مَا أَجْمَلَهَا وَأَعْظَمَ أَجْرَهَا وَأَكْبَرَ أَثَرَهَا 8 رَجَب 1440هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1440/07/13 - 2019/03/20 10:29AM

مَا أَجْمَلَهَا وَأَعْظَمَ أَجْرَهَا وَأَكْبَرَ أَثَرَهَا 8 رَجَب 1440هـ

الْحَمْدُ للهِ الذِي تَقَدَّسَ وَقَهَر، واصْطَفَى مَنْ شَاءَ بِعَمِيمِ الْخَصَائِصِ الْغُرَر، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تَوَعَّدَ مَنْ حَادَّ أَنْبِيَاءَهُ وَآذَى أَصْفِيَاءَهُ بِسَقَر، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ الْخِيَر، الْمُبَرَّأُ مِنَ النَّقَائِصِ وَالْعُرَر، صَلَّى اللهُ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى إِخْوَانِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَرَضِيَ اللهُ عَنْ أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ مَا تَعَاقَبَ بُكُوْرٌ وَسَحَر، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيرَاً.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاعْرِفُوا مَنْزِلَةَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ السَّلامِ, إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ, إِنَّهُ الشَّافِعُ الْمُشَفَّعُ, وَالرَّسُولُ الْمُتَّبَعُ, صَاحِبُ اللِّوَاءِ الْمَعْقُودِ وَالْحَوْضِ الْمَوْرُودِ وَالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ, جَمَّلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَكْمَلِ الصِّفَاتِ الْبَشَرِيَّةِ, فَلَهُ مِنْ حُسْنِ الْخَلْقِ أَكْمَلُهُ, وَمِنْ أَجَلِّ الْخُلُقِ أَعْظَمُهُ, هُوَ أَرْحَمُ الْخَلْقِ بِالْخَلْقِ, وَأَرْأَفُ الْبَشَرِ بِهِمْ, وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْخُطْبَةُ لِلْكَلَامِ عَلَى صِفَاتِهِ التِي فَاقَتْ كُلَّ بِشَرٍ, وَلَكِنَّهَا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ مِنْ حُقُوقِهِ عَلَيْنَا, إِنَّ هَذِهِ الْخُطْبَةَ عَنِ الصّلَاةِ وَالسّلَامِ عَلَيْهِ , صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلامُهُ عَلَيْهِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ -أَعْنِي الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ- مَسْأَلَةٌ عَقَدِيَّةٌ فِقْهِيَّةٌ أَدِبِيَّةٌ, وَوَاللهِ لَوْ لَمْ يَرِدْ فِيهَا إِلَّا قَوْلُهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}, لَكَانَ كَافِياً, فَكَيْفَ وَقَدْ أَمَرَنَا اللهُ أَمْرًا مُؤَكَّدًا بِأَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَنُسَلِّمَ تَسْلِيمًا ؟ فَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ مَا تَعَاقَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ, وَمَا نَزَلَ مَطَرٌ مِدْرَارٌ, وَعَدَدَ مَا خَلَقَ اللهُ وَذَرَأَ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذِهِ مَسَائِلُ مُتَنَوِّعَةٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الأُولَى) إِنَّ قَوْلَنَا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) دُعَاءٌ وَلَيْسَ خَبَرًا مُجَرَّدًا كَمَا قَدْ يَظُنُّهُ بَعْضُ النَّاسِ, فَهِيَ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إِنْشَائِيَّةٌ مَعْنَى, فَنَحْنُ نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُصَلِّيَ وَيُسَلمَّ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ, وَكَذَلِكَ نَدْعُوا اللهَ لَهُ بِالسَّلَامَةِ, مِمَّا أَمَامَهُ فِي الآخِرَةِ وَكَذَلِكَ نَدْعُوا اللهَ أَنْ يُسَلِّمَ سُنَّتَهُ وَهَدْيَهُ بَعْدَهُ مِنَ التَّحْرِيفِ وَالتَّغْيِيرِ. وَأَمَّا مَعْنَى صَلاةِ اللهِ عَلَيْهِ فَهُوَ مَدْحُهُ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى, قَالَ أَبُو العَالِيَةِ رَحِمَهُ اللهُ: صَلاَةُ اللَّهِ: ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ المَلاَئِكَةِ، وَصَلاَةُ المَلاَئِكَةِ الدُّعَاءُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) إِنَّ فَضَائِلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَثِيرَةٌ, فِمْنَهَا أَنَّهَا امْتِثَالٌ لِأَمْرِ اللهِ وَاقْتِدَاءٌ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الآيَةِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ اللهَ يُصَلِّي عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ عَشْرَ مَرَّاتٍ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَمِنْ فَضَائِلِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ : أَنَّهَا تَبْلُغُهُ صَلاتُنَا, وَهَذَا لاشَكَّ يَسُرُّهُ وَيَتَنَعَّمُ بِذَلِكَ فِي قَبْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

 وَمِنْهَا أَنَّهَا مِنْ عَلامَاتِ الْجُودِ: فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رَغِمَ أنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ, وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, مُتَأَكِّدَةٌ جِدًّا, بَلْ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَوْجَبَهَا, وَعَلَيْهِ فَيَأْثَمُ مَنْ تَرَكَهَا, وَعَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلَيٍّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (البَخيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِندَهُ، فلَمْ يُصَلِّ علَيَّ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

وَمِنْ فَضَائِلِ الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْبُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ, فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

وَمِنْهَا: مَحْوُ الْخَطَايَا وَرِفْعَةُ الدَّرَجَاتِ, فَعَنْ أَنْسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ) رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

وَمِنْهَا: مَغْفِرَةُ الذُّنُوبِ وَالتَّخَلُّصُ مِنْ الْهُمُومِ, فَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ (مَا شِئْتَ) قَالَ قُلْتُ: الرُّبُعَ ؟ قَالَ (مَا شِئْتَ, فَإِنْ زِدْتَّ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ) قُلْتُ: النِّصْفَ قَالَ (مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَّ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ) قَالَ قُلْتُ: فَالثُّلثُيَنِ ؟ قَالَ (مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَّ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ) قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلاتِي كُلَّهَا قَالَ: إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ : هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَمَعْنَى الصَّلَاةِ هُنَا: الدُّعَاءُ، فَإِذَا جَعَلَ الإِنْسَانُ وَقْتًا يُصَلِّي فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا فَاللهُ جَلَّ وَعَلَا يَأْجُرُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، إِلَى مَا لا يُحْصَى مِنْ الْفَضْلِ أ.هـ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَأَمَّا الْمَوَاضِعُ التِي يُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِيَ كَثِيرَةٌ وَأَهَمُّهَا فِي الصَّلَاةِ حَتَّى إِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ جَعَلَهَا رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ, وَمِنَ الْمَوَاضِعِ عِنْدَ إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ بَعْدَ أَنْ يَنْتَهِيَ, وَمِنْهَا: عِنْدَ الدُّعَاءِ, فَلا تَبْدَأْ دُعَاءَكَ حَتَّى تَحْمَدَ اللهَ وَتُثْنِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ تُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُلُّ دُعَاءٍ مَحْجُوبٌ, حَتَّى يُصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

وَمِنَ الْمَوَاضِعِ: عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ: عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسجِدَ فَليُسَلِّم عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ افتَح لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَإِذَا خَرَجَ فَليُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

وَمِنَ الْأَوْقَاتِ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ, فَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ يُصَلِّي عَلَيَّ أَحَدٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا عُرِضَتْ عَلَيَّ صَلَاتُهُ) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتِغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ رَحِيمٌ وَدُودٌ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ وَكَفَى، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اجْتَبَى.

أمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ الثَّالِثَةَ: هِيَ فِي صِيَغِ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَقَدْ جَاءَتْ عِدَّةُ صِفَاتٍ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَكُلُّهَا جِائِزَةٌ, وَمِنْهَا أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَّا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : فَهِيَ فِي التَّحْذِيرِ مِنَ الصِّيَغِ الْمُحْدَثَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَيَجِبُ أَنْ نَنْتَبِهَ مِنَ الْبِدَعِ, وَقَدْ كَثُرَتِ الصَّلَوَاتُ الْمُحْدَثَةُ وَزَعَمَ وَاضِعُوهَا أَنَّ لَهَا فَضَائِلَ كَذَا وَكَذَا , وَمِنْ تِلْكَ الصِّفَاتِ الْمُحْدَثَةِ مَا يُسَمِّيهِ بَعْضُ أَهْلِ الطُّرُقِ الصُّوفِيَّةِ : صَلاةَ الْفَاتِحِ, وَهِيَ صِفَةٌ مُبْتَدَعَةٌ ثُمَّ ادَّعَوْا فِيهَا فَضَائِلَ غَرِيبَةً عَجِيبَةً بِاطِلَةً, وَصِيغَةُ هَذِهِ الصَّلَاةِ عِنْدَهمْ أَنْ تَقُولَ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْفَاتِحِ لِمَا أُغْلِقَ وَالْخَاتَمِ لِمَا سَبَقَ, نَاصِرِ الْحَقِّ بِالْحَقِّ, الْهَادِي إِلَى صِرَاطِكَ الْمُسْتِقِيمِ, وَعَلَى آلِهِ حَقَّ قَدْرِهِ وَمِقْدَارِهِ الْعَظِيمِ.

وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ شَيْخَ الطَّرِيقَةِ التِّيجَانِيّةِ وَاسْمُهُ أَحْمَدُ التِّيجَانِيُّ أَخَذَهاً (مَنَامًا) مُبَاشَرَةً مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, بَلْ زَعَمُوا أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ مِنْهَا تَعْدِلُ خَتْمَةَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ سِتَّ مَرَّاتٍ, ثُمَّ جَاءَ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا تَعْدِلُ كُلَّ ذِكْرٍ وَدُعَاءٍ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ وَأَنَّهَا تَعْدِلُ خَتْمَةَ الْقُرْآنِ سِتَّةَ آلافِ مَرَّةٍ.

وَوَاللهِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَتَعَجَّبُ مِنْ حَالِ هَؤُلاءِ حَيْثُ يَصْرِفُونَ النَّاسَ عَنْ كِتَابِ رَبِّهِمْ بِهَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْمُحْدَثَةِ ؟ وَيُرَتِّبُونَ عَلَيْهَا مِنَ الْفَضَائِلِ مَا لَمْ يَرِدْ فِيمَا قَالَهُ النَّبِيُّ الْكَرِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, لَكِنَّهُ الْجَهْلُ -أَيُّهَا الْكِرَامُ- فَهُوَ الدَّاءُ الْعُضَالُ وَالْمَرَضُ الْقَتَّالُ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رؤوساً جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحَاً اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ, اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلمينَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعَدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينَ, اللَّهُمَّ أعطنا ولا تحرمنا اللَّهُمَّ أكرمنا ولا تُهنا اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَليْنَا اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا, اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ, وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ, وَالحَشْرَ مَعَ الأَتْقِيَاءِ, وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ, اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ, اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعيِهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

المرفقات

أَجْمَلَهَا-وَأَعْظَمَ-أَجْرَهَا-وَ

أَجْمَلَهَا-وَأَعْظَمَ-أَجْرَهَا-وَ

المشاهدات 2469 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا