ما أجمل وأحسن المداراة وطيب الكلام!! 29/2/1437
أحمد بن ناصر الطيار
1437/02/27 - 2015/12/09 17:25PM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليما كثيرا . أما بعد:
فاتقوا الله أيها المسلمون، واعلموا أن اللسان له آفاتٌ كثيرة، وزلات خطيرة، وحريٌّ بالعاقل اللبيب، والمؤمن المنيب، أن يعتني بلسانه أشد الاعتناء، فَيَنْتَبِهَ مِن كلامه، ويدققَ بعباراته، ويحرصَ على السكوت أشدّ من حرصِه على الكلام.
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: أَنْصِفْ أُذُنَيْكَ مِن فِيكَ , فإنّما جُعُلَ لك أُذُنَانِ اثنتان، وفَمٌ واحدٌ , لتَسْمَعَ أكثرَ ممّا تقول.
تعاهد لسانك إن اللسان ... سريعٌ إلى المرء في قتله
وهذا اللسان بريد الفؤاد ... يَدلّ الرجال على عقله
واحْذرْ مِن العجلة في الردّ على أحد, أو عند الغضب.
ولا تغتر بفصاحتك وبلاغتك ، فعند العجلة رُبَّمَا تقول كلاماً لا يقوله الحمقى والجاهلون.
إن كان في العيِّ آفاتٌ مُقَدَّرَةٌ ... ففي البلاغة آفاتٌ تُسَاويها
أيها المسلمون: وإن المقام لا يسع أنْ نتكلم عن جميع آفات اللسان، وسأقتصر على ذكر آفةٍ واحدةٍ من آفاته، جالبةٍ للعداوةِ والخصومة، ألا وهي: إطلاق الكلام القاسي الشديد، بدلاً من الكلام اللَّينِ السديد، وإطلاق العبارات الجافة الغليظة، بدلاً من العبارات الهينة الرفيقة ، فكم شتَّتت هذه الكلمات من أصدقاء، وكم فرقت من أحبابٍ أوفياء ، ويا سبحان الله ، مَا ضَرَّ هؤلاء، لو استخدموا الكلمات الهينة اللينة، فتنشرح بسببها الصدور، ويصفو الود، وتسود المحبة والألفة.
عباد الله : لِنَأخذْ من مدرسة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أدب ولينَ الكلام, فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا، فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا، قَالَ: قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ. متفق عليه
هل قالت عائشةُ رضي الله عنها باطلاً؟ هل قالت كلاماً في غير محله؟ ما قالت لهم إلا ما يستحقونه، فهم بدؤوا بالسب والشتم، حيث قالوا: السامُ عليكم، أي الموت، فردت بالمثل وزادت: واللعنة، واللهُ تعالى قد لعنهم في كتابه، فلماذا أنكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم في ردها؟.
قال ابن حجر: اَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَعَوَّد لِسَانُهَا بِالْفُحْشِ ، أَوْ أَنْكَرَ عَلَيْهَا الْإِفْرَاط فِي السَّبّ. ا.ه
هكذا أدّب الإسلام وهذّب كلامَنا حتى مع الكفار.
وثبت عَنْها رضي الله عنها, أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ : بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ، وَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ، فَلَمَّا جَلَسَ ، تَطَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا خرجَ الرَّجُلُ، قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللهِ، حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدِّتِنِي فَحَّاشًا، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ. متفق عليه
فالنبي صلى الله عليه وسلم ، أخبر عائشة بأن هذا الرجل سيء، حتى لا يغترَّ به أحد، فلما دخل عليه لم يُظهر له ما في قلبه، ولم يبد له التذمر العبوس، بل داراه وهشَّ وبش في وجهه.
فما أجمل أن يستحضر هذا الحديث، من يستدل على حِدَّةِ أقوالِه بمقولةٍ خاطئة: ما في قلبي يكون على لساني، وأنا لا أجامل أحداً، أو يقول: المجاملة والمداراة من قبيل النفاق والخوف والجبن، ونحو هذا الكلام المجانب للصواب.
والفرق بين المداراة والمداهنة: أن المداراة بذلُ الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين ، وهي مباحة ومستحسنةٌ في بعض الأحوال، والمداهنة المذمومة المحرمة: هي بذل الدين لصالح الدنيا ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - , إنما بذل له من دنياهُ حسنَ عشرته, والرفقَ في مكالمته وطلاقةِ وجهه ، ولم يمدحه بقول.
فعلى هذا، لا يناقض قولُه في هذا الرجلِ فعلَه معه؛ لأن قولَه (بئس أخو العشيرة): إخبارٌ بحق ، ومداراتَه له: حسنُ عشرةٍ مع الخلق .
وتشتد الحاجة إلى المداراةِ والكلامِ اللين الحسن، في حق الأقارب والأصدقاء، فإن لم تفعل ذلك، نفر منك أولادك وأصدقاؤك.
فيا من عوّد لسانه الشدَّةَ والغلظة، تأملْ قولَه تعالى: {وَقُل لّعِبَادِي يَقُولُواْ الّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنّ الشّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنّ الشّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مّبِيناً} فالله تبارك وتعالى، أمرنا أنْ يقول بعضُنا لبعض في كلامنا، وجدالنا ونقدنا، أحسن وأفضل وأجمل الكلام، فلا يكفي أنْ نقولَ الكلامَ الحسن، بل ينبغي أنْ نقولَ أحسنَ كلامٍ عندنا، لماذا؟ لأن الشيطان ينزغ بين الناس، ويحرض بعضهم على بعض، فأكثر أسبابِ المشاكل والعداوات والقتل، من عدم أخذ الناس بهذا المنهج.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, أقول قولي هذا, وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد الله رب العالمين, وأشهد أن لا آله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن نبيّنا محمدًا عبدُه ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, أما بعد:
معاشر المسلمين: لابدّ لنا أنْ نتلطف مع أصدقائنا وأقارِبِنا بل وأعدائنا, بالكلام اللين الرفيق, وأنْ نبتعد عن الكلمات النابية القاسية, وأنْ نُجاملَهم فيما لا محذور فيه.
فقل لمن حولك: إني أحبك يا فلان, قل مرَّةً: كم أعجبني فيك هذا التصرف الجميل, أَسْمعه هذه العبارة: لقد أسعدتني وشرحتَ صدري بقولك كذا, أو بفعلك كذا.
كم جذبت هذه العباراتُ العذبةُ قلوبًا نافرةً, وكم أسعدتْ أفئدةً جامحة, وكم لها من الأثر الكبير في دوام الأُلْفةِ وتقويتِها.
وقد أرشدنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم, إلى إبداء المشاعر الطيبة تجاه أخينا المسلم فقال: (إِذا أَحبَّ أَحدُكُم أَخاهُ فَليُعلِمهُ أَنهُ أَحبَّهُ).
احرصْ على حفظِ القلوب مِن الأذى ... فرجوعُها بعد التَّنافر يَعْسُر
إنَّ القلوبَ إذا تنافر وُدُّها ... مثلُ الزجاجةِ كسرها لا يُجْبَرُ
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنكم لن تسَعُوا الناس بأموالكم، ولكن يسعَهُمْ منكم بسطُ الوجه, وكف الأذى, وحسن الخلق, وطيب الكلام.
اللهم ارزقنا لساناً طيباً، وكلاماً ليِّناً، وجنِّبنا الفحش في الأقوال والأعمال يا رب العالمين.
فاتقوا الله أيها المسلمون، واعلموا أن اللسان له آفاتٌ كثيرة، وزلات خطيرة، وحريٌّ بالعاقل اللبيب، والمؤمن المنيب، أن يعتني بلسانه أشد الاعتناء، فَيَنْتَبِهَ مِن كلامه، ويدققَ بعباراته، ويحرصَ على السكوت أشدّ من حرصِه على الكلام.
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: أَنْصِفْ أُذُنَيْكَ مِن فِيكَ , فإنّما جُعُلَ لك أُذُنَانِ اثنتان، وفَمٌ واحدٌ , لتَسْمَعَ أكثرَ ممّا تقول.
تعاهد لسانك إن اللسان ... سريعٌ إلى المرء في قتله
وهذا اللسان بريد الفؤاد ... يَدلّ الرجال على عقله
واحْذرْ مِن العجلة في الردّ على أحد, أو عند الغضب.
ولا تغتر بفصاحتك وبلاغتك ، فعند العجلة رُبَّمَا تقول كلاماً لا يقوله الحمقى والجاهلون.
إن كان في العيِّ آفاتٌ مُقَدَّرَةٌ ... ففي البلاغة آفاتٌ تُسَاويها
أيها المسلمون: وإن المقام لا يسع أنْ نتكلم عن جميع آفات اللسان، وسأقتصر على ذكر آفةٍ واحدةٍ من آفاته، جالبةٍ للعداوةِ والخصومة، ألا وهي: إطلاق الكلام القاسي الشديد، بدلاً من الكلام اللَّينِ السديد، وإطلاق العبارات الجافة الغليظة، بدلاً من العبارات الهينة الرفيقة ، فكم شتَّتت هذه الكلمات من أصدقاء، وكم فرقت من أحبابٍ أوفياء ، ويا سبحان الله ، مَا ضَرَّ هؤلاء، لو استخدموا الكلمات الهينة اللينة، فتنشرح بسببها الصدور، ويصفو الود، وتسود المحبة والألفة.
عباد الله : لِنَأخذْ من مدرسة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أدب ولينَ الكلام, فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا، فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا، قَالَ: قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ. متفق عليه
هل قالت عائشةُ رضي الله عنها باطلاً؟ هل قالت كلاماً في غير محله؟ ما قالت لهم إلا ما يستحقونه، فهم بدؤوا بالسب والشتم، حيث قالوا: السامُ عليكم، أي الموت، فردت بالمثل وزادت: واللعنة، واللهُ تعالى قد لعنهم في كتابه، فلماذا أنكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم في ردها؟.
قال ابن حجر: اَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَعَوَّد لِسَانُهَا بِالْفُحْشِ ، أَوْ أَنْكَرَ عَلَيْهَا الْإِفْرَاط فِي السَّبّ. ا.ه
هكذا أدّب الإسلام وهذّب كلامَنا حتى مع الكفار.
وثبت عَنْها رضي الله عنها, أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ : بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ، وَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ، فَلَمَّا جَلَسَ ، تَطَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا خرجَ الرَّجُلُ، قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللهِ، حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدِّتِنِي فَحَّاشًا، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ. متفق عليه
فالنبي صلى الله عليه وسلم ، أخبر عائشة بأن هذا الرجل سيء، حتى لا يغترَّ به أحد، فلما دخل عليه لم يُظهر له ما في قلبه، ولم يبد له التذمر العبوس، بل داراه وهشَّ وبش في وجهه.
فما أجمل أن يستحضر هذا الحديث، من يستدل على حِدَّةِ أقوالِه بمقولةٍ خاطئة: ما في قلبي يكون على لساني، وأنا لا أجامل أحداً، أو يقول: المجاملة والمداراة من قبيل النفاق والخوف والجبن، ونحو هذا الكلام المجانب للصواب.
والفرق بين المداراة والمداهنة: أن المداراة بذلُ الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين ، وهي مباحة ومستحسنةٌ في بعض الأحوال، والمداهنة المذمومة المحرمة: هي بذل الدين لصالح الدنيا ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - , إنما بذل له من دنياهُ حسنَ عشرته, والرفقَ في مكالمته وطلاقةِ وجهه ، ولم يمدحه بقول.
فعلى هذا، لا يناقض قولُه في هذا الرجلِ فعلَه معه؛ لأن قولَه (بئس أخو العشيرة): إخبارٌ بحق ، ومداراتَه له: حسنُ عشرةٍ مع الخلق .
وتشتد الحاجة إلى المداراةِ والكلامِ اللين الحسن، في حق الأقارب والأصدقاء، فإن لم تفعل ذلك، نفر منك أولادك وأصدقاؤك.
فيا من عوّد لسانه الشدَّةَ والغلظة، تأملْ قولَه تعالى: {وَقُل لّعِبَادِي يَقُولُواْ الّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنّ الشّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنّ الشّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مّبِيناً} فالله تبارك وتعالى، أمرنا أنْ يقول بعضُنا لبعض في كلامنا، وجدالنا ونقدنا، أحسن وأفضل وأجمل الكلام، فلا يكفي أنْ نقولَ الكلامَ الحسن، بل ينبغي أنْ نقولَ أحسنَ كلامٍ عندنا، لماذا؟ لأن الشيطان ينزغ بين الناس، ويحرض بعضهم على بعض، فأكثر أسبابِ المشاكل والعداوات والقتل، من عدم أخذ الناس بهذا المنهج.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, أقول قولي هذا, وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد الله رب العالمين, وأشهد أن لا آله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن نبيّنا محمدًا عبدُه ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, أما بعد:
معاشر المسلمين: لابدّ لنا أنْ نتلطف مع أصدقائنا وأقارِبِنا بل وأعدائنا, بالكلام اللين الرفيق, وأنْ نبتعد عن الكلمات النابية القاسية, وأنْ نُجاملَهم فيما لا محذور فيه.
فقل لمن حولك: إني أحبك يا فلان, قل مرَّةً: كم أعجبني فيك هذا التصرف الجميل, أَسْمعه هذه العبارة: لقد أسعدتني وشرحتَ صدري بقولك كذا, أو بفعلك كذا.
كم جذبت هذه العباراتُ العذبةُ قلوبًا نافرةً, وكم أسعدتْ أفئدةً جامحة, وكم لها من الأثر الكبير في دوام الأُلْفةِ وتقويتِها.
وقد أرشدنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم, إلى إبداء المشاعر الطيبة تجاه أخينا المسلم فقال: (إِذا أَحبَّ أَحدُكُم أَخاهُ فَليُعلِمهُ أَنهُ أَحبَّهُ).
احرصْ على حفظِ القلوب مِن الأذى ... فرجوعُها بعد التَّنافر يَعْسُر
إنَّ القلوبَ إذا تنافر وُدُّها ... مثلُ الزجاجةِ كسرها لا يُجْبَرُ
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنكم لن تسَعُوا الناس بأموالكم، ولكن يسعَهُمْ منكم بسطُ الوجه, وكف الأذى, وحسن الخلق, وطيب الكلام.
اللهم ارزقنا لساناً طيباً، وكلاماً ليِّناً، وجنِّبنا الفحش في الأقوال والأعمال يا رب العالمين.
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق