مجالات العبوديّة في البصر
رشيد بن ابراهيم بوعافية
1434/05/22 - 2013/04/03 11:02AM
[FONT="]خطبة الجمعة : مجالات العبودية في البصر ! [/FONT][FONT="]. [/FONT]
[FONT="]الاستفتاح بخطبة الحاجة،ثم أما بعد[/FONT][FONT="] : معشر المؤمنين : [/FONT]
[FONT="] حديثُنا اليوم عن عبوديَّة البصر في الإسلام ، ما هي مجالاتُها ، وما هي ثمراتُها، وكيفَ يُحسُّ المسلمُ أنَّ بصَرَهُ عابدٌ لله ، منقادٌ لمولاه، أو أنَّهُ مقصّرٌ في طاعة الله ، منقادٌ لغير مولاه : ألاَ فلنعلمَ- معشر المؤمنين- أنَّ اللهَ تعالى الذي أنعمَ على العبد بنعمة الإبصار سائلُهُ يوم القيامة عن هذه النعمة حفظَها أم ضيَّعها، مصداقُ ذلك قولهُ تعالى [/FONT][FONT="]: [/FONT][FONT="]﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾ (الإسراء:36).و قوله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون﴾(فصلت:20).[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="] فحقٌّ على كلّ مسلم يخافُ مقامَ ربّه أن يُحاسبَ نفسهُ على مجالاتِ عبوديةِ البصر لله تعالى حتى يسلمَ ويطمئِنَّ يوم الحساب . هذا ومن تأمَّل نصوص الشرعِ الحنيف رأى من تنوُّع مجالات هذه العبودية ما ينيرُ البصرَ والبصيرة ، ويورثُ حلاوةَ الإيمانِ ولذَّةَ الطاعة ، فإلى تلك المجالات نُحاسبُ عليها أنفسنا عسى أن نكونَ من الفائزينَ يومَ الدّين : [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="]فمن أهم مجالات عبوديّة البصر في الإسلام[/FONT][FONT="] : كفُّ البصر عن المحاسن والمفاتن والعورات ، ذلكَ أنَّ اللهَ تعالى خلقَ الإنسانَ، وركَّبَ فيه الشهوةَ والميلَ إلى حُبّ الجمال والمفاتن والمحاسن، ركَّبَ ذلك في الرَّجُل فكان ميَّالاً بطبعه إلى المرأة، وركَّبَ ذلك في المرأة فكانت ميَّالةً بطبعها إلى الرَّجُل، قال تعالى:[/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْث[/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="] (آل عمران14) .[/FONT][FONT="] ثمَّ امتحنَ اللهُ كليهما بأنَّ سدَّ عليهما كُلَّ طريق إلى الاستمتاع بالنَّظر إلى الجمال والفتنة والحُسن إلاَّ من طريق الزَّواج ، قال تعالى[/FONT][FONT="]:﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون(30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُن[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِن[/FONT][FONT="]﴾(النور:30-31).[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] من وفَّى بشروط الامتحان إيمانًا واحتسابًا ، وغضَّ البصر عن غير زوجته صابرًا مجاهدَا ،من فعل ذلك زَكَى إيمانُهُ و أنارَ اللهُ بصيرتَهُ، و أحيا قلبَه وأذاقَه حلاوةَ الإيمان، وأعانهُ على الشيطان ،وأحسَّ بعزَّة النفس ولا بُد ، وحرَّمهُ اللهُ على النار ، وكفى بذلك فوزًا مبينَا ..! يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT="]:"[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]ثلاثة لا ترى أعينُهُم النار:عين حَرَست في سبيل الله وعينٌ بَكَتْ من خشيةِ الله وعينٌ كَفَّت عن محارِمِ الله[/FONT][FONT="]"[FONT="][1][/FONT].[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]وأمَّا من فشلَ في الامتحان ،واستعجلَ اللذَّات، ولم يصبر على حرارة المجاهدة، فأطلقَ لبصره العَنَان، في الطُّرُقات والقنوات، في الأفلام الهابطة والتسجيلات الساقطة، من فعل ذلك ماتَ قلبُهُ و أظلمَ وجهُهُ وطمسَ اللهُ بصيرتَهُ وسلبهُ نورَ الإيمان وبهاءَ الطَّاعة، وأحسَّ بالذُلّ و الخسف وهوان النَّفس ولا بُد، وكان على خطر عظيم من سوء الخاتمة والموت على الفجور، وكفى بموت القلب مُصيبةً ورَزيَّة..! [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]معشر المؤمنين[/FONT][FONT="] :حاسبوا أنفسكم على هذا حسابًا شديدًا، فكم لهذا المرض من قتلى، وكم أورثَ من حسرات، وكم أهلكَ من عابد، وفسخَ عزمَ زاهد، وفي النهاية : تنقضي اللذَّةُ في حينها ويعقُبُها ندمُ الأبد..! [/FONT]
[FONT="] ومن مجالات عبودية البصر في الإسلام : غضُّ البصر عن فضول زينة الحياة الدنيا ، وما لا قُدرة للعبد عليه من متاع الحياة وبهجتها ممَّا فضَّلَ اللهُ به بعضَ النَّاس على بعض : قال ربُّنا تعالى يعظُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]:[/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="]وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى[/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="](طه131 ). [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] فكم من إنسان يقتُلُ نفسَهُ غمَّا وكمدًا بسبب إطلاق البصر، وهو يعلمُ أنَّهُ لن يصل إلى شيء ممَّا يرى ولا معشارَ معشارِه : ينظُرُ إلى ما بنَى النَّاسُ من القصورِ والدُّور فيقول : آهٍ لو كان لي مثلُ هذا ! ،تمرُّ عليه سيَّارةٌ فارهة بعشرات الملايين فيقول: آهٍ لو كان لي مثلُ هذه ! ، يمرُّ على قطيعٍ من الأغنام والأبقار والعُجول : فبدَلَ أن يقول : ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إلا بالله يقول : آهٍ لو كان لي مثلُ هذه ! ...وهكذا في اليوم الواحد يتحسَّرُ على عشرات الفوائت ؛ قصرٍ مَنيف، أو سيَّارةٍ فارهة، أو امرأة حسناء، أو تجارة رابحة، أو أموالٍ طائلة . . ثمَّ لا يجني من ذلك سوَى تَعَبِ القلبِ واضطرابِ الفِكرِ وقلقِ الضمير والوُجدان . . !، قال النبي صلى الله عليه وسلم يربي المؤمنين على القناعة : "من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها "(صحيح الجامع :6042) . وقال :" انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمه الله " (صحيح:سنن ابن ماجه 4142 ) . [/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="]نسأل الله التوفيق إلى ما يحب ويرضى،أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم إنه غفور رحيم [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]معشر المؤمنين[/FONT][FONT="] : [/FONT][FONT="]ومن مجالات عبودية البصر في الإسلام[/FONT][FONT="]: [/FONT][FONT="]كفُّ البصر عن عورات النَّاس وأخطائهم وعدمُ تتبُّع هفواتهم و وزلاَّتهم ، والاشتغالُ بالنَّظر إلى عورات النفس وتقصير البَدن في حقّ الله تعالى، فلو طالعَ العبدُ تقصيرَهُ ، وسلَّطَ بصرَهُ على عيوبه، لكفاهُ ذلكَ التطلُّعَ إلى عورات النَّاس ! .[/FONT]
[FONT="] المؤمنُ يستُرُ وينصح، والفاجرُ يهتكُ ويفضَح، المؤمنُ يُحسنُ الظَّنَّ بالنَّاس ويحملُ ما رآهُ على أحسن المحامل ومئات الأعذار، والفاجرُ يسيءُ الظَّنَّ بغيره ويتكلَّفُ القراءةَ بين السُّطور وما في الصُّدُور و يحملُ ما رآهُ على أسوأ المحامل ، ولا يلتمسُ الأعذار ، وفرقٌ كبيرٌ بين ما يورثُهُ في القلب هذا النظَّرُ ، وذاكَ النَّظَر .. ! [/FONT]
[FONT="]ومن تلك المجالات [/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="] شُكرُ الله تعالى على النعم حين يراها العبدُ ويبصرُها، ولذلك كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول :" اللهم كما حسَّنت خَلْقي فأحسن خُلُقي ". وكان إذا لبسَ ثوبًا جديدًا وابتهجَ برؤيته وطلعته عليه قال :" اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيرِهِ وخيرِ ما صُنِعَ له،وأعوذ بك من شرِّه وشر ما صُنِع له "(صحيح الجامع :4664) . [/FONT]
[FONT="]ومن ذلك[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="] حمدُ الله تعالى عند رؤية المُبتَلين في أجسادهم وتذُكُّرُ نعمةِ السَّلامة والعافية في الجسد، وقد ثبتَ عن النبيّ[/FONT][FONT="][FONT="]r[/FONT][/FONT][FONT="] أنه قال :" من رأى مبتلى فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء " ( الصحيحة: 602 ) . [/FONT]
[FONT="]ومن مجالات عبودية البصر في الإسلام[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="] السياحةُ فيما خلقَ اللهُ وأبدع في السموات والأرض،ومطالعةُ عجيب خلق الله وبديعِ صَنعَته في الكون والنبات والجبال والبحار والأنهار . . فسياحةُ المؤمن غيرُ سياحة الكافر والفاجر، المؤمن يستمتع ويتفكَّر ويعتبر، والكافرُ يلهو ويعبثُ ويفجُر . . وفرقٌ كبيرٌ بين[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]ما يورثُهُ في القلب هذا النظَّرُ وذاكَ النَّظَر . . ! قال تعالى : [/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="]قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُون[/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="] (يونس101 ) ، وقال تعالى:[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="]أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="](الغاشية17) ،وقال سبحانه :[/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا[/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="] (العنكبوت:20) . . . . . . . . [/FONT][FONT="] فاللهم أعنّا على شكر نعمة البصر ، وأنِر لنا الأبصار والبصائر ،ووفقنا [/FONT][FONT="]إلى حسن العلم والعمل ،اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا،وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان،وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="] - صحيح الترغيب والترهيب( 1231) .[/FONT]
[FONT="]الاستفتاح بخطبة الحاجة،ثم أما بعد[/FONT][FONT="] : معشر المؤمنين : [/FONT]
[FONT="] حديثُنا اليوم عن عبوديَّة البصر في الإسلام ، ما هي مجالاتُها ، وما هي ثمراتُها، وكيفَ يُحسُّ المسلمُ أنَّ بصَرَهُ عابدٌ لله ، منقادٌ لمولاه، أو أنَّهُ مقصّرٌ في طاعة الله ، منقادٌ لغير مولاه : ألاَ فلنعلمَ- معشر المؤمنين- أنَّ اللهَ تعالى الذي أنعمَ على العبد بنعمة الإبصار سائلُهُ يوم القيامة عن هذه النعمة حفظَها أم ضيَّعها، مصداقُ ذلك قولهُ تعالى [/FONT][FONT="]: [/FONT][FONT="]﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾ (الإسراء:36).و قوله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون﴾(فصلت:20).[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="] فحقٌّ على كلّ مسلم يخافُ مقامَ ربّه أن يُحاسبَ نفسهُ على مجالاتِ عبوديةِ البصر لله تعالى حتى يسلمَ ويطمئِنَّ يوم الحساب . هذا ومن تأمَّل نصوص الشرعِ الحنيف رأى من تنوُّع مجالات هذه العبودية ما ينيرُ البصرَ والبصيرة ، ويورثُ حلاوةَ الإيمانِ ولذَّةَ الطاعة ، فإلى تلك المجالات نُحاسبُ عليها أنفسنا عسى أن نكونَ من الفائزينَ يومَ الدّين : [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="]فمن أهم مجالات عبوديّة البصر في الإسلام[/FONT][FONT="] : كفُّ البصر عن المحاسن والمفاتن والعورات ، ذلكَ أنَّ اللهَ تعالى خلقَ الإنسانَ، وركَّبَ فيه الشهوةَ والميلَ إلى حُبّ الجمال والمفاتن والمحاسن، ركَّبَ ذلك في الرَّجُل فكان ميَّالاً بطبعه إلى المرأة، وركَّبَ ذلك في المرأة فكانت ميَّالةً بطبعها إلى الرَّجُل، قال تعالى:[/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْث[/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="] (آل عمران14) .[/FONT][FONT="] ثمَّ امتحنَ اللهُ كليهما بأنَّ سدَّ عليهما كُلَّ طريق إلى الاستمتاع بالنَّظر إلى الجمال والفتنة والحُسن إلاَّ من طريق الزَّواج ، قال تعالى[/FONT][FONT="]:﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون(30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُن[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِن[/FONT][FONT="]﴾(النور:30-31).[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] من وفَّى بشروط الامتحان إيمانًا واحتسابًا ، وغضَّ البصر عن غير زوجته صابرًا مجاهدَا ،من فعل ذلك زَكَى إيمانُهُ و أنارَ اللهُ بصيرتَهُ، و أحيا قلبَه وأذاقَه حلاوةَ الإيمان، وأعانهُ على الشيطان ،وأحسَّ بعزَّة النفس ولا بُد ، وحرَّمهُ اللهُ على النار ، وكفى بذلك فوزًا مبينَا ..! يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT="]:"[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]ثلاثة لا ترى أعينُهُم النار:عين حَرَست في سبيل الله وعينٌ بَكَتْ من خشيةِ الله وعينٌ كَفَّت عن محارِمِ الله[/FONT][FONT="]"[FONT="][1][/FONT].[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]وأمَّا من فشلَ في الامتحان ،واستعجلَ اللذَّات، ولم يصبر على حرارة المجاهدة، فأطلقَ لبصره العَنَان، في الطُّرُقات والقنوات، في الأفلام الهابطة والتسجيلات الساقطة، من فعل ذلك ماتَ قلبُهُ و أظلمَ وجهُهُ وطمسَ اللهُ بصيرتَهُ وسلبهُ نورَ الإيمان وبهاءَ الطَّاعة، وأحسَّ بالذُلّ و الخسف وهوان النَّفس ولا بُد، وكان على خطر عظيم من سوء الخاتمة والموت على الفجور، وكفى بموت القلب مُصيبةً ورَزيَّة..! [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]معشر المؤمنين[/FONT][FONT="] :حاسبوا أنفسكم على هذا حسابًا شديدًا، فكم لهذا المرض من قتلى، وكم أورثَ من حسرات، وكم أهلكَ من عابد، وفسخَ عزمَ زاهد، وفي النهاية : تنقضي اللذَّةُ في حينها ويعقُبُها ندمُ الأبد..! [/FONT]
[FONT="] ومن مجالات عبودية البصر في الإسلام : غضُّ البصر عن فضول زينة الحياة الدنيا ، وما لا قُدرة للعبد عليه من متاع الحياة وبهجتها ممَّا فضَّلَ اللهُ به بعضَ النَّاس على بعض : قال ربُّنا تعالى يعظُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]:[/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="]وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى[/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="](طه131 ). [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] فكم من إنسان يقتُلُ نفسَهُ غمَّا وكمدًا بسبب إطلاق البصر، وهو يعلمُ أنَّهُ لن يصل إلى شيء ممَّا يرى ولا معشارَ معشارِه : ينظُرُ إلى ما بنَى النَّاسُ من القصورِ والدُّور فيقول : آهٍ لو كان لي مثلُ هذا ! ،تمرُّ عليه سيَّارةٌ فارهة بعشرات الملايين فيقول: آهٍ لو كان لي مثلُ هذه ! ، يمرُّ على قطيعٍ من الأغنام والأبقار والعُجول : فبدَلَ أن يقول : ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إلا بالله يقول : آهٍ لو كان لي مثلُ هذه ! ...وهكذا في اليوم الواحد يتحسَّرُ على عشرات الفوائت ؛ قصرٍ مَنيف، أو سيَّارةٍ فارهة، أو امرأة حسناء، أو تجارة رابحة، أو أموالٍ طائلة . . ثمَّ لا يجني من ذلك سوَى تَعَبِ القلبِ واضطرابِ الفِكرِ وقلقِ الضمير والوُجدان . . !، قال النبي صلى الله عليه وسلم يربي المؤمنين على القناعة : "من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها "(صحيح الجامع :6042) . وقال :" انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمه الله " (صحيح:سنن ابن ماجه 4142 ) . [/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="]نسأل الله التوفيق إلى ما يحب ويرضى،أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم إنه غفور رحيم [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]الخطبة الثانية[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] المؤمنُ يستُرُ وينصح، والفاجرُ يهتكُ ويفضَح، المؤمنُ يُحسنُ الظَّنَّ بالنَّاس ويحملُ ما رآهُ على أحسن المحامل ومئات الأعذار، والفاجرُ يسيءُ الظَّنَّ بغيره ويتكلَّفُ القراءةَ بين السُّطور وما في الصُّدُور و يحملُ ما رآهُ على أسوأ المحامل ، ولا يلتمسُ الأعذار ، وفرقٌ كبيرٌ بين ما يورثُهُ في القلب هذا النظَّرُ ، وذاكَ النَّظَر .. ! [/FONT]
[FONT="]ومن تلك المجالات [/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="] شُكرُ الله تعالى على النعم حين يراها العبدُ ويبصرُها، ولذلك كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول :" اللهم كما حسَّنت خَلْقي فأحسن خُلُقي ". وكان إذا لبسَ ثوبًا جديدًا وابتهجَ برؤيته وطلعته عليه قال :" اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيرِهِ وخيرِ ما صُنِعَ له،وأعوذ بك من شرِّه وشر ما صُنِع له "(صحيح الجامع :4664) . [/FONT]
[FONT="]ومن ذلك[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="] حمدُ الله تعالى عند رؤية المُبتَلين في أجسادهم وتذُكُّرُ نعمةِ السَّلامة والعافية في الجسد، وقد ثبتَ عن النبيّ[/FONT][FONT="][FONT="]r[/FONT][/FONT][FONT="] أنه قال :" من رأى مبتلى فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء " ( الصحيحة: 602 ) . [/FONT]
[FONT="]ومن مجالات عبودية البصر في الإسلام[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="] السياحةُ فيما خلقَ اللهُ وأبدع في السموات والأرض،ومطالعةُ عجيب خلق الله وبديعِ صَنعَته في الكون والنبات والجبال والبحار والأنهار . . فسياحةُ المؤمن غيرُ سياحة الكافر والفاجر، المؤمن يستمتع ويتفكَّر ويعتبر، والكافرُ يلهو ويعبثُ ويفجُر . . وفرقٌ كبيرٌ بين[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]ما يورثُهُ في القلب هذا النظَّرُ وذاكَ النَّظَر . . ! قال تعالى : [/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="]قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُون[/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="] (يونس101 ) ، وقال تعالى:[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="]أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="](الغاشية17) ،وقال سبحانه :[/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا[/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="] (العنكبوت:20) . . . . . . . . [/FONT][FONT="] فاللهم أعنّا على شكر نعمة البصر ، وأنِر لنا الأبصار والبصائر ،ووفقنا [/FONT][FONT="]إلى حسن العلم والعمل ،اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا،وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان،وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="] - صحيح الترغيب والترهيب( 1231) .[/FONT]