لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ !!

عبدالله اليابس
1440/06/30 - 2019/03/07 19:29PM

المعوذتان                                  الجمعة 1/7/1440هـ

الحَمْدُ للهِ مُبْرِئِ البَرَايَا، مُجْزِلِ العَطَايَا، لَهُ جَزِيلُ الحَمْدِ وَكَرِيمُ التَحَايَا، خَلَقَ خَلْقَهُ وَجَعَلَ نُفُوسَهُم مُسْتَودَعَاتِ الخَفَايَا، وَأَرْسَلَ إِلَيهِمْ رُسُلَهُ بِجَمِيلِ الخِصَالِ وَأَحْسَنِ السَّجَايَا, يَهْدُونَ لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ، وَيَدْعُونَ لِلأَحْسَنِ بِالأَحْكَمِ، وَيُنْذِرُونَ الـمَوقِفَ الأَعْظَمَ، الذِي يَظْهَرُ فِيهِ مَخْفِيُّ الصُّدُورِ وَمَكْنُونُ الحَشَايَا. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، خَيرُ بَشَرٍ وَطِئَتْ الثَّرَى قَدَمُهُ، وَنَطَقَ بِالَحقِّ فَمُهُ، وَجَرَى فِي عِرْقٍ دَمُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَومِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ.. فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم .. جَرَى الكَلَامُ فِي الجُمُعَةِ المَاضِيَةِ عَنْ أَهَمِيَّةِ مَعْرِفَةِ مَعَانِي القُرآنِ الكَرِيمِ.. وَخُصُوصًا مَا يَتَعَلَّقُ بِالسُّوَرِ التِي تَتَرَدَدُ عَلَى المُسْلِمِ كَثِيرًا.. كالإِخْلَاصِ والمُعَوِذَتَينِ.. وَتَحَدَّثْنَا عَنْ تَفسِيرِ سُورَةِ الإِخْلَاصِ وَشَيءٍ مِنْ فَضْلِهَا.. وَاليَوْمَ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى نُكْمِلُ مَا اْبْتَدَأْنَاهُ بِفَضْلِ المُعوِّذتَينِ وَتَفسِيرِهِمَا.

أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أُنْزِلَ، أَوْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَاتٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ، المُعَوِّذَتَيْنِ).

وَأَخْرَجَ النَسَائيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانِيُّ عَنْ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَنِ المُعوِّذتَينِ: (مَا سَأَلَ سَائِلٌ بِمِثْلِهِمَا, وَلَا اسْتَعَاذَ مُسْتَعِيذٌ بِمِثْلِهِمَا).

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} .

{قُلْ} مُتَعَوِّذًا {أَعُوذُ} أَيْ: أَلْجَأُ وَأَلُوذُ وَأَعْتَصِمُ {بِرَبِّ الْفَلَقِ} أَيْ: فَالِقِ الحَبِّ وَالنَّوَى، وَفَالِقِ الإصْبَاحِ, فَالفَلَقُ إِمَّا أَنْ يُقْصَدَ بِهِ فَلَقُ الصُبْحِ وَانْشِقَاقُهُ عِنْدَ شُرُوقِ الشَّمْسِ, أَو يُقْصَدَ بِهِ انْشِقَاقُ الأَرضِ وَخُرُوجُ الحَبِّ والنَّوَى نَبَاتًا يَأكُلُ مِنْهُ النَّاسُ والأَنْعَامُ, وَقَدْ يُرَادُ بِهِ شُمُولُهُ لِكُلِّ مَا يَفْلُقُهُ اللَّهُ عَنْ غَيْرِهِ، كَفَلَقِ ظُلْمَةِ اللَّيلِ بِالصُّبْحِ، وَفَلَقِ العُيُونِ وِالأَمْطَارِ وَالنَّبَاتِ وَالأَوْلَادِ.

{مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} وَهَذَا يَشْمَلُ الاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ جَمِيعِ مَا خَلَقَ اللهُ، مِنْ إِنْسٍ، وَجِنٍّ، وَحَيَوَانَاٍت، فَيُسْتَعَاذُ بِخَالِقِهَا، مِنَ الشَّرِّ الذِيْ فِيهَا.

ثُمَّ خَصَّ بَعْدَ مَا عَمَّ، فَقَالَ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} أَيْ: مِنْ شَرِّ مَا يَكُونُ فِي الَّليلِ، حِينَ يَغْشَى النَّاسَ، وَتَنْتَشِرُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ البَلَايَا، وَالحَيَوَانَاتِ الـمُؤْذِيَةِ, وَالغَاسِقُ هُوَ الَّليلُ إِذَا اشْتَدَّ ظَلَامُهُ. وَمَعنَى: {وَقَبَ} أَيْ: دَخَلَ ظَلَامُهُ، وَالوُقُوبُ: الدُّخُولُ, وَتَخْصِيصُهُ اللَّيلَ لِأَنَّ الـمَضَارَّ تَكْثُرُ فِيهِ وَيَعْسُرُ الدَّفْعُ.

أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَن جَابِرِ بنِ عَبْدِاللهِ رَضيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلِّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قالَ: (خَمِّرُوا الآنِيَةَ، وأَوْكُوا الأسْقِيَةَ، وأَجِيفُوا الأبْوَابَ, واكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ العِشَاءِ، فإنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وخَطْفَةً، وأَطْفِئُوا المَصَابِيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ، فإنَّ الفُوَيْسِقَةَ ــ يَعْنِي الفَأْرَة ــ رُبَّما اجْتَرَّتِ الفَتِيلَةَ فأحْرَقَتْ أهْلَ البَيْتِ).

{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} أَيْ: وَمِنْ شَرِّ السَّوَاحِرِ، اللَّاتِي يَسْتَعِنَ عَلَى سِحْرِهِنَّ بِالنَّفْثِ فِي العُقَدِ التِي يَعْقِدْنَهَا عَلَى السِّحْرِ, لِيَضُرُّوا عِبَادَ اللهِ بِسِحْرِهِنَّ، وَيُفَرِّقُوا بَيْنَ الرَّجُلِ وَزَوْجِهِ {وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله}, وَالنَّفْثُ: هُوَ النَّفْخُ بِلا رِيقٍ, فِإِذَا كَانَ مَعَهُ رِيقٌ فَهُوَ التَّفْلُ.

{وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} وَالحَاسِدُ، هُوَ الذِي يُحِبُ زَوَالَ النِّعْمَةِ عَنِ الـمَحْسُودِ فَيَسْعَى فِي زَوَالِهَا بِمَا يَقْدِرُ عَلَيهِ مِنَ الأَسْبَابِ ــ عِيَاذًا بِاللهِ مِنْ حالِهِ ــ ، فَاحتِيجَ إِلَى الاستِعَاذَةِ بِاللهِ مِنْ شَرِّهِ، وَإِبْطَالِ كَيْدِهِ. وَيَدْخُلُ فِي الَحاسِدِ العَائِنُ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَيخُ ابْنُ سَعْدِيٍّ رَحِمَهُ اللهُ.

وَلِسَائِلٍ أَنْ يَسْأَلَ: مَاهِيَ الحِكمَةُ مِنْ ذِكْرِ الغَاسِقِ وَالنَّفَاثَاتِ وَالحَاسِدِ.. رُغْمَ أَنَّهَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ قَولِ اللهِ تَعَالَى: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}؟

يُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ ابْنُ بَادِيسَ رَحِمَهُ اللهُ بِقَولِهِ: (الجَامِعُ بَيْنَ هَذِهِ الثَلَاثَةِ هُوَ اِشْتِرَاكُهَا فِي الَخَفَاءِ؛ فَإِنَّ الغَاسِقَ ظَلَامٌ تَخْفَى فِيهِ الشُّرُورُ، وَالنَّفَاثَاتِ مَبْنِيٌّ أَمْرُهُنَّ عَلَى الإِخْفَاءِ تَحيِيِلًا وَإِبْهَامًا، وَالحَسَدُ دَاءٌ دَفِينٌ؛ فَالثَلَاثَةُ كَمَا تَرَوْن شَرُّها خَفِيٌّ, ...وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى نَجِدُ التَنَاسُبَ ظَاهِرًا بَيْنَ الثَلَاثَةِ: الغَاسِقِ وَالنَّفَاثَاتِ وَالحَاسِدِ؛ فَإِنَّ الجَمِيعَ ظَلَامٌ: ظَلَامُ الزَّمَنِ، وَظَلَامُ السِّحْرِ، وَظَلَامُ الحَسَدِ) ا.هـ.

أيُّهَا الإِخْوَةُ.. يُسْتَحَبُ قِرَاءَةُ الـمُعَوِّذَتَينِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ صًبَاحٍ وَمَسَاءٍ, رَوَى أَبُو دَاوودَ وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ خُبَيبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: (خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهِ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِيَ لَنَا، فَأَدْرَكْنَاهُ ، فَقَالَ: (أَصَلَّيْتُمْ؟) فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ: (قُلْ). فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: (قُلْ). فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: (قُلْ): فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَقُولُ؟ قَالَ: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وَالـمُعَوِّذَتَيْنِ حِيْنَ تُمْسِي وَحِيْنَ تُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيءٍ).

كَمَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مُدَاوَمَةُ قِرَاءَتِهَا قَبْلَ النَّومِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ, كَمَا رَوَى البُخارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما فَقَرَأَ فِيهِما: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ, وقُلْ أعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ, وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ, يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: كَانُوا يُعَلِّمُونَهُمْ إِذَا أَوَوا إِلَى فِرَاشِهِم أَنْ يَقْرَأُوا الـمُعَوِّذَتَينِ.

وَتُستَحَبُّ قِراءَةُ الـمُعَوِّذَتَينِ بَعْدَ كُلِّ صًلًاةٍ, رَوَى النَسائيُ وَغَيرُهُ عَنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ الـمَعَوِّذَتَينِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالقُرْآَنِ العَظِيمِ, وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآَيَاتِ وَالذِكرِ الحَكِيمِ, قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُم وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ, إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}.

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}.

قَالَ السَّعْدِيُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَهَذِهِ السُّورَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الاستِعَاذَةِ بِرَبِّ النَّاسِ وَمَالِكِهِم وَإِلَهِهِم، مِنَ الشَّيطَانِ الذِي هُوَ أَصْلُ الشُّرُورِ كُلِّهَا وَمَادَّتُهَا، الذِي مِنْ فِتْنَتِهِ وَشَرِّهِ، أَنَّهُ يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، فَيُحَسِّنَ لَهُمُ الشَّرَّ، وَيُرِيهِمْ إِيَّاُه فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ، وُيُنَشِّطَ إِرَادَتَهُم لِفِعْلِهِ، وَيُقَبِّحَ لَهُمُ الخَيرَ وَيُثَبِّطُهُم عَنْهُ، وَيُرِيهِمْ إِيَّاُه فِي صُورَةٍ غَيرِ صُورَتِهِ، وُهُوَ دَائِمًا بِهَذِهِ الحَالِ يُوَسْوِسُ وَيَخْنَسُ.. أَيْ: يَتَأَخَّرُ إِذَا ذَكَرَ العَبْدُ رَبَّهُ وَاسْتَعَانَ عَلَى دَفْعِهِ) ا.هـ.

وَسُمِّيَ الشَّيطَانُ خَنَّاسَاً لِأَنَّهُ يَتَوَارَى وَيَخْتَفِي إِذَا ذَكَرَ العَبْدُ رَبَّهُ، فَإِذَا غَفَلَ عَنْ ذِكْرِ اللهِ عَادَ فَوَسْوَسَ لَهُ.

قَالَ ابنُ عَاشورٍ رَحِمَهُ اللهُ: (وَوُصِفَ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ بِالَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ لِتَقْرِيبِ تَصْوِيرِ الْوَسْوَسَةِ كَيْ يَتَّقِيَهَا الْمَرْءُ إِذَا اعْتَرَتْهُ لِخَفَائِهَا، وَذَلِكَ بِأَنْ بُيِّنَ أَنَّ مَكَانَ إِلْقَاءِ الْوَسْوَسَةِ هُوَ صُدُورُ النَّاسِ وَبَوَاطِنُهُمْ)

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنَ الجِنَّةِ} هِيَ بِكَسْرِ الجِيمِ: جَمْعُ جِنِّيٍ، ولَيْسَت بِضَمِّهَا وَلَا فَتْحِهَا, فَإِنَّ الجُنَّة هِيَ الوِقَايَةُ وَفِي الَحدِيثِ (الصَّومُ جُنَّةٌ) أَيْ وِقَايَةٌ مِنْ عَذَابِ اللهِ, والجَنَّةُ مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ دَارُ المُتَّقِينَ جَعَلَنَا اللهُ جَمِيعً مِنْ أَهْلِهَا.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ.. لِلمُعَوِذَتَينِ فَضْلُ عَظِيمٌ.. أَخْرَجَ التِرمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْريِّ رَضيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: (كَانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الجَانِّ وَعَيْنِ الإِنْسَانِ حَتَّى نزَلتِ المـُعَوِّذَتَان,ِ فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَترَكَ مَا سِوَاهُمَا).

فاللهُمَّ اِجْعَلْنَا مِنْ أَهلِ القُرآَنِ الذِينَ هُمْ أَهْلُكَ وَخَاصَّتُكَ, يَارَبَّ العَالَمِينَ.

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. اعلموا أن الله تعالى قد أمرنا بالصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وجعل للصلاة عليه في هذا اليوم والإكثار منها مزية على غيره من الأيام, فاللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المرفقات

1-7-1440

1-7-1440

المشاهدات 1978 | التعليقات 0