مآسي الشام والعراق واليمن وغياب العلماء// دـ أحمد موفق زيدان
احمد ابوبكر
1436/03/16 - 2015/01/07 11:22AM
[align=justify]حين يغيب شجر السرو العملاق الضخم تنبت الحشائش محله، ربما هذا يختزل ما يجري في العالم الإسلامي هذه الأيام" فالعلم لا يُنتزع انتزاعاً وإنما يُنتزع بقبض العلماء حتى إذا لم يبق علماء اتخذ الناس رؤوساً جُهالاً فأفتوا فضلّوا وأضلواّ" كما أبلغنا المصطفى عليه السلام، ويُنقل عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تعريفه للعالم:" إنما العالم في محرابه يقرأ من كتابه بين تلامذته"، فالعالم أو المثقف هو المهموم بهموم التلامذة والمهموم بهم الأمة، والصادع بالحق مهما كلفه من كُلف، ولنا في الإمام أحمد بن حنبل والإمام ابن تيمية ومن قبلهما سعيد بن جبير وأمثلة أخرى يعجز القلم عن حصرها علامات ونجوم يُهتدى بها في ظلمات ليل حالك نعيشه..
غيبة معظم العلماء في أماكن الأحداث العظام الجارية اليوم في الشام والعراق ومصر واليمن وليبيا وغيرها مردها بالأساس بنظري هو إلى انسحاب غالبية العلماء طوال العقود الماضية عن الحياة العملية، وإيثارهم الفاني على الباقي، والسلامة والحيطة في أحسن الأحوال وفي أسوئها وهو ما يمثل الواقع إلى حد كبير للأسف، بالإضافة إلى اصطفافهم إلى جانب الاستبداد وهو ما جرّ الويلات في الشام والعراق وغيرهما، فابتعد الناس والعامة، فضلاً عن الشباب عن هؤلاء العلماء لأنهم غدوا جزءًا من المنظومة الاستبدادية، وبالتالي اتخذ بعض الشباب رؤوساً جهالاً فأفتوهم فوقعوا بما وقعوا فيه، والمعصوم هو من عصمه الله تبارك وتعالى وسعى إلى البحث عن علماء ثقات عاملين، والأرض لم ولن تخلو منهم " فإن خليت بليت" كما يُقال، لكن للأسف شكل رحيل العلماء المبكر عن ساحة العمل، واصطفاف الكثيرين إلى جانب الاستبداد، وانسحاب الآخرين للخطوط الخلفية فراغاً قاتلاً للشباب، وهو ما فرّغ الساحة، وصدق طرفة ابن العبد حين قال:
خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت أن تُنقري
مسؤولية العلماء والمثقفين والنخب هي من أوصلت الأمة إلى هذا الواقع المرير، وعلى العلماء أن يعوّضوا ما فوّتوه و يلتحموا بشعوبهم ومشاكلها وطموحاتها وآلامها وآمالها اليومية ليستعيدوا بذلك احترامها وتقديرها، بعيداً عن الجاه والمال الحكوميين، فكلما ازداد العلماء قرباً وتودداً للشعوب وآمالها كلما ابتعدوا عن الحكام وهي علاقة عكسية تماماً ..
لم تُفسد السياسة إلا بعد أن فسدت النخب، والنخب هنا للأسف نخب المثقفين و المفكرين و العلماء، وإلا لما تجرأ المستبد على أن يأمر وينهى دون أخذ رأي الشعوب المغلوبة، ويُحول الأوطان إلى عُزب ومزارع له، يعطي لمن يشاء ويقطع عمن يشاء..
الحاصل اليوم من مجازر ومآسٍ في الشام والعراق ينبغي أن يكون فرصة ذهبية لتحرك العلماء، وأن يفكروا بالمرض لا بالعرض جرياً على ما تفعله القوى المتربصة بالأمة وتحديداً إيران، فالكل ينظر إلى العرض وهو تنظيم الدولة "داعش" وينسى المرض الحقيقي ممثلاً بالاستبداد السياسي في الشام المتواصل منذ عقود والتهميش الخطير للأغلبية السنية على مدى عقود بالشام وعلى مدى سنوات في العراق، ومما يزيد الطنبور نغماً كما يقال الاحتلال الإيراني في العراق والشام والآن في اليمن، مدعوماً بمليشيات طائفية محصنة من الإدانة والقتل الدوليين، بينما الكل يتحرك ضد العرض..
لا ننسى ما قاله وزير خارجية الكرملين لافروف من أنهم لن يسمحوا بحكم سني في الشام..لكن أحلامهم تلك ستتبخر تماماً كما تبخرت بهزيمتهم الساحقة الماحقة في أفغانستان، والإذلال الذي يتعرضون له بانهيار أسعار النفط وانهيار اقتصادهم بفضل الله أولاً ثم بسياسة المملكة العربية السعودية في تخفيض سعر برميل النفط إلى 60 دولاراً وهو ما تسبب في خسائر اقتصادية رهيبة لكل من روسيا وإيران، ومن خلفهما النظام الأسدي الذي يدور في فلكهما بسبب اعتماده عليهما.
يسخر أهل السنة من مقولة الشيعة بغيبة المهدي بالسرداب، بينما للأسف غالبية علماء أهل السنة دخلوا السراديب منذ أمد مديد، وهو ما حصدناه مآس، ندفع ثمنها دماءً وتشريداً وانهيارات مريعة، والأخطر من ذلك ما ندفعه من تشويه للإسلام إن كان على المستوى الرسمي أو المليشياوي، فهل يُعيد العلماء سُنة التصاقهم بالشعب وبطموحاته وآلامه بعيداً عن التنظير البارد..
[/align]
غيبة معظم العلماء في أماكن الأحداث العظام الجارية اليوم في الشام والعراق ومصر واليمن وليبيا وغيرها مردها بالأساس بنظري هو إلى انسحاب غالبية العلماء طوال العقود الماضية عن الحياة العملية، وإيثارهم الفاني على الباقي، والسلامة والحيطة في أحسن الأحوال وفي أسوئها وهو ما يمثل الواقع إلى حد كبير للأسف، بالإضافة إلى اصطفافهم إلى جانب الاستبداد وهو ما جرّ الويلات في الشام والعراق وغيرهما، فابتعد الناس والعامة، فضلاً عن الشباب عن هؤلاء العلماء لأنهم غدوا جزءًا من المنظومة الاستبدادية، وبالتالي اتخذ بعض الشباب رؤوساً جهالاً فأفتوهم فوقعوا بما وقعوا فيه، والمعصوم هو من عصمه الله تبارك وتعالى وسعى إلى البحث عن علماء ثقات عاملين، والأرض لم ولن تخلو منهم " فإن خليت بليت" كما يُقال، لكن للأسف شكل رحيل العلماء المبكر عن ساحة العمل، واصطفاف الكثيرين إلى جانب الاستبداد، وانسحاب الآخرين للخطوط الخلفية فراغاً قاتلاً للشباب، وهو ما فرّغ الساحة، وصدق طرفة ابن العبد حين قال:
خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت أن تُنقري
مسؤولية العلماء والمثقفين والنخب هي من أوصلت الأمة إلى هذا الواقع المرير، وعلى العلماء أن يعوّضوا ما فوّتوه و يلتحموا بشعوبهم ومشاكلها وطموحاتها وآلامها وآمالها اليومية ليستعيدوا بذلك احترامها وتقديرها، بعيداً عن الجاه والمال الحكوميين، فكلما ازداد العلماء قرباً وتودداً للشعوب وآمالها كلما ابتعدوا عن الحكام وهي علاقة عكسية تماماً ..
لم تُفسد السياسة إلا بعد أن فسدت النخب، والنخب هنا للأسف نخب المثقفين و المفكرين و العلماء، وإلا لما تجرأ المستبد على أن يأمر وينهى دون أخذ رأي الشعوب المغلوبة، ويُحول الأوطان إلى عُزب ومزارع له، يعطي لمن يشاء ويقطع عمن يشاء..
الحاصل اليوم من مجازر ومآسٍ في الشام والعراق ينبغي أن يكون فرصة ذهبية لتحرك العلماء، وأن يفكروا بالمرض لا بالعرض جرياً على ما تفعله القوى المتربصة بالأمة وتحديداً إيران، فالكل ينظر إلى العرض وهو تنظيم الدولة "داعش" وينسى المرض الحقيقي ممثلاً بالاستبداد السياسي في الشام المتواصل منذ عقود والتهميش الخطير للأغلبية السنية على مدى عقود بالشام وعلى مدى سنوات في العراق، ومما يزيد الطنبور نغماً كما يقال الاحتلال الإيراني في العراق والشام والآن في اليمن، مدعوماً بمليشيات طائفية محصنة من الإدانة والقتل الدوليين، بينما الكل يتحرك ضد العرض..
لا ننسى ما قاله وزير خارجية الكرملين لافروف من أنهم لن يسمحوا بحكم سني في الشام..لكن أحلامهم تلك ستتبخر تماماً كما تبخرت بهزيمتهم الساحقة الماحقة في أفغانستان، والإذلال الذي يتعرضون له بانهيار أسعار النفط وانهيار اقتصادهم بفضل الله أولاً ثم بسياسة المملكة العربية السعودية في تخفيض سعر برميل النفط إلى 60 دولاراً وهو ما تسبب في خسائر اقتصادية رهيبة لكل من روسيا وإيران، ومن خلفهما النظام الأسدي الذي يدور في فلكهما بسبب اعتماده عليهما.
يسخر أهل السنة من مقولة الشيعة بغيبة المهدي بالسرداب، بينما للأسف غالبية علماء أهل السنة دخلوا السراديب منذ أمد مديد، وهو ما حصدناه مآس، ندفع ثمنها دماءً وتشريداً وانهيارات مريعة، والأخطر من ذلك ما ندفعه من تشويه للإسلام إن كان على المستوى الرسمي أو المليشياوي، فهل يُعيد العلماء سُنة التصاقهم بالشعب وبطموحاته وآلامه بعيداً عن التنظير البارد..
[/align]