محبطات العمل
محسن الشامي
1435/06/16 - 2014/04/16 22:08PM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه و نسترشده ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مُضل له،ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً بربوبيته وإرغاماً لمن جحد به وكفر وأشهد أن سيدنا محمداً عبدالله ورسوله سيد البشر صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الميامين الغرر أما بعد عباد الله اتقوا الله تعالى وقدموا لأنفسكم أعمالاً تبيض وجوهكم يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تعملون }
إخوة الايمان إنَّ مِن أعظمِ المصائب والتي تهونُ عندها كلُّ مصيبة وتخف عندها كل بلية أن يكدح المرء في الدنيا بأعمال صالحة وعبادات وطاعات يُفني حياته وهو يظن أنه يحسن عملا ويحسب أنه سيجد العاقبةَ حميدةً والمآلَ ساراً فإذا بطاعاته التي أفنى فيها عمره قد ذهبت أدراج الرياح وحبط ما صنع وقدّم إنه الهباء المنثور الذي عناه الله بقوله (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ) تلك بحق والله قاصمةُ الظهر فيا حسرة من خاب سعيه ،وضاع في الآخرة جهده وعمله فيا تُرى كيف يُحبط عملُ المطيعِ العابد لله هل تضيع صلاته وصدقاته وصيامه هكذا سدى وبلا سبب ؟إن هذا لهو محض الظلم والله تبارك وتعالى منـزه عن الظلم فهو العدل الذي لا يُظلم عنده أحد فهو القائل {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} إذاً فلا بد أن هناك أسبابا هي التي أحبطت العمل وأضاعت أجره فمن محبطات الأعمال الردةُفالارتداد عن دين الله والكفر بعد الإيمان من أعظم ما يبطل الأعمال ويحبطهابالكلية قال تعالى{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْدِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِيالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَاخَالِدُونَ} ومما تحصل به الردة المحبطة للأعمالبغضُ شيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى{وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} فمن كره تحريم الربا أو الزنا أو الخمر أو وجوب الصلاة مثلاً فقد حبط عمله وكفر بالله تعالى ومما يحصل به الارتداد عن دين الله الاستهزاء بشيء من دين الله تعالى أوثوابه أوعقابه أو ما يتعلق بذلك قال تعالى{قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } ومن يحضر مجالسَ الاستهزاءِ بدين الله ولا ينكر أو لا يترك المكان فهوشريك فالله هو القائل{وقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَاسَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوامَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}ومما يحصل به الارتداد عن دين الله سبُّ الله تعالىأو سبُّ الرسول صلى الله عليه وسلم فإن هذه الأمور مما تحصل به الردة والكفر بالله تعالى
ومما يحبط العمل الرياء في العمل وهو أن يطلب العبد بعمله ثناء الناس ومدحهم وذكرهم ولقد ذم الله المرائين في اعمالهم فقال تعالى في حق المرائين بنفقاتهم {كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَالنَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}وذم الله تعالى المرائين بصلاتهم فقال تعالى{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه "أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ" فسُئل عنه قال "الرياء يقوم الرجل فيصلي فيحسن صلاته لما يرى من نظر رجل إليه" فالعمل الذي لا يُبتغى به وجه الله تعالى حابط باطل لا ينفع صاحبه مردود عليه وليس له عند الله فيه من خلاق ولنتأمل هذا الحديث الذي ترتعد له الفرائص وترتجف له القلوب عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم "إنّ أَوّلَ النّاسِ يُقْضَىَ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَيْهِ،رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ:قَاتَلْتُ فِيكَ حَتّىَ اسْتُشْهِدْتُ قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَىَ وَجْهِهِ حَتّىَ أُلْقِيَ فِي النّارِ وَرَجُلٌ تَعَلّمَ العِلْمَ وَعَلّمَهُ وَقَرَأَ القُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ:تَعَلّمْتُ العِلْمَ وَعَلّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنّكَ تَعَلّمْتَ العِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ وَقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِىءٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَىَ وَجْهِهِ حَتّىَ أُلْقِيَ فِي النّارِ وَرَجُلٌ وَسّعَ الله عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ المَالِ كُلّهِ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إلاّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ:كَذَبْتَ وَلَكِنّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَىَ وَجْهِهِ ثُمّ أُلْقِيَ فِي النّارِ» رواه مسلم نسأل الله أن يخلص منا القول والعمل
ومن محبطات الأعمال المن بالطاعات والأذى منها الصدقة لأن المن والأذى مبطلات ثواب الصدقة قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى}فمَنْ مَنَّ بصدقته وطاعته فقد حبط عمله وخاب سعيه وأوجب ذلك عقوبته عن ابي ذرقال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) كررها ثلاثاً قال أبوذر خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟قال(المسبل إزاره والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) رواه مسلم ولقد مدح الله عز وجل عباده الذين لايمنون بنفقاتهم فقال تعالى {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}في هذه الآية الكريمة يبين الله عزوجل أن ثواب الإنفاق إنما هو للمخلص الذي لا يتبع عمله مناً ولا أذى فاحرص يا عبدالله على الإنفاق والإعطاء والإطعام لوجه الله لا تنتظر شكراً من البشروانهج نهج من امتدحهم الله بقوله تعالى{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراًإِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً} اللهم إنا نسألك الاخلاص في القول والعمل بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
الحمدلله على إحسانه والشكرله سبحانه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماًلشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى اللّه وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعدعباد الله اتقوا الله وأعلمون أن مما يحبط الأعمال ويجعلها هباءً منثورا انتهاك حرمات الله في السرعن ثوبان رضي الله عنه عن النبي أنه قال (لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا" قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَاأَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ: "أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُون َوَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا) رواه ابن ماجه فهذا الحديث يبين أن الله يحبط أعمال أولئك الذين إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها وإن كانت عندهم طاعات أمام الناس فيا من جعلت الله أهون الناظرين اليك يا من راقبت البشر ونسيت رب البشر إعلم أن رقابة البشر قاصرة فاتق الله عز وجل في الخلوة وعظِّم شعائر الله واجتنب محارم الله في السر والعلن واجتنب الإثم والفواحش ما ظهر منها وما بطن كن مراقباً لخالقك دائماً وأبداً فيكل مكان وزمان لوحدك أو أمام الناس وتذكر أن اللهيراك أن الله مطلع عليك
إذا ما خلوتَ الدهرَ يوماً فلا تقل خلوتُ ولكنْ قل عليّ رقيبُ
ولا تحسبنَّ اللهَ يَغفَلُ ساعةً ولا أنَّ ما تخفيهِ عنه يَغيبُ
اللهم إنا نسألك خشيتك في السر والعلن الا وصلوا وسلموا رحمكم الله ...
إخوة الايمان إنَّ مِن أعظمِ المصائب والتي تهونُ عندها كلُّ مصيبة وتخف عندها كل بلية أن يكدح المرء في الدنيا بأعمال صالحة وعبادات وطاعات يُفني حياته وهو يظن أنه يحسن عملا ويحسب أنه سيجد العاقبةَ حميدةً والمآلَ ساراً فإذا بطاعاته التي أفنى فيها عمره قد ذهبت أدراج الرياح وحبط ما صنع وقدّم إنه الهباء المنثور الذي عناه الله بقوله (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ) تلك بحق والله قاصمةُ الظهر فيا حسرة من خاب سعيه ،وضاع في الآخرة جهده وعمله فيا تُرى كيف يُحبط عملُ المطيعِ العابد لله هل تضيع صلاته وصدقاته وصيامه هكذا سدى وبلا سبب ؟إن هذا لهو محض الظلم والله تبارك وتعالى منـزه عن الظلم فهو العدل الذي لا يُظلم عنده أحد فهو القائل {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} إذاً فلا بد أن هناك أسبابا هي التي أحبطت العمل وأضاعت أجره فمن محبطات الأعمال الردةُفالارتداد عن دين الله والكفر بعد الإيمان من أعظم ما يبطل الأعمال ويحبطهابالكلية قال تعالى{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْدِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِيالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَاخَالِدُونَ} ومما تحصل به الردة المحبطة للأعمالبغضُ شيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى{وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} فمن كره تحريم الربا أو الزنا أو الخمر أو وجوب الصلاة مثلاً فقد حبط عمله وكفر بالله تعالى ومما يحصل به الارتداد عن دين الله الاستهزاء بشيء من دين الله تعالى أوثوابه أوعقابه أو ما يتعلق بذلك قال تعالى{قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } ومن يحضر مجالسَ الاستهزاءِ بدين الله ولا ينكر أو لا يترك المكان فهوشريك فالله هو القائل{وقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَاسَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوامَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}ومما يحصل به الارتداد عن دين الله سبُّ الله تعالىأو سبُّ الرسول صلى الله عليه وسلم فإن هذه الأمور مما تحصل به الردة والكفر بالله تعالى
ومما يحبط العمل الرياء في العمل وهو أن يطلب العبد بعمله ثناء الناس ومدحهم وذكرهم ولقد ذم الله المرائين في اعمالهم فقال تعالى في حق المرائين بنفقاتهم {كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَالنَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}وذم الله تعالى المرائين بصلاتهم فقال تعالى{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه "أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ" فسُئل عنه قال "الرياء يقوم الرجل فيصلي فيحسن صلاته لما يرى من نظر رجل إليه" فالعمل الذي لا يُبتغى به وجه الله تعالى حابط باطل لا ينفع صاحبه مردود عليه وليس له عند الله فيه من خلاق ولنتأمل هذا الحديث الذي ترتعد له الفرائص وترتجف له القلوب عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم "إنّ أَوّلَ النّاسِ يُقْضَىَ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَيْهِ،رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ:قَاتَلْتُ فِيكَ حَتّىَ اسْتُشْهِدْتُ قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَىَ وَجْهِهِ حَتّىَ أُلْقِيَ فِي النّارِ وَرَجُلٌ تَعَلّمَ العِلْمَ وَعَلّمَهُ وَقَرَأَ القُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ:تَعَلّمْتُ العِلْمَ وَعَلّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنّكَ تَعَلّمْتَ العِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ وَقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِىءٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَىَ وَجْهِهِ حَتّىَ أُلْقِيَ فِي النّارِ وَرَجُلٌ وَسّعَ الله عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ المَالِ كُلّهِ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إلاّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ:كَذَبْتَ وَلَكِنّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَىَ وَجْهِهِ ثُمّ أُلْقِيَ فِي النّارِ» رواه مسلم نسأل الله أن يخلص منا القول والعمل
ومن محبطات الأعمال المن بالطاعات والأذى منها الصدقة لأن المن والأذى مبطلات ثواب الصدقة قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى}فمَنْ مَنَّ بصدقته وطاعته فقد حبط عمله وخاب سعيه وأوجب ذلك عقوبته عن ابي ذرقال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) كررها ثلاثاً قال أبوذر خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟قال(المسبل إزاره والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) رواه مسلم ولقد مدح الله عز وجل عباده الذين لايمنون بنفقاتهم فقال تعالى {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}في هذه الآية الكريمة يبين الله عزوجل أن ثواب الإنفاق إنما هو للمخلص الذي لا يتبع عمله مناً ولا أذى فاحرص يا عبدالله على الإنفاق والإعطاء والإطعام لوجه الله لا تنتظر شكراً من البشروانهج نهج من امتدحهم الله بقوله تعالى{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراًإِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً} اللهم إنا نسألك الاخلاص في القول والعمل بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
الحمدلله على إحسانه والشكرله سبحانه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماًلشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى اللّه وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعدعباد الله اتقوا الله وأعلمون أن مما يحبط الأعمال ويجعلها هباءً منثورا انتهاك حرمات الله في السرعن ثوبان رضي الله عنه عن النبي أنه قال (لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا" قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَاأَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ: "أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُون َوَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا) رواه ابن ماجه فهذا الحديث يبين أن الله يحبط أعمال أولئك الذين إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها وإن كانت عندهم طاعات أمام الناس فيا من جعلت الله أهون الناظرين اليك يا من راقبت البشر ونسيت رب البشر إعلم أن رقابة البشر قاصرة فاتق الله عز وجل في الخلوة وعظِّم شعائر الله واجتنب محارم الله في السر والعلن واجتنب الإثم والفواحش ما ظهر منها وما بطن كن مراقباً لخالقك دائماً وأبداً فيكل مكان وزمان لوحدك أو أمام الناس وتذكر أن اللهيراك أن الله مطلع عليك
إذا ما خلوتَ الدهرَ يوماً فلا تقل خلوتُ ولكنْ قل عليّ رقيبُ
ولا تحسبنَّ اللهَ يَغفَلُ ساعةً ولا أنَّ ما تخفيهِ عنه يَغيبُ
اللهم إنا نسألك خشيتك في السر والعلن الا وصلوا وسلموا رحمكم الله ...