محبة الله

محمد بن خالد الخضير
1444/11/05 - 2023/05/25 16:08PM

الخطبة الأولى

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يَضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ " أَمَّا بَعْدُ:

عباد الله، مَحَبَّةُ اللَّهِ تَعَالَى هِيَ عَمُودُ التَّوْحِيدِ، وَأَسَاسُ الِانْقِيَادِ، وَعِمَادُ الثَّبَاتِ، الْحَيَاةُ فِي ظِلَالِهَا نُورٌ وَحَيَاةٌ، وَقَلْبٌ لَا يَرْتَوِي مِنْ لَذَّتِهَا فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْوَاتِ.

مَنْ حَازَهَا هَانَ عَلَيْهِ كُلُّ مَفْقُودٍ، وَمَنْ حُرِمَهَا فَاتَهُ أَغْلَى نَعِيمٍ مَوْجُودٍ..

مَنْ لَاَمَسَ بَشَاشَةَ قَلْبِهِ هَذَا الْحُبُّ صِدْقًا تَلَذَّذَ بِالطَّاعَةِ، وَأَنِسَ بِالْعِبَادَةِ، وَذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ، وَمَا أَجْمَلَ طَعْمَ الْإِيمَانِ، الَّذِي قَالَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ، -وَذَكَرَ مِنْهَا-: مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا) رواه البخاري ومسلم.

طَلَبُ مَحَبَّةِ اللَّهِ ابْتَهَلَ بِهَا خَيْرُ السَّائِلِينَ، وَأَصْدَقُ الْعَابِدِينَ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فَكَانَ يَقُولُ: (أَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكُ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي.              

 يَا مَنْ تَاقَتْ قُلُوبُهُمْ لِمَحَبَّةِ اللَّهِ، الْقُلُوبُ مَجْبُولَةٌ عَلَى مَحَبَّةِ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهَا، وَلَا أَحَدَ أَعْظَمُ إِحْسَانًا مِنَ اللَّهِ، فَصُوَرُ إِحْسَانِهِ تَتَجَدَّدُ مَعَ كُلِّ لَحْظَةٍ وَنَفَسٍ، (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)[النَّحْلِ: 53].

نِعَمٌ فِي إِثْرِ نِعَمٍ، تَغْمُرُ عِبَادَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا، سِرًّا وَجِهَارًا.

كَيْفَ لَا يُحَبُّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقَدْ خَلَقَنَا مِنَ الْعَدَمِ، وَحَفَّنَا بِالنِّعَمِ، وَأَسْبَغَ عَلَيْنَا مِنَ الْعَطَايَا وَالْكَرَمِ (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)[لُقْمَانَ: 20].

نِعَمٌ تَدَفَّقُ عَلَيْنَا، مِنْ فَوْقِنَا وَمِنْ تَحْتِنَا، (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا)

أَخْرَجَنَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِنَا لَا نَعْلَمُ شَيْئًا، وَهَدَانَا لِلدِّينِ الْقَيِّمِ منَّةً منه وفضلاً، غِذَاءٌ وَكِسَاءٌ، وَهَوَاءٌ وَمَاءٌ، سَمْعٌ وَعَيْنَانِ، لِسَانٌ وَشَفَتَانِ، وَيَدَانِ وَرِجْلَانِ، (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرَّحْمَنِ: 13].

كَيْفَ لَا يُحَبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهُوَ يُسْدِي إِلَيْكَ وَلَا يَمْنَعُ، وَلَا يَنْتَظِرُ مِنْكَ جَزَاءً وَلَا يَطْمَعُ، يُعْطِيكَ عَطَاءً كَثِيرًا بِلَا مُقَابِلٍ، وَيَتَفَضَّلُ عَلَيْكَ وَأَنْتَ الْمُحْتَاجُ إِلَيْهِ وَالْمُجَادِلُ.

كَيْفَ لَا يُحَبُّ الْمَلِكُ سُبْحَانَهُ، وَهُوَ الَّذِي كَلَأنَا بِعِنَايَتِهِ، وَهَدَانَا لِدِينِهِ وَشَرِيعَتِهِ، وَيَسَّرَلَنَا فِيهَا الْيُسْرَى، وَأَبْعَدَ عَنْهَا الْآصَارَ وَالْعُسْرَى.

كَيْفَ لَا يُحَبُّ الْعَظِيمُ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، وَقَدْ وَعَدَ عِبَادَهُ مَغْفِرَةَ الذُّنُوبِ، وَسَتْرَ الْعُيُوبِ، لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَسَلَكَ خَيْرَ الدُّرُوبِ.

كَيْفَ لَا يُحَبُّ الْغَفُورُ الشَّكُورُ، الَّذِي يَشْكُرُ عَبْدَهُ، فَيُعْطِي عَلَى الْحَسَنَةِ حَسَنَاتٍ بِالْمِئَاتِ، وَيُكَافِئُ بِالْأُجُورِ الْكَثِيرَةِ عَلَى يَسِيرِ الطَّاعَاتِ، وَيَعْفُو عَنِ الْخَطَايَا وَالسَّيِّئَاتِ، بِمُجَرَّدِ لَحْظَةِ نَدَمٍ وَانْكِسَارٍ، وَتَوْبَةٍ وَاسْتِغْفَارٍ، وَيَمْحُو عَنْ عَبْدِهِ كَثِيرًا مِنَ السَّيِّئَاتِ بِطَاعَاتٍ بِاللَّيْلِ أَوِ النَّهَارِ.

كَيْفَ لَا يُحَبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهُوَ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أُمَّهَاتِنَا؛ فَلَا يَهْلِكُ عَلَيْهِ إِلَّا هَالِكٌ، كَفَرَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ وَنَسَبُوا إِلَيْهِ الْبُهْتَانَ وَالْوَلَدَ، وَجَعَلُوا مَعَهُ شَرِيكًا وَأَحَدًا، فَنَادَاهُمُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)

كَيْفَ لَا يُحَبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقَدْ سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ؛ فَرَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، وَلَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُ عَبْدِهِ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ أَقْبَلَ نَادِمًا بَعْدَمَا أَسَاءَ، لَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَلَمْ يُبَالِ، فَسُبْحَانَ الْقَائِلِ جَلَّ جَلَالُهُ: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)

كَيْفَ لَا يُحَبُّ سُبْحَانَهُ، وَمُسْتَقْبَلُ الْعَبْدِ وَنَعِيمُهُ وَخُلُودُهُ هُوَ بِيَدِهِ سُبْحَانَهُ، فَجَنَّةُ الرَّحْمَنِ، فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ وَالرَّيْحَانِ، مَا لَا يَخْطُرُ بِقَلْبٍ وَلَا يَحُومُ فِيهِ جَنَانٌ، أُعِدَّتْ لَكَ أَنْتَ أَنْتَ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ، إِذَا حَقَّقْتَ التَّوْحِيدَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ وَالْإِيمَانَ، فَبُشْرَاكَ هَذَا النَّعِيمُ الْوَارِفُ، وَالْوَعْدُ الصَّادِقُ غَيْرُ الزَّائِفِ، وَأَعْظَمُ نَعِيمٍ فِيهَا، هُوَ النَّظَرُ إِلَى مَنْ أَحْبَبْتَهُ فِي دُنْيَاكَ، وَلَمْ تَرَهُ فِي حَيَاتِكَ عَيْنَاكَ.

فَوَاللَّهِ لَوْ ذَابَتِ الْقُلُوبُ فِي أَجْوَافِهَا، وَتَفَتَّتِ الْأَكْبَادُ فِي أَحْشَائِهَا، حُبًّا وَشَوْقًا إِلَى خَالِقِهَا وَبَارِئِهَا، لَمَا كَانَتْ-وَرَبِّي- مَلُومَةً فِي غَرَامِهَا وَهُيَامِهَا.

فَلَيْتَكَ  تَحْلُو  وَالْحَيَاةُ   مَرِيرَةٌ *** وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالْأَنَامُ  غِضَابُ

وَلَيْتَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ  عَامِرٌ *** وَبَيْنِي  وَبَيْنَ  الْعَالَمِينَ  خَرَابُ

إِذَا صَحَّ مِنْكَ الْوُدُّ فَالْكُلُّ هَيِّنٌ *** وَكُلُّ الَّذِي فَوْقَ التُّرَابِ تُرَابُ

بارَك اللهُ لي ولكُم في الكِتابِ والسّنّة، ونَفَعنا بمَا فيهمَا مِنَ الآياتِ والحِكمَة، أقول قولِي هذا، وأستَغفِر الله تعالى لي ولكم.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَاِمْتِنانَهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرَيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيه وَعَلَى آلِه وَأَصْحَابِهِ. أَمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللَّهِ: وَإِذَا كَانَتْ مَحَبَّةُ اللَّهِ مِنْ أَجَلِّ الْعِبَادَاتِ الْقَلْبِيَّةِ، وَأَهَمِّ مُحَرِّكٍ نَحْوَ الطَّاعَاتِ الْإِيمَانِيَّةِ، يَبْقَى السُّؤَالُ الْأَهَمُّ:

كَيْفَ نَعْرِفُ مِقْدَارَ مَحَبَّةِ اللَّهِ فِي صُدُورِنَا وَقُلُوبِنَا؟ فَمَحَبَّةُ اللَّهِ لَيْسَتْ دَعْوَى يُتَكَثَّرُبِهَا، وَلَا انْتِسَابًا يُفْتَخَرُبِهِ، بَلْ لَهَا دَلَائِلُ وَعَلَامَاتٌ، وَسِمَاتٌ وَأَمَارَاتٌ، إِذَا وَجَدَهَا الْعَبْد ُفِي نَفْسِهِ، فَهَذَا مُؤَشِّرٌ عَلَى نَبَضَاتِ الْمَحَبَّةِ فِي قَلْبِهِ.

فَمَنْ أَحَبَّ اللَّهَ تَعَالَى صِدْقًا أَحَبَّ رُسُلَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ، وَمَلَائِكَتَهُ وَكُتُبَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ، وَأَحَبَّ دِينَهُ وَتَشْرِيعَاتِهِ، وَوَالَى فِيهَا، وَعَادَى مِنْ أَجْلِهَا.

مَنْ أَحَبَّ اللَّهَ حَقًّا، أَحَبَّ رَسُولَهُ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَحَبَّ هَدْيَهُ وَسُنَّتَهُ، وَسَارَعَلَى نَهْجِهِ وَاتَّبَعَ مِلَّتَهُ (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آلِ عِمْرَانَ: 31].

إِذَا نُقِشَتْ مَحَبَّةُ اللَّهِ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ تَحَرَّكَتْ هِمَّتُهُ لِفِعْلِ الْخَيْرَاتِ، فَيَفْرَحُ بِالصَّلَاةِ،وَيَأْنَسُ بِالذِّكْرِ، وَيَشْتَاقُ لِلصِّيَامِ،وَيَتَّخِذُ مِنَ الْقُرْآنِ جَلِيسَهُ وَأَنِيسَهُ. مَنْ أَحَبَّ اللَّهَ مِنْ قَلْبِهِ، جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي مُجَافَاةِ الذُّنُوبِ،وَاسْتَحَى مِنَ الْمُجَاهَرَةِ بِالْخَطَايَا وَالْعُيُوبِ، وَإِذَا أَزَّتْهُ نَفْسُهُ لِلْهَوَى تَذَكَّرَ حَبِيبَهُ عَلَّامَ الْغُيُوبِ.

تَعْصِي الْإِلَهَ وَأَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّـهُ *** هَذَا مُحَالٌ فِي الْقِيَاسِ بَدِيـعُ

لَـوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقًـا لَأَطَعْتَـهُ *** إِنَّ الْـمُحِبَّ لِـمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ كُلِّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنَا إِلَى حُبِّكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الْمَحْبُوبِينَ إِلَيْكَ، الْمُقَرَّبِينَ لَدَيْكَ

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد،اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفِّقه ووليَّ العهد لما فيه صلاح البلاد والعباد.

اللهم انصُر جنودَنا المُرابِطين على حُدود بلادِنا، اللهم كُن لهم مُؤيِّدًا ونصيرًا، ومُعينًا وظهيرًا، اللهم إنا نعوذُ بك من زوال نعمتِك، وتحوُّل عافيتِك، وفُجاءة نقمتِك، وجميعِ سخَطِك. اللهم اغفِر ذنوبَنا، واستُر عيوبَنا، ويسِّر أمورَنا، وبلِّغنا فيما يُرضِيك آمالَنا، ربَّنا اغفِر لنا ولوالدِينا، وارحَمهم كما ربَّونا صِغارًا،

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين

المرفقات

1685020103_محبة الله 6-11-1444.doc

1685020103_محبة الله 6-11-1444.pdf

المشاهدات 756 | التعليقات 0