{ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}
محمد البدر
1433/08/22 - 2012/07/12 04:29AM
الخطبة الأولى:
عباد الله :قال تعالى :{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى للنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالفُرْقَانِ } البقرة: 185.
لم يبقى إلا أيام معدودات على قدوم شهر القرآن والتقوى والإحسان ، والاستعدادات على قدم وساق لاستقباله وكل إناءٍ بما فيه ينضح فمن الناس من يدعو الله أن يبلغه رمضان ليتزود من الطاعات ويكثر من الحسنات ويهذب نفسه على العبادة والطاعة ويكثر من فعل الخيرات إلى آخر ذلك ,ومن الناس من يستعد استعداد حافلاً فيهيئ له المستودعات ويكدس البضائع استعداداً لإقبال الناس وتهافتهم على جمع ما لذ وطاب , ومن الناس من يستعد لحل المسابقات والبحث في التلفاز عن المسلسلات والأفلام و الأغاني ويساعد على ذلك انتشار الأعمال من المسابقات والمسلسلات والأفلام والأغاني وغيرها في هذا الشهر المبارك ، ومن الناس من يستعد بتجهيز المطبخ وجمع المطعومات والحلويات والمشروبات ، وصنفٌ آخر على خلاف شديد فهو يستعد لهذا الشهر من عدة شهور وقد يكون من بعد رمضان الذي فات يستعد بتجهيز نفسه أو قد يكون ممن يترأس عصابة فيقوم بالتخطيط والتجهيز لكيفية استدرار عطف الناس ودفعهم لبذل كل ما يستطيعون من المال وذلك من خلال افتعال عاهة من كسرٍ أو مرضٍ أو إحضار طفل قد يكون مختل عقلياً فيوهم الناس أنه مريض ويحتاج لعلاج إلى آخر ذلك من الأساليب التي تنطلي على كثير من الناس وأكثر هؤلاء ممن يأتون للعمرة فيستغل هذه الفرصة لعلمه السابق أن أهل هذه البلاد من المواطنين والمقيمين يقبل في هذا الشهر الكريم على فعل الخيرات والتسابق إليها إقتداءً بفعل المصطفى والحبيب المجتبى - صلى الله عليه وسلم - و طمعا في الحصول على الأجر العظيم والمغفرة من الذنوب والفوز بجنات الخلود والعتق من عذاب النار الأليم وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك ومن الذي يسأل الناس وهو غير محتاج فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : { لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:{ مَنْ يَسْأَلُ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا ، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا ، فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَعَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ :{ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةٍ مِنْ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ ، فَيَبِيعَهَا ، فَيَكُفَّ بِهَا وَجْهَهُ ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عباد الله : قال تعالى :{ لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}البقرة: 273.
وعلى النقيض من ذلك الفقراء الذين لا يسألون الناس إلحافاً يجلسون في بيوتهم ينتظرون من يمد يده لمساعدتهم والوقوف معهم لحل معضلاتهم حياءً من الله وحفاظاً على ماء الوجه وعزةً للنفس ،وللأسف الشديد أن المسؤولية تقع على عاتقنا نحن جميعاً ومن الجيران خصوصاً وبعض التجار الذين لا هم لهم إلا التخلص من زكاتهم كيفما اتفق فمنهم من ينفق زكاته وللأسف الشديد في إعطاء الموظفين كعلاوة أو إكرامية بمناسبة هذا الشهر ومنهم من يقوم بشراء باص لأحد المساجد أو شراء فرش له أو يجمع الناس في الشارع صفوفاً ينتظرون مدة طويلة ليحصلوا على مال من التاجر والذي لا يزيد عن بضع ريالات أو أقل من ذلك ويظن هذا التاجر ومن عاونه أنه بذلك قد برء أو أنه قد أنقذ الكثير من الناس وانتزعهم من الفقر والعوز ، إلى السعادة وطيب العيش والله المستعان أو يعطي ماله بعض الجمعيات ليتخلص من هذا الحمل الثقيل، والفقير المسكين في هذا الحي أو غيره لا يزال به الدين و الحاجة من إيجار للسكن أو تسديد لرسوم المدارس أو تجديد للإقامة أو الجواز أو تسديد الدين الذي أصبح ثقيلاً عليه والأدهى والأمر من ذلك إذا ألمت به أو بأحد من أفراد أسرته بعض الأمراض و التي يكلف علاجها الكثير والكثير من المال فإذا ذهب إلى تاجرٍ ما نهره ووجهه لأحد الجمعيات ،والفقير لا يجد بداً من الذهاب إلى أحد الجمعيات للبحث عن حل وتبدأ بذلك رحلة الشقاء والعناء والتفصيل في هذه المسألة يطول من طلبات لأوراقٍ ثبوتية و شهودٍ و تزكية لإمام أحد المساجد وغيرها من الأوراق ثم ينتظر حتى يأتي دوره في البحث ثم تقوم لجنة بدراسة الحالة ومدى استحقاقها ومن ثم ترسل لجنة أخرى لبحث الحالة على الطبيعة ،فإن رأت اللجان أنه مستحق للمساعدة يعطى بعض المواد الغذائية أو بعض الملابس المستخدمة أو يرسل لأحد المستشفيات لعمل تقرير للحالة وعلى حسابه الشخصي ثم يعطى خصماً لإجراء العملية أو يعطى جزءً من المال والباقي تدبر حالك والله المستعان .وتأتي التقارير للتاجر لقد ساعدنا الآلاف من الأسر بالمواد الغذائية والكساء وقد أجرينا مئات العمليات ؛إلى غير ذلك والفقير المعدم أو المسكين الذي لا يجد ما يكفيه يزداد فقراً على فقر ومرضاً على مرض وحسرتاً وألماً مما يراه ويسمعه ولا حول ولا قوة إلا بالله .
فاتقوا الله يا جمعيات واجعلوا رمضان الحالي شهر مسابقة ومبادرات للخيرات والنظر إلى هذه الفئة الغالية التي زكاها الله من فوق سبع سماوات ،وأما أصحاب الأموال من التجار فنقول لهم اتقوا الله في أموالكم واعلموا أنها أمانة في أعناقكم استأمنكم الله عليها ولو شاء لسلبكم إياها فقد قال الله تعالى :{ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}فلا تصرف أموالك إلا إلى الجمعيات الثقات ممن زكاهم العلماء ووثقهم المسئولين من ولاة أمر هذه البلاد .أقول قولي هذا ...
الخطبة الثانية:-
عباد الله : علينا جميعاً أن نتعاون على البر والتقوى وأن نبحث عن الفقير والمسكين ومن يستحق للزكاة من الأصناف الثمانية كما قال تعالى :{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }التوبة:60.
ثم نَحذر ونُحذر ممن يمتهن هذه المهن القذرة ويسأل الناس وهو ليس بحاجة لها وخاصةً داخل المساجد إلا لضرورة فتلك الظاهرة تكثر وتزيد في هذه الأيام وقد سُئل ابن تيمية عن ذلك فقال :الْحَمْدُ لِلَّهِ أَصْلُ السُّؤَالِ مُحَرَّمٌ فِي الْمَسْجِدِ وَخَارِجَ الْمَسْجِدِ إلَّا لِضَرُورَةِ فَإِنْ كَانَ بِهِ ضَرُورَةٌ وَسَأَلَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا بِتَخَطِّيهِ رِقَابَ النَّاسِ وَلَا غَيْرِ تَخَطِّيهِ وَلَمْ يَكْذِبْ فِيمَا يَرْوِيهِ وَيَذْكُرُ مِنْ حَالِهِ وَلَمْ يَجْهَرْ جَهْرًا يَضُرُّ النَّاسَ مِثْلَ أَنْ يَسْأَلَ وَالْخَطِيبُ يَخْطُبُ أَوْ وَهُمْ يَسْمَعُونَ عِلْمًا يَشْغَلُهُمْ بِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ جَازَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ...انتهى . إذاً فالأصل في سؤال الناس التحريم في المسجد أو في خارج المسجد؛ وإنما يجوز في حالات معينة للضرورة الخارجة عن ذلكم الأصل، وذلك لأن في سؤال الناس تعريض للنفس للهوان والذلة، وفيه دلالة على ضعف توكل السائل على الله، ودناءة طبعه.
فاتقوا الله عباد الله ،اتقوا الله يا أرباب الأموال اتقوا الله يا أصحاب القنوات اتقوا الله يا إعلام اتقوا الله في أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
ألا وصلوا على البشير النذير والسراج المنير كما أمركم بذلك اللطيف الخبير { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }الأحزاب: 56
عباد الله :قال تعالى :{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى للنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالفُرْقَانِ } البقرة: 185.
لم يبقى إلا أيام معدودات على قدوم شهر القرآن والتقوى والإحسان ، والاستعدادات على قدم وساق لاستقباله وكل إناءٍ بما فيه ينضح فمن الناس من يدعو الله أن يبلغه رمضان ليتزود من الطاعات ويكثر من الحسنات ويهذب نفسه على العبادة والطاعة ويكثر من فعل الخيرات إلى آخر ذلك ,ومن الناس من يستعد استعداد حافلاً فيهيئ له المستودعات ويكدس البضائع استعداداً لإقبال الناس وتهافتهم على جمع ما لذ وطاب , ومن الناس من يستعد لحل المسابقات والبحث في التلفاز عن المسلسلات والأفلام و الأغاني ويساعد على ذلك انتشار الأعمال من المسابقات والمسلسلات والأفلام والأغاني وغيرها في هذا الشهر المبارك ، ومن الناس من يستعد بتجهيز المطبخ وجمع المطعومات والحلويات والمشروبات ، وصنفٌ آخر على خلاف شديد فهو يستعد لهذا الشهر من عدة شهور وقد يكون من بعد رمضان الذي فات يستعد بتجهيز نفسه أو قد يكون ممن يترأس عصابة فيقوم بالتخطيط والتجهيز لكيفية استدرار عطف الناس ودفعهم لبذل كل ما يستطيعون من المال وذلك من خلال افتعال عاهة من كسرٍ أو مرضٍ أو إحضار طفل قد يكون مختل عقلياً فيوهم الناس أنه مريض ويحتاج لعلاج إلى آخر ذلك من الأساليب التي تنطلي على كثير من الناس وأكثر هؤلاء ممن يأتون للعمرة فيستغل هذه الفرصة لعلمه السابق أن أهل هذه البلاد من المواطنين والمقيمين يقبل في هذا الشهر الكريم على فعل الخيرات والتسابق إليها إقتداءً بفعل المصطفى والحبيب المجتبى - صلى الله عليه وسلم - و طمعا في الحصول على الأجر العظيم والمغفرة من الذنوب والفوز بجنات الخلود والعتق من عذاب النار الأليم وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك ومن الذي يسأل الناس وهو غير محتاج فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : { لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:{ مَنْ يَسْأَلُ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا ، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا ، فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَعَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ :{ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةٍ مِنْ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ ، فَيَبِيعَهَا ، فَيَكُفَّ بِهَا وَجْهَهُ ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عباد الله : قال تعالى :{ لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}البقرة: 273.
وعلى النقيض من ذلك الفقراء الذين لا يسألون الناس إلحافاً يجلسون في بيوتهم ينتظرون من يمد يده لمساعدتهم والوقوف معهم لحل معضلاتهم حياءً من الله وحفاظاً على ماء الوجه وعزةً للنفس ،وللأسف الشديد أن المسؤولية تقع على عاتقنا نحن جميعاً ومن الجيران خصوصاً وبعض التجار الذين لا هم لهم إلا التخلص من زكاتهم كيفما اتفق فمنهم من ينفق زكاته وللأسف الشديد في إعطاء الموظفين كعلاوة أو إكرامية بمناسبة هذا الشهر ومنهم من يقوم بشراء باص لأحد المساجد أو شراء فرش له أو يجمع الناس في الشارع صفوفاً ينتظرون مدة طويلة ليحصلوا على مال من التاجر والذي لا يزيد عن بضع ريالات أو أقل من ذلك ويظن هذا التاجر ومن عاونه أنه بذلك قد برء أو أنه قد أنقذ الكثير من الناس وانتزعهم من الفقر والعوز ، إلى السعادة وطيب العيش والله المستعان أو يعطي ماله بعض الجمعيات ليتخلص من هذا الحمل الثقيل، والفقير المسكين في هذا الحي أو غيره لا يزال به الدين و الحاجة من إيجار للسكن أو تسديد لرسوم المدارس أو تجديد للإقامة أو الجواز أو تسديد الدين الذي أصبح ثقيلاً عليه والأدهى والأمر من ذلك إذا ألمت به أو بأحد من أفراد أسرته بعض الأمراض و التي يكلف علاجها الكثير والكثير من المال فإذا ذهب إلى تاجرٍ ما نهره ووجهه لأحد الجمعيات ،والفقير لا يجد بداً من الذهاب إلى أحد الجمعيات للبحث عن حل وتبدأ بذلك رحلة الشقاء والعناء والتفصيل في هذه المسألة يطول من طلبات لأوراقٍ ثبوتية و شهودٍ و تزكية لإمام أحد المساجد وغيرها من الأوراق ثم ينتظر حتى يأتي دوره في البحث ثم تقوم لجنة بدراسة الحالة ومدى استحقاقها ومن ثم ترسل لجنة أخرى لبحث الحالة على الطبيعة ،فإن رأت اللجان أنه مستحق للمساعدة يعطى بعض المواد الغذائية أو بعض الملابس المستخدمة أو يرسل لأحد المستشفيات لعمل تقرير للحالة وعلى حسابه الشخصي ثم يعطى خصماً لإجراء العملية أو يعطى جزءً من المال والباقي تدبر حالك والله المستعان .وتأتي التقارير للتاجر لقد ساعدنا الآلاف من الأسر بالمواد الغذائية والكساء وقد أجرينا مئات العمليات ؛إلى غير ذلك والفقير المعدم أو المسكين الذي لا يجد ما يكفيه يزداد فقراً على فقر ومرضاً على مرض وحسرتاً وألماً مما يراه ويسمعه ولا حول ولا قوة إلا بالله .
فاتقوا الله يا جمعيات واجعلوا رمضان الحالي شهر مسابقة ومبادرات للخيرات والنظر إلى هذه الفئة الغالية التي زكاها الله من فوق سبع سماوات ،وأما أصحاب الأموال من التجار فنقول لهم اتقوا الله في أموالكم واعلموا أنها أمانة في أعناقكم استأمنكم الله عليها ولو شاء لسلبكم إياها فقد قال الله تعالى :{ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}فلا تصرف أموالك إلا إلى الجمعيات الثقات ممن زكاهم العلماء ووثقهم المسئولين من ولاة أمر هذه البلاد .أقول قولي هذا ...
الخطبة الثانية:-
عباد الله : علينا جميعاً أن نتعاون على البر والتقوى وأن نبحث عن الفقير والمسكين ومن يستحق للزكاة من الأصناف الثمانية كما قال تعالى :{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }التوبة:60.
ثم نَحذر ونُحذر ممن يمتهن هذه المهن القذرة ويسأل الناس وهو ليس بحاجة لها وخاصةً داخل المساجد إلا لضرورة فتلك الظاهرة تكثر وتزيد في هذه الأيام وقد سُئل ابن تيمية عن ذلك فقال :الْحَمْدُ لِلَّهِ أَصْلُ السُّؤَالِ مُحَرَّمٌ فِي الْمَسْجِدِ وَخَارِجَ الْمَسْجِدِ إلَّا لِضَرُورَةِ فَإِنْ كَانَ بِهِ ضَرُورَةٌ وَسَأَلَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا بِتَخَطِّيهِ رِقَابَ النَّاسِ وَلَا غَيْرِ تَخَطِّيهِ وَلَمْ يَكْذِبْ فِيمَا يَرْوِيهِ وَيَذْكُرُ مِنْ حَالِهِ وَلَمْ يَجْهَرْ جَهْرًا يَضُرُّ النَّاسَ مِثْلَ أَنْ يَسْأَلَ وَالْخَطِيبُ يَخْطُبُ أَوْ وَهُمْ يَسْمَعُونَ عِلْمًا يَشْغَلُهُمْ بِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ جَازَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ...انتهى . إذاً فالأصل في سؤال الناس التحريم في المسجد أو في خارج المسجد؛ وإنما يجوز في حالات معينة للضرورة الخارجة عن ذلكم الأصل، وذلك لأن في سؤال الناس تعريض للنفس للهوان والذلة، وفيه دلالة على ضعف توكل السائل على الله، ودناءة طبعه.
فاتقوا الله عباد الله ،اتقوا الله يا أرباب الأموال اتقوا الله يا أصحاب القنوات اتقوا الله يا إعلام اتقوا الله في أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
ألا وصلوا على البشير النذير والسراج المنير كما أمركم بذلك اللطيف الخبير { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }الأحزاب: 56
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق