مَا هَكَذَا يُخْتَمُ العَامُ ! 29 ذِي الحِجَّةِ 1440هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1440/12/26 - 2019/08/27 21:20PM

مَا هَكَذَا يُخْتَمُ العَامُ ! 29 ذِي الحِجَّةِ 1440هـ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ, الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ, الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا! أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ البَرَرَةِ الكِرَامِ, وَعَلَى التَّابِعِيْنَ لَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدَّيْنِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْماً كَثِيْراً.

أَمَّا بَعْدُ: فَلا تَزَالُ الأَيَّامُ واللَيَالِي تَتْرَى, والشُّهُورُ والسُنُونُ تُطْوَى, والأَعْمَارُ تَتَقَضَّى, حتَّى يَأْتِيَ يَوْمٌ فَيَأْذَنَ اللهُ بِخَرَابِ العَالَمِ, وَتَقُومُ السَّاعَةُ, وَتَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا! وَلَكِنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ!

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَا نَحْنُ فِي نِهَايَةِ السَّنَةِ, نُوَدِّعُ عَاماً وَنَسْتَقْبِلُ آخَرَ, فَلَيْتَ شِعْرِي: مَنْ مِنَّا يُدْرِكُهُ هَذَا الْوَقْتُ فِي العَامِ القَادِمِ وَهُوَ حَيٌّ يُرْزَقُ؟ وَمَنْ مِنَّا يَأْتِي عَلَيْهِ ذَلِكَ الزَّمَنُ وَهُوَ حَبِيسُ القَبْرِ تَحْتَ أَطْبِاقِ الثَّرَى؟ قَدْ فَارَقَ الدُّنْيَا وَتَرَكَهَا لأَهْلِهَا يَتَنَاهَبُونَهَا حتَّى تُفْنِيَهُم وَاحِداً بَعْدَ الآخَرِ وَحتَّى تَلْتَهِمَهُم جَمِيعاً, قَالَ اللهُ تَعَالَى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدْ كَثُرَتْ فِي السَّنَوَاتِ الأَخِيرَةِ أُمُورٌ مُحْدَثَةٌ, يَقُولُهَا أَوْ يَفْعَلُهَا بَعْضُ النَّاسِ بِمُنَاسَبَةِ نِهَايَةِ السَّنَةِ, وَالْغَالِبُ عَلَى هَؤُلاءِ أَنَّ غَايَاتِهِمُ جَمِيلَةٌ وَمَقَاصِدَهُم حَسَنَةٌ, وَلَكِنَّ هَذَا لا يَكْفِي لِتَكُونَ تِلْكَ الأَقْوَالُ صَحِيحَةً أَوْ تِلْكَ الأَفْعَالُ مَقْبُولَةً.

وَلِهَذَا فَاعْلَمُوا أَيَّهَا الإِخْوَةُ: أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ يُرَادُ بِهِ التَّقَرُّبُ إِلى اللهِ لابُدَّ فِيهِ مِنْ  شَرْطَيْنِ لِيَكُونَ عِنْدَ اللهِ مَقْبُولاً: وَهُمَا الإِخْلاصُ للهِ وَالْمُتَابَعَةُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) , فَالْعَمُلُ إِذَا فُقِدَ فِيهِ الإِخْلاصُ كَانَ شِرْكاً, وَإِذَا فُقِدَتِ الْمُتَابَعَةُ كَانَ بِدْعَةً, وَالشِّرْكُ ثُمَّ الْبِدْعَةُ هُمَا أَعْظَمُ الذُنُوبِ وَأَشَرُّ العُيُوبِ, قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَبَعْضُ النَّاسِ يَعْتَقِدُ أَنَّ صِدْقَ نِيَّتِهِ وَحُبَّهُ للْخَيْرِ مُسَوِّغٌ لِكِلِّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ! فَيُقَالُ لَهُ: لا, هَذَا لا يَكْفِي! بَلْ لابُدَّ مَعَ صِدْقِ النِّيَّةِ مِن صِحَّةِ الطَّرِيقَةِ, وَهِي الْمُتَابَعَةُ لِرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلِذَا كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ مِن الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَحْرِصُونَ أَشَدَّ الْحِرْصِ عَلَى تَحَرِّي السُّنَّةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ, قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ رَضْيَ اللهُ عَنْهُ: اتَّبِعُوا وَلا تَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفُيتُمْ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ : تَعَالَوْا نَنْظُرُ فِي بَعْضِ مَا أَحْدَثَهُ النَّاسُ فِي آخِرِ الْعَامِ الْهِجْرِيِّ ثُمَّ نَعْرِضُهُ عَلَى السُّنَّةِ فَمَا وَافَقَهَا قَبِلْنَاهُ وَعَمِلْنَا بِهِ, وَمَا خَالَفَهَا رَدَدْنَاهُ  وَنَاصَحْنَا مَنْ يَفْعَلُهُ أَوْ يَقُولُهُ!

فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِم: اخْتِمْ سَنَتَكَ بِالاسْتِغْفَارِ, أَوْ اجْعَلْ فِي آَخِرِ صَحِيفَةِ هَذَا الْعَامِ عَمَلاً صَالِحاً, وَرُبَّمَا أَمَرُوا بِالصَّدَقَةِ أَوْ الصَّيَامِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ! وَنَقُول ُلِهَؤُلاءِ: أَثَابَكُم اللهُ عَلَى حُسْنِ قَصْدِكُمْ وَلَكِنْ هَلْ عِنْدَكُمْ دَلِيلُ عَلَى مَا تَقُولُونَ ؟ هَلْ أرشد النَّبِيُّ صَلَىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحَابَتَهُ وَحَثَّهُمْ عَلَى مِثْلِ مَا تَقُولُونَ أَوْ تَفْعَلُونَ ؟ هَلْ سَمِعْتُمْ عَنْ أَحَدٍ مِن الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَوْ سَلَفِ الأُمَّةِ مِن الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ أَنَّهُمْ رَغَّبُوا النَّاسَ فِيهَا مِثْلَمَا أَنْتُمْ تَفْعَلُونَ ؟ الْجَوَابُ طَبْعاً: لا, إِذَنْ: فَلْيَسَعْنَا مَا وَسِعَهُم وَلْنَقِفْ مَع هَدْيِهِم فَلَنْ يُصْلِحَ آخِرَ هَذِهِ الأُمَّةِ إِلا مَا أصَلَحَ أَوَّلَهَا .

أَيَّهَا الْمُؤْمِنُونَ: وَمِن الْمُحْدَثَاتِ قَوْلُ بَعْضِهِم: حَلِّلُونِي أَوْ بِيحُوا مِنِّي إِنْ حَصَلَ مِنِّي خَطَأ! وَنَقُولُ لِهَذَا: طَلَبُ الْمُسَامَحَةِ مِنَ الْخَطأِ لَا يُؤَخَّرُ لِآخِرِ الْعَامِ, بَلْ بَادِرْ بِالتَّحَلُّلِ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ مُبَاشَرَةً بِدُونِ تَأْجِيلٍ.

وَمِنْ المحدثات قَوْلُهُمْ: إِنَّ صَحِيفَةَ العَمَلِ تُطْوَى آخِرَ العَامِ ! وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ, لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ الصَّحَائِفَ تُطْوَى آخِرَ الْعَامِ وَلا أَنَّ الْأَعْمَالَ تُعْرَضُ عَلَى اللهِ آخِرَ الْعَامِ, وَإِنَّمَا الذِي ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ أَنَّ الْأَعْمَالَ تُعْرَضُ عَلَى اللهِ كُلَّ يَوْمٍ وَكُلَّ أُسْبُوعٍ وَكُلَّ سَنَةٍ. فَأَمَّا الْعَرْضُ كُلَّ يَوْمٍ فَدَلِيلَهُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ العَصْرِ وَصَلاَةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْعَرْضُ الأُسْبُوعِيُّ, فَدَلِيلَهُ حَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فِي الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ (إِنَّهُمَا يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِم) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ. وَأَمَّا الْعَرْضُ السَّنَوِيُّ فَهُوَ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ ؟ قَالَ (ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ, وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ) رَوَاهُ النَّسَائِيَّ, وَبَعْضُ الْعُلَمَاءُ ضَعَّفَهُ, لَكِنْ قَدْ حَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ. فَنَسْأَلُ اللهَ الْهِدَايَةَ لَنَا وَلإِخْوانِنَا الْمُسْلِمِينَ, وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِن الذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ وَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ, وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مَنْ أَرْسَلَهُ رَبُّهُ هَادِياً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً , وَدَاعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً .

أَمَّا بَعْدُ:  فَإِنَّ مِنَ الْمُحْدَثَاتِ: تَخْصِيصُ آخِرِ الْعَامِ بِالْحَدِيثِ عَنْ الْمُحَاسَبَةِ: وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُحَاسَبَةَ مَطْلُوبَةٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَكُلِّ حِينٍ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}

وَمِن الْمُنْكَرَاتِ آخِرَ الْعَامِ: الاحْتِفَالُ بِرَأْسِ السَّنَةِ الْهِجْرِيَّةِ ! أَوِ الْحَدِيثُ عَنْ هِجْرَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ, وَنَقُولُ أولا: إِنَّ الْهِجْرَةَ لَيْسَتْ فِي شَهْرِ مُحَرَّمٍ, بَلْ كَانَتْ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ, ثُمَّ لَوْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ فِي مُحَرَّم لَمْ يَجُزْ تَخْصِيصُ هَذَا الْوَقْتِ بِالْحَدِيثِ عَنْهَا, لِأَنَّهَا مُنَاسَبَةٌ دِينِيَّةٌ, وَكُلُّ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ لابُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ.
وَثَانِياً: إِقَامَةُ الاحْتِفَالاتِ بِمُنَاسَبَةِ نِهَايَةِ الْعَامِ فَلا تَجُوزُ أَيْضًا, لِعَدِمِ الدَّلِيلِ, قَالَ شَيْخُنَا الْعُثَيْمِين رَحِمَهُ اللهُ: وَأَمَّا إِقَامَةُ الاحْتِفَالاتِ بِمُنَاسَبَةِ بَدْءِ الْعَامِ الْهِجْرِيِّ فَهُوَ مُحَرَّمٌ لِلْبِدْعَةِ أَوِ التَّشَبُّهِ. يَعْنِي: إِنْ قُصِدَ بِالاحْتِفَالاتِ الفَرَحُ فَهْوَ بِدْعَةٌ, وَإِنْ قُصِدَ بِهِ التَّشَبُّهَ بِالنَّصَارَى الَّذِينَ يَحْتَفِلُونَ بِالسَنَةِ الْمِيلَادِيَّةِ الجَدِيدَةِ فَهُوَ تَشَبُّهٌ بِهِمْ, وَهَذَا مُحَرَّمٌ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ، فَهُوَ مِنْهُمْ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّان وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنَ الْعَجَائِبِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ اخْتِمْ سَنَتَكَ بِصَلاةٍ وَابْدَأِ الْأُخْرَى بِصَلاةٍ ! فَيَقُولُ: إِذَا كَانَ آخِرَ لَيْلَةٍ مِنَ السَّنَةِ فَابْدَأِ الصَّلَاةَ قَبْلَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ (السَّاعَةُ 11,55) ثُمَّ اسْتَمِرَّ حَتَّى السَّاعَة 12,05 لِتَكُونَ آخِرُ خَمْسِ دَقَائِقَ مِنَ السَّنَةِ تُصَلِّي, وَأَوَّلُ خَمْسِ دَقَائِقَ تُصَلِّي, وَهَذا وَاللهِ مِنَ الْمُضْحِكِ الْمُبْكِي.

وَنَقُولُ لِهَذَا الْقَائِلِ: هَلِ السَّنَةُ تَبْدَأُ بِمُنْتَصَفِ اللَّيْلِ ؟ الجَوابُ: لَا, بَلِ السَّنَةُ تَنْتَهِي بِغُرُوبِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ, فَإِذَا غَرَبَتْ شَمْسُ ذَلِكَ الْيَوْمِ بَدَأَتِ السَّنَةُ الْهِجْرِيَّةُ الْجَدِيدَةُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ مُبَاشَرَةً ! ثُمَّ نَقُولُ أَيْضاً: هَلْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ لِأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ؟ أَمَّ أَنَّكَ أَسْبَقُ لِلْخَيْرِ وَأَعْرَفُ بِالشَّرْعِ ؟ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُكَ خَطَأٌ قَدَرًا وَشَرَعًا, وَمُحَدَثٌ مِنَ الْمُحْدَثَاتِ, وَقَدْ حَذَّرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُحْدَثَاتِ فَقَالَ (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ) رَوَاهُ مُسْلِم.

وَلَيْتَنَا -أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ- نَعْمَلُ بِمَا ثَبَتَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنَ الْأَعْمَالِ وَنَتْرُكَ هَذِهِ الْمُحْدَثَاتِ, وَالْعَجَبُ أَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ أَنَّ النَّاسَ إِذَا عَمِلُوا بِالْبِدَعَةِ تَرَكُوا السُّنَّةَ, فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا يَأْتِي عَلَى النَّاسِ مَنْ عَامٍ إِلَّا أَحْدَثُوا فِيهِ بِدْعَةً وَأَمَاتُوا فِيهِ سُنَّةً, حَتَّى تَحْيَا الْبِدَعُ وَتَمُوتَ السُّنَنُ. رَوَاهُ ابْنُ وَضَّاحٍ . فَالَتَزِمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ السُّنَّةّ وَاحْذَرُوا مَا خَالَفَهَا. وصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَإِنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً, اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّد, اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا مَحَبَّتَهُ واتِّبَاعَهُ ظَاهِراً وَبَاطِناً, اللَّهُمَّ احْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ وَأَسْقِنَا مِنْ حَوْضِهِ, وَأَدْخِلْنَا فِي شَفَاعَتِهِ وَاجْمَعْنَا بِهِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَوَالِدِينَا وَالْمُسْلِمِينَ, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ وَوَحِّدْ صُفُوفَهُم وَاجْمَعْ كَلِمَتَهُم عَلَى الْقُرْآنِ والسُّنَّةِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَبَابَ الْمُسْلِمِينَ وَاحْفَظْهُم مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ, اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِم للْحَقِّ واهْدِهِم صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيم, رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا, رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار.

المرفقات

هَكَذَا-يُخْتَمُ-العَامُ-29-ذِي-الحِجَّ

هَكَذَا-يُخْتَمُ-العَامُ-29-ذِي-الحِجَّ

المشاهدات 2959 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا