ليس لنا فقط صل الله عليه وسلم - إبتسام بوقري/ جدة

ليس لنا فقط صل الله عليه وسلم
إبتسام بوقري/ جدة
يحتفل بعض أو كثير من المسلمين في هذا اليوم الموافق الثاني عشر من شهر ربيع الأول بمولد رسول الله صل الله عليه وسلم .. وقد شاهدت منذ أيام حلقة عرضتها قناة صدى البلد المصرية وكان الضيف شيخ إسمه محمد عبده عضو الهيئة الإستشارية لوزير الأوقاف – كما عرفت به المذيعة – وعرضت الحلقة مقابلات مع بعض المصريين وسألوهم كيف يحتفلون بهذا اليوم فأغلبهم قال: بشراء حلاوة المولد !!! - واللتي ذكر الشيخ أنها من عهد الفاطميين اللذين عرفوا أن مفتاح قلب المصريين هو الدين وحب النبي فابتدعوا لهم فكرة الحلاوة وفارس يركب حصان يباع أيضا بهذه المناسبة حتى يكسبوا قلوبهم - وماعرفوا أنهم بذلك قد شغلوهم بما لايفيدهم عن سنة نبيهم .. وقليل جداً من قال أنه يهتم بذكر سيرة نبيه . وقد أعجبني تعليق الشيخ على ذلك بأن حب النبي لايكون بشراء الحلويات وأكلها ولابعمل حفلات لامعنى لها بل بإحياء سنة الرسول صل الله عليه وسلم وتطبيقها عملياً في حياتنا فهذا مايقربنا حقاً منه .. وهناك في مصر وبلاد غيرها من يجتمعون ويتخيلون أن الرسول حضر معهم في المجلس !! وكلها أمور مالها علاقة بالدين ولابحب النبي .
وإذا سألنا انفسنا لماذا نحب رسولنا ؟؟ نجد الإجابة بسيطة جداااا .. لأن النفوس مجبولة على حب من أحسن لها ، ولايوجد أحد له فضل علينا بعد ربنا إلا رسولنا عليه الصلاة والسلام فهو من بلغنا رسالة ربنا ومن أنقذنا من الضلال وآرانا طريق النوروالحق والنجاة بإذن الله.
وحين سأل صل الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه هل تحبني أكثر من أهلك ومالك وولدك؟ قال عمر: نعم فلما سأله ومن نفسك : فقال عمر : لا. وهذا يدل على صدقه فيما قاله .. ولما جلس مع نفسه ورجع للرسول وقال له : أحبك أكثر من نفسي .. فرد عليه الرسول : الآن ياعمر .. أي أنه أكتمل إيمانك وحبك الآن . فهل حقاً نحن نحبه كأنفسنا عليه الصلاة والسلام ؟ ومادليل ذلك الحب ؟؟ كل منا يراجع نفسه مثلما فعل عمر رضي الله عنه.
أما عنه صل الله عليه وسلم فهو يحبنا بالتأكيد والأدلة على ذلك كثيرة ومنها الدعوة المجابة اللتي أعطاها الله لجميع الأنبياء عليهم السلام وكلهم طلبوها إلا هو أحتفظ بها لتكون هي شفاعته لأمته يوم القيامة .. وكلهم يومها يقولون : نفسي نفسي إلا نبينا يقول:أمتي أمتي.
فهو ليس رحمة لنا فقط نحن المسلمين بل لكل العالم كما قال تعالى في وصفه لخاتم النبيين : " وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ " . فكل ماجاء به من عبادات ومعاملات فيه رحمة للبشرية .. وحتى العقوبات التشريعية فيها رحمة لأنها تحمي المجتمع من الفساد ، وتحمي حق كل إنسان حتى لو لم يكن مسلماً، فرحمته ليست للعرب وحدهم ولالفئة خاصة وإنما شملت كل المخلوقات وحتى الحيوانات والجمادات وإلا لما حن له جذع نخلة حين تركه.
وقد شهد بذلك كثير من المنصفين حتى من غير المسلمين ومنهم الكاتب الشهيرالمؤلف الروسي تولستوي في كتابه (حكم النبي محمد) قال:" أنا واحد من المبهورين بالنبي محمد الذي أختاره الله الواحد لتكون آخر الرسالات على يديه وليكون هو أيضا آخر الانبياء ، إن محمداً هو مؤسس و رسول كان من عظماءالرجال الذين خدموا المجتمع الانساني خدمة جليلة ويكفيه فخراً أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق جعلها تجنح إلى السكينة والسلام وتؤثر عيشة الزهد ومنعها من سفك الدماء وفتح لها طريق الرقى و المدنية وهو عمل عظيم لا يقدم عليه إلا شخص أوتى قوة من إله .. ورجل مثله جدير بالاحترام و الاجلال "
أما الكونت هنري دي كاستري أحد وزراء فرنسا، وأحد حكام الجزائر السابقين في كتابه "الإسلام"، قال: بعد أن ذكر عقيدة التوحيد عند المسلمين وإيمانهم بإله واحد فرد صمد، وهو اعتقاد قوي يؤمن به المسلمون على الدَّوام، ويَمتازون به على غيرهم من القبائل والشعوب: "أولئك حقًّا هم المؤمنون كما يسمون أنفسَهم، فظهور هذا الاعتقاد بواسطته - يعني: النبي، صلَّى الله عليه وسلَّم - دفعة واحدة هو أعظمُ مظهر في حياته، وهو ذاته أكبر دليل على صدقه في رسالته وأمانته في نبوته". كما قال المستشرق هنري:" لو أصبح كل فرد في الأمبراطورية الإنجليزية "محمداً" لأصبحت الأحكام والحياة أسهل مما هي عليه" .

وقالت الكاتبة الإيطالية الدكتورة (لورافيتشا فالييري) في كتابها (محاسن الإسلام) : " في بلد قفر بوادٍ غير ذي زرع، منعزل عن الإنسانية المتمدنة تفجَّر ينبوعُ ماء سلسل عَذْب منعش بين قوم من الهمج، جبابرة غلاظ القلوب، لا يَخضعون لسلطان، ولا يتقيدون بقيد، ذلك الينبوع هو دين الإسلام الذي تدفَّق بغزارة واتَّخذ سبيله في الأرض سربًا، فكان نُهَيرًا، استحال بعده إلى نهر عظيم سرعان ما تفرعت منه آلاف الجداول والأنهار التي تغلغلت في البلاد طولاً وعرضًا، ولم يلبثِ الناسُ أن تذوقوا هذا الشراب العجيب، وشُفُوا من أمراضهم الاجتماعية ". ربما يقول البعض لسنا محتاجين لشهادتهم لنعرف قدر نبينا، وربما معهم حق لكن نذكرها فقط لمزيد من التوضيح أن هذا الإنسان العظيم سيد البشر بشهادة كل البشر عرب وغرب ومسلمين وغيرهم فهو حقاً يستحق المرتبة الأولى كما وضعه الكاتب مايكل هارت في كتابه عن العظماء في التاريخ .. فالدنيا كلها كانت تنتظر مولد السراج المنير صل الله عليه وسلم اللذي وبه أشرقت شمس الحرية الحقيقية للبشرية بالتحرر من عبودية الناس إلى رب الناس وحده لاشريك له.
فهو ليس نبينا فقط بل هو نبي العالمين والثقلين وله حبنا إلى يوم الدين ، وبإذن الله نلقاه على حوض الكوثر ليسقينا من يده الشريفة اللتي أتوق لتقبيلها .. ولنعبر عن محبتنا بإتباع منهجة وسيرته وإحياء سنته والصلاة عليه في كل وقت وحين كما قال: " من صلى علي صلاة صلى الله بها عليه عشراً ". كم أحبك يارسولي وسيدي ياخير خلق الله .

المشاهدات 1139 | التعليقات 0