ليلةَ النصْفِ مِن شَعْبَانَ،وَقَضَاءِ الصِّيَامِ
محمد البدر
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً﴾.اعلموا أن لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ صَحَّتْ فِيهِا فَضِيلَةٌ، وَلَمْ تَصِحَّ فِيهِا فَضَائِلُ و لا يعني ذلك جواز تخصيص يومها أو ليلتها بعبادة،قَالَﷺ:«يطَّلعُ اللهُ إلى جميع ِخلقِهِ ليلةَ النصْفِ مِن شَعْبَانَ،فَيَغْفِرُ لِجَميعِ خَلْقِهِ إلا لِمُشْرِكٍ أوْ مُشاحِنٍ»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ.
وَقَالَﷺ:«يَطْلُعُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيُمْهِلُ الْكَافِرِينَ، وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدْعُوهُ»رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
فهذه الأحاديث هي إثباتُ مغفرةِ الله تعالى فِي ليلةِ النصفِ مِن شَعْبَانَ لِعبادِهِ إلا لِمُشْرِكٍ بأيِّ نَوْعٍ مِن أنْواعِ الشِّرْكِ قَالَ تَعَالَى :﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ولِمُشاحِنٍ بينه وبين أخيه هجران وقطيعة قَالَﷺ:«لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِى يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.ومما ينبغي التنبيهُ عليه والتحذير منه في منتصفِ هذا الشهرِ أمورٌ أحدَثَها الناسُ:منها: اعتقادُ بعضِهم أنَّ ليلةَ النصفِ مِنْ شَعْبَانَ هي المعنِيَّةُ قَالَ تَعَالَى :﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ وهذا خطأ ،ولكنَّ المقصودَ بالآية:هي ليلةُ القدْر. فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي مَالِكٍ وَالضَّحَّاكِ: فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ يُفَصَّلُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى الْكَتَبَةِ أَمْرُ السَّنَةِ وَمَا يَكُونُ فِيهَا مِنَ الْآجَالِ وَالْأَرْزَاقِ وَمَا يَكُونُ فِيهَا إِلَى آخِرِهَا, وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَأَئِمَّةِ التَّفْسِيرِ مِنْ تَابِعَيْهِمْ بِإِحْسَانٍ كَثِيرَةٌ شَهِيرَةٌ.ومنها:تخصيصُ ليلةَ النصفِ مِن شَعْبَانَ بالصلاةِ وقيامِ الليل دونَ سائرِ الأيام، وإحياءُ تلك الليلةِ بالذِّكْرِ والدعاءِ؛ فهذا بدعةٌ في الدين ضَلالةٌ لم يفعلْها النبيُّ ﷺولا أصحابُه، وهذا مردودٌ على صاحِبِهِ لا يَقْبَلُهُ اللهُ عز وجل قَالَﷺ:«مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنا هذا ما لَيْسَ مِنْه فهُوَ رَدٌّ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.أما حديث:(إذا كانَ ليلةُ النصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فقُومُوا ليْلَها وصُومُوا نَهارَها) فحديث باطل مكذوب على النبيِّﷺلم يَقُلْهُ؛ فلا يحلُّ العملُ به.ومنها:صُنعُ الأطعمةِ في ليلةِ النصفِ وتوزيعُها على الفقراءِ بِزَعْمِ أنَّ لها مَزِيَّةً على غيرِها أو أنَّ فيها أجرًا كبيرًا أو نحو ذلك؛ فهذا مِمّا لا أصلَ له فيكون هذا مِنَ البِدَعِ التي قال عنها النبيُّ ﷺ:(كلُّ بِدْعَةٍ ضلالة)رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.ومن الأمورٌ التي أحدَثَها الناسُ أيضاً:الاحتفالُ بهذه الليلةِ والتوسيعُ على الأهلِ والأبناء في المطعمِ والمشرَبِ والملبَسِ ونحوِ ذلك وتخصيصُ تلك الليلةِ فقط دونَ سائرِ الأيامِ والليالي لاعتقاد فضلِها ومَزِيّتِها على غيرها؛ وهذا مما لم يأتِ في الشرعِ الحنيفِ فعلُهُ ولا اسْتَحَبَّهُ أحدٌ مِنَ الصحابةِ رضي الله عنهم ولا التابعونَ رحمهم الله ومَا لَمْ يَكُنْ يومئذٍ ديناً؛ فلا يَكونُ اليومَ دينًا. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ:اعلموا أنه يجوز قضاء رمضان في شعبان.فَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ « كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَاعِبَادَ اللَّهِ:اعلموا أنه يجوز قضاء رمضان الذي مضى في شعبان.فَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ « كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ «إِنْ كَانَتْ إِحْدَانَا لَتُفْطِرُ فِى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺفَمَا تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَقْضِيَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺحَتَّى يَأْتِيَ شَعْبَانُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ قَالَ الشَّيْخِ ابْنِ عُثَيْمِيْن رَحِمَهُ اللهُ: إن مات وعليه قضاء من رمضان فإنه يصوم عنه وليه وهو قريبه أو وارثه، لحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أن النبيّﷺقَالَ«مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.فإن لم يصم وليه أطعم عنه عن كل يوم مسكيناً.انتهى.
.الا وصلوا..