين والصلاة والسلام على إمام المرسلين وقدوة الناس أجمعين،  وعلى آله وصحبه والتابعين      أما بعد :

  ليس من يقطع طرقا بطلا   **  إنما من يتقي الله البطل

من توفرت لديه دواعي النفس في الهوى ، واتباع الردى ، ثم منع نفسه، وأحجم قلبه ، فهو الشجاع الأبي ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (*) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ).

الطالب النجيب ، والفتى الأريب ، هو من يخشى الرب الرقيب ، يستطيع الغش في الامتحان ، فتمنعه مراقبة الملك الديان ، شهامته برجولته، واعتزازه بمذاكرته ، وإجابته من تلقاء نفسه ، يأبى الردى، ويترفع عن الخنا ، ينظر إلى قيمته فيراها في علو نفسه ، لا يقلد سفيها ، ولا يتابع مهرجا منحطا ..

   أيامه للعلى والمجد قائمة ** وللعفاف وللتقوى لياليه

هذا هو الطموح وبناء المستقبل ، فلا تهن أيها الطالبُ في طلب العلا ، ولا ترضى بما دون النجوم .

  قم للعلى والعلوم مشتملاً   **  ثيابَ سرّاءَ ذات تجديد

اللهم زدنا وإياهم علما وتقى ، وإيمانا وهدى ، وجنبنا وإياهم مواطن الردى واغفر لنا في الآخرة والأولى

المرفقات

الله-،-وطلاب-المعالي

الله-،-وطلاب-المعالي

مراقبة-الله-،-وطلاب-المعالي-1

مراقبة-الله-،-وطلاب-المعالي-1

المشاهدات 1056 | التعليقات 0