مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا
يوسف العوض
الخطبة الأولى
عِبَادَ اللهِ : يَقولُ ربُّ العِزّةِ حِكَايَةً عَنْ عِيسى عَليهِ السَّلامُ :﴿ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا * ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ * مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ * وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾.
عِبَادَ اللهِ : نَعْتَقِدُ بعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا عَلَّمَنَا إِيَّاهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ في القُرْآنِ العَظِيمِ، قَالَ تعالى: ﴿وَقَالَ المَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُـشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ ، فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاعٍ إلى عِبَادَةِ اللهِ تعالى، وَإلى تَوْحِيدِهِ، وَتَحْذِيرِ الأُمَّةِ مِنَ الشِّرْكِ بِاللهِ تعالى، وَمِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الـشِّرْكِ جَعْلُ الوَلَدِ للهِ تعالى، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدَاً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئَاً إِدَّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدَّاً * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدَاً * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدَاً * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدَاً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدَّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدَاً﴾.
عِبَادَ اللهِ : نَعْتَقِدُ بعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا عَلَّمَنَا إِيَّاهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ في القُرْآنِ العَظِيمِ، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ المُمْتَرِينَ﴾. فَهُوَ مَخْلُوقٌ بِكَلِمَةِ: كُنْ؛ مِنَ العَذْرَاءِ البَتُولِ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ، كَمَا خَلَقَ اللهُ تعالى آدَمَ بِكَلِمَةِ: كُنْ؛ مِنْ تُرَابٍ.
عِبَادَ اللهِ : نَعْتَقِدُ بعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا عَلَّمَنَا إِيَّاهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ في القُرْآنِ العَظِيمِ، قَالَ تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ المَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهَاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي المَهْدِ وَكَهْلَاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرَاً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ ، فَهُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَخْلُوقٌ بِكَلِمَةِ: كُنْ.
عِبَادَ اللهِ : نَعْتَقِدُ بعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا عَلَّمَنَا إِيَّاهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ في القُرْآنِ العَظِيمِ، قَالَ تعالى في حَقِّ اليَهُودِ: ﴿وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانَاً عَظِيمَاً * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينَاً * بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزَاً حَكِيمَاً * وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدَاً﴾، فَهُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَمُتْ، وَلَمْ يُقْتَلْ، وَلَمْ يُصْلَبْ، وَقَدْ رَفَعَهُ اللهُ تعالى إلى السَّمَاءِ حَيَّاً.
عِبَادَ اللهِ : نَعْتَقِدُ بعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا عَلَّمَنَا إِيَّاهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ في القُرْآنِ العَظِيمِ، قَالَ تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَـفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدَاً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ ، فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَبَرَّأُ مِنْ قَوْمِهِ الذينَ غَيَّرُوا وَبَدَّلُوا.
عِبَادَ اللهِ : نَعْتَقِدُ بعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا عَلَّمَنَا إِيَّاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمَاً مُقْسِطَاً، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ» .
الخطبة الثانية
عِبَادَ اللهِ : نَعْتَقِدُ بعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ وَهُوَ مِنْ أُولِي العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، وَأَنَّهُ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللهِ المُكَرَّمِينَ، وَأَنَّهُ دَاعٍ إلى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ، وَتَنْزِيهِهِ عَنِ الشِّركِ، وَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَخْلُوقٌ مِنَ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ بِكَلِمَةِ: كُنْ؛ كآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ تُرَابٍ، وَأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ إلى الآنَ، وَلَمْ يُصْلَبْ، وَلَمْ يُقْتَلْ، وَقَدْ رَفَعَهُ اللهُ تعالى إلى السَّمَاءِ حَيَّاً، وَسَيَنْزُلُ في آخِرِ الزَّمَانِ، وَأَنَّهُ يَتَبَرَّأُ مِنْ قَوْمِهِ الذينَ افْتَرَوْا عَلَيْهِ وَقَالُوا عَنْهُ ابْنُ اللهِ.
عِبَادَ اللهِ : اعْتِقَادُ المُسْلِمِينَ بعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِلَهٍ، وَلَا ابْنَاً للإِلَهِ، لِأَنَّ اللهَ تعالى كَفَّرَ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾،وَلَعَنْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ قَالَ تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾.
المرفقات
1735115906_عيسى.docx