مَحَبَّةٌ صَادِقِةٌ 20/3/1442هـ

خالد محمد القرعاوي
1442/03/18 - 2020/11/04 23:10PM

مَحَبَّةٌ صَادِقِةٌ 20/3/1442هـ
الحمدُ لله منَّ علينا بالإسلامِ، أَرسَلَ لَنَا مُحمَّدا خَيرُ الأنامِ, أَشهدُ ألَّا إله إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ المَلِكُ العَلاَّمُ، وَأَشْهَدُ أنَّ نَبِيَّا محمَّدا عبدُ اللهِ وَرَسُولُه؛ صلَّى الله وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آلِهِ وأصحابهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإيمَانٍ على الدَّوامِ. أمَّا بَعدُ: فاتَّقُوا اللهَ يَا مُؤمِنُونَ؛ واعلموا أنَّا إليهِ رَاجِعونَ, لا تَظْلِمُونَ ولا تُظْلَمُونَ. أيُّها المُسلِمُونَ: محبَّةُ نَبِيِّنامن أصولِ الإيمانِ، إذْ هِي مِن مَحبَّةِ اللهِ القَائِلِ: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .ولازِمُ المحبةِ أنْ يَكُونَ نَبِيّناُأَولَى بِنَا من أنَفُسِنا وَأَهلِنا ومَالِنا ووَلَدِنا. عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ قَالَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إلَّا وأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِهِ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اقرَؤوا إنْ شِئْتُمْ: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ من أَنْفُسِهِمْ رَواهُ البخاريُّ. عِبَادَ اللهِ: مِنْ رَحْمَةِ اللهِ بِنا أَنْ أَمَرَنا بِطَاعَةِ رَسُولِنا وَالاستِجَابَةِ لَهُ فَقَالَ:(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).وَأفْضَلُ أُنَاسٍ اسْتَجَابُوا هُم مَنْ خَصَّهُمُ اللهُ بِقَولِهِ : وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . فَقَدْ تَحَمَّلَ الصَّحَابَةُ رِضْيَ اللهُ عنهم فِي سَبِيلِ اللهِ هَجْرَ أَوطَانِهم وأَموالِهمِ وأولادِهِم، فَمَهمَا عَمِلَ مَنْ بَعْدَهُم فَلَنْ يَبلُغَ مُدَّ أحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ! فَمَحَبَّةُ أبي بَكْرٍ وعُمَرَ وعُثمانَ وعَليٍّ رضيَ اللهُ عنهُم أجمعِينَ لِرَسُولِنا فَوقَ الخَيالِ! فَحِينَ سُئِلَ عَلِيٌّ رَضِي اللهُ عَنْه: كَيفَ كَانَ حُبُّكُم لِرَسُولِ اللهِ؟قَال:(كَانَ واللهِ أَحبَّ إِلينا مِن أَموَالِنَا وَأولادِنَا وآبَائِنَا وأُمَّهَاتِنَا وَمِنْ المَاءِ البَارِدِ على الظَّمَأِ)!
عِبَادَ اللهِ: لَمْ تَكُن هَذِهِ المَحَبَّةُ مُجَرَّدَ دَعَاوَى, ألا تَعْلَمُونَ أنَّ سَبْعَةً مِنْ الأَنْصَارِ استَمَاتُوا دِفَاعَاً عَنْ نَبِيِّنا فَلَمَّا أُفْرِدَ رَسُولُ اللَّهِيَوْمَ أُحُدٍ وَرَهَقَهُ الأعْدَاءُ واقتَرَبُوا مِنْهُ وأَتعَبُوهُ قَالَ: «مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ». فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ثُمَّ رَهَقُوهُ أَيْضًا فَقَالَ: «مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ». فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ. وَأَبُو طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ أُحُدٍ مُتَرِّسٌ على النَّبِيِّ وَحِينَ أَشْرَفَ النَّبِيُّ يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ فَيَقُولُ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ يَا نَبِيَّ اللهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لاَ تُشْرِفْ يُصِيبُكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ!
كُلُّ القُلُوبَ إلى الحَبِيبِ تَمِيلُ * وَمَعِي بِهذا شَاهِدٌ وَدَلِيـــلُ.
أمَّا الدَّلِيلُ إذَا ذَكَرْتُ مُحَـمَّدَاً* صَارَتْ دُمُوعُ العَارِفِينَ تَسِيلُ.
فاللهمَّ املىء قُلوبَنا يِحُبِّكَ وحُبِّ نَبِيِّكَ وَحَبِيبِكَ. وَاغفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِجَمِيعِ المُسلِمِينَ أَقولُ ما سمعْتُمْ واستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمينَ فاستغفروهُ إنَّهُ هو الغفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية/
الحمدُ للهِ مَنَّ علينا بِالمَكرُمَاتِ, أَشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ, وَأَشهدُ أنَّ مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ ورَسُولُه الرَّحمَةُ المُهداةُ, صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وأِصحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحسَانٍ وإيمانٍ إلى يَومِ المَمَاتِ. أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقوا اللهَ يا مؤمنونَ لعَلَّكُم تَهتَدُونَ.
يا مُسلِمُونَ: مَحبَّةُ نَبِيِّنا عِبادَةٌ لِله تَعالى، عِمَادُها الإِخلاصُ للهِ, وعُنوانُها المُتَابَعَةُ لِرَسُولِهِ الكريمِ.
فابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما لَمَّا سَمِعَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ عَنْهُ: «نِعمَ الرَّجُلُ عَبدُ اللهِ لَو كَانَ يُصلِّي مِن الَّليلِ». فَكَانَ بَعْدَها لا يَنَامُ إلَّا قَلِيلاً. وَفِي يَومِ خَيبَر نَزَلَ تَحْرِيمُ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ وَكَانُوا فِي مَجَاعَةٍ، فَنَادَى مُنادٍ: «إنَّ اللهَ ورَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَن لُحُوم الحُمُرِ؛ فَإنَّها رِجْسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطَانِ». "فَأُكفِئَت القُدُورُ بِمَا فِيهَا وَإنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ". وَبِمُجَرَّدِ سَمَاعِ الصَّحَابَةِ تَحْرِيمَ الخَمْرِ أَرَاقُوهَا فِي الطُّرُقات, وَمَا راجَعوا ولا سَأَلُوا عنْ تَحْرِيمِهَا إنَّما مَنهَجُهُمْ سَمِعْنَا وَأطَعْنَا.
عِبَادَ اللهِ: مِن دَلائِلِ صِدْقِ مَحَبَّةِ الصَّحَابَةِ لِنَبِيِّنا أَنَّهم مُلتَزِمُون الأَدَبَ بِحَضرَتِهِ, قَالَ أُسَامَةُ بنُ شَريكٍ رَضِي اللهُ عنه: كُنَّا عندَ النَّبِيِّكَأَّنَ عَلى رُؤوسِنَا الرَّخَمُ! وقَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ رَسُولُ اللهِإذا دَخَلَ المَسجِدَ لَمْ يَرْفَعْ أَحَدٌ مِنَّا إِليهِ رَأْسَهُ غَيرَ أَبِي بَكْرِ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَإِنَّهُمَا كَانَا يَبْتَسِمَانِ إِليه، وَيَبْتَسِمُ إِليهِمَا!
هذَا ابْنُ خَيْرِ عِبادِ اللَّهِ كُلِّهِمُ * هذَا التَّقِيُّ النَّقِيُّ الطَّاهِرُ الْعَلَمُ.
يُغْضِي حَياءً ويُغْضَى مِنْ مَهابَتِهِ * فَما يُكَلَّمُ إِلاَّ حِينَ يَبْتَسِمُ.
سَهْلُ الْخَلِيقَةِ لا تُخْشى بَوادِرُهُ * يُزِينُهُ اِثْنانِ حُسْنُ الْخُلْقِ والْكَرَمُ.
أيُّها المُؤمِنُونَ: هَكَذا كانَ القَومُ مَعَ نَبِيِّنَا عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وأكثَرُ فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُم وَأَرْضَاهُم؛ وَعَسى أَنْ نَأْخُذَ العِبَرَ مِنْ سِيَرِهِم، وأنْ نَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِم، يا مُؤمِنُونَ: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا فاللهم صلِّ وسلِّم وبارك على نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وآله وصحبه ومن والاه. اللهمَّ اجزه عنَّا خيرَ الجزاءِ وأوفاهُ. اللهمَّ ارزقنا إتِّبَاعَ سُنَّتِه والتمسُّكَ بها ظاهرا وباطنا قولا وعملا واعتقادا. اللهمَّ ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. اللهمَّ أحفظ علينا ديننَا وَأمْنَنَا وَأخْلاقَنَا, اللهم مَن أرادَنا وبِلادَنَا والمسلمين بِشَرٍّ فَأشغلْهُ في نَفسهِ, ورُدَّ كَيدهُ في نَحرِهِ, اللهم انصر جُنودنا واحفظ حدودنا, ربَّنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِنَا عذابَ النَّارَ. ربَّنا اغفر لنا ولإخوانِنِا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعلْ في قُلُوبِنا غِلاًّ للذين آمنوا ربَّنا إنِّكَ رؤوفٌ رحيمٌ. وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ

المشاهدات 1517 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا