مختصرة: التأمل في تكون الغيوم والسحاب والسنن المأثورة عند نزول المطر
فيصل التميمي
1434/06/16 - 2013/04/26 07:51AM
دونكم خطبة جمعت فيها باختصار بين خطبتين من خطب أصحاب الفضل بما يناسب الأجواء التي نعيشها
التأمل في تكون الغيوم والسحاب والسنن المأثورة عند نزول المطر 16/6/1434هـ
إن الْحَمْد لِلَّهِ ، نحمده ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ومن سيئات أعمالنا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وحده لا شريك له ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلوات الله عليه وعلى آله وصحبة والتابعين لهم وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا "
عباد الله المشاهد الكونية التي تدل على عظيم خلق الله وقدرته كثيرة جداً ولكن ثمةً مشهدٌ عجيب ، كثيراً ما يتكرر أمام نواظرنا وفوق رؤوسنا ، وقلَّ عند رؤيتنا له أن نتفكر ونتأمل فيه ، مع أن الله دعانا إلى ذلك في مواضع عديدة من كتابه .
هذا المشهد عباد الله هو تسخير السحب وتكونها وإرسالها وجريانها بما تحمله من خير ، إنه الغيوم التي نراها كثيراً تقبل من منشئها وتنتشر في السماء شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً بأنواعها : الأبيض والأسود ، والمنخفض والمرتفع ، والخفيف والركامي الثقيل ، والمزون الصغيرة والكبيرة ، وسحاب الديمة الذي يغطي السماء باتساعه وسحب الصيف المحدودة .
مرة ينزل منها المطر وابلاً غزيراً ومرة أخرى رشاً خفيفاً ، مرة برداً ومرة ودقاً ، مرة مصحوباً برعد وبرق ومرة بلا .
إنه مشهد من المشاهد الدالة على قدرة الله العظيمة وكماله وجلاله ووحدانيته في الربوبية المستلزمة لوحدانيته في الألوهية .
لقد أمرنا كثيراً في القرآن الكريم بالتفكر في آيات الله الكونية ، لأن لها أثراً على الإيمان بالزيادة ، ففي كل شيء لله آية تدل على أنه واحد . " إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ " .
السحاب المسخر السحاب المذلل بين السماء والأرض ، السحاب المسير بين السماء والأرض ، السحاب الذي يجري به الهواء بين السماء والأرض ، آية من آيات الله العظيمة لقوم ينظرون بأبصارهم ويتفكرون ويعقلون ببصائرهم وقلوبهم ولو تأملنا عباد الله: كيف يكوِّن الله هذا السحاب ؟ لوجدنا أن الله تعالى أشار إلى ذلك في كتابه العظيم.
في سورة الروم وسورة النور قال تبارك وتعالى : "اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ، فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ " .
قال ابن كثير رحمه الله : ( يبين الله تعالى كيف يخلق السحاب الذي ينزل منه الماء فيقول : " اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً " إما من البحر كما ذكره غير واحد أو مما يشاء الله عز وجل " فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ " أي يمده فيكثره وينميه ، ويجعل من القليل كثيراً ، ينشئ سحابة تُرى في رأي العين مثل الترس ، ثم يبسطها حتى تملأ أرجاء الأفق .. " وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً " أي متراكماً أسود من كثرة الماء تراه مدلهماً ثقيلاً قريباً من الأرض ) اهـ .
وقال تعالى في سورة النور : " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ " فيذكر الله تعالى أنه يسوق السحاب بقدرته أول ما ينشؤها وهي ضعيفة وهو الإزجاء ثم يجمعه بعد تفرقه ثم يجعله متراكماً يركب بعضه بعضاً ، ويجعل في السحاب الركامي جبالاً من برد ينزل منها البرد .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( والمادة التي يخلق منها السحاب والمطر هي الهواء الرطب الذي في الجو تارة ، وبالبخار المتصاعد من الأرض تارة ) أ هـ .
و من التأملات في السحاب والغيم :
هذه السحب الضخمة والغيوم الكثيفة الثقيلة مسخرة في الهواء بين السماء والأرض دون أعمدة أو علائق ، من الذي يمسكها أن تقع على الأرض ؟ إنها سحاب ثقال ، قال الكبير المتعال : " هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ "، وقال : " وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ " بل لما فيها من الدلائل على كمال قدرة الله أقسم الله بها فقال : " فَالْحَامِلَاتِ وِقْراً " ثبت عن علي بن أبي طالب تفسيرها بالسحاب التي تحمل الماء الكثير الثقيل وهذا معنى الوقر ) فإنه الحمل الثقيل .
عباد الله :
إن المتر المكعب الواحد من الماء يزن طناً ـ يعني ألف كيلو ـ فكم من الأطنان تحمل هذه السحب الثقال ، وكيف لا تقع على الأرض مع أنها في مجال الجاذبية الأرضية ؟
إن الذي يمسكها هو الخالق العظيم القادر الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض . إنه المستحق لِأَنْ يعبد ويحمد ويمجد ويسبح لكماله وجلاله ، فسبحان من سخر السحاب بين السماء والأرض .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم؛ ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ عباد الله،واشكروه على نعمة المطر التي أنعم الله بها عليكم ، فهي نعمةٌ عظيمةٌ تستوجب شكر المنعم سبحانه وتعالى الذي أنزله علينا ، فلولا فضل الله ورحمته ما سقينا .. اشكروه بالثناء عليه بألسنتكم، والتحدث بنعمته، وبالقيام بطاعته والإنابة إليه، ثم اعلموا رحمكم الله أن من السنن النبوية المأثورة عند نزول المطر، ما علّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأدعية والأذكار المتعلقة به . فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم كما يروي البخاري إذا رأى المطر ينزل قال: ((اللهم صيِّبا نافعا))، وعندما يتوقف المطر يقول: ((مطِرنا بفضل الله ورحمته))، وإذا نزل المطر وخشي منه الضرَر دعا وقال: ((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب، وبطون الأودية ومنابت الشجر))، وإذا هبت الريحُ نهانا عن سبّها لأنها مأمورة، وكان يدعو بهذا الدعاء: ((اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به))، وجاء في الأثر بسند صحيح عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: (سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته).
ومن سنن المطر، الدعاء ، فالدعاء عند نزول المطر من الأدعية المستجابة، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء وتحت المطر)) رواه الحاكم وحسنه الألباني .
ومن السنن المأثورة عند نزول المطر، أن يحسر الإنسان شيئا من ملابسه حتى يصيبه المطر، تأسيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء في صحيح مسلم عن أنس قال: أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا: يا رسول الله، لم صنعت هذا؟ قال: ((لأنه حديث عهد بربه)).
فليحرص المسلم على هذه الأذكار والسنن، وكم هو جميل أن يعلّمها أهله وأطفالَه، ويرغبهم في حفظها والعمل بها .
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه..
أما بعد " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا "
عباد الله المشاهد الكونية التي تدل على عظيم خلق الله وقدرته كثيرة جداً ولكن ثمةً مشهدٌ عجيب ، كثيراً ما يتكرر أمام نواظرنا وفوق رؤوسنا ، وقلَّ عند رؤيتنا له أن نتفكر ونتأمل فيه ، مع أن الله دعانا إلى ذلك في مواضع عديدة من كتابه .
هذا المشهد عباد الله هو تسخير السحب وتكونها وإرسالها وجريانها بما تحمله من خير ، إنه الغيوم التي نراها كثيراً تقبل من منشئها وتنتشر في السماء شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً بأنواعها : الأبيض والأسود ، والمنخفض والمرتفع ، والخفيف والركامي الثقيل ، والمزون الصغيرة والكبيرة ، وسحاب الديمة الذي يغطي السماء باتساعه وسحب الصيف المحدودة .
مرة ينزل منها المطر وابلاً غزيراً ومرة أخرى رشاً خفيفاً ، مرة برداً ومرة ودقاً ، مرة مصحوباً برعد وبرق ومرة بلا .
إنه مشهد من المشاهد الدالة على قدرة الله العظيمة وكماله وجلاله ووحدانيته في الربوبية المستلزمة لوحدانيته في الألوهية .
لقد أمرنا كثيراً في القرآن الكريم بالتفكر في آيات الله الكونية ، لأن لها أثراً على الإيمان بالزيادة ، ففي كل شيء لله آية تدل على أنه واحد . " إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ " .
السحاب المسخر السحاب المذلل بين السماء والأرض ، السحاب المسير بين السماء والأرض ، السحاب الذي يجري به الهواء بين السماء والأرض ، آية من آيات الله العظيمة لقوم ينظرون بأبصارهم ويتفكرون ويعقلون ببصائرهم وقلوبهم ولو تأملنا عباد الله: كيف يكوِّن الله هذا السحاب ؟ لوجدنا أن الله تعالى أشار إلى ذلك في كتابه العظيم.
في سورة الروم وسورة النور قال تبارك وتعالى : "اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ، فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ " .
قال ابن كثير رحمه الله : ( يبين الله تعالى كيف يخلق السحاب الذي ينزل منه الماء فيقول : " اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً " إما من البحر كما ذكره غير واحد أو مما يشاء الله عز وجل " فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ " أي يمده فيكثره وينميه ، ويجعل من القليل كثيراً ، ينشئ سحابة تُرى في رأي العين مثل الترس ، ثم يبسطها حتى تملأ أرجاء الأفق .. " وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً " أي متراكماً أسود من كثرة الماء تراه مدلهماً ثقيلاً قريباً من الأرض ) اهـ .
وقال تعالى في سورة النور : " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ " فيذكر الله تعالى أنه يسوق السحاب بقدرته أول ما ينشؤها وهي ضعيفة وهو الإزجاء ثم يجمعه بعد تفرقه ثم يجعله متراكماً يركب بعضه بعضاً ، ويجعل في السحاب الركامي جبالاً من برد ينزل منها البرد .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( والمادة التي يخلق منها السحاب والمطر هي الهواء الرطب الذي في الجو تارة ، وبالبخار المتصاعد من الأرض تارة ) أ هـ .
و من التأملات في السحاب والغيم :
هذه السحب الضخمة والغيوم الكثيفة الثقيلة مسخرة في الهواء بين السماء والأرض دون أعمدة أو علائق ، من الذي يمسكها أن تقع على الأرض ؟ إنها سحاب ثقال ، قال الكبير المتعال : " هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ "، وقال : " وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ " بل لما فيها من الدلائل على كمال قدرة الله أقسم الله بها فقال : " فَالْحَامِلَاتِ وِقْراً " ثبت عن علي بن أبي طالب تفسيرها بالسحاب التي تحمل الماء الكثير الثقيل وهذا معنى الوقر ) فإنه الحمل الثقيل .
عباد الله :
إن المتر المكعب الواحد من الماء يزن طناً ـ يعني ألف كيلو ـ فكم من الأطنان تحمل هذه السحب الثقال ، وكيف لا تقع على الأرض مع أنها في مجال الجاذبية الأرضية ؟
إن الذي يمسكها هو الخالق العظيم القادر الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض . إنه المستحق لِأَنْ يعبد ويحمد ويمجد ويسبح لكماله وجلاله ، فسبحان من سخر السحاب بين السماء والأرض .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم؛ ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ عباد الله،واشكروه على نعمة المطر التي أنعم الله بها عليكم ، فهي نعمةٌ عظيمةٌ تستوجب شكر المنعم سبحانه وتعالى الذي أنزله علينا ، فلولا فضل الله ورحمته ما سقينا .. اشكروه بالثناء عليه بألسنتكم، والتحدث بنعمته، وبالقيام بطاعته والإنابة إليه، ثم اعلموا رحمكم الله أن من السنن النبوية المأثورة عند نزول المطر، ما علّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأدعية والأذكار المتعلقة به . فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم كما يروي البخاري إذا رأى المطر ينزل قال: ((اللهم صيِّبا نافعا))، وعندما يتوقف المطر يقول: ((مطِرنا بفضل الله ورحمته))، وإذا نزل المطر وخشي منه الضرَر دعا وقال: ((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب، وبطون الأودية ومنابت الشجر))، وإذا هبت الريحُ نهانا عن سبّها لأنها مأمورة، وكان يدعو بهذا الدعاء: ((اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به))، وجاء في الأثر بسند صحيح عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: (سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته).
ومن سنن المطر، الدعاء ، فالدعاء عند نزول المطر من الأدعية المستجابة، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء وتحت المطر)) رواه الحاكم وحسنه الألباني .
ومن السنن المأثورة عند نزول المطر، أن يحسر الإنسان شيئا من ملابسه حتى يصيبه المطر، تأسيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء في صحيح مسلم عن أنس قال: أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا: يا رسول الله، لم صنعت هذا؟ قال: ((لأنه حديث عهد بربه)).
فليحرص المسلم على هذه الأذكار والسنن، وكم هو جميل أن يعلّمها أهله وأطفالَه، ويرغبهم في حفظها والعمل بها .
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه..
ناصر العلي الغامدي
حلوووة
ما أجمل الاختصار مع الدلالة والاعتبار !!
لك الشكر والتقدير
على التحرير والتحبير
تعديل التعليق