ماذا تعرف عن حق الجار

ابو احمد
1433/06/26 - 2012/05/17 09:27AM
الخطبة الأولى

أيها الأخوة المؤمنون : لقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالة تحذيرية خطيرة رسالة لم تكن هذه المرة موجهة للمشركين ولا للكافرين ولا لشاربي الخمر ولا لأكلي الربا ولا لمحبي الزنا ولا لعشاق الخنا لا بل كانت موجهة لاهل الصلاة والصيام والصدقة فرائض ونوافل اهل قيام الليل وصيام الهواجر .
رسالة مفادها وأرع يا أخي - أحسن الله اليك - سمعك لمفادها واحضر قلبك وضميرك فإن مفادها خطير.......مفادها
أن العبادة صلاة كانت او صياما او صدقة إذا لم تؤدي دورها في الدنيا لن تؤدي دورها في الاخرة..........صلاة لم تنهك عن الفحشاء والمنكر والبغي صيام لم يعلمك التقوى والخشية ........لن يكونا حجابا لك من النار ........
واستمع الى مصداق ذلك من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد والبزار رحمهما الله تعالى من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل : يارسول الله إن فلانة , فذكر من كثره صلاتها وصدقتها وصيامها( عمل عظيم وعبادة عظيمة يستحق بها الموحد أن يدخل الجنة) غير ان الحديث لم ينتهي أيها الاخوة بعد لقد كانت رغم ذلك تعمل عملاً تظنه سهلا ويسيراً أو قل تظن أنه لن يؤثر في ماجمعت من حسنات (صلاة وصيام وصدقة) لن يحرق ما انارت به ليلها من صلاة وما عطرت به نهارها من صيام أتدرون ماذا كانت تعمل قال الرجل محدث رسول الله عن المرأة غير أنها........ غير انها ماذا؟؟؟؟ قال غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها !!! تؤذي جيرانها بلسانها
تغتابهم /ربما تبهتهم /ربما تنقل الحديث بينهم على وجه الافساد /ربما تسبهم/ ربما وربما المهم انها كانت تؤذي جيرانها فقال رسول الله : هي في النار ...في النار!!!!!! المصلية الصائمة المتصدقة المتنفلة !!!
في النار تصلى لهيبها !!! وتكابد حرها!!!! وتذوق زقومها..
نعم في النار يا أهل الصلاة /في النار يا اهل الصدقة / في النار يا اهل الصيام أتدرون لماذا؟؟؟؟لانها كانت تؤذي جيرانها!!!!
لأن الصلاة التي شرعت لتنهى عن الفحشاء والمنكر لم تنهها عن الفحشاء والمنكر ، الصيام الذي شرع لتعليم التقوى لم يعلمها التقوى ... وفي المقابل لتلك المرأة إمرأة اخرى قال عنها الذي كان يحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: يارسول الله فإن فلانة , فذكر من قلة صيامها وصلاتها وأنها تصدَّق بالأثوار من الأقط ، لاتؤذي بلسانها جيرانها, قال : هي في الجنة . فالحديث فيه مقارنة بين امرأتين , إحداهما تكثر من النوافل في الصلاة والصيام والصدقة , لكنها تؤذي جيرانها بلسانها, فكان مصيرها النار , وذلك لأن أعمالها الصالحة المذكورة نوافل تثاب عليها ولا تعاقب على تركها , أما أذيتها لجيرانها فإنه عمل محرم تعاقب عليه إن لم تتب توبة نصوحا.
أما الأخرى فإنها لا تكثر من النوافل , لكنها عفيفة اللسان لا تؤذي جيرانها , فهذه قد فاتها الأجر بقلة أدائها للنوافل , ولكن ذلك لا يمنع دخولها الجنة لأنها قد سلمت من الإثم حيث لم ترتكب محرما.
ايها الاخوة المؤمنون هذه رسالة مهمة وهذا تحذير خطير أتمنى أن نفقهه جميعا وأن نتدبره على كل حال ( عبادة لم تؤد دورها في الدنيا لن تؤدي دورها في الاخرة)
مفهوم غفل عنه الكثير وتساهل فيه الكثير ووقع في مغبة التساهل فيه الكثير ....
ايها الاخوة المؤمنون هكذا هو حق الجار حق عظيم قد يدخلك الجنة او يلقي بك في النار.... فاعتن به يا عبد الله واعلم انه جزء من عملك
ففي الحديث أن رجلا أنصاريا قال : قدمت علي رسول الله فوجدت رجلا مقبلا عليه، ووقف مع رسول كثيرا، وطال بهما القيام حتى جعلت أرثي رسول الله من طول القيام ، فلما انتهي من حديثه وانصرف ذهبت إلي رسول الله ، وقلت : يا رسول الله لقد طال بك القيام مع هذا الرجل حتى جعلت أرثي لك من طول القيام ، فقال : أتدري من هذا الرجل ؟ فقلت لا ، فقال : ذاك جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ، أما أنك لو سلمت عليه لرد عليك السلام"، وفي رواية أخري ".. حتى خشيت أنه سيورثه". رواه أحمد
وروي أن أبو الجهم العدوي باع داره بمائة ألف دينار، ثم قال للمشترين: بكم تشترون جوار سعيد بن العاص؟ فقالوا: وهل يشترى جوار قط؟ قال: ردوا عليَّ داري، وخذوا دراهمكم، والله لا أدع جوار رجل: إن فقدتُ سأل عني، وإن رآني رحب بي، وإن غبت حفظني، وإن شهدت قربني، وإن سألتُه أعطاني، وإن لم أسأله ابتدأني، وإن نابتني جائحة فرّج عني.فبلغ ذلك سعيداً فبعثه إليه بمائة ألف درهم.
وفي المقابل كان لأبي الأسود الدؤلي جيران بالبصرة، يؤذنه فباع داره، فقيل له: بعتَ دارك؟! فقال: بل بعت جاري؛ فأرسلها مثلاً.ولله در القائل:
يلومونني أن بعت بالرخص منزلاً ===ولم يعلموا جاراً هناك ينغص
فقلت لهم : كفوا الملام فإنه === بجيرانها تغلو البيوت وترخص
والقائل : ألا من يشتري داراً برخص ... كراهة بعض جيرتها تباع
كان للحارث بن صعصعة ندماء لا يفارقهم، وكان شديد المحبة لهم، فخرج في بعض منتزهاته، ومعه ندماؤه، فتخلف منهم واحد، فدخل على زوجته، فأكلا وشربا، ثم اضطجعا، فوثب الكلب عليهما فقتلهما، فلما رجع الحارث إلى منزله وجدهما قتيلين فعرف الأمر، فأنشد يقول:
وما زال يرعى ذمتي ويحوطني === ويحفظ عرسي و الخليل يخون
فيا عجباً للخل يهتك حرمتي === ويا عجباً للكلب كيف يصون
فاحذر أخي المسلم أن يكون الجاهليون أحسن جواراً منك، بل والكلاب، واحذر أن تكون جار سوء، واحرص أن ترعى وصية ربك ورسولك في جيرانك، واجتهد أن يكون لك في رسولك، والصحب الكرام، والسلف العظام، بل وفي كل راعٍٍ لحق الجوار الأسوة الحسنة، والقدوة الصالحة، والمثال الذي يحتذى.
أقول قولي هذا, وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ، فاستغفروه, وتوبوا إليه, فهو أهل التقوى وأهل المغفرة........

الخطبة الثانية
أيها الأخوة المؤمنون :
لا شك أن الجار له حقوق كثيرة نشير إلى بعضها، فمن أهم هذه الحقوق:
1- رد السلام وإجابة الدعوة:وهذه وإن كانت من الحقوق العامة للمسلمين بعضهم على بعض، إلا أنها تتأكد في حق الجيران لما لها من آثار طيبة في إشاعة روح الألفة والمودة.
2- كف الأذى عنه:نعم فهذا الحق من أعظم حقوق الجيران، والأذى وإن كان حرامًا بصفة عامة فإن حرمته تشتد إذا كان متوجهًا إلى الجار، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أذية الجار أشد التحذير وتنوعت أساليبه في ذلك، ففي الحديث:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو إليه أذى جاره. فقال: "اطرح متاعك في الطريق". ففعل؛ وجعل الناس يمرون به ويسألونه. فإذا علموا بأذى جاره له لعنوا ذلك الجار. فجاء هذا الجار السيئ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو أن الناس يلعنونه. فقال صلى الله عليه وسلم: "فقد لعنك الله قبل الناس". ..........من يرضى لنفسه بمثل هذا ايها الجيران؟؟؟
3- تحمل أذى الجار:
وإنها والله لواحدة من شيم الكرام ذوي المروءات والهمم العالية، إذ يستطيع كثير من الناس أن يكف أذاه عن الآخرين، لكن أن يتحمل أذاهم صابرًا محتسبًا فهذه درجة عالية: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) ويقول الله تعالى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ). وقد ورد عن الحسن - رحمه الله - قوله: ليس حُسْنُ الجوار كفّ الأذى، حسن الجوار الصبر على الأذى.
روى أبو ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة يحبهم الله ، وثلاثة يشنؤهم الله - أي يبغضهم - أما الثلاثة الذين يحبهم الله الرجل يلقى العدو في الفئة فينصب لهم نحره حتى يقتل أو يفتح لأصحابه ، والقوم يسافرون فيطول سراهم حتى يحبوا أن يمسوا الأرض فينزلون فيتنحى أحدهم فيصلي حتى يوقظهم لرحيلهم والرجل يكون له الجار يؤذيه جواره فيصبر على أذاه حتى يفرق بينهما موت أو ظعن )
4- تفقده وقضاء حوائجه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما آمن بي من بات شبعانًا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم". وإن الصالحين كانوا يتفقدون جيرانهم ويسعون في قضاء حوائجهم، فقد كانت الهدية تأتي الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيبعث بها إلى جاره، ويبعث بها الجار إلى جار آخر، وهكذا تدور على أكثر من عشرة دور حتى ترجع إلى الأول.
5- ستره وصيانة عرضه: هذه والله لمن أوكد الحقوق، فبحكم الجوار قد يطَّلع الجار على بعض أمور جاره فينبغي أن يوطن نفسه على ستر جاره مستحضرًا أنه إن فعل ذلك ستره الله في الدنيا والآخرة، أما إن هتك ستره فقد عرَّض نفسه لجزاء من جنس عمله: (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)
وقد كان العرب يفخرون بصيانتهم أعراض الجيران حتى في الجاهلية
يقول عنترة:
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي ===حتى يواري جارتي مأواها
وأخيرًا فإننا نؤكد على أن سعادة المجتمع وترابطه وشيوع المحبة بين أبنائه لا تتم إلا بالقيام بهذه الحقوق وغيرها مما جاءت به الشريعة، وإن واقع كثير من الناس ليشهد بقصور شديد في هذا الجانب حتى إن الجار قد لا يعرف اسم جاره الملاصق له في السكن، وحتى إن بعضهم ليغصب حق جاره، وإن بعضهم ليخون جاره ويعبث بعرضه وحريمه، وهذا والله من أكبر الكبائر. سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أعظم؟ ". فعدَّ من الذنوب العظام: "أن تزاني حليلة جارك".
أيها الإخوة لو تذكر الإنسان عقائد دينه، وأنه من التراب وإلى التراب، وكلنا من نسب آدم، وساعة الموت مباغتة، سيحسن علاقته مع الله، ويرحم جيرانه ويعامل الناس جمعيا بخلق حسن.
ولا بد أن يتأكد المرء أن حسن أخلاقه هي هويته الإنسانية، ودليل على استيعابه لمفاهيم الدين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وهذا دليل على أن الرسل من قبله جاءوا بمكارم الأخلاق، ولكن قد يكون الناس نسوا بعضها، فأتى حبيبنا ليكملها. نسأل الله أن يعيننا والمسلمين على القيام بحقوق الجوار..وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين
المشاهدات 4390 | التعليقات 1

يلوموني بالرخص أن بعت داري
لم يعلمو جارا هناك ينغص
فقلت لهم كفوا الملامة انما
بجيرانها تغلوا الديار وترخص

جزيت خيرا (أبو احمد) على هذه الخطبة المفيدة