مخدرات العقول والأخلاق

د عبدالعزيز التويجري
1442/05/09 - 2020/12/24 21:15PM

الخطبة الأولى : مخدرات العقول والأخلاق           10/5/1442هـ


الحمد
 لله الذي لا يبلغُ مِدحَتَه القائلون، ولا يُحصِي نعماءَه العادُّون، 
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عظيم في ربوبيته، 
عظيم في ألوهيته، عظيم في أسمائه وصفاته،  
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه 
و من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد

أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، 
فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِوَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}

تصح الأجساد بالطيبات من الطعام ، وتحيى القلوب بالطيبات من الأعمال ، 
وتستقيم السلوك بالطيبات من الأخلاق .

ديناً قويماً أحلَّ الطيباتِ لنا ** لا دينَ منْ سيبَ الأنعامَ أو بحرا

الطيبون لا يأكلون إلا طيبا ، ولا يصاحبون إلا طيبا.. 
الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ .

من طاب نفسًا طاب أكلا ..

     ومنْ يكنْ طيباً فلا عجبٌ   ** أَنْ يأْكُلَ النَّاسُ مِنْ أَطَايِبهِ

الطيبون والطيبات لا يرتادون إلا أماكن الطيب،
 يأنفون ويترفعون عن مواطن يختلط في الغث بالسمين، 
ويشوب طيبات الطعام فيها سلوك مشين ، جاء من جراء اختلاط البنات بالبنين .. 
يبث فيها بعض السافلين سموما من مخدرات العقول والأخلاق ، 
 
مخدرات أفسدت العقول ،  وحرفت السلوك ، تقوض بنيان البيوت ،
 وتزلزل سلوك المجتمع ، وتهد اقتصاد وأمن البلد  .

من أصابه غباره شرق بادمانه، فإذا دخل بوابته فرق أسرته، ويتم أطفاله، 
وأصبح السجن داره  .. ظلمات بعضها فوق بعض  .

 لو كانتِ الخمرُ حِلاًّ ما سمَحتُ بها **   لنَفسيَ، الدّهرَ، لا سِرّاً ولا عَلَنا

  فليَغفِرِ اللَّهُ، كم تَطغَى مآرِبُنـــــــا      **    وربُّنا قد أحَلّ الطيّباتِ لَنا

من تعاطاها حُرم إجاة الدعاء ..
 
ذَكَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، 
يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ،يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ،
 وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ أخرجه مسلم

لا تفسد العقول بالمخدرات إلا بعد فساد الأخلاق والسلوك ، 
فيرى الباطل حقا والمنكر معروفا،
 فيمتزج أصحاب السوء وأربات الشهوات بضعاف النفوس ، 
ومن خلالها تُستدرج فلذات الأكباد ، وتُغرى بالمال والمظهر والمركب ، 
فما يفيق المسكين والمسكينه إلا وهي في شباك اللصوص، 
ويصبحون سلعة يبتزون بها ويتاجرون من خلالهم ، 
وقد كانت البداية عبث وتهاون واختلاط،
 وعدم احتراز من قرناء السوء ، 
وأقلها أن تجد منه ريحا وصفات خبيثه.

الدخان المخدر الأصغر والمؤثر الأكبر ، 
والموبقات تتكون من خطوات يزينها الشيطان 
( يا أيها الذين آمنوا لا تتبعواخطوات الشيطان ) 
وفي صحيح مسلم قَالَ عليه الصلاة والسلام: 
«
كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ 
أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ»
 
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ 
قَالَ: «عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ» أَوْ «عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ»

، والمسكرات والمخدرات تفسد العقل وتفتك بالبدن 
وتصيب متعاطيها بالتبلد وعدم الغيرة 
وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة وتمنعه من اداء الواجبات الشرعية 
وفي ذلك اعتداء على الضرورات الخمس التي جاء الإسلام بحفظها 
وهي الدين والعقل والنفس والمال والعرض ، ولذا سميت بأم الخبائث.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ
 مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (*) 
إِنَّمَا يُرِيدُالشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ 
وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (*)
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا .

أستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات فاستغفروه إن ربي رحيم ودود


 

الخطبة الثانية :
 الحمدلله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتننا
 وعلى الله وسلم على عبده ورسوله وأله وأصحابه اما بعد .

إذا علمنا وأيقنا بخطورة المخدرات ومقدماتها كان لزاما ان نعمل 
على تحصين بيوتنا من أن يتسورها لصوص العقول والاخلاق ،

فلا تغرنكم بريق أماكن يكون فيها اختلاط يجتمع فيها الغث والسمين .. 
يهتك فيها ستر الحياء وتتزلزل فيها القيوامه ،
قد تكون بوابة لهذا الوباء أو التلوث به .

مواقف ريبة تسم الدنايا ** وليس لعرض آتيها وقاء

أيختار الكريم أخو المعالي ** مقام الذل يعقبه ازدراء

          إذا سمح الفتى بالعرض يوماً ** فذاك والبهيمة فيها سواء

إن على المسلم أن ينأى بنفسه ويمنع من تحت يده عن اماكن يعصى الله فيها 
جهرة ويجتمع فيها السفها بالنساء ،فاستوصوا برعاياكم ومن تحت أيديكم خيرا،
واحفظوا
 الأمانة، فإن رعيتك ومن تحت يدك باب أبواب الجنة تدخلك إياها اوتمنعك منها .

في صحيح البخاري قال مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ رضي الله عنه 
سَمِعْتُ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقول: «مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنَ المُسْلِمِينَ، 
فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ.وفي لفظ لمسلم
 ( مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ»

هاجر إلى الله واحذر أن تخادعه  **    فالله يرحم من يعصي ويدكر

   لا تشهر الذنب  لا تحضر نواديه  **    فالله أغير والدنيا لها غير

اللهم استرنا بسترك واعفوا عنا بعفوك واحفظنا وذرياتنا من من كل سوء ومكروه ... اللهم آمنا في دورنا

  
المرفقات

1608844513_مخدرات العقول والأخلاق.pdf

المشاهدات 1005 | التعليقات 0