مجاديح السماء

عبدالرزاق بن محمد العنزي
1443/03/28 - 2021/11/03 19:54PM

الحمدُ للهِ ربِّنا، تعاظَمَ ملكوتُهُ فاقتدرَ، وتعالَى جبروتُه فقهرَ. أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا هوَ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أن نبيَنا محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، أعرفُ الخلقِ بربهِ وأخشاهُمْ له، صلى اللهُ وسلمَ عليهِ وعلى آلهِ وصحبهِ، ومنِ اهتدَى بهُداهُ، إلى يومِ لقاهُ. أما بعدُ: فإن مَن: {يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}.     

عباد الله:إنَّ هذا الاجتماعَ المباركَ لصلاةِ الاستسقاءِ سببٌ لتيسيرِ اللهِ لنا، ورحمتهِ بنا، فاللهم ارحمْنا جميعًا بهذا الجَمْعِ الذي يَسألُكَ ويخَافُكَ ويَرجُوكَ.                                                            

وإنَّ أمرًا إنْ نحنُ التزمناهُ فإنّ اللهَ قد وَعدَ لأجلهِ أن يكشِفَ ما بِنا من فاقةٍ ونقصٍ في الأموالِ والأنفسِ والثمراتِ.                      

إنه السلاحُ الذي قالَ عنهُ رَبُّنا: فَبِعِزَّتِي وَجَلاَلِيْ، لاَ أَبْرَحُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِيْ.                                              

وتأملْ في الإمامِ المُلهَمِ عمرَ بنِ الخطابِ I حينَ طلبَ الغيثَ بأعظمِ الأسبابِ، فقد استسقَى يومًا، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى الاِسْتِغْفَارِ، فقالُوا لَهُ : مَا رَأَيْنَاكَ اسْتَسْقَيْتَ فَقَالَ : لَقَدْ طَلَبْتُ الغَيْثَ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ. ثم قرأَ قولَ اللهِ تعالَى: {وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا}.           

فهل فكرتَ يومًا عندما يُصيبُكَ همٌ أو غمٌ، أو عندما تقعُ في مشكلةٍ ومعضلةٍ، هل فكرتَ في أن المخرجَ هو مَدُّ الحبالِ إلى اللهِ -عزَ وجلَ– استغفارًا وابتهالاً وانطراحًا وتوسلاً واستعانةً: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}

إن الذنوبَ من طبيعةِ البشرِ التي لا يَنفَكُّونَ عنها،وإنما السؤالُ: هلْ نستغفرُ من ذنوبِنا أم لا؟ كيفَ ورسولُ اللهِ قالَ :وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ.رواهُ مسلمٌ.                

وما أَلْهَمَ اللهُ عبدًا الاستغفارَ وهوَ يُريدُ أن يُعذِبَهُ.                                       

فما ضرورة كثرة الاستغفار؟ أليس سائر العبادات تغفر ذنوب العبد وتغني عن الاستغفار؟                               

لقد ذكر الله لنا في كتابه العزيز أكثر من مائة وخمسين مرة بأنه غفور رحيم، وحثنا على الاستغفار في أكثر من عشرين آية.

فالمسلم مطالب أن يكون دائم الاستغفار، فطوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً.                                                          

إذا لماذا الحاجة إلى كثرة الاستغفار؟  لأن الاستغفار شرع لأهداف سامية أهمها: أنه لطلب نزول الأمطار في موسمها.    

فالله لا يحبس القطر عن العباد إلا لذنوب ارتكبوها أو لعبادات تركوها. ولقد بين الله لنا أسباباً عديدة لحبس المطر في السماء والتي منها ترك الاستغفار: قال تعالى على لسان نوح لقومه : (فقلت استغفروا ربكم إنَّه كان غفارا يرسل

السماء  عليكم مدرارا).

                                             

أيُّها الإخوةُ: الآنَ سَندعُو فارفعُوا أيديَكُمْ. 

                      

اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا.اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ.اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا [مَرِيئًا] هَنِيئًا مَرِيعًا طَبَقًا غَدَقًا مُجَلَّلًا [عَاجِلًا] غَيْرَ رَائِثٍ، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ عَامًّا سَحًّا دَائِمًا.اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ إِنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ وَالْبَهَائِمِ وَالْخَلْقِ مِنَ اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالْفَتْكِ مَا لَا يَشْكُو إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ أَنَبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْيَ، واكْشِفْ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفْهُ غَيْرُكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ، إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا.                                                                                

اللَّهُمَّ لَا تُهْلِكْنَا بِالسِّنِينَ، وَارْفَعْ عَنَّا الْبَلَاءَ.                                 

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ وَنَسْتَسْقِيكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ، إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، أَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا سُقْيَا نَافِعَةً وَادِعَةً تَزِيدُ بِهَا فِي شُكْرِنَا، وَارْزُقْنَا رِزْقَ إِيمَانٍ وَبَلَاغَ إِيمَانٍ، إِنَّ عَطَاءَكَ لَمْ يَكُنْ مَحْظُورًا.                    

اللَّهُمَّ أَنْزِلْ فِي أَرْضِنَا رَبِيعَهَا، وَأَنْزِلْ فِي أَرْضِنَا سَكَنَهَا، وَارْزُقْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، تُرْخِصُ بِهِ أَسْعَارَنَا وَتُدِرُّ بِهِ أَرْزَاقَنَا، وَتُنْعِمُ بِهِ عَلَى بَدْوِنَا وَحَضَرِنَا وَاجْعَلْنَا لَكَ شَاكِرِينَ.                                               

اللهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ، وَلَا سُقْيَا عَذَابٍ وَلَا بَلَاءٍ، وَلَا هَدْمٍ وَلَا غَرَقٍ، اللهُمَّ عَلَى الظِّرَابِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، اللهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا.                                                       

                اللهم لك الحمدُ على ما أنزلتَ من غيثٍ على بعضِ البلادِ، ونسألُك بفضلِك المزيدَ وعمومَ الغيث.                                                              

  اللهم ادفعْ عنا الغلاءَ والبلاءَ والوباءَ، والمحنَ والفتنَ، ما ظهرَ منها وما بطنَ عن بلدِنا وعن سائرِ بلادِ المسلمين.

عباد الله: اقلِبُوا أردِيتَكم الآنَ؛ تأسيًا بنبيِكم محمدٍ، والشماغُ يُقلبُ كما أفتى ابنُ باز. واجتهدِوا في الدعاءِ، بأن يَتجهَ كلُ واحدٍ للقبلةِ الآنَ، ويدعُو واقفًا، وادعُوا اللهَ وأنتم موقنونَ بالإجابةِ. والحمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ.

المشاهدات 2930 | التعليقات 0