مَا أعظمَ اللُّغةِ العربيَّةِ لُغَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ

محمد البدر
1445/06/01 - 2023/12/14 09:12AM

الْخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿إِنَّا أَنزلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(27)قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿حم(1)وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ(2)إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾. وَقَالَﷺ«أَوَّلُ مَنْ فَتَقَ لِسَانُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ الْمُبِينَةِ إِسْمَاعِيلُ , وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشَرَةَ سَنَةً»صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.وَقَالَﷺ«إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا-أَوْ-إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ لَسِحْرٌ »رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. مَا أعظمَ اللُّغةِ العربيَّةِ الَّتِي نزَلَ القرآنُ الكريمُ بِهَا، وحُقَّ لنا أنْ نفخرَ بها ، ونتمسَّكَ بِهَا،ونَعَضَّ عليهَا بالنَّواجذِ ، فاللُّغةِ العربيَّةِ كما هو معروف تتميز بسعتها وكثرة مدلولات ألفاظها وشمولها لمعان متقاربة،وهي كما تعلمون لغة الدين الإسلامي،ولغة التدوين والتأليف في الإسلام،لغة التخاطب والتفاهم بين سائر المسلمين في الدنيا والآخرة، وهي الصلة بين الله تعالى وعباده وبين رسوله وأمته وبين شرعه وعباده، وبين الأوائل  والأواخر، وبين الغائبين والحاضرين.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ(193)عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِين(194)بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾.إنّ اللّغة العربيّة هي لغة الإسلام، والقرآن الكريم، والأحاديث النبويّة الشّريفة، وساهم ذلك في تعزيز قيمتها ومكانتها عند العرب والمسلمين فالقرآنُ الكريمُ ،نزلَ بهِ الرُّوحُ الأمينُ بلسانٍ عربِيٍّ مُبينٍ لِيكونَ لنَا عزًّا ومجدًا وَتَحدَّى اللهُ بهِ الفصحاءَ، وأفحمَ بِهِ البلغاءَ ، وأثنى بهِ على العلماءِ ،ضمنَ لهُ الغلبةَ والبقاءَ ،وَلِمَنْ عملَ بِهِ الفوزَ والفلاحَ والارتقاءَ،وَامتنَّ بِهِ علَى الناسِ أجمعينَ،وَهُوَ:"لُغَةُ الضَّادِ"وَقَدْ عُرِفَتْ وَاشْتُهِرَتْ بِهَذَا الِاسْمِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ-عَزَّ وَجَلَّ-قَدِ اخْتَصَّهَا بِحَرْفِ"الضَّادِ"وَهُوَ:"لُغَةُ الْعَرَبِ"فَمَا عَرَفَتِ الْعَرَبُ لُغَةً سِوَاهَا، وَلَا تَكَلَّمَتْ بِغَيْرِهَا، فَهِيَ لُغَةُ الْعَرَبِ الَّتِي يَعْتَزُّونَ بِهَا، وَيَنْتَمُونَ إِلَيْهَا، وَلَا يَبْغُونَ بِهَا بَدِيلًا، وَيَنْطِقُ بِهَا الْآنَ مِئَاتُ الْآلَافِ مِمَّنْ يَعِيشُونَ فِي الْعَالَمِ الْعَرَبِيِّ، بَلْ وَيَحْرِصُ عَلَى النُّطْقِ بِهَا مَا يَزِيدُ عَنِ الْمِلْيَارِ مُسْلِمٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ.

 وَقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ-: اعلم أنَّ اعتِيادَ الُّلغَةِ يُؤثِّرُ في العقْلِ والخُلُقِ والدِّينِ تَأثِيراً قَويِّاً بَيِّناً، ويُؤَثِّرُ أَيضَاً فِي مُشَابَهةِ صَدْرِ هذهِ الأمَّةِ مِنْ الصَّحَابَةِ والتَّابِعينَ، ومُشَابَهَتُهُم تَزِيدُ العَقلَ والدَّينَ والخُلُقَ، والُّلغَةُ العَرَبِيَّةُ مِنْ الدِّينِ، وَمَعرِفَتُها فَرضٌ واجِبٌ، فإنَّ فَهمَ الكتَابِ والسنَّةِ فَرضٌ، ولا يُفهمانِ إلاَّ بِفَهمِ الُّلغَةِ العَرَبِيَّةِ، ومَا لا يَتِمُّ الوَاجِبُ إلاَّ بِهِ فَهو واجِبٌ.اهـ

أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.


 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا﴾.إنَّ اللغة العربيَّة ليس كمثلها لغة؛ فهي لغة غنيَّة بمفرداتها، وجميلة في بنائها، دَقيقة في النَّظر، وعميقة في الأثَر، ويكفي اللغة العربيَّة فخرًا وشرفًا أنَّها لغة القرآن والسنَّة المطهَّرة ، فهِيَ محفوظةٌ بِحفظِ كتابِ اللهِ الَّذِي حفظَ لَهَا وجوداً متميزاً خالداً،وهِيَ محفوفةٌ بعنايةِ أُولِي الألبابِ،وملائمةٌ للعلومِ والآدابِ،فهِيَ عذبةُ الألفاظِ، جميلةُ المعانِي، حقًّا إِنَّهَا لغةُ القرآنِ العجيبةِ ،منْ دخلَ في جوفِ غزارتِها ، وجدَ المتعةَ البلاغيةَ والرحابةَ اللفظيةَ .

عِبَادَ اللَّهِ:لماذا لا نعتز بلغتنا الْعَرَبِيَّةِ وَنتَّمَسكُ بِهَا ، كما يعتز غير العربي بلغته ولهجته ويرفض أن يتكلم بغيرها ، الا يكفينها شرفا أنها لغة القرآن وبها تكلم سيد الأنامﷺويجب علينا أن نحب اللُّغةِ العربيَّةِ وأنْ نربِّيَ أبناءَنَا علَى حبِّهَا والاعتزازِ بِهَا، والتَّحدثِ بِهَا فِي حَيَاتِنَا الْيَوْمِيَّةِ وَفِي كُلِّ الْمَحَافِلِ ، وأنْ نُلزِمَهُمْ بتعلُّمِ كتابِ اللهِ وعلَى المعلمين أنْ يغرِسُوا فِي نفوسِ الطُّلابِ الوعْيَ بأهميةِ هذِهِ اللُّغةِ، ويعمَلُوا علَى تنميةِ الذَّوقِ الأدبِيِّ فِي نفوسِهِمْ .

 ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّه، فقال في محكم التنزيل:﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين،اللّهمّ أعِزّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشِّركَ والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدّين،واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة الناصحة الصادِقة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

المرفقات

1702535103_مَا أعظمَ اللُّغةِ العربيَّةِ لُغَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ.pdf

المشاهدات 551 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا