مَا هَذَا الْعَبَثُ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِين 24 شَوَّال 1437هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1437/10/22 - 2016/07/27 14:20PM
مَا هَذَا الْعَبَثُ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِين 24 شَوَّال 1437هـ
الْحَمْدُ للهِ الذِي رَفَعَ شَأْنَ الطُّهْرِ وَالْعَفَاف، وَحَذَّرَ مِنْ الرَّذِيلَةِ وَالْفُحْشِ وَالْإِسْفَاف، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ عَلَى عَطَايَاهُ اللِّطَاف , وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، يَعْلَمُ السِّرَّ وَمَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَاف ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، بَيَّنَ لِأُمَّتِهِ طَرِيقَ الْهُدَى وَحَذَّرَهَا مِنَ الْغُوَايَةِ وَالْانْحِرَاف، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَاتِ أَمْرٌ فِطْرِيٌّ مَغْرُوزٌ فِي بَنِي آدَمَ مُنْذُ الْقِدَمِ ، وَلَمَا أَسْكَنَ اللهُ أَبَانَا آدَمَ الْجَنَّةَ خَاطَبَهُ عَلَى سَبِيلِ الامْتِنَانِ فَقَالَ {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى* وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} , وَالتَّعَرِّي وَالتَّكشُّفُ كَمَا أَنَّهُ خِلَافُ الْفِطْرَةِ ، فَهُوَ نَقْصٌ فِي الْحَياءِ، وَهُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ وَتَزْيِينِهِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا}
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ زَوْجَاتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاهُنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْعُرِيِّ فَقَالَ {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} , فَهَذَا فِي أَفْضَلِ نِسَاءِ الْأُمَّةِ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِنَّ ؟
إِنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ تَخْرُجُ أَمَامَ الرِّجَالِ مُبْدِيَةً لِنَحْرِهَا وَمُخْرِجَةً لِشَعْرِهَا، فَنَهَى اللهُ عزَّ وجلَّ نَسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ هَذَا التَّكَشُّفِ وَالتَّبَذُّلِ , وَمَعَ الْأَسَفِ فَمِنْ نِسَائِنَا الْيَوْمَ مَنْ عَادَتْ إِلَى طِبَاعِ الْجَاهِلِيَّةِ , وَتَقْلِيدَاً لِلْمَرْأَةِ الْغَرْبِيَّةِ , فَتَتَكَشَّفَ وَتُبَالِغُ فِي اللِّبْسِ غَيْرِ الْمُحْتَشِمِ , ثُمَّ تُعِدُّ هَذَا مِنَ التَّقَدُّمِ وَالتَّمَدُّنِ وَالْحُرِّيَّةِ , فَيَا أَسَفَاهُ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : لَقَدْ صَارَتِ الْمَرْأَةُ -وَلِلْأَسَفِ الشَّدِيدِ- أُلْعُوبَةً فِي يَدِ مُصَمِّمِي الْأَزْيَاءِ وَالتَّجْمِيلِ حَتَّى أَرْكَبُوهَا الْمَرْكَبَ الصَّعْبَ، وَعَمِلُوا عَلَى جَعْلِهَا طُعْمَاً لِلْإِفْسَادِ وَالانْحِلَالِ . إِنَّ الثِّيَابَ قَدْ ضَاقَتْ , وَإِنَّ الْمَلَابِسَ قَدْ قَصِرَتْ , وَإِنَّ الْبَدَنَ قَدْ صَارَ عَارِيَاً وَإِنْ وُجِدَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ اللِّبَاسِ , فَإِلَى أَيْنَ تَنْتَهِي مَلابِسُ نِسَائِنَا ؟
أَيُّهَا الرَّجُلُ : إِنَّكَ لا تَكَادُ تَجِدُ فِي أَسْوَاقِنَا الْيَوْمَ إِلَّا أَلْبِسَةً لا تَلِيقُ بِالْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ ، تَجِدً فَسَاتِينَ طَوِيلَةً لَكِنَّهَا مِنْ غَيْرِ أَكْمَامِ، أَوْ تَجِدُ ثِيَابَاً مَفْتُوحَةً عِنْدَ الظَّهْرِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْبَطْنِ ، وَتِلْكَ فَسَاتِينُ أُخْرَى طَوِيلَةٌ لَكِنَّهَا فِي غَايَةِ الضِّيقِ ، وَتُجَسِّدُ مَوَاضِعَ الْعَوْرَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ، حَتَّى إِنَّ الْمَرْأَةَ لا تَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ فِيهَا إِلَّا بِصُعُوبَةٍ ، وَتِلْكَ أَزْيَاءُ طَوِيلَةٌ لَكِنَّهَا مَفْتُوحَةٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ ، وَفَسَاتِينَ إِلَى الرُّكْبَةِ، وَأُخْرَى إِلَى مُنْتَصَفِ الْفَخِذَيْنِ ، وَتَجِدُ أُخْرَى شَفَّافَةً تُظْهِرُ الصَّدْرَ وَالظَّهْرَ وَالْيَدَيْنِ، وَتِلْكَ لَهَا كُمٌّ وَاحِدٌ فَقَط، وَتِلْكَ لَهَا خُيُوطٌ رَفِيعَةٌ تَحْمِلُهَا وَقَدْ تَعَرَّتِ الْمَنَاكِبُ وَمَا تَحْتَهَا.
وَتَجِدُ أَلْبِسَةً قَدِ اسْتُوْرِدَتْ مِنْ عُبَّادِ الْبَقَرِ وَالْفِئْرَانِ , مِنْ أُمَّةٍ وَثَنِيَّةٍ مِنْ أَحْطِّ الْأُمَمِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ نَاحِيَةِ الْاعْتِقَادِ ، وَذَلِكَ اللِّبَاسُ عِبَارَةٌ عَنْ قِطْعَةٍ مِنَ الْقُمَاشِ تَلُفُّهَا الْمَرْأَةُ لَفَّاً عَلَى جَسَدِهَا، ثُمَّ يَتَكَشَّفُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ . وَتُقَابِلُكَ أَلْبِسَةٌ قَدْ كُتِبَ عَلَيْهَا بَعْضُ الْعِبَارَاتِ السَّيْئَةُ ، أَوْ تَكُونَ مُلَطَّخَةً بِصُوَرِ السَّاقِطِينَ وَالسَّاقِطَاتِ مِنَ الْمُغَنِّيَن وَالْمُغَنِّيَاتِ أَوِ الْمُمَثِّلِينَ وَالْمُمَثِّلَاتِ!
يَا مُسْلِمُونَ : وَأَمَّا الْبَنَاطِيلُ فَعَالَمٌ آخَرُ , تَفَنُّنٌ فِي الْعُرْيِ , وَتَعْلِيمٌ لِقَلَّةِ الْحَيَاءِ, وَمُبَالَغَةٌ فِي تَقْلِيدِ الْغَرْبِ وَالشَّرْقِ , إِنَّكَ تَرَى بَنَاطِيلَ جِلْدِيَّةً لامِعَةً تَعْلَقُ بِالْجَسَدِ لِشِدَّةِ ضِيقِهَا ، وَهُنَاكَ بِنَاطِيلُ مِنَ الْجِينْـزِ، وَأُخْرَيَاتٌ لا تَلَبْسَهُا امْرَأَةً تَعْرِفُ الْحَيَاءَ وَالْحِشْمَةَ , وَإِنَّمَا تَلْبَسُهَا الْمَرأَةُ الْمُتَرَجِلَّةُ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَشَبِّهَةُ بِأَعْدَاءِ اللهِ .
وَمِنَ الْمَلَابِسِ الْمُخَالِفَةِ لِشَرْعِنَا الْبَعِيدَةِ عَنْ أَعْرَافِنَا وَتَقَالِيدِنَا : تِلْكَ الْأَزْيَاءُ تَلْبَسُهَا الْمَرْأَةُ فِي لَيْلَةِ زِفَافِهَا : لِبَاسٌ أَبْيَضُ، وَتَضَعُ شَيْئَاً عَلَى رَأْسِهَا يُقَالُ لَهُ : الطَّرْحَةُ، وَلَرُبَّمَا حَمَلَتْ بَعْضَ الزُّهُورِ، وَتَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ فِقْهٍ وَلَا وَعْيٍ، وَهُوَ شَيْءٌ يَفْعَلُهُ النَّصَارَى فِي أَعْرَاسِهِمْ ، وَيَفْعَلُهُ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ مِنْ غَيْرِ إِدْرَاكٍ لِمَعْنَاهُ, فَإِلَى اللهِ الْمُشْتَكَى !
أَيُّهَا الْأَوْلِيَاءُ : إِنَّ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ وَالْقَوَاعِدَ الْمَرْعِيَّةَ قَدْ دَلَّتْ عَلَى تَحْرِيمِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ مِنَ الْأَلْبِسَةِ , فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) رَوَاهُ مُسْلِمٌ , فَمَنْ لَبِسَتْ هَذِهِ الْأَلْبِسَةَ صَدَقَ عَلَيْهَا أَنَّهَا كَاسِيَةٌ عَارِيَةٌ. وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ يَقُولُ (لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتْنَةِ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الخَزَائِنِ، مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الحُجُرَاتِ، كَمْ مِنْ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ يَوْمَ القِيَامَةِ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . وَمِنَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ هَذِهِ الْأَلْبِسَةِ أَنَّ عَامَّتَهَا مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ وَمِنْ أَزْيَائِهِمْ، فَإِذَا لَبِسَتْهَا الْمَرْأَةُ تَكُونُ قَدْ تَشَبَّهَتْ بِالْكَافِرَاتِ، وَالتَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ فِيمَا كَانَ مِنْ خَصَائِصِهِمُ الدِّينِيَّةِ أَوْ مَا كَانَ مِنْ خَصَائِصِهِمُ الْعَادِيَّةِ مُحَرَّمٌ, بَلْ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوب, فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ, فَهُوَ مِنْهُمْ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ والألباني . وَأَيْضاً فَإِنَّ كَثِيراً مِنْ هَذِهِ الأَلْبِسَةِ فَيهَا تَشَبُّهٌ بِالرِّجَالِ وَهَذَا مُحَرَّمٌ ومَلْعُونَةٌ فَاعِلَتُهُ, فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : وَإِنَّ مِنْ أَسْبَابِ انْتِشَارِ مِثْلِ هَذِهِ الْأَلْبِسَةِ بَيْنَ نِسَائِنَا تَفْرِيطَ مَنْ وَلَّاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمْرَ هَؤُلاءِ النِّسَاءِ ، فَكَثِيرٌ مِنَ الرِّجَالِ يَرَى نِسَاءَهُ بِهَذِهِ الْأَلْبِسَةِ الْخَالِعَةِ ثُمَّ لا يُنْكِرُ مُنْكَرَاً وَلا يَأْمُرُ بِمَعْرُوفٍ , وَكَأَنَّ الْأَمْرَ لا يَعْنِيه , أَوْ أَنَّهُ عَجَزَ وَتَرَكَ الْحَبْلَ عَلَى الْغَارِبِ !
وَمِنَ الْأَسْبَابِ : إِقْبَالُ كَثِيرٍ مِنَ الْعَائِلَاتِ عَلَى السَّفَرِ لِبِلَادٍ يَكْثُرُ فِيهَا التَّعَرِّي , وَمَعَ كَثْرَةِ الْإِمْسَاسِ يَقِلُّ الْإِحْسَاسُ , فَتَرَى الْمَرْأَةُ وَيَرَى وَلِيُّهَا تِلْكَ النِّسَاءَ الْكَاسِيَاتِ الْعَارِيَاتِ فِي الْمَطَارَاتِ، وَفِي الشَّوَارِعِ وَالْفَنَادِقِ وَالْأَسْوَاقِ فِي بِلَادٍ لا يَعْرِفُونَ الْحَيَاءَ وَلا الدِّينَ، وَلا يَعْرِفُونَ الْخُلُقَ وَلا الْأَعْرَاضَ، وَلا الْحِشْمَةَ وَلا الْعَفَافَ , ثُمَّ تُقَلِّدُهُنَّ فَتَيَاتُنَا , وَرُبَّمَا صَاحَبَ ذَلِكَ اعْتِقَادٌ بِأَنَّ ذَلِكَ تَحَضُّرٌ وَمَدَنِيَّةٌ , وَهُوَ فِي الْوَاقِعِ تَخَلُّفٌ وَهَمَجِيَّةٌ , وَبُعْدٌ عَنِ الدِّينِ وَجَرْيٌ وَرَاءَ الْكُفَّارِ وَتَبَعِيَّة .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ هَذِهِ الْأَلْبِسَةَ وَهَذِهِ الْعَادَاتِ خَطَرٌ عَلَيْنَا وَبُعْدٌ عَنْ دِينِنَا , وَإِيذَانٌ بِعُقُوبِةِ اللهِ لَنَا إِنَّ نَحْنُ سَكَتْنَا , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) , وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ كَلَّفَنَا نَحْنُ الرِّجَالُ بِحِمَايَةِ النِّسَاءِ مِنَ الانْحِرَافِ وَالسَّيْرِ فِي طَرِيقِ النَّارِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)
إِنَّهُ يَجِبُ إِنْكَارُ جَمِيعِ أَشْكَالِ هَذِهِ الْمَلَابِسِ عَلَى النِّسَاءِ مِنْ بَنَاتٍ وَزَوْجَاتٍ وَأَخَوَاتٍ , وَنَبْدَأُ أَوَّلاً بِالْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ وَبَيانِ الحْكُمِ , فَإِنَّ انْتَهَيْنَ وَإِلَّا نَشْتَدُّ فِي ذَلِكَ , حَتَّى يَتَحَقَّقَ زَوَالُهَا بِإِذْنِ اللهِ . أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ أَحْوَالَنَا وَزَوْجَاتِنَا وَبَنَاتِنَا ، أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِيْ ولَكُمْ فاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ القَوِيُّ الْمَتِينُ ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأَمِينِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ , وَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ شَاعَ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ تَسَاهُلٌ فِي لِبَاسِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ مَحَارِمِهَا أَوْ عِنْدَ النِّسَاءِ , وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمُنَاسَبَاتِ الْعَامَّةِ مِنَ الزَّوَاجَاتِ أَوْ غَيْرِهَا , فَتَجِدُ الْمَرْأَةَ تَتَعَرَّى أَمَّامَ الْمَحَارِمَ , أَوْ تَلْبَسُ الْأَلْبِسَةَ الْخَالِعَةَ بِحُجَّةِ أَنَّهَا أَمَامَ النِّسَاءِ , وَهَذَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ وَمُخَالِفٌّ لِلأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ العِلْمِ فِي عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ أَمَامَ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا كَعَوْرَتِهَا أَمَامَ الْمَحَارِمِ ، فَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَلْبَسَ أَمَامَ النِّسَاءِ وَأَمَامَ الْمَحَارِمِ لِبَاسَاً تَنْطَبِقُ عَلَيْهِ شُرُوطُ اللِّبَاسِ الشَّرْعِيِّ ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ سَاتِرَاً يُغَطِّي الْمَوَاضِعَ التِي يَجِبُ تَغْطِيَتُهَا، وَلا يَظْهَرُ إِلَّا مَا يَظْهَرُ عَادَةً ، فَهَذَا اللِّبَاسُ يَجِبُ أَنْ لا يَشِفَّ ، فَيَظْهَرُ مِنْ تَحْتِهِ لَوْنُ الْجَسَدِ ، وَيَجِبُ أَنْ لا يَصِفَ حَجْمَ أَعْضَاءِ الْمَرْأَةِ ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ لِبَاسِ النِّسَاءِ , فَلا يَكُونُ مِنْ لِبْسِ الرِّجَالِ، وَكَذَلِكَ لا تَتَشَبَّهُ بِالْكَافِرَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الشُّرُوطِ الْمَعْرُوفَةِ.
قَالَ شَيْخُنَا الْعُثَيْمِينُ رَحِمَهُ اللهُ : وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّ لِبَاسَ النِّسَاءِ فِي بُيُوتِهِنَّ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ كَعْبِ الْقَدَمِ وَكَفِّ الْيَدِ، كُلُّ هَذَا مَسْتُورٌ وَهُنَّ فِي الْبُيُوتِ ، أَمَّا إِذَا خَرَجْنَ إِلَى السُّوقِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ نِسَاءَ الصَّحَابَةِ كُنْ يَلْبَسْنَ ثِيَاباً ضَافِيَاتٍ يَسْحَبْنَهَا عَلَى الْأَرْضِ ... فَلِبَاسُ الْمَرْأَةِ مَعَ الْمَرْأَةِ الْمَشْرُوعُ فِيهِ أَنْ يَسْتُرَ مَا بَيْنَ كَفِّ الْيَدِ إِلَى كَعْبِ الرِّجْلِ ، وَلَكِنْ لَوِ احْتَاجَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى تَشْمِيرِ ثَوْبِهَا لِشُغْلٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَهَا أَنْ تُشَمِّرَ إِلَى الرُّكْبَةِ (عِنْدَ النِّسَاءِ) ، وَكَذَلِكَ لَوْ احْتَاجَتْ أَنْ تُشَمِّرَ الذِّرَاعَ إِلَى الْعَضُدِ؛ فَإِنَّهَا تَفْعَلُ ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ ... َفالضَّيِّقُ الذِي يُبَيِّنُ مَفَاتِنَ الْمَرْأَةِ لا يَجُوزُ لا عِنْدَ الْمَحَارِمِ وَلا عِنْدَ النِّسَاءِ ا.هـ.
أَسْأَلُ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يُلْهِمَنَا وَإِيَّاكُمْ رُشْدَنَا، وَأَنْ يَقِيَنَا شَرَّ أَنْفُسِنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا وَإِيَّاكُمُ الْهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمِّدٍ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالِمِينَ.


المرفقات

مَا هَذَا الْعَبَثُ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِين 24 شوال 1437هـ.doc

مَا هَذَا الْعَبَثُ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِين 24 شوال 1437هـ.doc

المشاهدات 2040 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا