للحقيقة.. هذا بعض ما يجري في العراق اليوم

احمد ابوبكر
1434/07/23 - 2013/06/02 07:32AM
د.عمران الكبيسي

ألمت بي وعكة صحية أعاقتني عن الكتابة الأسبوع المنصرم، حتى اعتذرت الخميس للصحيفة عن مقال الجمعة، يوم الجمعة تحاملت على نفسي وخرجت للصلاة فشعرت بالتحسن وفكرت أن أعاود الكتابة ليلا، وفعلا جلست أفكر في عنوان المقال وهو أصعب شيء لدي في كتابة مادتي الصحافية، وبعده تتفتح مسالك التعبير. فجأة رن المحمول، الرقم يشير إلى نداء من بغداد، مستأجر داري التي تركتها منذ سنوات هناك، يبلغني أسفه وقال بالحرف، أنا مضطر تحت تهديد السلاح ترك البيت، والآن العمال ينقلون أثاثي على ظهر الحافلة، وفي الشارع سيارات دفع رباعي ومليشيات مسلحة يطالبون الأسر السنية بعد أن طمأنونا على حياتنا وممتلكاتنا، إخلاء دورنا والرحيل عن بغداد فورا وعدم العودة إليها، لأننا من الطائفة السنية ويشتبه أن نكون إرهابيين، هم يرومون ترحيلنا لتطهير بغداد من العرب السنة، لتأمين حياة السكان الشيعة من خطرهم، وقد احضروا حافلات لتتولى نقل الأثاث بعد الاتفاق على الأجرة، ومن يرفض الرحيل يتحمل مسؤولية تعرض حياته وحياة أسرته للخطر واعذر من انذر.

وأضاف لا خيار لي سأترك الدار وأنا نفسي لا اعلم أين سأذهب، وماذا سيفعلون بدارك, تدبر أمرك، ربما تشغله أسرة شيعية تحل محلنا، طبعا أنا الآخر ليس لي خيار فلا استطيع توريط أحد من أقاربي ولا معارفي لزيارة البيت فقد يتعرض لاعتداء جسيم يجعلني أشعر بالذنب والندم طيلة الحياة، سكنت هذه الدار شرق بغداد على القناة عشر سنوات مابين 1988- 1997، قبل التحول إلى داري الجديدة، سكان المنطقة على ما اعلم وقتها أغلبيتهم من العرب السنة وهذا الموضوع لم يكن يشغلنا سابقا، وكنت قد خصصت الطابق الأرضي للاستقبال الضيوف ولمكتبتي ومكتبي وغرفة نومي، والطابق العلوي للأبناء، وبعد أن تركته فصلت الطابقين، استأجرت الطابق الأرضي أسرة شيعية، واستأجرت الطابق العلوي أسرة سنية، ومنذ خمسة عشر عاما يعيشون متآخين رغم كل الأحداث الطائفية التي مرت وربما كان لوجودهما معا في بيت واحد ضمانا لعدم تعرض احد لهما.

ولكي يعرف القارئ المفارقة بين ما كان ويكون اليوم أجرت الطابقين وقتها ب 400 دينار عراقي أي ألف دولار أمريكي، اليوم بالتفاهم مع المستأجرين أصبح أجار البيت بنصف مليون دينار عراقي، ولكنها تعادل 130 دينار بحريني، فتصوروا كارثة هبوط قيمة العملة وعليها يقاس الفارق في هبوط الود والتآخي الذي كان بين السنة والشيعة في العراق قبل الاحتلال، وما يجري اليوم بينهم من فتنة عمياء حمقاء لا تبقي ولا تذر، وقد تحرق اليابس والأخضر بسبب لعب السياسيين الجدد ممن وردوا مستنقع السياسة على يد الأمريكان وأعقاب أحذيتهم وفتات موائدهم.

أعود إلى البيت وقد اتصلت بالمستأجر الآخر وهو من الطائفة الأخرى أخبره طيبا، الرجل قال أود مساعدتك، لكن الأمور لم تعد كما كانت وتألفها، الشيطان ركب رؤوس الجميع والعياذ بالله، ولو كان بيدي ما أفعله لتشفعت لجاري المسكين الذي ساكنني البيت كل هذا العمر، هؤلاء مليشيات بعضهم ملثم، وبعضهم يرتدي لباس عسكر، ويحملون أسلحة آلية، والمنطقة شبه محاصرة، ولا يقبلون رجاء لأحد، والحكومة غائبة تماما، وقد اخذوا رقم الدار، وإن استطعت سأبحث لك عن مستأجر وان سيطروا عليه فهذا والعذر. وانقطعت المكالمة. ولا أريد أن القي اللوم على عاتق طائفة فالأسباب معروفة ومخطط لها، وهي وليدة عشر سنوات من الاحتلال الأمريكي البغيض عمل فيها بشعار" فرق تسد"، ثم خرج المحتل وسلم مقادير البلاد لإيران التي يعلم الكثير من الشيعة قبل السنة أنهم يسلحون الإرهابيين من كل الطوائف لتخريب البلاد وقتل العباد طمعا بالهيمنة على العراق وتخريبه وإذلال أهله في ظل تواطؤ حكومي.

السيد رئيس الوزراء يقول إن الجيش والشرطة العراقية مهنية، وتقوم بواجباتها من دون تحيز، ولا توجد مليشيات مسلحة ولا سيطرات وهمية ولا حوادث تهجير، وما يشاع محض افتراء، ومن يسمع كلامه يصدق أن لديه مليون ونصف مليون عسكري يحمون البلد ويوفرون الأمن، ولكن على ارض الواقع هناك وزارة رسمية معلنة مختصة تعمل على دمج المليشيات الحزبية والطائفية في الجيش والشرطة النظامية، وهذه المليشيات وافده دربت في إيران قبل الاحتلال وكانت تقوم بعمليات تفجير وتخريب في العراق انطلاقا من الحدود الإيرانية ولا احد ينكر ذلك، فكيف يكون الجيش والشرطة العراقية مهنية وشفافة وأداؤها متوازنا؟ وقد يكون هؤلاء هم وراء ما يجري لشعب أعزل عدد سكانه ثلاثون مليون نسمة، يشكل العرب فيه 84 % والمسلمون 96 % نصفهم شيعة ونصفهم سنة فمن سيستطيع قتل من وتصفيته؟ ومن وراء هذه الفتنة والهلكوست السنية المدمرة التي تقام على أرض العراق وسوريا في آن واحد؟.
المشاهدات 918 | التعليقات 0