ما يُشرَع بعد الصلاة من الذكر والسنن الرواتب
محمد بن عبدالله التميمي
الخطبة الأولى
الحَمْدُ لِلَّهِ الذِي هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ مِنْ سَائِرِ الدِّيَانَاتِ، وَيَسَّرَ عَلَيْنَا اَلصَّلَوَاتِ، وَأَجْزَلَ فِيهَا العَطِيَّات، فَهُنَّ خَمْسٌ بِخَمْسِينَ مِنْ الـمُضَاعَفَاتِ، وَهِيَ مُكَفِّرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، مَعَ مَا يَسْبِقُهَا وَيَتْبَعُهَا مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ، أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ مِنَ البَرِيَّاتِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ عَلَيهِ السَّلَامُ وَالصَّلَوَات، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ، أَمَّا بَعْد:
فَاتُّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ، وَوَثِّقُوا الصِّلَةَ بِاَللَّه، فَإِنَّ الصَّلَاةَ صِلَةٌ بَيْنَ العَبْدِ وَرَبِّهِ، وَمُنَاجَاةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَسُلَّمٌ لِقُرْبِهِ، وَهِيَ النَّاهِيَةُ عَنْ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، فَبِهَا تَتَحَقَّقُ التَّقْوَى، وَيَرْتَفِعَ العَبْدُ وَيَرْقَى.
عباد الله.. إنَّ السُّنَّةَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ ﷺ إِذَا صَلَّى النَّاسُ المَكْتُوْبَةَ ذَكَرُوْا اللهَ تَعَالَىْ وَرَفَعُوْا أَصْوَاتَهُمْ حَتَّىْ يَسْمَعَ مَنْ حَوْل أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ؛ فَيَعْرِفُوْنَ انْقِضَاءَ الصَّلَاةِ؛ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ - حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ - كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ»، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «كُنْتُ أَعْلَمُ إذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ، إذَا سَمِعْتُهُ ﷺ» متفقٌ عليه.
«كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا، وَقَالَ: اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، قَالَ الْوَلِيدُ: فَقُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ: كَيْفَ الْاسْتِغْفَارُ؟ قَالَ: تَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ» أخرجه مسلم. ثُمَّ يَقُوْلُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ» أخرجه مسلم. ثُمَّ يَقُوْلُ: «لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ» أخرجه البخاري ومسلم.
وَكَانَ ﷺ بَعْدَ ذَلِكَ يُسَبِّحُ اللهَ وَيَحْمَدُهُ وَيُكَبِّرُهُ، وَقَدْ وَرَدَ هَذَا عَلَىْ أَنْوَاعٍ، وَهِيَ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: أَنْ يُسَبِّحَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِيْنَ، وَيُكَبِّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِيْنَ، وَيَحْمَدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِيْنَ، فَيَكُوْنُ الْمَجْمُوْعُ تِسْعًا وَتِسْعِيْنَ، كَمَا فِيْ حَدِيْثِ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِيْنَ عِنْدَمَا ذَكَرُوْا سَبْقَ أَهْلِ الدُّثُوْرِ بِالْأُجُوْرِ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
النَّوْعُ الثَّانِيْ: أَنْ يُسَبِّحَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِيْنَ، وَيَحْمَدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِيْنَ، وَيُكَبِّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِيْنَ، ثُمَّ يُكْمِلُ الْمَائَةَ بـ(لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَىْ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ)، كَمَا فِيْ صَحِيْحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ ﷺ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ r قَالَ: «مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِيْ دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وكَبَّرَ اللهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ؛ فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمامَ المَائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَىْ كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ؛ غُفِرَتْ خَطاياهُ وإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ».
النَّوْعُ الثَّالِثُ: أَنْ يُسَبِّحَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِيْنَ، وَيَحْمَدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِيْنَ، وَيُكَبِّرُ اللهَ أَرْبَعًا وَثَلاثِيْنَ، فَيَكُوْنُ الْمَجْمُوْعُ مَائَةً، كَمَا فِيْ حَدِيْثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مُعَقِّباتٌ لا يَخِيبُ قائِلُهُنَّ أوْ فاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ: ثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَسْبِيحَةً، وثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَحْمِيدَةً، وأَرْبَعٌ وثَلاثُونَ تَكْبِيرَةً» أخرجه مسلم.
النَّوْعُ الرَّابِعُ: أَنْ يُسَبِّحَ اللهَ خَمْسًا وَعِشْرِيْنَ، وَيَحْمَدَ اللهَ خَمْسًا وَعِشْرِيْنَ، وَيُهَلِّلَ اللهَ خَمْسًا وَعِشْرِيْنَ، وَيُكَبِّرَ اللهَ خَمْسًا وَعِشْرِيْنَ، فَيَكُوْنُ الْمَجْمُوْعُ مَائَةً.
النَّوْعُ الْخَامِسُ: أَنْ يُسَبِّحَ عَشْرًا، وَيَحْمَدَ عَشْرًا، وَيُكَبِّرَ عَشْرًا، كَمَا فِيْ َحدِيْثِ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «تُسبِّحونَ في دُبُرِ كلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَتَحْمَدُوْنَ عَشْرًا، وَتُكَبِّروَنَ عَشْرًا» أخرجه البخاري.
ثُمَّ يَقْرَأُ آيَةَ اَلْكُرْسِيِّ فَإِنَّهُ إِذَا قَالَهَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ اَلْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ. أَخْرَجَهُ اَلنِّسَائِيُّ.
وَيَقْرَأُ المُعَوِّذّاتِ _{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}-، ففي السُّنن من حديث عُقبةَ بنِ عامرٍ رضيَ اللهُ عنه قال: «أمَرني رسولُ اللهِ ﷺ أنْ أقرَأَ المُعوِّذاتِ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ».
فَإِذَا بَقِيَ اَلْمُصَلِّي فِي مَكَانِهِ فَإِنَّ اَلرَّحْمَةَ تَغْمُرُهُ، وَالمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ: «فَإِذا صَلّى، لَمْ تَزَلِ المَلائِكَةُ تُصَلِّي عليه، ما دامَ في مُصَلّاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عليه، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ ما لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ، ما لَمْ يُؤْذِ فِيهِ» أخرجه البخاري ومسلم.
عباد الله.. وَقَدْ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ يُتْبِعُ الصَّلَوَاتِ عَدَا الفجرِ والعصر: بالسنة الراتبة، فإنها لِلْدَّرَجَاتِ رَافِعَة، ولِلْخَطَايَا مكفِّرة، ولِمَحَبَّةِ الرَّبِّ مُوْصِلَة، وللخَلَلِ والنَّقْصِ فِي الفَرِيْضَةِ مُكَمِّلة، قال رَسُوْلُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ الرَّبُّ ــ عَزَّ وَجَلَّ ــ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ».
وَلِلْمُحَافِظِ عَلَى السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ لِمَنْ حَافَظَ عَليْهِنَّ، عن أُمِّ حَبِيْبَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ: «مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ» فَقَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: «فَمَا بَرِحْتُ أُصَلِّيهِنَّ بَعْدُ»، وقَالَ عَنْبَسَةُ: «فَمَا زِلْتُ أُصَلِّيهِنَّ بَعْدُ»، وقَالَ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ: «فَمَا زِلْتُ أُصَلِّيهِنَّ» وقَالَ النُّعْمَانُ: «وَأَنَا لَا أَكَادُ أَدَعُهُنَّ».
فَهَكَذَا كَانَ اَلسَّلَفُ الصَّالِحُ إِذَا بِلُغَتِهِمْ السُّنَةُ عَمِلُوا بِهَا وَتَوَاصَوا عَلَيْهَا وَاسْتَبْقَوا الخَيْرَاتِ، وَسَارَعُوا إِلَى مَرْضَاةِ رَبِّهِمْ وَالْجَنَّاتُ.
وَبَعْضُ هَذِهِ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ آكَدُ مِنْ بَعْضٍ، كَمَا جَاءَ بِخُصُوصِ رَكْعَتِي اَلْفَجْرَ قولُ رَسُوْلِ اللهِ ﷺ: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» أخرجه مسلم.
فَيَا غَبْنَ الَّذِينَ يُفَرِّطُونَ فِي رَاتِبِةِ الْفَجْرِ؛ إِذْ يَفُوتُهُمْ هَذَا الْخَيْرُ الْعَظِيمُ الَّذِي أَخْبَرَ عَنْهُ اَلنَّبِيُّ ﷺ.
وَوَقْتُ رَاتِبَةِ الْفَجْرِ مِنْ دُخُولِ وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَى الصَّلَاةِ، فَمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَدَائِهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ مِنْ أَدَائِهَا بَعْدَ اَلصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ اَلشَّمْسِ وَارْتِفَاعِهَا قَدْرَ رُمْحٍ، وَهُوَ الْأُوْلَى.
وصَلاتُها فِي البَيْتِ أَفْضَلُ، فهو فِعلُ النَّبي ﷺ حيثَ صحَّ عن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت: «كَانَ ﷺ يُصَلِّي فِي بَيْتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ، وَيَدْخُلُ بَيْتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ».
ولِقولِ النَّبيِّ ﷺ: «فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلاَةِ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلاَةَ المَكْتُوبَةَ» متفقٌ عليه، ولمسلم: «إِذَا قَضَى أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِ، فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلَاتِهِ، فَإِنَّ اللهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا».
فَفِي صَلَاتِهَا فِي الْبَيْتِ: حُصُولُ الْبَرَكَةِ، وَتَنَزُّلُ الرَّحْمَةِ، وَحُضُورُ الملَائِكَةِ، وَطَرْدُ الشَّيَاطِينِ، وَاقْتِدَاءُ أَهْلِهُ بِهِ، وَتَرْبِيَةُ الأَوْلَادِ، وَتَعْلِيمُهُمْ الصَّلَاةَ، هَذَا كُلُّهُ مِنْ الخَيْرِ الذِي يَكُونُ لَهُ مِنْ صِلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ. هَذَا مَعَ أَنّه أَقْرَبُ إِلَى الإِخْلَاصِ وَأَبْعَدُ عَنْ اَلرِّيَاءِ.
بَارَكَ اَللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي اَلذِّكْرِ وَالْآيَات، وَوَفَّقَنَا لِإِقَامَةِ اَلصَّلَوَاتِ، وَغَفَرَ لِي وَلَكُمْ وَلِلْمُسْلِمِينَ الْخَطَايَا وَالسَّيِّئَاتِ.
الخطبة الثانية
الحَمْدُ لِلَّهِ الأَحَدِ اَلصَّمَد، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ مَنْ صَلَّى لِلَّهِ وَتَعَبَّد، أَمَّا بَعْد:
فإنَّ العبدَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا يَعلَمُ أنَّه فِي أمَسِّ الحَاجَةِ إِلى حَسَنَةٍ يَرجُحُ بها مِيْزَانُه يَومَ القِيَامَةِ، فَهُوَ فِي أمَسِّ الحَاجَةِ إِلَى هَذِه الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ لِتَكُونَ زادًا لَهُ يَوْمَ قُدُومِه عَلَى اللهِ {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}.
وَالسُّنَنُ الرَّوَاتِبَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً وَلَا إِثْمَ عَلَى مَنْ تَرْكِهَا إِلَّا أَنَّ مَنْ تَرْكِهَا بالكليّة: يُلامُ ويُذم؛ لأنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِقِلَّةِ دِيْنِه وتَهَاوُنِه، ورُدَّتْ شَهَادَتُه، فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا -كَمَا قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّة رَحِمَهُ الله-.
المرفقات
1697702673_ما يُشرع بعد الصلاة.docx
1697702674_ما يُشرع بعد الصلاة.pdf