لماذا يسلمون وحالنا هذه؟!

فيصل التميمي
1434/07/27 - 2013/06/06 11:32AM
الخطبة في أصلها بعنوان حلاوة الإيمان لفضيلة الشيخ
"سليمان الحربي" وفقه الله لكل خير
وتم اختصارها والتعديل عليها بما يناسب المقام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لماذا يسلمون وحالنا هذه؟!
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره؛ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا؛ ومن سيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له؛ ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أمَّا بعد فأيها المؤمنون استجيبوا لأمر ربكم واتقوا الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
معاشر المسلمين : إن مما يدعوا إلى التفكر والوقوف معه وقفة اعتبار وتأمل، ما نراه ونسمعه من أخبار المقبلين على الإسلام في هذا الوقت العصيب على الإسلام والمسلمين، ففي كل أسبوع تطالعنا مكاتب الدعوة بإسلام العشرات وتوثيق إسلامهم عبر القنوات الرسمية، فأي سرٍّ عجيب يجعل الكافر يقبل على الاسلام ويترك دينه ودين أهله وهو يرى المسلمين وللأسف منكسرين في قوتهم واقتصادهم، بل إن القوة المادية لدياناته التي خلع ربقتها، ولكن عجبك وعجبنا يتلاشى حينما نتذكر أن للآيمان حلاوة وطعما لا تماثله أي حلاوة! ومذاق لا يقاربه أي مذاق، ويذكرنا هذا السرُّ بقصةِ سَحرة فرعونَ مع فرعون، فقد كانوا قبل رؤيتهم لبرهان موسى عليه السلام مقريبنَ ورؤساءَ وأسيادا، وقد تبوؤا من المكانة أعلاها فهم المقدمون المهابون عند ملك عصرهم وسلطان بلادهم، فلما رأوا من الايات ما رأوا وتبين لهم الحق، خالط الإيمان بشاشة قلوبهم ، فخروا لله سجداً ( فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجدين * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ) حاول فرعون أن يصرفهم عما وقر في قلوبهم من الحق، وهددهم بجبروته وقدرته عليهم، ولكنهم لم يعبهوا بتهديده ولا بما توعدهم به من أليم العذاب، لأن ما عرفوا من الحق وما ذاقوا لذته من الإيمان، يهون في مقابله كل شيء ( قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ، إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ، فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ * قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ، فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ، إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا* إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ، وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ )
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في حديث هرقل أنه قال لأبي سفيان ومن معه: وسألتك أيرتد أحد ـ أي: من المسلمين ـ سَخْطةً لدينه، بعد أن يدخل فيه؟ فذكرتَ أنْ لا، وكذلك الإيمان حين يخالط بشاشته القلوب!
معاشر المسلمين: إن السر العجيب في هذا ، هذه الحلاوةُ الإيمانية التي يجد طعمها من رضي بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، روى مسلمٌ في صحيحه عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً ». وهذا الطعمُ ليس كأي طعم بل له حلاوة عجيبة كما أخبر صلى الله عليه وسلم " ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ - زاد النسائي وطعمه - أنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ" أخرجه البخاري ومسلم.
قال الإمام النووي رحمه الله: قال العلماء: معنى حلاوة الإيمان استلذاذهُ الطاعات، وتحمله المشاقَ في سبيل رضى الله تعالى، ورضى رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وإيثار ذلك على عرض الدنيا. فإذا اتصف العبدُ بهذه الصفات، وتقرب إلى الله تعالى بالطاعات فلا شك أنه سيجد حلاوة الإيمان، كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
ولذة الإيمان أيها المؤمنون الموحدون.. لا تشبه لذة الحرام، لأن لذة الإيمان لذة قلبية روحية. أما لذة الحرام فهي لذة شهوانية جسدية، ويعقبها من الآلام والحسرات أضعاف ما نال صاحبها من المتعة.
وحلاوة الإيمان حلاوةٌ داخليةٌ في نفسٍ رَضِيَّةٍ وسكينةٍ قلبيةٍ، تسري سريان الماء في العود، وتجري جريانَ الدماء في العروق. لا أَرَقَ ولا قَلقَ، ولا ضِيقَ ولا كَدَر، بل سعةٌ ورحمةٌ، ورضىً ونعمة: ( ذٰلِكَ ٱلْفَضْلُ مِنَ ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيماً).
بارك الله لي ولك في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي نبيه الكريم، أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر على توفيقه وامتنانه وأشهد ألا إله إلا الله تعظيما لشانه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى جنته ورضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأعوانه أما بعد :
[font=traditional arabic, serif]فاتقوا الله عباد الله.. ثم اعلموا رحمكم الله أنه إذا صح الايمان ووقر في القلب فاض على الحياة، فإذا مشى المؤمن على الأرض مشى سوياً، وإذا سار سار تقيا نقياً، وفي الحديث القدسي((فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه)).
عباد الله.. من ذاق حلاوة الايمان طاب عيشه، ومضى في سبيل الله لا يبالي بما يلقى، لأن بصره وفكره متعلق بما هو أسمى وأبقى " أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُۥ لِلْإِسْلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِۦ، فَوَيْلٌ لِّلْقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ، أُولَٰئِكَ فِى ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ ". قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: (الإيمان له حلاوة وطعم يذاق بالقلوب كما يذاق حلاوة الطعام والشراب بالفم، فإن الإيمان هو غذاء القلوب وقوتها كما أن الطعام والشراب غذاء الأبدان وقوتها، وكما أن الجسد لا يجد حلاوة الطعام والشراب إلا عند صحته، فإذا سقم لم يجد حلاوة ما ينفعه من ذلك، بل قد يستحلي ما يضره وما ليس فيه حلاوة لغلبة السقم عليه، فكذلك القلب إنما يجد حلاوة الإيمان إذا سلم من مرض الأهواء المضلة والشهوات المحرمة وجد حلاوة الإيمان حينئذ، ومتى مرض وسقم لم يجد حلاوة الإيمان، بل يستحلي ما فيه هلاكه من الأهواء والمعاصي، ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن..) لأنه لو كمل إيمانه لوجد حلاوة الإيمان فاستغنى بها عن استحلاء المعاصي). انتهى كلامه رحمه الله.

هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال قولاً كريماً...


[/font]
المشاهدات 1625 | التعليقات 0