مجزرة نيوزلندا مشاهد ومأسي

مجزرة نيوزلندا مشاهد ومأسي

 عناصر الخطبة

1ـ فضل من قُتلوا في مسجدِ النور بنيوزلندا    2ـ مشاهد من مجزرة نيوزلندا

3 ـ شهداء المحراب                          4 ـ العاقبة لهذا الدين

5 ـ نص بيان فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، حول الهجوم الإرهابي المروع على المصلين بأحد المساجد في نيوزيلندا

 لقد فجع العالم الإسلامي كله بفاجعة تدمي القلوب تلكم الحادثة التي نقلت للعالم عبر إرهابي يهودي تسلل إلى مسجد النور بنيوزلندا وقتل ما يقرب من خمسين مسلما وصور الحادثة تصويرا كاملاً وهو يحمل سلاحاً مطوراً ، إن هذه الواقعة تحمل في طياتها الحقد القديم على الإسلام والمسلمين .

فضل من قُتلوا في مسجدِ النور بنيوزلندا نحسبُهم عندَ اللهِ من الشهداءِ

: يَكفيِهم شرفاً أن اللهَ تعالي شَهِدَ لهم بالإيمانِ قالَ - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾

خرجَ هؤلاء منْ بُيوتِهم لزيارةِ ربِ العالمينَ تباركَ وتعاليَ وِغُدِرِ بهم وهم متطهرينَ في بيتٍ منْ بيوتِ اللهِ تباركَ وتعاليَ أخرجَ الطبرانيُ في معجمهِ الكبير بسندٍ صححهُ الألبانيُ عَن سلمانٍ ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( من توضأ فأحسنَ الوضوء ثُمَّ أتى المسجدَ فهو زائر الله ، وحق عَلَى المزورِ أن يكرمَ الزائِرَ ).

قُتِلُوا رحمهمُ اللهُ تعالي فيِ يومٍ منْ أفضلِ الأيامِ ألا وهوَ يومُ الجمعةِ  أخرجَ البيهقيُ في شعبِ الإيمانِ بسندِ صححَهُ الألبانيُ عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ الصَّلَاةَ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ "، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ ؟ يَقُولُونَ: وَقَدْ بَلِيتَ، قَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ " وقد ضَمِنَ اللهُ تعاليَ علي لسانِ نبيهِ ﷺ أن منْ ماتَ في يومِ الجمعةِ أو في ليلَتِها وقاهُ اللهُ تعالي فتنةَ القبرِ ففي مسندِ الإمامِ أحمدَ بسندٍ حسنهُ الألبانيُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ "

وفَرِحَ اللهُ بهم فيِ مسندِ الإمامِ أحمدَ بسندٍ حسنهٌ الألبانيُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : مَا مِنْ عَبْدٍ يُوَطَنُ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلاَةِ وَالذِّكْرِ إِلاَّ تَبَشْبَشَ الله بِهِ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ كَمَا تَبَشْبَشَ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ "

عمَروُا بيتاً منْ بيوتِ اللهِ تعالي فهم جيرانُ اللهِ يومَ القيامةِ بإذنِ ربِ العالمينَ صحَحَ الألبانيُ في السلسةِ الصحيحةِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إِنَّ الله ، عَزَّ وَجَلَّ ، لَيُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ جِيرَانِي ؟ أَيْنَ جِيرَانِي ؟ قَالَ : فَتَقُولُ الْمَلاَئِكَةُ : رَبَّنَا ، وَمَنْ يَنْبَغِي أَنْ يُجَاوِرَكَ ، فَيَقُولُ : أَيْنَ عُمَّارُ الْمَسَاجِدِ ؟ "

 للهِ قومٌ لدارِ الخلدِ أخلصهم                  وخصهم بجزيلِ الملكِ مَولاناَ
فَلَو تَرَاهُمْ غدا ًفي دارِ مُلْكِهُمُ             قَدْ تُوجُواَ مِنْ حُلَيَ الجنةِ تِيِجَاناَ
 وَقَدْ دَعَاهُم إلىَ الفردوسِ سَيِدِهم            إلى الزيارةِ والتسليمِ رُكْبَاناَ
 على نجائبٍ درَكَى تَطِيُر بِهم           والخيلُ منْ جوهرٍ والسرجُ مُرْجَاناَ
حتىِ إِذاَ جَاوزوا دارَ السلامِ وَقَدْ           أبدىِ لهُمْ وجْهَهُ الرحمنُ سُبْحَاناَ
خَرواَ سُجُوداً فناداهُم بعزتهِ                    إنيِ رَضِيتُ بِكُمْ قُرْبِاً وجِيراناَ
إنيِ خَلَقْتُ لَكُمْ دارَ النعيمِ فلاَ                  ترونَ بُؤساً ولا تخشونَ أحزاناَ

لقد ضمن الله تعالى الجنة لمن مات في بيت من بيوت الله

tعَنْ أَبِى أُمَامَةَ الْبَاهِلِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ثَلاَثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَجُلٌ خَرَجَ غَازِيًا  فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ وَرَجُلٌ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ وَرَجُلٌ دَخَلَ بَيْتَهُ بِسَلاَمٍ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) أخرجه أبي داوود (2494) وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (836/1094 ).  

وعَنْ أَبِي أُمَامَه ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " ثَلاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ ، إِنْ عَاشَ رُزِقَ وَكُفِيَ ، وَإِنْ مَاتَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ : مَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ فَسَلَّمَ ، فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ ، وَمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ ) صحيح الترغيب والترهيب ( 1 / 321 ) .

قال النووي رضي الله عنه في الأذكار: معناه أنه في رعايته وما أجزل هذه العطية وقال الطيبي: عدى ضامن بعلى تضمينا لمعنى الوجوب والمحافظة على سبيل الوعد أي يجب على الله وعدا أن يكلأه من مضار الدنيا والدين .

مشاهد من مجزرة نيوزلندا

أولاً مشهد الهزيمة النفسية

لم يصادف المجرم اي مقاومة تذكر من طرف المصلين ما جعله يقوم بجريمته وهو مطمئن تماما ..وكأنه دخل خمّاً للدجاج يختار ما شاء ، لا يتوقع اي خطورة ولا ادنى محاولة لصدّه ، أحد المصلّين اقترب من القاتل لمسافة جعلته في متناوله .. كان يمكن يفعل مايقلب المسار ..لكن تفكيره كان منصبّا على الهروب وليس مواجهة القاتل ، الموت كان قدره سواء اختار المواجهة او الهرب ، البقية في الداخل اختاروا نفس الأمر تكوّموا في جهتين متقابلتين مستسلمين ينتظرون دورهم دون اي ردة فعل ليجهز عليهم واحدا تلو الاخر ويأخذ وقته لتغيير خزان الرصاص دون خوف ، لو انه وجد مقاومة ولو من اناس عُزَّل لارتبك وأسرع بالخروج ، لو رموه جميعا بأثاث المسجد ، أو حتى بأحذيتهم ، ليس تغييرا للنتيجة لكن للحال التي سيموت الانسان عليها ،ولو ان تبصق في وجه قاتلك حين تعجز عن فعل شيء وانت راحل عن هذه الدنيا ، هي العقلية الانهزامية ذاتها التي نستغرب حصولها حين نصادفها في كتب التاريخ روي بن الأثير أن شدة الخوف والهلع الذي زرعه المغول في نفوس المسلمين وصل إلى حد أن ينتظر الشخص طويلا ليأتي المغولي لقتله حيث قال (أن رجلا من التتر دخل دربا فيه مائة رجل، فما زال يقتلهم واحدا واحدا حتى أفناهم ولم يمد أحد يده إليه بسوء ، ان الرجل الواحد منهم كان يدخل القرية أو الدرب ، وبه جمع كثير من الناس ، فلا يزال يقتلهم واحداً بعد واحد لا يتجاسر أحد يمد يده إلى ذلك الفارس ، ولقد بلغني ان انسانا منهم اخذ رجلا، ولم يكن مع التتري ما يقتله به ، فقال له : ضع رأسك على الأرض ولا تبرح ، فوضع رأسه على الأرض ، ومضى التتري احضر سيفاً فقتله به ، وحكى لي رجل قال : كنت انا ومعي سبعة عشر رجلا في طريق ، فجاءنا فارس من التتر، وقال لنا: حتى يكتف بعضنا بعضا، فشرع اصحابي يفعلون ما أمرهم ،فقلت لهم : هذا واحد فلم لا نقتله ونهرب ، فقالوا نخاف ، فقلت : هذا يريد قتلكم الساعة، فنحن نقتله ، فلعل الله يخلصنا فو الله ما جسر أحد يفعل ذلك فأخذت سكينا وقتلته ، وهربنا فنجونا وامثال هذا كثير ) الكامل في التاريخ الجزء الثامن صفحة رقم ( 63 )  هي الهزيمة النفسية والفكرية التي يتخبط فيها المسلمون ..والتي تظهر تجلياتها في مثل هذه الحوادث ..وهي اخطر آلاف المرات من الهزائم العسكرية التي قد يعقبها انتصارات باهرة خلال وقت وجيز ، هي الهزيمة النفسية التي عانى منها المسلمون أمام التتار والصليبيين قبل صلاح الدين وسيف الدين قطز ..يعانون منها امام المغول الجدد ، هو الذّل الذي حذّرنا من الصادق المصدوق قبل حصوله ..وشخّص صلوات ربي وسلامه عليه اسبابه وعلاجه «ما ترك قوم الجهاد إلا ذلُّوا».. رواه الطبراني ، و عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :« إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ » )  رواه ابو داود وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 1 / 11 ) . ( العينة : أن يبيع شيئا من غيره بثمن مؤجل ويسلمه إلى المشتري ثم يشتريه قبل قبض الثمن بثمن أقل من ذلك القدر يدفعه نقدا . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فهذا مع التواطؤ يبطل البيعين لأنه حيلة ) .

و عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى (التداعي : التتابع، أي : يدعو بعضها بعضا فتجيب)   عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا » (الأكلة : جمع آكل) . فَقَالَ قَائِلٌ وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ قَالَ « بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ (غثاء: الغثاء : ما يحمله السيل من زبد ووسخ) ـ وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ ». فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهَنُ قَالَ « حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ » حديث صحيح : رواه أبو داود (4297) ، وأحمد (5 / 287) ، وصححه بطريقيه الألباني في الصحيحة (958) .

ليس المراد من هذا الكلام لوم ضحايا المجزرة ..اسال الله أن يتقبلهم في الشهداء ..ولكن المقصود تسليط الضوء على بعض التفاصيل التي تصف الخلل ، في حادث مماثل سابق في كندا ..كانت حصيلته ستة قتلى إثر هجوم مجرم على مسجد في تفاصيل مماثلة ..كانت الحصيلة ستكون اثقل لولا تدخّل أحد المصلين وهو سفيان عزالدين رحمه الذي اختار ان يهاجم القاتل الذي ارداه برصاصات لاذ بالفرار إثر هذا الفعل من المرحوم الذي اربكه ، عزّالدين وهو اسم على مسمّى رحمه الله ..كان سيموت حتى لو بقي مستسلما ينتظر رصاصات القاتل ..وشتّان بين ميتة عزّ تواجه فيها عدوّك تغيظه ولو بلا سلاح ..وبين اخرى يتلذذ بالذعر في عينيك وانت في قبضته تريد الفرار من مصيرك الذي يقرره هو . ( مقال لكمال الدين ابراهيم ) .

مشهد اللذة الإيمانية

لقد رأينا شابا يصلي في المسجد ولم يقطع صلاته ولم يلتفت فيها مقبلا بقلبه وجوارحه على ربه لا يبالي بالطلقات النارية التي تزلزل المكان من حوله ولا يبالي بأصوات الصيحات والصراخ من المقتولين وكأن لذة الصلاة نقلته بعيد إلى الملكوت الأعلى فالشوق إلى الله تبارك وتعالى يمكن يؤدي إلى زوال شعور الإنسان بما يحدث حوله كما يزيل شعور البدن بألم التعب والنصب عند انشغال العبد في العبادة والذكر كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم حتى تَرِمُ قدماه ويقول أفلا أكون عبداً شكوراً ، وكان عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه يصلي واتاه حجر من حجارة المنجنيق المحماة  التي كان يلقيها الحجاج عليه أثناء الحصار بمكة ، فأحرق بعض ثوبه فلم يقطع صلاته ولم يلتفت ، كما حدث مع الإمام العابد  عروة بن الزبير أحد فقهاء المدينة السبعة، وهو ابن السيدة أسماء، ذهب إلى الوليد بن عبد الملك ومعه ابنه محمد ووقعت الأكلة -السوسة- في رجل عروه فقال له الأطباء: لابد من قطعها، قالوا له: نعطي لك دواء يغيب عقلك، أو تشرب الخمر حتى تفقد الوعي فأبى وقال: إن ربي اختبرني؛ ليرى مدى صبري ،قالوا فماذا نفعل قال إذا دخلت إلى الصلاة فاقطعوها لي فدخل في صلاته فلما علا المنشار على العرق ما زاد على أن قال: حسبي، ثم غشي عليه، فلما أفاق من غشيته استنار وجهه وقال أين القدم المبتورة فحملها على يديه وقال أما والذي حملني عليكي إلى عتبات الليل إلى المساجد إنه ليعلم أنني ما مشيت بك إلى حرام قط ثم قال : خذها يا بني فكفنها وطيبها وادفنها في مقابر المسلمين والله ما مشيت بها إلى فاحشة قط ،وكما حدث مع الصحابي عباد بن بشر في غزوة ذات الرقاع حيث أصيب بثلاثة أسهم وهو قائم يصلى لربه ولم يقطع صلاته فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ ، فَأُصِيبَتْ امْرَأَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَافِلًا ، وَجَاءَ زَوْجُهَا وَكَانَ غَائِبًا ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يَنْتَهِيَ حَتَّى يُهْرِيقَ دَمًا فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَخَرَجَ يَتْبَعُ أَثَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْزِلًا ، فَقَالَ : " مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤُنَا لَيْلَتَنَا هَذِهِ ؟ " فَانْتَدَبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَا : نَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " فَكُونُوا بِفَمِ الشِّعْبِ " ، قَالَ : وَكَانُوا نَزَلُوا إِلَى شِعْبٍ مِنَ الْوَادِي ، فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلَانِ إِلَى فَمِ الشِّعْبِ ، قَالَ الْأَنْصَارِيُّ لِلْمُهَاجِرِيِّ : أَيُّ اللَّيْلِ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أَكْفِيَكَهُ ، أَوَّلَهُ أَوْ آخِرَهُ ؟ ، قَالَ : اكْفِنِي أَوَّلَهُ ، فَاضْطَجَعَ الْمُهَاجِرِيُّ ، فَنَامَ ، وَقَامَ الْأَنْصَارِيُّ يُصَلِّي ، وَأَتَى الرَّجُلُ ، فَلَمَّا رَأَى شَخْصَ الرَّجُلِ عَرَفَ أَنَّهُ رَبِيئَةُ الْقَوْمِ ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ ، فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ وَثَبَتَ قَائِمًا ، ثُمَّ رَمَاهُ بِسَهْمٍ آخَرَ فَوَضَعَهُ فِيهِ ، فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ وَثَبَتَ قَائِمًا ، ثُمَّ عَادَ لَهُ بِثَالِثٍ ، فَوَضَعَهُ فِيهِ ، فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ ، ثُمَّ أَهَبَّ صَاحِبَهُ ، فَقَالَ : اجْلِسْ ، فَقَدْ أُوتِيتَ ، فَوَثَبَ ، فَلَمَّا رَآهُمَا الرَّجُلُ عَرَفَ أَنْ قَدْ نَذَرُوا بِهِ ، فَهَرَبَ ، فَلَمَّا رَأَى الْمُهَاجِرِيُّ مَا بِالْأَنْصَارِيِّ مِنَ الدِّمَاءِ ، قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، أَلَا أَهْبَبْتَنِي ؟ ، قَالَ : كُنْتُ فِي سُورَةٍ أَقْرَؤُهَا ، فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَقْطَعَهَا حَتَّى أُنْفِذَهَا ، فَلَمَّا تَابَعَ الرَّمْيَ ، رَكَعْتُ فَأُرِيتُكَ ، وَايْمُ اللَّهِ ، لَوْلَا أَنْ أُضَيِّعَ ثَغْرًا ، أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِهِ ، لَقَطَعَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَقْطَعَهَا ، أَوْ أُنْفِذَهَا ) حسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود ( 1 / 198 ) .

مشهد الدماء الزكية على كتاب الله تعالى

فقد رأينا المصاحف قد تلطخت بالدماء وتناثرت في أماكن متفرقة ذكرني هذا المشهد بمقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضوان الله تعالى عليه حينما قتل ظلما وكان يختم القرآن كله في ليلة واحده قتل وسالت الدماء الزكية تحت قول الله تعالى { فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [ البقرة : 137 ] أورد بن كثير في تفسيره عن ابن أبي حاتم عن نافع بن أبي نُعَيم، قال: أرسل إليَّ بعض الخلفاء مصحفَ عثمان بن عفان ليصلحه. قال زياد: فقلت له: إن الناس يقولون: إن مصحفه كان في حجره حين قُتِل، فوقع الدم على { فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [ البقرة : 137 ] فقال نافع: بَصُرت عيني بالدم على هذه الآية وقد قَدُم ) تفسير ابن أبي حاتم (1/402).

فالله تبارك وتعالى سوف ينتقم للصالحين من عباده الذين غدر بهم في بيت من بيوت الله تعالى من هذا الظالم الغاشم القاتل الذي استحل حرمة المساجد وحرمة كتاب الله تعالى .

شهداء المحراب

إن ما يهون علينا هذه المصيبة أن هؤلاء قتلوا في بيت من بيوت الله تعالى وقد سبقهم إلى هذه الشهادة شهداء المحراب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وعلي بن أبي طالب رضوان الله تعالى علية .

عمر بن الخطاب رضي الله عنه شهيد المحراب

هذا اللقب أطلقه بن كثير على خليفة المسلمين عمر بن الخطاب  لأنه استشهد بطعنة أبي لؤلؤة المجوسي في محراب المسجد النبوي وهو يصلي بالناس صلاة الفجر.

على الرغم من أنه رضيَ الله عنه ممَّن شهد لهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالجنة، وأخبر عليه السَّلام في بعض أحاديثه أنه رأى قصرًا لعمرَ في الجنة؛ فإنَّ عمر لم يغترَّ بذلك؛ بل اجتهد في الخير حتى خُتِمَ له بأعمالٍ صالحةٍ كثيرة، كانت دليلاً على حُسْن خاتمته، رضيَ الله عنه وأرضاه ، سمعتْهُ ابنتُه؛ أم المؤمنين حَفْصَة رضيَ الله عنها يدعو قائلاً: "اللهم ارزقني قتلاً في سبيلكَ، ووفاةً في بلد نبيِّكَ". قالت: قلتُ: وأنَّى ذلك؟ قال: "إنَّ الله يأتي بأمره أنَّى شاء ) طبقات ابن سعد (2/ 252).

وحجَّ في العام الذي قُتل فيه، وسأل الله في حجَّته حُسْنَ الختام؛ فعن سعيدٍ بن المسيِّب رحمه الله تعالى: "أنَّ عمرَ لما أفاض من مِنى، أناخ بالأبطح، فكوَّم كومةً من بَطْحَاءَ، وطرح عليها طَرَف ثوبه، ثم استلقى عليها، ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم كبرَتْ سنِّي، وضعفتْ قوَّتي، وانتشرتْ رعيَّتي؛ فاقبضني إليكَ غير مضيِّعٍ ولا مفرِّط". قال سعيد: "فما انسلخ ذو الحجَّة حتى طُعِنَ ) (حلية الأولياء (1/ 54) والطبقات (2/ 255).

وخَطَبَ مرَّةً فقال: "رأيتُ ديكًا نقرني ثلاث نقرات، ولا أراه إلا حضور أجلي"، فما مرَّ إلا تلك الجمعة حتى طُعِنَ ، فلمَّا كان فجر يوم الأربعاء، قبل نهاية شهر ذي الحجَّة بأربعة أيام - كَمَنَ أبو لؤلؤة في المسجد، ومعه سكينٌ ذات طرفَيْن مسمومةٌ، فوقف عمر يعدل الصفوف للصلاة، فلما كبَّر يصلي بالنَّاس، طعنه العبد في كتفه وفي خاصرته؛ فقال عمر:﴿ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ﴾ [الأحزاب: 38] (الطبقات (3/ 265)، والفتح (7/ 78).

و أخذ العبد يسعى، لا يمرُّ على أحدٍ يمينًا ولا شمالاً إلا طعنه؛ حتى طعن ثلاثةَ عشرَ رجلاً، مات منهم سبعةٌ، فلما رأى ذلك رجلٌ من المسلمين؛ طرح عليه بُرْنُسًا، فلما ظنَّ العِلْجُ أنه مأخوذٌ؛ نَحَرَ نفسَه ) فلما علم عمر أن الذي قتله عبدٌ مجوسيٌّ قال: "الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجَّني عند الله بسجدةٍ سجدها قطُّ"، وفي حديث جابر: أن عمر رضيَ الله عنه قال: "لا تعجلوا على الذي قتلني. فقيل: إنه قتل نفسه. فاسترجع عمر؛ فقيل له: إنه أبو لؤلؤة؛ فقال: الله أكبر ) (الفتح (7/ 79).

شهيد المحراب علي بن أبي طالب رضي الله عنه

هذا اللقب أطلقه بن كثير على خليفة المسلمين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأنه استشهد أيضا بطعنة الشقي ابن ملجم في محراب مسجد الكوفة وكان يصلي بالناس صلاة الفجر .

 ذكرت كتب التاريخ قصة استشهاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حيث اجتمع ثلاثة من الخوارج كان من بينهم عبد الرحمن بن ملجم الخارجيّ، وتعاهدوا فيما بينهم على قتل معاويةَ وعليّ وعمرِو بن العاص، فخرج عبد الرحمن بن ملجم إلى الكوفة، وبيّت نية قتل علي بن أبي طالب، وعاونه في ذلك رجلان اسمهما وردان وشبيب، فجاء الثلاثة حاملين سيوفهم، فكمنوا لعلي عند السّدة التي يخرج منها، ثمّ خرج علي ينادي في الناس للخروج إلى الصلاة، فثار إليه شبيب، فضربه بالسيف، ثمّ ضربه ابن ملجم على قرنه، فسال الدم على لحيته، وقد استطاع المسلمون القبض على ابن ملجم، حيث أُتي به إلى علي رضي الله عنه، فقال له ما حملك على هذا يا عدوّ الله، قال شحذت سيفي أربعين صباحاً، وسألت الله أن يُقتل به شرّ خلقه، فقال له علي ما أراك إلا مقتولاً بهذا السيف، وما أراك إلا من شرّ خلقه، ثمّ قال لأهله وأصحابه إن مت فاقتلوه، وإن عشت فأمره إلي، أعلم ما أصنع به، وحينما احتضر علي كان أكثر ما يردده قول لا إله إلا الله، كما قيل إنّ آخر ما نطق به قوله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) .

المستقبل لهذا الدين

يواجه المسلمون اليوم حرباً شعواء على دينهم في أطراف الأرض، وهذه هي سنة الله تعالى في هذا الوجود، إلا أنه تعالى قد جعل للمسلمين ما يخفف عنهم وطأة هذه البلوى، فهناك نصوص عظيمة تحمل البشارات إليهم بتحقيق موعود الله في التمكين لدينه، وهي كثيرة متنوعة، تجمع كلها على أن العاقبة للمتقين، وفي ثناياها شروط هذه العاقبة المباركة، وهي الإيمان والعمل الصالح وتحقيق الولاء والبراء، وبغير ذلك لن يجني أهل الإسلام ثمرة هذا النصر المرتقب العظيم.

أخي الكريم لا تظن في يومِ من الأيامِ أَنهُ لا خيرَ في هذهِ الأُمة اللهُ تباركَ وتعاليَ جعلَ الخيريةَ في هذهِ الأُمة ،  الأُمة تحتاجُ إِليَ من ينفضُ الترابَ عنها تحتاجُ إلي رجلٍ صادق وعنده إخلاص  وعنده كلام طيب يستخرجُ أروع ما في هذه الأمة ، الأمة دي مرت بنكباتِ لا يمكن أن تتخيَلَها ،تعرف لما سيدنا النبي مات بعد ما كان معه في حجة الوداع مائة وعشرون ألف بعد موت النبي إرتد الناس عن الدين حتي لم يَعُدْ يُوَذن في العالم إلا في ثلاث مساجد فقط ،ضاع الدين لا ، سنة 417 هجرية القرامطة دخلوا المسجد الحرام ووقف القرمطي بعد ما خلع الحجر الأسود يقول أنا اللهُ واللهُ أنا يَخْلُقُ الخَلْقَ وأُفْنيِهم أنا أين الطيرُ الأبابيل أين الحجارةُ من سجيل وخلع الحجر الأسود وظل عنده ثلاث وعشرين سنه أين القرامطة الآن ضاع الدين لم يضع ، في أواخر القرن الخامس جاء الصلبيون في تسع حملات صلبية بيت المقدس قعد تسعين سنه مع النصاري رفعت عليه الصُلبان ودُقتْ عليه الأجراس ،وحولوه إلي إصطبل لخيولهم ، الأمة ماتت أبدا ، جاء التتار في القرن السابع قتلوا في إسبوع واحد 2 مليون في بغداد حتي بن الأثير في كتاب الكامل في التاريخ وهو بيكتب في الفترة دي قال ماذا أكتب هل أكتُبُ نعي الإسلام أنعي الإسلام يعني هل ضاع الدين أبدا ، لما تبدأ تظن إن الإسلام سيضيع من أجل الكفار إلي بيحاربوا الدين لا اسمع ربنا عز وجل بيقول إيه الآية إلي تخليك كلك قوة وكلك تفاؤل " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ " يقين في الله عز وجل علشان كده الجماعة المنافقين قالوا إيه  " إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ " إحنا ما عندناش غرور ، إحنا عندنا إيه أمل في الله ثقه في الله ، ثقه في وعده ، لا نيأس ولا نحبط ، في مسند الإمام أحمد بسند صححه الألباني عن الْمِقْدَادِ بْنَ الْأَسْوَدِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَا يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ بَيْتُ مَدَرٍ، وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ ذُلِّ ذَلِيلٍ، إِمَّا يُعِزُّهُمُ اللهُ فَيَجْعَلُهُمْ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ يُذِلُّهُمْ فَيَدِينُونَ لَهَا " اللهُ سيُتِمُ نُورَهُ إنتا مش مسؤول عن النتائج ربنا فالق الإصباح قادر في ليلة واحده بس يُمَكِنْ لِدِينُه ويفتح القلوب لدينه مهما كان الظلام فالق الإصباح المهم أنك تعمل إلي عليك اسمع كلام سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم في مسند أحمد بسند حسنه الألباني عن أبي عِنَبَةَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَا يَزَالُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ بِغَرْسٍ يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ " إنتا المطلوب منك اليوم أن تكون واحدا من هذا الغرس أن تكون غرسا من غرس ربِ العالمين في هذه الأمة حتي يري الناسُ فيك الثمرة تؤتي أُكلها كل حين  .

نص بيان فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، حول الهجوم الإرهابي المروع على المصلين بأحد المساجد في نيوزيلندا.تابعت ببالغ الألم وعميق الحزن أنباء الهجوم الإرهابي الذي استهدف المُصلِّين الآمنين في مسجدين بمدينة "كرايست تشيرش" النيوزيلندية، أثناء أداء صلاة ظهر الجمعة، ما أسفر عن مصرع نحو 50 شخصًا وإصابة عدد مماثل، بينهم العديد من الأطفال والنساء، في مذبحةٍ مروعة يجبُ أن تهتز لها مشاعر وقلوب كل ذوي الضمائر الحيَّة في أنحاء العالم؛ لما فيها من انتهاكٍ لحُرمة الدماء المعصومة، وسفكٍ لأرواحٍ بريئة طاهرة كانت تتضرَّعُ لربها في خشوعٍ واطمئنان.إن تلك المذبحة "الارهابية الشنيعة"، التي حرص مُنفذوها على تصويرها وبثِّها على الهواء للعالم كله، لا تختلف كثيرًا عن مشاهد قطع الرقاب المُروِّعة التي ارتكبتها عصاباتُ داعش الإجراميَّة، فهما فرعان لشجرةٍ واحدة، رُوِيت بماء الكراهية والعنف والتطرُّف، ونزَعت من قلوب أصحابها مشاعرَ الرحمة والتسامح والإنسانيَّة، بل ما كان لهما أن يتوحَّشا بهذا الشكل المُرعِب لولا حساباتٌ سياسيَّةٌ وعنصريَّةٌ ضيِّقة، غضَّت الطرف عن جرائمهما، وسمحت لهما بالانتشار والتوحُّش.ولعل الذين دأبوا على إلصاق الإرهاب بالإسلام والمسلمين يتوقَّفون عن ترديد هذه الأكذوبة بعد أن ثبت لكلِّ مُنصف مُتجرِّد من الغرَض والهوى أنَّ حادثة اليوم، بكل ما خلَّفته من آلامٍ شديدة القسوة، لم يكن من ورائها عقلٌ منتمٍ للإسلام ولا للمسلمين، وإنَّما وراءها عقل بربري وهمجي متوحش، لا نعرف ما هي دوافعه وعقيدته المنحرفة التي أوحت له بهذه الجريمة النكراء، غير أنَّنا - نحن المسلمين - رغم فاجعتنا التي فتَّتت أكبادَنا لا نستطيع أن نقول كلمةً واحدةً تَدِين المسيحيَّة والمسيح -عليه السلام- والتي قد يدَّعي الإيمانَ بها هذا القاتلُ الأثيم؛ لإيماننا بالفرق الهائل بين الأديان وسماحتها، وبين المتلاعبين بها من تجَّار السياسة وتجَّار السلاح، ولسنا نفهم الفرق بين إرهابٍ يرتكبُه مُنتمٍ للإسلام فيُضاف على الفور إلى الإسلام والمسلمين، وبين إرهابٍ يرتكبه مُنتمٍ إلى أي دين آخر فيُوصف فورًا بأنه متطرف يميني، كما أننا لا نفهم كيف لا يوصف هذا الهجوم بأنه إرهاب ويقال: إنه جريمة.وإنني أتساءل: ماذا تعني كلمة "التطرف اليميني"؟ ولماذا يدفع المسلمون وحدَهم ثمنَ ما يُسمَّى بـ"التطرف اليميني" وما يُسمونه بالتطرف الإسلامي من دمائهم وشعوبهم وأراضيهم؟ أما آنَ الأوان أن يكفَّ الناس شرقًا وغربًا عن ترديد أكذوبة: "الإرهاب الإسلامي"؟إنَّ ظاهرة الإسلاموفوبيا وتيَّارات العداء العنصري للأجانب والمُهاجرين في الغرب لم تحظَ حتى الآن بالاهتمام الكافي، رغم خُطورتها وتحوُّلها في كثيرٍ من الحالات لأعمالِ عُنفٍ وكراهيةٍ مَقِيتة، وهو ما يستوجبُ سرعةَ التحرُّك الفاعل لتجريمها ومُحاصرتها ورفع أيِّ غطاءٍ سياسيٍّ أو دينيٍّ عن أصحابها، مع بذل مزيدٍ من الجهد لتعزيز قِيَمِ التسامح والتعايش والاندماج الإيجابي القائم على المساواة في الحقوق والواجبات، واحترام الخصوصية الدينيَّة والثقافيَّة.ولعلَّه من المهم في هذه اللحظات المؤلمة أن نتذكَّر ما نصَّت عليه "وثيقةُ الأخوة الإنسانية"، التي وقَّعها الأزهر الشريف وحاضرة الفاتيكان، في فبراير الماضي، من تأكيدٍ على ضرورة "التحلِّي بالأخلاقِ والتَّمسُّكِ بالتعاليمِ الدِّينيَّةِ القَوِيمةِ لمُواجَهةِ النَّزعاتِ الفرديَّةِ والأنانيَّةِ والصِّدامِيَّةِ، والتَّطرُّفِ والتعصُّبِ الأعمى بكُلِّ أشكالِه وصُوَرِه"، وتشديدها على أنَّ "الإرهابَ البَغِيضَ الذي يُهدِّدُ أمنَ الناسِ، سَواءٌ في الشَّرْقِ أو الغَرْبِ، وفي الشَّمالِ والجَنوبِ، ويُلاحِقُهم بالفَزَعِ والرُّعْبِ وتَرَقُّبِ الأَسْوَأِ، ليس نِتاجًا للدِّين - حتى وإنْ رَفَعَ الإرهابيُّون لافتاتِه ولَبِسُوا شاراتِه - بل هو نتيجةٌ لتَراكُمات الفُهُومِ الخاطئةِ لنُصُوصِ الأديانِ وسِياساتِ الجُوعِ والفَقْرِ والظُّلْمِ والبَطْشِ والتَّعالِي".خالص التعازي والمواساة لأسر الضحايا وذَوِيهم، ولكلِّ المسلمين في العالم ولذوي الضمائر الحيَّة، وأتضرَّعُ إلى المولى - سبحانه وتعالى - أن يتغمَّد الضحايا بواسع رحمته، ويُدخلهم فسيح جناته، وأن يُنعِم على المصابين بالشفاء العاجل، وأن يُعِيد لمَن روَّعتهم تلك المذبحةُ النكراءُ السكينةَ والطمأنينة.

نسألُ اللهَ تعاليَ أن ينُزلَهم منازلَ الشهداءِ يومَ القيامةِ ياربِ فارفعُهم لأعليَ منزلِ في جنةِ منْ تحتهاَ الأنهارُ أكوابُها موضوعةٌ وقبابهاَ مرفُوعةٌ حُفتْ بهاَ الأنوارُ وصِحَافُهاَ من فضةٍ ولباسُهَا منْ سندسٍ وطعامُهاَ أطْيَارُ .

هذا وصلى الله وسلم على البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وسلم .

 

المشاهدات 1593 | التعليقات 2

ما شاء الله تبارك الله
كلام رصين موثق وفي وقته
بارك الله فيك ونفع بك
وجزاك الله خيرا


وجزاك مثله وزيادة أخي الكريم الفاضل 

أبو أسد بوركت وجزيت جنة الفردوس الأعلى