مَاذَا بَعْدَ مَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ 17 ذِي الحِجَّةِ 1438هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1438/12/15 - 2017/09/06 08:53AM

مَاذَا بَعْدَ مَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ 17 ذِي الحِجَّةِ 1438هـ

الْحَمْدُ للهِ جَامِعِ الشَّتَاتِ وَبَاعِثِ الرُّفَات, وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً تُكتَبُ بِهَا الصَّحَائِفُ وَتُمْحَى بِهَا السَّيِّئَات، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمَاتِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى طَرِيقِهِ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ إِلَى الْمَمَات.

أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ واعْلَمُوا أَنَّ مَوْسِمَ الْحَجِّ قَدِ انْتَهَى, وَانْتَهَتْ مَعَهُ أَفْضَلُ الأَوْقَاتِ، أَيَّامُ عَشْرِ ذِي الْحَجَّةِ، وَالنَّاسُ فِيهَا بَيْنَ رَابِحٍ فَائِزٍ وَخَاسِرٍ نَادِم، فَمَنِ اجْتَهَدَ فِيهَا وَاسْتَغَلَّ لَحَظَاتِهَا بِالطَّاعَاتِ غَنِمَ وَسَلِمَ، وَمَنْ فَرَّطَ فِيهَا وَلَمْ يَجْتَهِدْ, بَلْ رُبَّمَا عَصَى اللهَ فِيهَا، فَيَعَضُّ أَصَابِعَ النَّدَمَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا)

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ هَذَا الْمَوْسِمَ وَإِنْ كَانَ انْتَهَى فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لا يَزَالُ مُسْتَمِرَّاً فِي طَاعَةِ رَبِّهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ)

فَحَافِظْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ عَلَى عَقِيدَتِكَ، مُؤْمِنَاً بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمُؤْمِنَاً بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، حَافِظْ عَلَى تَوْحِيدِكَ بِأَنْ تَصْرِفَ جَمِيعَ عِبَادَاتِكَ للهِ وَحْدَهُ، وَتَعْتَقِدَ يَقِينَاً أَنَّ جَمِيعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَخْلُوقُونَ, عِبَادٌ ضُعَفَاءُ لا يَمْلِكُونَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْئاً، قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا)

أَيُّهَا الْمُسْلِمُ : احْذَرْ مِنَ الشِّرْكِ كَبِيرِهِ وَصَغِيرِهِ، ظَاهِرِهِ وَخَفِيِّهِ، وَسَوَاءً أَكَانَ فِي الْأَلْفَاظِ أَوِ الْأَعْمَالِ أَوِ النِّيَّاتِ، فَهُوَ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ وَأَشَّرُّ الْعُيُوبِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ).

الْزَمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ السُّنَّةَ النَّبَوِيَّةَ وَالطَّرِيقَةَ الْمُحَمَّدِيَّةَ، فَإِنَّ اللهَ قَدِ اخْتَارَ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَهُ خَاتَمَ رُسُلِهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ أَفْضَلَ كُتُبِهِ، فَإِنْ أَرَدْتَ النَّجَاةَ فَعَلَيْكَ بِسُنَّتِهِ وَاهْتَدِ بِهَدْيِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)، وَقَالَ سُبْحَانَهُ (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ (مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

احْذَرْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ مِنَ الْبِدْعَةِ ، فَإِنَّهَا بَعْدَ الشِّرْكِ أَقْبَحُ الذُّنُوبِ، وَلا تَأْمَنْ نَفْسَكَ مِنَ الْوُقُوعِ بِهَا، وَلا سِيَّمَا بَعْدَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْحَدِيثَةِ التِي صَارَتْ تَنْقِلُ البِدَعَ وَالخُرَافَاتِ وَتَبُثُّهَا بَيْنَ النَّاسِ ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَذِّرُ أَصْحَابَهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - وَهُمْ خَيْرُ الْأُمَّةِ – عَنِ الْبِدْعَةِ، فَنَحْنُ مِنْ بَابِ أَوْلَى يَجِبُ أَنْ نَخَافَ مِنَ الْبِدْع، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ، احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ : صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ ، وَيَقُولُ (أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وعَنِ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلاَةِ الغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ, فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ (أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلاَلَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : حَافِظُوا عَلَى صَلَوَاتِكُمْ فَإِنَّهَا عِمَادُ دِينِكُمْ وَأَوَّلُ مَا تُحَاسَبُونَ عَلَيْهِ بَيْنَ يَدَيْ رَبَّكُمْ، فَمَنْ حَفِظَهَا حَفِظَهُ اللهُ وَمَنْ أَخَلَّ بِهَا تَعَرَّضَ لِعُقُوبَةِ اللهِ، وَمَنْ تَرَكَهَا بِالْكُلِّيَّةِ خَرَجَ مِنْ دِينِ اللهِ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ), وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال (رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ) رَوَاهُ التَّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيّ.

ثُمَّ يَنْبَغِي لَكَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ أَنْ تَتَزَوَّدَ مِنَ النَّوَافِلِ، فَتُحَافِظَ عَلَى السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَالْوِتْرِ وَصَلاةِ الضُّحَى، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ صَلَّى اثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ, (بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ) رَوَاهُ مُسْلِم.

فَحَافِظْ عَلَيْهَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُ مَا اسْتَطَعْتَ، وَتَزَوَّدْ مِنَ النَّوَافِلِ غَيْرَهَا، وَتَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ) أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرِّحِيمُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمَينَ ، والصَّلاةُ وَالسَّلامُ الأَتَمَّانِ الأَكْمَلانِ عَلَى خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ وَإِمَامِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيِّنَا مَحَمِّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .

أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنَ الْوَاجِبَاتِ التِي يَجِبُ أَنْ نُحَافِظَ عَلَيْهَا بِرَ الْوَالِدَيْنِ وَصِلَةَ الْأَرْحَامِ، وُهُمُ الْأَقَارِبُ، وَهَذَان الْأَمْرَانِ عِبَادَةٌ نَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللهِ مَعَ مَا فِيهِمَا مِنَ الْقِيَامِ بِحَقِّ مَنْ حَوْلَنَا وَحُسْنِ التَّعَامُلِ مَعَهُمْ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِمَّا نَتَوَاصَى بِهِ: الْعِنَايَةُ بِالْقُرْآنِ، فَالْقُرْآنُ كَلامُ اللهِ وَهُوَ النُّورُ الْمُبِينُ وَالصِّرَاطُ الْمُسْتِقِيمُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) وَقَالَ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) وعن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ، وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

فَاجْعَلْ لَكَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ وِرْدَاً يَوْمِيَّاً مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ لَا تُخِّلَّ بِهِ، وَلْيَكُنْ جُزْءَاً كُلَّ يَوْمٍ عَلَى تَرْتِيبِ الشَّهْرِ بِحَيْثُ تَخْتِمُ كُلَّ شَهْرٍ مَرَّةً، ثُمَّ احْفَظْ مِنْهُ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَإِنَّكَ تَرْقَى بِهِ فِي دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (يُقَالُ - يَعْنِي لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ -: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ هُوَ  وَالْأَلْبَانِيُّ : حَسَنٌ صَحِيحٌ.

ثُمَّ رَاجِعْ كُتُبَ التَّفْسِيرِ الْمَوْثُوقَةَ وَاقْرَأْ فِيهَا, كَتَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ وَمُخْتَصَرِهِ لِأَحْمَد شَاِكِر رَحِمَهُمَا اللهُ، وَكَذَلِكَ تَفْسِيرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِيٍّ رَحِمَهُ اللهُ فَإِنَّهُ تَفْسِيرٌ مَوْثُوقٌ.

وَخَصِّصْ لَكَ وَقْتَاً وَمَكَانَاً مُنَاسِبَاً فِي الْبَيْتِ أَوِ الْمَسْجِدِ لِتَقَرَأَ وَتَتَعَبَّدَ لِرَبِّكَ وَتَحْفَظَ وَقْتَكَ، وَاحْذَرْ مِنْ تَضْيِيعِ الزَّمَانِ بِالاشْتِغَالِ بِالدُّنْيَا وَالانْصِرَافِ عَنِ الآخِرَةِ، وَانْجُ بِنَفْسِكَ وَلا تَغْتَرَّ بِغَيْرِكَ مِنَ الْمُضَيِّعِينَ لِأَنْفُسِهِمْ وَأَعْمَارِهِمْ، قَالَ اللهَ تَعَالَى (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)

أَسْأَلُ اللهَ لِي وَلَكُمُ النَّجَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَالْعِصْمَةَ مِنَ الْمَهَالِكِ وَالْمَعَاصِي، رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

المشاهدات 1397 | التعليقات 2

جزاك الله خيرا


جزاك الله خيراً