محبطات الأعمال - مشكولة (PDF - DOC)

عبدالله اليابس
1442/07/12 - 2021/02/24 14:20PM

محبطات الأعمال                            الجمعة 14/7/1442هـ

الحَمْدُ للهِ تَقَدَّسَ ذَاتًا وَصَفَاتً وَجَمَالَاً، وَعَزَّ عَظَمَةً وَعُلُوًّا وَجَلَالَاً، وَتَعَالَى مَجْدًا وَرِفْعَةً وَكَمَالَاً.

لَكَ الحَمْدُ حَمْدًا طَيِّبًا وَمُبَارَكًا *** لَكَ الحَمْدُ مَوْلَانَا عَلَيْكَ الـمُعَوَّلُ

لَكَ الحَمْدُ أَعْلَى الحَمْدِ وَالشُكْرِ وَالثَّنَا *** أَعَزُّ وَأَزْكَى مَا يَكُونُ وَأَفْضَلُ

وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً تَعْنُو لَهَا القُلُوبُ خُضُوعًا وَاِمْتِثَالاً، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا وَسَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، خَيْرُ مَنْ عَظَّمَ اللهَ أَقْوَالَاً وَفِعَالَاً، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ الأُلَى دَامَ فِيهِمُ الفَضْلُ هَطَّالَاً، وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ مَا تَعَاقَبَ النَيِّرَانِ وَتوَالَى، وَسَلَّم تَسْلِيمًا مُبَارَكًا سَلْسَالاً.

أَمَّا بَعْدُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.. مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى بِعِبَادِهِ أنْ يَسَّرَ لَهُمْ طُرُقَ الخَيْرَاتِ، وَنَوَّعَ لَهُمْ أَصْنَافَ العِبَادَاتِ، وَمِنْ رَحْمَتِهِ أَنْ جَعَلَ ثَوَابَ الحَسَنَةِ الوَاحِدَةِ مُضَاعَفًا، وَثَوَابَ السَيِّئَةِ بِسَيِّئَةٍ وَاحِدَةٍ، {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.

وَرَوَى البُخَاريُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا أَحْسَنَ أحَدُكُمْ إِسْلَامَهُ: فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ، وكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ له بمِثْلِهَا).

وَمِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى بِعِبَادِهِ أَنْ جَعَلَ ثَوَابَ بَعْضِ الأَعْمَالِ مُضَاعَفًا، أَوْ يَحُطُّ الخَطَايَا، فَمَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ فيِ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاِحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ تَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الوُضُوءَ ثُمَّ مَشَى إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَصَلَّاهَا غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَعْمَالِ التِي تُضَاعَفُ بِهَا الأُجُورُ.

وَفِي مُقَابِلِ ذَلِكَ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى حَرَّمَ مُحَرَّمَاتٍ عَلَى خَلْقِهِ، وَوَضَعَ لَهُمْ حُدُودًا لَا يَتَجَاوَزُونَهَا، فَمَنْ تَجَاوَزَهَا كَانَ مُعَرَّضًا لِسَخَطِ اللهِ، رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الـمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ).

وَكَمَا أَنَّ مِنَ الحِسَنَاتِ مَا يَغْفِرُ الذُنُوبَ وَيَمْحُوهَا، فَإِنَّ مِنَ السَّيِّئَاتِ مَا يُحْبِطُ الحَسَنَاتِ وَيُنْقِصُهَا، فَالذُنُوبُ عَلَى دَرَجَاتٍ كَمَا أَنَّ الطَاعَاتِ كَذَلِكَ، فَقَدْ يَعْمَلُ الإِنْسَانُ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ، لَكْنَّهُ يَعْمَلُ أَعْمَالاً تُحْبِطُ ثَوَابَ مَا عَمِلَ، قَالَ اِبْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: "وَمُحْبِطَاتُ الأَعْمَالِ وَمُفْسِدَاتُهَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ، وَلَيْسَ الشَّأْنُ فِي العَمَلِ، إِنَّمَا الشَّأْنُ فِي حِفْظِ العَمَلِ مِمَّا يُفْسِدُهُ وَيُحْبِطُهُ".

وَأَعْظَمُ مُحْبِطَاتِ الأَعْمَالِ الرِّدَّةُ عَنْ دِيْنِ اللهِ تَعَالَى، فَهِيَ سَبَبُ الخُسْرَانِ الـمُبِيْنِ: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.

وَيَقُولُ سَبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.

وَمِنْ مُحْبِطَاتِ الأَعْمَالِ كَرَاهِيَةُ شَيْءٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}.

فَاللهُ تَعَالَى خَلَقَ الخَلْقَ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يُصْلِحُهُمْ {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}، فَأَمْرُ اللهِ تَعَالَى وَشَرْعُهُ هُوَ الحَقُّ الصَّوَابُ، وَهُوَ مَا تَسْتَقِيْمُ بِهِ حَيَاةُ النَّاسِ، وَلَو رَأَى بَعْضُ النَّاسِ خِلَافَ ذَلِكَ، فَعُقُولُ النَّاسِ تَخْتَلِفُـ وَحِكْمَةُ اللهِ تَعَالَى بَاهِرَةٌ، فَهُوَ الحَكِيْمُ الخَبِيْرُ سُبْحَانَهُ.

فَيَا عَجَبَاً كَيْفَ يُعْصَى الإِلَهُ *** أَمْ كَيْفَ يَجْحَدُهُ الجَاحِدُ

وَفِي كُلِّ شَيءٍ لَهُ آيَةٌ *** تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ

وَلِلَّهِ فِي كُلِّ تَحْرِيْكَةٍ *** وَتَسْكِيْنَةٍ أَبَدَاً شَاهِدُ

وَمِنْ مُحْبِطَاتِ الأَعْمَالِ الجُرْأَةُ عَلَى مَحَارِمِ اللهِ فِي الخَلَوَاتِ، رَوَى ابْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ عَنْ ثَوْبَانَ مَولَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَومَ القِيَامَةِ بِأَعْمَالٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بَيْضَاءَ، فَيَجْعَلُهَا اللهُ هَبَاءً مَنْثُورًا). قَالَ ثَوبَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللهِ! صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا؛ لَا نَكُونُ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ. قَالَ: (أَمَا إِنَّهُم إِخْوَانُكُم، وَمِنْ جِلْدَتِكُم، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُم قَومٌ إِذَا خَلَوا بِمَحَارِمِ اللهِ اِنْتَهَكُوهَا).

قَومٌ صَالِحُونَ.. حَسَنَاتُهُم كَثِيرَةٌ.. لَيسَتْ كَجَبَلٍ أَوِ اثْنَانِ.. وَإِنَّمَا كَسِلْسِلَةِ جِبَالِ تِهَامَة.. بَلْ هُمْ مِنْ قُوَّامِ اللَيلِ.. الذِيْنَ يُحْيُونَ لَيْلَهُمْ تَالِيْنَ لِآيَاتِ الكِتَابِ الحَكِيْمِ.. يَصُفُّونَ أَقْدَامَهُم لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.. لَكِنَّهُم يَنْتَهِكُونَ مَحَارِمَ اللهِ إِذَا غَابَتْ عَنْهُمْ أَعْيُنُ البَشَرِ..

قَال َابنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "وَمَا أَسَرَّ عَبْدٌ سَرِيرَةً إِلَّا أَلْبَسَهُ اللهُ رِدَاءَهَا عَلَانِيَةً، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًا فَشَرٌّ".

سَمِعَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ أَبْيَاتًا وَهُوَ فِي مَجْلِسِ العِلْمِ.. فَأَثَّرَتْ فِيهِ وَدَخَل دَارَهُ وأغْلَقَ بَابَهُ عَلَيهِ وَهُوَ يُرَدِدُهَا:

إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلَا تَقُلْ ***خَلَوتُ وَلَكِنْ قُلْ: عَلَيَّ رَقِيْبُ

وَلَا تَحْسَبَنَّ اللّهَ يَغْفَلُ سَاعَةً *** وَلَا أَنَّ مَا تُخْفِيهِ عَنْهُ يَغِيْبُ

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالقُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ رَبُّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَقَيَّومُ السَّمَاوَات وَالأَرَضِين، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين، وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ إِلَى يَوْمِ الدِّين.

أَمَّا بَعْدُ: {ياأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.. وَمِنْ مُحْبِطَاتِ الأَعْمَالِ ظُلْمُ الـمَخْلُوقِينَ.. فَحُقُوقُ اللهِ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الـمُسَامَحَةِ، وَالحُقُوقُ بَيْنَ النَّاسِ قَائِمَةٌ عَلَى الـمُشَاحَّةِ.

أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَتَدْرُونَ ما الـمُفْلِسُ؟ قالوا: الـمُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: إِنَّ الـمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتي يَوْمَ القِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَناتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ).

يَا الله!! يَأتِي بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ.. فَهُوَ مُحَافِظٌ عَلَى صَلَواتِهِ.. مُواظِبٌ عَلَى صِيامِهِ.. ومُؤَدٍ لِزَكَاتِهِ.. لَكِنَّهُ يُطْرَحُ فِي النَّارِ؟!

لَقَدْ تَسَاهَلَ فِيْ حُقُوقِ النَّاسِ.. فَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ.. وَتَنَاوَل أَعْرَاضَهُمْ.. يَغْتَابُ هَذَا.. وَيَتَنَدَرُ بِذَاكَ.. وَيَتَعَدَّى عَلَى الضُعَفَاءِ بِالضَرْبِ.. يَظُنُّ أَنَّ الضَعِيفَ لَنْ يَسْتَطِيعَ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ.. وَنَسِيَ قَولَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ}، فَيأتِي كُلُّ هَؤُلَاءِ خُصُومًا لَهُ يَومَ القِيَامَةِ وَيُجَرِدُونَهُ مِنْ حَسَنَاتِهِ.. حَتَّى يُطْرَحَ فِي النَّارِ.

وَمِمَّا يُنْقِصُ ثَوَابَ الأَعْمَالِ كَذَلِكَ اِقْتِنَاءُ الكِلَابِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، رَوَى مُسْلِمٌ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنِ اِقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ وَلَا مَاشِيَةٍ وَلَا أَرْضٍ فَإنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يومٍ).

فَمُقْتَنِي الكَلْبِ لِغَيْرِ الأُمُورِ الثَلَاثَةِ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيْرَاطَانِ عِيَاذًا بِاللهِ تَعَالَى.

بَلْ إِنَّهُ قَدْ جَاءَتْ رِوَايَةٌ بِأَنَّ نُقْصَانِ القِيْرَاطِ لَيْسَ خَاصًا بِمُقْتَنِي الكَلْبِ فَقَط؛ وَإِنَّمَا بِجَمِيْعِ أَهْلِ البَيْتِ، رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ يَرْتَبِطُونَ كَلْبًا؛ إِلَّا نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ، إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ كَلْبَ حَرْثٍ، أَوْ كَلْبَ غَنَمٍ).

وَيَشْتَدُّ التَعْظِيْمُ فِي النَّهْيِ إِذَا كَانَ اِقْتِنَاؤُهُ تَشَبُّهًا بِالكُفَّارِ، فَالـمُشَابَهَةُ بِالظَاهِرِ تُفْضِي إِلَى الـمُشَابَهَةِ بِالبَاطِنِ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ الـمَرْءُ ذَلِكَ، {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ.. وَبَعْدُ فَهَذِهِ بَعْضُ مُحْبِطَاتِ الأَعْمَالِ، وَمُنْقِصَاتِ الأُجُورِ، أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُجَنِّبَنَا إِيَّاهَا أَجْمَعِيْنَ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبٌ.

اللهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، وَأَعِنَّا عَلَى أَنْفُسِنَا وَالشَيْطَانِ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِيْ كُلِّ وَقْتٍ وَحِيْنٍ، وَأَكْثِرُوا مِنْهَ فِي هَذَا اليَومِ الجُمُعَةِ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

عِبَادَ اللهِ.. إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى، وَيَنْهَى عَنْ الفَحْشَاءِ وَالـمُنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

المرفقات

1614176409_محبطات الأعمال 14-7-1442.docx

1614176411_محبطات الأعمال 14-7-1442.pdf

المشاهدات 1606 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا