ماذا بعد رمضان ؟!
عبدالله بن رجا الروقي
1435/10/04 - 2014/07/31 13:51PM
أما بعد فإن من نعم الله عزوجل على عباده أن جعل لهم أوقاتا فاضلة يتزودون فيها من الطاعات فتُضاعف حسناتُهم وتغفر سيئاتُهم ومن هذه المواسم شهرُ رمضان المبارك والذي يجتهد فيه الموفقون في العبادات ، والفضل في ذلك لله فهو الذي من على عباده بإدراك الشهر وهو الذي وفقهم لصيامه وقيامه وأعانهم على ذلك ولهذا أمرهم بشكر هذه النعم بقوله تعالى :
﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون ﴾
فنسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
عباد الله قد انقضى شهر رمضان لكن :
" عمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله قال الحسن البصري رحمه الله : إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلا دون الموت ثم قرأ: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.
هذه الشهور والأعوام والليالي والأيام كلها مقادير للآجال ومواقيت للأعمال ثم تنقضي سريعا وتمضي جميعا ، والذي أوجدها وابتدعها وخصها بالفضائل وأودعها : باقٍ لا يزول ، ودائمٌ لا يحول هو في جميع الأوقات إله واحد ولأعمال عباده رقيب مشاهد ، فسبحان من قلّبَ عبادَه في اختلاف الأوقات بين أنواع الطاعات ، يُسبِغُ عليهم فيها فواضلٓ النعم ويعاملهم بنهاية الجود والكرم ، لما انقضى شهر الصيام أقبلت أشهر الحج إلى بيت الله الحرام فكما أن من صام رمضان وقامه غفر له ما تقدم من ذنبه فمن حج البيت ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، فما يمضي من عمر المؤمن ساعة من الساعات إلا ولله فيها عليه وظيفة من وظائف الطاعات فالمؤمن يتقلب بين هذه الوظائف ويتقرب بها إلى مولاه وهو راج خائف.
إن المؤمن لا يمل من التقرب بالنوافل إلى مولاه ولا يأمل إلا قربه ورضاه.
كل وقت يُخلِيهِ العبدُ من طاعة مولاه فقد خسره وكل ساعة يغفل فيها عن ذكر الله تكون عليه يوم القيامة تره." [ لطائف المعارف بتصرف ]
أيها المسلمون ، هذه ثلاث وقفات أُذكر فيها بشيء مما يُشرع للمسلم فعلُه بعد رمضان :
الوقفة الأولى: اجتهد كثير منا في الأعمال الصالحة من الصيام والقيام والزكاة والصدقة وقراءة للقران ودعاء وذكر وغيرها لكن السؤال الأعظم هنا هو هل تقبل الله هذه الأعمال أو لا؟
يقول الله - تعالى- ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
« سألتُ رسول الله ﷺ عن هذه الآية: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ فقال ﷺ : لا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ» رواه الترمذي.
لقد كان السلف الصالح رحمهم الله يجتهدون في إكمال العمل وإتقانه ثم يقع عليهم الهم بعد ذلك في قبوله ويخافون من رده فقد كانوا لقبول العمل اشد اهتماما منه بالعمل.
قال فٓضالة بن عبيد : لأن أن أعلم أن الله قد تقبل مني مثقال حبة من خردل أحب إلي من الدنيا وما فيها لأن الله يقول: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾
وقال عبد العزيز بن أبي رواد - رحمه الله -: أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح فإذا فعلوه وقع عليهم الهم أيقبل منهم أم لا؟
وكان بعض السلف يقول في آخر ليلة من رمضان:يا ليت شِعري من هذا المقبول فنهنيه ومن هذا المحروم فنعزيه.ا.هـ
فعلى المسلم أن يكثر من دعاء الله عزوجل أن يتقبل صيامه وقيامه وأن يتجاوز عن تقصيره.
الوقفة الثانية : يُشرع للمؤمن المؤمن أن يجتهد في الطاعات ويستكثر من الخيرات مادام حيًا، قال الله تعالى : ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ واليقين هو الموت وقال الله تعالى : ﴿ فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ﴾
وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾
فالمؤمن مأمور بالعمل الصالح مدة حياته وبالصبر عليه في الأوقات الفاضلة وغيرها.
فإن الأعمال الصالحة ليست مختصة برمضان بل هي مشروعة طوال العام كالصلاة ، والحجّ، وصوم النوافل، والصدقة، والدعاء والذِكر.
ومن هذه الأعمال صيام ستة أيام من شوال ، فقد روى مسلم في "صحيحه" أن النبي ﷺ قال: «من صام رمضان ثم أتبعه بستّ من شوال كان كصيام الدهر »
ووجه ذلك أن الله - جل وعلا - جعل الحسنة بعشر أمثالها، فصيامُ رمضان يُعدُّ مُضاعفًا بعشرة شهور، وصيام هذه الأيام الستّة بستين يومًا، فيكون له أجر صيام سنةٍ كاملة.
وقال أهل العلم إنه يعدل صيام سنة كاملة فرضًا فكأنه صام رمضان مدة سنة كاملة.
لكن هذا الأجر الوارد في الحديث لا يكون إلا لمن صام رمضان كاملًا فمن كان عليه قضاء فلابد أن يقضي ثم يصوم الست فقوله ﷺ من صام رمضان أي صامه كله ثم صام الستة بعده.
وهذه الأيام الستة يجوز صومها متتابعة ومتفرقة
ومن صامها في سنة فلا يلزمه أن يداوم عليها كل سنة.
فليحرص المسلم على صيامها بعد رمضان فإن صيامها يُكمل ماحصل في الفرض من خلل ونقص لأن الفرائض تُجبر بالنوافل يوم القيامة.
قال ﷺ : « إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الصَّلاَةُ قَالَ يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ لِمَلاَئِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ انْظُرُوا فِى صَلاَةِ عَبْدِى أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِى مِنْ تَطَوُّعٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ قَالَ أَتِمُّوا لِعَبْدِى فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ ثُمَّ تُؤْخَذُ الأَعْمَالُ عَلَى ذَاكُمْ » رواه أهل السنن.
فدل قوله ﷺ في آخر الحديث " ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم " على أن سائر أنواع التطوع من العبادات تُكمّلُ بها الفرائض ، ومن ذلك الصيام فنفله يجبر فرضه ويكمله.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: وأكثر الناس في صيامه للفرض نقص وخلل فيحتاج إلى ما يجبره ويكمله من الأعمال.ا.هـ
أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم...
الخطبة الثانية:
أما بعد فمما يُشرع من الصيام - أيضًا - صيامُ ثلاثة أيام من كل شهر فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ أَوْصَانِي خَلِيلِي ﷺ بِثَلاَثٍ صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى ، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ. رواه البخاري.
والأفضل أن تكون هذه الأيام أيامَ البيض وهي أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر.
وكذا يشرع صيام الاثنين والخميس فالنوافل في هذا الباب كثيرة ولله الحمد.
الوقفة الثالثة: من كان مقصرا عاصيا ولم يتغير حاله في رمضان فهذا يقال له: إن اليوم الواحد بل الثانية من عمر المسلم غنيمة عظيمة فليبادر فباب التوبة مفتوح وربك الأكرمُ يقول كلّ ليلة في الثلث الآخر: " هل من مستغفر ! هل من تائب ! هل من سائل ! هل من داع ! " .
ويبسط سبحانه يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار.
فليعجل المقصرـ وكلنا كذلك ـ بالتوبة قبل أن يفجأ الأجل فيسأل الرجعة فلا يُجاب إلى ما سأل.
فرحم الله عبداً تفكر في نفسه قبل حلول رمسه وحاسبها عن يومه وأمسه قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾
فبادر ياعبدالله إلى التوبة قبل حلول الأجل قبل أن تصبح مرتهناً بماقدمت من عمل قال تعالى:
﴿ حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ
* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم...
﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون ﴾
فنسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
عباد الله قد انقضى شهر رمضان لكن :
" عمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله قال الحسن البصري رحمه الله : إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلا دون الموت ثم قرأ: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.
هذه الشهور والأعوام والليالي والأيام كلها مقادير للآجال ومواقيت للأعمال ثم تنقضي سريعا وتمضي جميعا ، والذي أوجدها وابتدعها وخصها بالفضائل وأودعها : باقٍ لا يزول ، ودائمٌ لا يحول هو في جميع الأوقات إله واحد ولأعمال عباده رقيب مشاهد ، فسبحان من قلّبَ عبادَه في اختلاف الأوقات بين أنواع الطاعات ، يُسبِغُ عليهم فيها فواضلٓ النعم ويعاملهم بنهاية الجود والكرم ، لما انقضى شهر الصيام أقبلت أشهر الحج إلى بيت الله الحرام فكما أن من صام رمضان وقامه غفر له ما تقدم من ذنبه فمن حج البيت ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، فما يمضي من عمر المؤمن ساعة من الساعات إلا ولله فيها عليه وظيفة من وظائف الطاعات فالمؤمن يتقلب بين هذه الوظائف ويتقرب بها إلى مولاه وهو راج خائف.
إن المؤمن لا يمل من التقرب بالنوافل إلى مولاه ولا يأمل إلا قربه ورضاه.
كل وقت يُخلِيهِ العبدُ من طاعة مولاه فقد خسره وكل ساعة يغفل فيها عن ذكر الله تكون عليه يوم القيامة تره." [ لطائف المعارف بتصرف ]
أيها المسلمون ، هذه ثلاث وقفات أُذكر فيها بشيء مما يُشرع للمسلم فعلُه بعد رمضان :
الوقفة الأولى: اجتهد كثير منا في الأعمال الصالحة من الصيام والقيام والزكاة والصدقة وقراءة للقران ودعاء وذكر وغيرها لكن السؤال الأعظم هنا هو هل تقبل الله هذه الأعمال أو لا؟
يقول الله - تعالى- ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
« سألتُ رسول الله ﷺ عن هذه الآية: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ فقال ﷺ : لا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ» رواه الترمذي.
لقد كان السلف الصالح رحمهم الله يجتهدون في إكمال العمل وإتقانه ثم يقع عليهم الهم بعد ذلك في قبوله ويخافون من رده فقد كانوا لقبول العمل اشد اهتماما منه بالعمل.
قال فٓضالة بن عبيد : لأن أن أعلم أن الله قد تقبل مني مثقال حبة من خردل أحب إلي من الدنيا وما فيها لأن الله يقول: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾
وقال عبد العزيز بن أبي رواد - رحمه الله -: أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح فإذا فعلوه وقع عليهم الهم أيقبل منهم أم لا؟
وكان بعض السلف يقول في آخر ليلة من رمضان:يا ليت شِعري من هذا المقبول فنهنيه ومن هذا المحروم فنعزيه.ا.هـ
فعلى المسلم أن يكثر من دعاء الله عزوجل أن يتقبل صيامه وقيامه وأن يتجاوز عن تقصيره.
الوقفة الثانية : يُشرع للمؤمن المؤمن أن يجتهد في الطاعات ويستكثر من الخيرات مادام حيًا، قال الله تعالى : ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ واليقين هو الموت وقال الله تعالى : ﴿ فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ﴾
وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾
فالمؤمن مأمور بالعمل الصالح مدة حياته وبالصبر عليه في الأوقات الفاضلة وغيرها.
فإن الأعمال الصالحة ليست مختصة برمضان بل هي مشروعة طوال العام كالصلاة ، والحجّ، وصوم النوافل، والصدقة، والدعاء والذِكر.
ومن هذه الأعمال صيام ستة أيام من شوال ، فقد روى مسلم في "صحيحه" أن النبي ﷺ قال: «من صام رمضان ثم أتبعه بستّ من شوال كان كصيام الدهر »
ووجه ذلك أن الله - جل وعلا - جعل الحسنة بعشر أمثالها، فصيامُ رمضان يُعدُّ مُضاعفًا بعشرة شهور، وصيام هذه الأيام الستّة بستين يومًا، فيكون له أجر صيام سنةٍ كاملة.
وقال أهل العلم إنه يعدل صيام سنة كاملة فرضًا فكأنه صام رمضان مدة سنة كاملة.
لكن هذا الأجر الوارد في الحديث لا يكون إلا لمن صام رمضان كاملًا فمن كان عليه قضاء فلابد أن يقضي ثم يصوم الست فقوله ﷺ من صام رمضان أي صامه كله ثم صام الستة بعده.
وهذه الأيام الستة يجوز صومها متتابعة ومتفرقة
ومن صامها في سنة فلا يلزمه أن يداوم عليها كل سنة.
فليحرص المسلم على صيامها بعد رمضان فإن صيامها يُكمل ماحصل في الفرض من خلل ونقص لأن الفرائض تُجبر بالنوافل يوم القيامة.
قال ﷺ : « إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الصَّلاَةُ قَالَ يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ لِمَلاَئِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ انْظُرُوا فِى صَلاَةِ عَبْدِى أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِى مِنْ تَطَوُّعٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ قَالَ أَتِمُّوا لِعَبْدِى فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ ثُمَّ تُؤْخَذُ الأَعْمَالُ عَلَى ذَاكُمْ » رواه أهل السنن.
فدل قوله ﷺ في آخر الحديث " ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم " على أن سائر أنواع التطوع من العبادات تُكمّلُ بها الفرائض ، ومن ذلك الصيام فنفله يجبر فرضه ويكمله.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: وأكثر الناس في صيامه للفرض نقص وخلل فيحتاج إلى ما يجبره ويكمله من الأعمال.ا.هـ
أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم...
الخطبة الثانية:
أما بعد فمما يُشرع من الصيام - أيضًا - صيامُ ثلاثة أيام من كل شهر فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ أَوْصَانِي خَلِيلِي ﷺ بِثَلاَثٍ صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى ، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ. رواه البخاري.
والأفضل أن تكون هذه الأيام أيامَ البيض وهي أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر.
وكذا يشرع صيام الاثنين والخميس فالنوافل في هذا الباب كثيرة ولله الحمد.
الوقفة الثالثة: من كان مقصرا عاصيا ولم يتغير حاله في رمضان فهذا يقال له: إن اليوم الواحد بل الثانية من عمر المسلم غنيمة عظيمة فليبادر فباب التوبة مفتوح وربك الأكرمُ يقول كلّ ليلة في الثلث الآخر: " هل من مستغفر ! هل من تائب ! هل من سائل ! هل من داع ! " .
ويبسط سبحانه يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار.
فليعجل المقصرـ وكلنا كذلك ـ بالتوبة قبل أن يفجأ الأجل فيسأل الرجعة فلا يُجاب إلى ما سأل.
فرحم الله عبداً تفكر في نفسه قبل حلول رمسه وحاسبها عن يومه وأمسه قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾
فبادر ياعبدالله إلى التوبة قبل حلول الأجل قبل أن تصبح مرتهناً بماقدمت من عمل قال تعالى:
﴿ حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ
* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم...
المرفقات
516.doc
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق