للإثراء من أخي [you] : أنشطة مقترحة للمساجد في رمضان لا تختص بالأئمة وحدهم ؟
أبو عبد الرحمن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ينشغل الأئمة بمراجعة الحفظ و إعداد كلمات ومواعظ و تفطير الصائمين في كثير من المساجد ، ولذا قد يغفلون عن بقية البرامج والأنشطة أو لا يتسع لها وقتهم لذا فتحت هذا الموضوع لأمرين :
1- تنبيه المصلين لإعانتهم وعدم الإكتفاء بموقف الناقد المتفرج.
2- اقتراح مزيد من البرامج العملية وليست الخيالية المغرقة في التمني مع إغفال المكان والزمان والظروف المحيطة التي لا تخفى .
وحتى ورود مشاركاتكم أخي [you] هذه باقة من صيد الفوائد :
رسالة إلى إمام المسجد خلال شهر رمضان المبارك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المشاهدات 7187 | التعليقات 11
1- إفطار الصائم، تم توكيل أحد جماعة المسجد به، وقد تولى هذا الأمر إضافة إلى بعض الشباب والصغار من أبناء الحي ليُساعدوه، ونقوم بتكريمهم مرتين في الشهر بعد صلاة المغرب أمام الجماعة .
2- إعداد الكلمات والدروس . من مهام الإمام.
3- الاتفاق مع بعض طلبة العلم والدعاة، للحضور لإلقاء الكلمات، ويكون حضورهم بديلاً عن إلقائك للكلمة، وأرى أن جماعة المسجد تنشط لسماع الحديث بعد صلاة العصر، ولكنها غير مستعدة لذلك بعد صلاة التراويح أو أثنائها .
4- إعداد مقرأة رمضانية لمدة ساعة بعد العصر ، وهي عبارة عن إحضار معلم قرآن متميز في الإقراء والتجويد، ليقوم بتعليم القراءة والتجويد، وتحسين التلاوة لمن يريد من جماعة المسجد، وقد جربتها فرأيتها لا بأس بها، إلا أنني افتقدتُ الجانب الإعلاني والإعلامي لها، فبعد الانتهاء منها، وعلم الناس بها رأيتهم متشوفون لها ويعاتبون لعدم الإعلان عنها .
اشكر لكم هذا الاهتمام وأرى أن الاهتمام بالجانب التربوي والروحي والعبادي هو الدور الأساسي على أن يقتصر دوره على التنسيق مع الجهات الاغاثية والجمعيات الخيرية في الأداور الإغاثية وأرى أن ينصب اهتمامه بالكلمات بعد الصلاة والدروس ومتابعة أنشطة الحلقة والعناية بدورها التربوي ومتابعة المصلين والسؤال عنهم والله أعلم
جزاك الله خيرا أخي عبد الرحمن و بارك الله فيك أسأل الله أن يعيننا على طاعته ومرضاته
بسم الله الرّحمان الرّحيم.
الحمد لله ربّ العالمين حمدا كثيرا طيّبا مباركا فيه كما يحبّ ربّنا و يرضى. و الصلاة و السلام على إمام المتّقين و قدوة الناس أجمعين، محمّد بن عبد الله و على آله الطيّبين الطّاهرين و صحابته الكرام الميامين و كلّ من استنّ بسنّته و اهتدى بهديه و اقتفى أثره إلى يوم الدّين. أمّا بعد:
قبل تنبيه المصلّين لإعانتهم و عدم الإكتفاء بدور الناقد المتفرّج.. و قبل الحديث عن الاقتراحات و التصوّرات لبرامج و أنشطة جديدة خاصّة بالمساجد لإعانة العاقلين.. و تعليم الجاهلين..و تنبيه الغافلين.. و تذكير النّاسين.. لابدّ من تعليم المسلمين كيف يستقبلون رمضان، و كيف يتعاملون مع الملتصقين بهم في نهاره و ليله، ثمّ كيفية التسابق إلى الخيرات و إتيان الأعمال الصّالحة في شهر الرّحمة و المغفرة و العتق من النّار..
[font="]ثبت عنه صلى الله عليه و سلم أنّه قال: "الصلاة إلى الصلاة، و الجمعة إلى الجمعة، و رمضان إلى رمضان، كفارات لما بينهنّ ما لم تغش كبيرة و ذلك الدهر كلّه ".. و ثبت عنه صلى الله عليه و سلم في مسند أحمد و عند البزار، و البيهقي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " أكرم الله أمّتي في شهر رمضان بخمس كرامات:[/font]
[font="]*[/font] [font="]خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.[/font]
[font="]*[/font] [font="]تستغفر الملائكة للصائمين حتى يفطروا.[/font]
[font="]*[/font] [font="]يزيّن الله في كل يوم جنّته و يقول: يوشك عبادي أن[/font] [font="]يلقوا عنهم المؤونة و الأذى ثم يصيروا إليك[/font]
* [font="]فيه ليلة القدر هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم الخير كله.[/font]
[font="] * لله عتقاء من النار، و ذلك كل ليلة من رمضان.[/font]
[font="]و في بعض [/font][font="]الروايات[/font][font="] أنّ الله تبارك و تعالى يعتق في آخر ليلة من رمضان ما أعتق سبحانه في الليالي الأخر.. و منها أنّ الحيتان تستغفر لأحدهم حتى يفطر..و منها أن الله عز و جل يصفّد الشياطين أو مردة الشياطين..و منها أن الله تبارك و تعالى يغلق أبواب النيران و يفتح أبواب الجنان...[/font]
[font="]و كان السلف الصالح إذا دخل رمضان بشّر بعضهم بعضا بهذا الشهر العظيم، و تهيأوا له.. و ورد عن الإمام مالك رحمه الله، أنّه كان إذا دخل عليه شهر رمضان، أغلق كتبه، و أخذ المصحف، و جلس في المسجد يتوضأ بين الحين و الآخر، و يقول هذا شهر القرآن، لا كلام فيه مع القرآن..[/font]
[font="]و ورد عن كثير من الصحابة و التابعين، أنّهم كانوا يخرجون إلى المساجد فلا يزالون في المسجد، بين الذكر و التلاوة، إلاّ لأمر لا بدّ منه فيعودون إلى بيوتهم.. [/font]
[font="]فيا أيها الأحبّة، استقبلوا هذا الشهر بخير ما يستقبل من توبة نصوح، و من استغفار، و من كثير دعاء، و من تلاوة، و من محافظة على صلاة الجمعة و الجماعة، و من صدقة في سبيل الله، و من نصيحة لله، و لكتابه، و لأئمّة المسلمين و عامتهم، و من صدق و استسلام لله.. [/font]
[font="]قال الله تعالى: " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس و بيّنات من الهدى و الفرقان ".
[/font] [font="] * [/font]][font="]الأعمال الصّالحة في رمضان[/font][font="][/font]
[font="]قال تعالى: " يا أيّها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلّكم تتقون. أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدّة من أيام أخر و على الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوّع خيرا فهو خير له و أن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون.[/font][font="][/font]
[font="]معناه: لعلكم تتقون النار بصيامه فإنّ صومه سبب لغفران الذنوب الموجبة للنار.[/font]
[font="]وفي الصحيحين عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: " بني الإسلام على خمس: على أن يعبد الله، و يكفر بما دونه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، و حج البيت، و صوم رمضان ".[/font]
[font="] معنى الصيام : [/font]
[font="]الصيام أحد فرائض الإسلام و أركانه، تهذيبا للنفس البشرية و تقويما لها، و حفاظا على البنية الجسدية، و تقوية للإرادة و الصحة. و الصيام في تقدير الإسلام رياضة روحية، و طريق لإعداد النفس لتقوى الله عز و جل في السر و العلن، و مدرسة للصبر و الجهاد و تحمّل المشاق، لذا ورد في السنة النبوية فيما رواه ابن خزيمة و البيهقي أنّ "الصوم شهر الصبر و الصبر ثوابه الجنة" .. ليس الصيام مفروضا على المسلمين وحدهم، و إنما هو عبادة قديمة مفروضة في مختلف الشرائع السماوية، لذلك قال تعالى: كما كتب على الذين من قبلكم لعلّكم تتّقون..[/font]
[font="]و الصيام مطهرة للنفس و مرضاة للربّ، و ليس فيه مشقّة شديدة أو شيء لا يحتمل، و إنّما هو أيام معدودات قلائل في العام،، شهر واحد، قال صلى الله عليه و سلم: " لو علمت أمّتي ما في رمضان من الخير، لتمنّت أن يكون السنة كلّها "..[/font]
[font="][/font]
[font="]وقال صلى الله عليه وسلم: "كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. يقول الحق تبارك وتعالى: " إلاّ الصيام فإنه لي و أنا أجزي به، ترك شهوته و طعامه و شرابه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، و فرحة عند لقاء ربّه، و لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ".[/font][font="][/font][font="] وقال : " من صام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه ".[/font][font="][/font]
[font="]لا شك أنّ هذا الثواب الجزيل لا يكون لمن امتنع عن الطعام و الشراب فقط، و إنما كما قال النبيّ صلى الله عليه و سلم: " من لم يدع قول الزور و العمل به، فليس لله حاجة في أن يترك طعامه و شرابه ".[/font][font="][/font][font="] و قال : "الصوم جنّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث و لا يفسق و لا يجهل، فإن سابّه أحد فليقل إنّي امرؤ صائم ".[/font][font="][/font][font="][/font]
[font="]فإذا صمت يا عبد الله فليصم سمعك و بصرك و لسانك و جميع جوارحك، و لا يكن يوم صومك و يوم فطرك سواء.[/font]
[font="] [/font][font="]* من منافع الصّيام
[/font]
[font="]تهذيب النفس :[/font]
[font="]ففي الصيام خير تربية للإنسان على فضائل الصراحة في القول والإخلاص في العمل، و على الجدّ و الحزم و رباطة الجأش بقوّة العزم، فهو يعلّم الناس كيف يترفعون عن مظاهر الحيوانية التي غاية همّها الأكل و الشرب و إشباع الغريزة..[/font]
[font="]حسن التعامل مع الآخرين :[/font]
[font="]كثير من الناس لا يفهم الصيام على حقيقته المرجوة منه.. و لا يتصوّرون إلاّ أنّه شهر الامتناع عن المفطرات الحسية، فتجد حالهم في رمضان كحالهم قبل رمضان، بل قد يتعدّى الأمر إلى الأسوأ، فتجده ضيّق الصدر.. سيء المعاملة، و إذا سألته عن ذلك يقول: بسبب طبيعة الصيام.. و لقد أخطأ و الله من يظنّ أنّ الصيام يؤدي إلى نتائج سلبية في الخلق و في حسن المعاملة..و سبب ذلك أنهم قد أخذوا من الصيام اسمه و رسمه فقط، فاعتبروه عبادة شكلية لا روح لها فكان صومهم صوم عادة لا صوم عبادة.. فما فهموا حقيقة الصيام، ولو أنهم صاموا احتسابا و استشعارا لأهداف الصيام و مراميه العالية لما تغيّر حالهم للأسوأ، بل تطوروا للأفضل و لكان للصيام الأثر الكبير في تهذيب نفوسهم و إصلاح معاملاتهم مع الناس و مع ربّ الناس..و الذي يصوم رمضان إيمانا و احتسابا تجد أنّ الدروس التي تعلّمها من رمضان تفرض عليه حسن المعاملة مع الناس، بل تكون له علامة يعرف بها، فإذا وجدته حسن التعامل مع الناس، طيّب النفس، تبادر إلى ذهن الرائي أنه صائم، و هكذا حال الصيام، يهذب أخلاق الصائم و يجعله يسير في خط مستقيم، فإنّ أساس الدين القويم، حسن التعامل، سواء مع الناس أو مع النفس أو مع الله تعالى..[/font]
[font="]عن بن عباس رضي الله عنهما قال" كان النبيّ صلى الله عليه و سلم أجود الناس بالخير و كان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل و كان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي صلى الله عليه و سلم القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة" .[/font][font="][/font][font="][/font]
[font="]نعم إنه أجود بالخير من الريح المرسلة، لا يعرف كلمة الرفض و لا الإجابة بلا في أمور البر و الخير والعطاء.. خصوصا في رمضان.. و كما قال الشاعر:[/font]
[font="] لو لم يكن في كفّه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائله[/font]
[font="]روي أنّ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنها قسّمت في يوم ثمانية و مائة ألف درهم بين الناس فلمّا أمست قالت: يا جارية عليّ بفطوري فجاءتها بخبز و زيت، فقالت لها أمّ درّة : أما استطعت فيما قسمت اليوم أن تشتري لنا بدرهم لحما نفطر عليه؟ فقالت: لو ذكرتني لفعلت..[/font]
[font="] رمضان شهر الكرم و الزكاة و الصدقات، فالصائم يشعر حال صيامه بمعاناة الفقراء و المساكين الجوعى الذين لا يجدوا ما يسدّوا به رمقهم، فيتدفق من قلبه رحمة إنسانية تدفعه إلى البذل و العطاء، ف فرمضان مدرسة لتربية النفس على خلق الجود و الكرم، فتكون نفسه سخية و كفّه ندية. و كم من بلية و شر دفع عن نفس المؤمن الصائم بسبب جوده و إنفاقه، فصنائع المعروف تقي مصارع السوء..[/font]
[font="]أحبّتي في الله، فلنحرص على تقديم العون للمسلمين و إعانة المحتاجين و المنكوبين في بلادنا أولا و في شتّى بقاع العالم الإسلامي آخرا.. فالصائم بذلك الخلق لا يبخل، و كم من فقير محتاج تعطيه ما يطعمه و يكسيه فيدعو لك دعاءا خالصا في جوف الليل، يرفعك الله بهذا الدعاء و بهذه الصدقة درجات و أنت لا تعلم.. فلنتمثّل بهذا الخلق الذي هو خلق سيّد الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم الذي بعثه الحقّ تبارك و تعالى ليتمّم مكارم الأخلاق..[/font]
[font="]صلة الـــرحم :[/font]
[font="] [/font][font="]من الأعمال الصالحة التي يسعى المؤمن الصادق الصائم القائم إلى توطيدها و تدعيمها، صلة الرحم ذلك المظهر الإسلامي الجميل، مظهر تكاتف و تعاون و تساند الأرحام، سمة لا تجدها إلاّ في المجتمعات الإسلامية العربية، بسبب تعاليم ديننا الحنيف الذي يأمر بصلة الأرحام و يجعل ذلك العمل من المسالك الموصلة إلى جنان الرحمان... يقول النبيّ صلى الله عليه و سلم" الرحم معلّقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله و من قطعني قطعه الله".[/font][font="][/font][font="][/font]
[font="]في هذا الشهر تكثر الزيارات العائلية و تتقارب فيه الأرحام المتباعدة، فتكون صورة جميلة تبيّن سمو هذا المجتمع المتضامن فيما بينه المتمسّك بتعاليم دينه، و لأن شهر رمضان هو شهر الصلة بين العبد و ربّه، و بين العبد و كتاب ربّه، و بين العبد و العبد، و بين العبد و أرحامه، فإنّه يدفعه دفعا إلى صلة أرحامه، وهي خلق يبادر بها الصائم برغبة و طواعية، يحفزه في ذلك قول الرسول عليه الصلاة و السلام: " إنّ الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم أما ترضين أن أصل من وصلك و أقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم اقرؤوا إن شئتم " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم و أعمى أبصارهم ".[/font][font="][/font][font="][/font]
[font="]مدارس العلم :[/font]
[font="] [/font][font="]أول ما يلفت الانتباه في شهر رمضان، هو كثرة حلقات العلم، و مدارسة الفقه و الحديث و التربية و الإيمان، التي تنظّم في المساجد ما بين صلاتي الظهر و العصر، أو تلك التي تسبق صلاة العشاء و التراويح.. فيسعد بها المؤمن.. إنّها ظاهرة طيبة و خلق عظيم، يتخلّق به الصّائمون.. مدارسة العلم و التدبّر في دين الله عز و جل، و حفظ القرآن، و تعلّم أصول القراءة و الترتيل، يدفعهم في ذلك حديث الرسول صلى الله عليه و سلم: " طلب العلم فريضة على كل مسلم ".[/font][font="][/font][font="][/font]
[font="]و طلب العلم من الأمور الواجبة حتما على كل مؤمن، ليتمكّن من التعرّف على دينه و شرعيته، فيعبد الحقّ تبارك و تعالى على بصيرة و على هدى، و وصية الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه، وثيقة على كل مؤمن الالتزام بها، و قد استقاها من مشكاة النبوّة فقال: " تعلّموا العلم فإنّ تعلّمه لله خشية،، و طلبه عبادة،، و مذاكرته تسبيح،، و البحث عنه جهاد،، و تعليمه للغير صدقة،، و بذله لأهله قربة "..[/font]
[font="]الزهد في الدنيا و ما فيها :[/font]
[font="] [/font][font="]سئل الإمام أحمد رحمه الله، أيكون عند الرجل ألف دينار و يكون زاهدا ؟ و كان المبلغ عندهم في ذلك له قيمة كبيرة. قال: نعم، قيل: كيف ذلك؟ فقال: إذا زادت لم يفرح، و إذا نقصت لو يحزن..[/font]
[font="]هذه السلوك، و هذه الخلق التي تبرز شخصية الصائم في شهر رمضان، هو سلوك الزهد في الدنيا.. قال تعالى: " من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه و من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها و ما له في الآخرة من نصيب ".[/font][font="][/font]
[font="] إذا أنت لم تزرع و أبصرت حاصدا ندمت على التفريط في زمن البذر[/font]
[font="] [/font][font="]و أعلم أنّه ليس من الزهد ترك المال، و إنّما الزهد أن تترك الدنيا و ما فيها إذا أدركت مدى حقارتها مقارنة بالآخرة.. فالدنيا في اليد و ليست في القلب، و متى كانت الدنيا و ما فيها بهذه الصورة لدى الإنسان، لا يهتزّ لها و لا تبهره مطالبها و زينتها، بل قلبه معلّق بالآخرة، شغله ثواب الملك تبارك و تعالى، غناه في القلب يكفيه من الدنيا ضرورة المأكل و المشرب، و الملبس ليستر جسده و لا يظهر بين الناس شاذا منكرا، و مسكن يؤويه و أهله، ولا يتكبّر و يعلّي الدور، و أثاث معقول من غير تبذير ولا تقتير..[/font]
[font="]و الصائم الزاهد لا يقبل على الطعام بنهم شديد، و يجهّز مائدة عند الإفطار عليها أصناف متنوعة من الطعام و شتى أطباق المأكولات الساخنة و الباردة، المالحة و الحلوة، فهذا من الخطأ الكبير و الإسراف الذي نهى عنه الحقّ تبارك و تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم، فالصائم الذي عرف حقيقة الصيام، يكفيه من الطعام الوسط، لا إفراط ولا تفريط " و كذلك جعلناكم أمّة وسطا "، و قس على ذلك جميع المتطلبات الدنيوية.. و لنمتثل حديث الرسول صلى الله عليه و سلم القائل :" من أصبح آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنّما حيزت له الدنيا بحذافيرها "..[/font]
[font="] و لا غرو أن تظهر و تكشف أشياء و أشياء عن فوائد الصيام و منافعه، إذ الشارع لهذه العبادة هو الله الخالق اللطيف بعباده.. " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير "، و عليه فإنّ كلّ عبادة تشتمل على جانبين: جانب العبودية الخالصة لله تبارك و تعالى، و جانب الفائدة التي يجنيها العابد، سواء علمها الناس أو لم يعلموا.
[/font] [font="] اللهمّ ارزقنا في شهر رمضان إخلاص النية، و الصدق في القول، و النزاهة في الرأي، و الاجتهاد في العمل، و أحفظنا يا ربّنا من إتّباع الأهواء، و جنّبنا مضلاّت الفتن.. [/font]
[font="] اللهمّ بلّغنا في شهر الصيام ليلة القدر، و اختم لنا بخاتمة الخير و السعادة و الفلاح.. يا ربّ العالمين..[/font][font="] اللهم إنّي أعوذ بك من منكرات الأخلاق، و الأعمال و الأهواء.. آمين..[/font] و آخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين..
[font="] لم يعد لنا مزيد و غدا هناك جديد
الشيخ محمّد الشّاذلي شلبي
الإمام الخطيب
[/font]
[font="] الصيام مدرسة و تربية[/font]
[font="] بسم الله الرحمان الرّحيم. الحمد لله و الصلاة و السلام على سيّدنا محمّد و على آله و صحبه و من والاه. أمّا بعد:
[/font]
[font="]الصيام وسيلة لمحاربة الهوى، و قمع الشهوات، و تزكية النفس و إيقافها عند حدود الله تبارك و تعالى، فيحبس العبد لسانه عن اللغو و السباب و التعرّض لأعراض الناس، و السعي بينهم بالغيبة و النميمة المفسدتين. كما يردعه عن الغش و الخداع و التطفيف و الاحتيال و المكر و ارتكاب الفواحش، وأخذ الربا و الرشوة، و أكل أموال الناس بأي نوع من أنواع الباطل.. و يجعل من ناحية أخرى المسلم يسارع إلى فعل الخيرات من إقام الصلاة و إيتاء الزكاة على وجهها الصحيح و جهاتها المشروعة، و يجتهد في بذل الصدقات و فعل التدخلات النافعة، و يحرص على تحصيل لقمة العيش من طرق الحلال، و يحذر من اقتراف الإثم و الفواحش، فضلا عن الاسترسال بها.. و إذا نسي أو استهوته معصية ذكر الله سريعا فأناب إليه و استغفر و تاب مما أصاب، لما غرس فيه صيام هذا الشهر المبارك من مراقبة الله و خشيته، كما قال تعالى: " إنّ الذين اتّقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكّروا فإذا هم مبصرون ".[/font][font="][/font][font="] [/font][font="][/font]
[font="]لذا وجب على الصائم أن يتحفّظ أكثر مما ينبغي، فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " من لم يدع قول الزور و العمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه ".. فالصيام تهذيب لا تعذيب، فإذا لم يؤت ثمرته النافعة فليس النقص منه، إنّما النقص من سوء تصرّف الصائم، و عدم صحّة قلبه و طهارة ضميره، و عدم حسن تفكيره..[/font]
[font="] إحتساب الأجــر:[/font]
[font="]و من هنا وجب أن يكون الصيام عن إيمان و احتساب و ضبط و تعظيم لشعائر الله، لا عن تقليد و مسايرة، كصيام من يصوم بتوجّع و تحسّر، و يقتل أوقاته بالنوم و البطالة، وهو في الحقيقة قاتل لنفسه قتلا أدبيا و معنويا، و يتمنى سرعة انقضاء الشهر كأنّه ليس محسوبا من عمره، أو ليس فيه زيادة من أجره، نسأل الله السلامة..[/font]
[font="]و هذا النوع من صيام بعض الناس الذين يصومون رمضان بتوجّع و تحسّ و سوء استقبال، و يتمنون سرعة انقضاءه، قد أورثهم هذا الصيام حرجا في نفوسهم و ضيقا في صدورهم، فتجدهم سريعي السخط، يغضبون لأبسط سبب، و قد اشتهر هذا بينهم حتى صار كاعتقاد طبيعي للصيام بحيث إذا فحش أحدهم بالكلام، و تمادى في الغضب على غيره، قال بعضهم: ل تعتب عليه فإنّه صائم، كأنّ الصائم يمنّ على الله و على خلقه بصيامه، فلا يتحمّل منهم كلاما و لا نقاش..[/font]
[font="]و الصائم بإيمان و احتساب و خشية و مراقبة و تعظيم و محبّة لله، يجب أن يكون بخلاف ذلك، فيكون راضيا مرضيا، مطمئن النفس، منشرح الصدر، شاكرا لله الذي فسح في عمره حتى بلّغه صيام هذا الشهر، و لم يجعله من أصحاب القبور، فلا يكون في نفسه اضطراب و لا انزعاج و لا ضيق و لا حرج أبدا، بل يكون أوسع أفقا، و أطيب نفسا، و أقوى روحا، فيكون على أحسن حال في معاملاته، و لقاءاته، و حلمه و تفاوضه مع الآخرين..[/font]
[font="]هكذا يجب أن يكون آثار الصيام الصحيح، بحيث لو أثّر على جسد المرء بشيء من الفتور، لا يؤثر على عقله و روحه الطيبة المستنيرة بنور الحق تبارك و تعالى.. بل يجب أن تكون روحه و معنوياته أحسن و أقوى من الإفطار، و ذلك شكرا لله تعالى على بركة الصيام حسّيا و معنويا، بطيب نفسه و خلقه فتتضاعف أجوره من الله تبارك و تعالى..[/font]
[font="] غاية الصيام التقوى:[/font]
[font="] [/font]
[font="]أحبّتي في الله: يقول الحق تبارك و تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون.. لقد فرض الله تعالى علينا الصيام لنخرج بالتقوى، لما للتقوى من فضل يريده لنا ربّنا، إذا التقوى هي الغاية من الصيام، لماذا أراد الله لعباده المؤمنين أن يخرجوا بالتقوى دون غيرها كثمرة من ثمار هذا الصيام..؟ و الجواب ابتداء ما هي التقوى؟ التقوى هي أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، و أن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله.. التقوى عرّفها ابن مسعود رضي الله عنه فقال: التقوى هي أن يطاع فلا يعصى، و أن يذكر فلا ينسى، و أن يشكر فلا يكثر.. التقوى عرّفها أبو هريرة فقال حين سأله رجل فقال: يا أبا هريرة ما هي التقوى،؟ فقال أبو هريرة: هلاّ مشيت على طريق به شوك، قال: نعم، قال: فماذا صنعت؟ قال الرجل: كنت إذا رأيت الشوكة اتّقيتها، فقال أبو هريرة: ذاك التقوى..فما هو فضل هذا الثمار أو الحصاد الذي خرج به الصائمون بتقوى الله عز و جل..[/font]
[font="]1[font="]) التقوى كحصاد للصوم سبب من أسباب تفريج الهم، و نعلم أنّ هموم الناس كثيرة، قال تعالى: " و من يتق الله يجعل له مخرجا " و أنت لا تعلم على الإطلاق طبيعة المخرج، و إنما هذا أمر متروك و موكول للملك، يا من صمت رمضان و قمت لياليه فخرجت بالتقوى أبشر، فأنت ممّن وعد الله تعالى بتفريج الهمّ و الغمّ،..[/font][/font]
[font="]2[font="]) التقوى سبب لسعة الرزق، و يرزقه من حيث لا يحتسب، إذ أنّ الرزاق هو الله، بل الذي يملك الكون كلّه هو الله، انظر يا فقير ماذا أنفق منذ خلق السماوات والأرض، و لا زالت يمينه ملأى سبحانه جل في علاه، يرزق الطير في السماء، و يرزق الدواب و الحشرات و الحوت في الماء، و الإنسان على ظهر هذه الأرض.. فإذا كان ربّنا يرزق الفجّار الكفّر، أفيرزق الكفّار و ينسى من وحّد العزيز الغفّار.. في بلاد أروبية يعيش شاب مع الأسف ينتسب لدين الإسلام و مع ذلك يبيع في محلّه( وهو صاحب مقهى و مطعم )، الخمر و لحم الخنزير، فأقول له: أأنت مسلم ؟ فيقول: نعم؟ قلت له: أتعلم أنّ الله قد حرّم الخنزير؟ يقول: نعم.. قلت: أتعلم أنّ الله قد حرّم الخمر؟ فيقول: نعم.. قلت له: أتعلم ذلك و تصرّ على بيع الخمر و الخنزير؟؟ فيقول لي: أنت عارف الظروف يا شيخ.. أرزاق..أقول: لا ما جعل الله عز و جل الرزق في الحرام.. يردّ عليّ و يقول: انظر لهؤلاء الأوروبيين، يعيشون في رغد من العيش و ليسوا على معصية، بل هم على الكفر.. انظر إلى مداخل الشيطان.. انظر إلى كلمات الشيطان يجريها على الألسنة.. كلم لا يقبله العقل، أنت تقول بأنني على معصية، نعم و أنا معترف بذلك، فما جوابك إن كان هؤلاء على الكفر و الله يرزقهم من أوسع الأبواب؟ قلت له: يا مسكين، إنّ الفتح فتحان، تدبّر معي قول الرحيم الرحمان:" ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء و الأرض ".[/font][font="][/font][font="] [/font][font="]بقي الفتح الثاني: " فلما نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء، حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون، فقطع دابر القوم الذين ظلموا و الحمد لله ربّ العالمين ".[/font][font="][/font][font="] [/font][font="]فلما نسوا ما ذكّروا به، ماذا فعل بهم الملك؟ فتحنا عليهم أبواب كل شيء الله أكبر.. كان من المفروض: فخسفنا بهم الأرض.. فلما نسوا ما ذكّروا به أرسلنا عليهم الرياح.. فلما نسوا ما ذكّروا به، أرسلنا عليهم الطوفان.. لا.. أبدا .. فلما نسوا ما ذكّروا به ، فتحنا عليهم أبواب كل شيء.. تذهب إلى هذه البلاد تجد كل أنواع الخيرات.. كل أسباب المتعة الحياتية.. أبواب كل شيء.. لكن الحق سبحانه و تعالى يوضّح هذه الآية الكريمة في حديث رواه الإمام أحمد في مسنده و صححه الشيخ الألباني و حسنه الحاكم العراقي من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب من النعم وهو مقيم على معصية الله فأعلم بأنّه مستدرج من الله جل و علا.. استدراج يا مؤمن وهو في غفلة.. فكم من مستدرج بنعم الله وهو لا يدري.. و كم من مستدرج بحلم الله وهو لا يدري..و كم من مستدرج بستر الله وهو لا يدري.. و كم من مستدرج بفضل الله وهو لا يدري.. فاعلم بأنّك في بوتقة ابتلاء و دار اختبار، إن منّ عليك بالمال و الخيرات فإنّك مختبر، و إن ضيّق عليك فأنت مختبر.. قال تعالى: " و نبلوكم بالشرّ و الخير فتنة " ..[/font][/font]
[font="]إذن الغاية الكبرى من الصيام هي التقوى بجميع معانيها و مبانيها، إذ هي في اللغة مشتقّة من ( التوقي ) و أخذ الوقاية، ففي الصيام يتوقى الإنسان من المعاصي و الآثام، فيأخذ لنفسه وقاية من عذاب اللهو موجبات سخطه.. و في الصوم يعظم إحساسه، و تقوى عزيمته على حمل رسالته، و القيام بواجب وظيفة الله في أخذ القرآن بقوّة، و الدفع به و برسالة النبيّ صلى الله عليه و سلّم إلى الأمام ليصلح بهما ما أفسده المبطلون في مشارق الأرض و مغاربها، و ينقذ الناس من الظلم و الاستعباد و التهتك و الانحلال..[/font]
[font="] منزلة التقوى :[/font]
[font="] [/font]
[font="]و المؤمنون الذين خاطبهم الله في القرآن يعلمون مكان التقوى عند الحق تبارك وتعالى، و وزنها في ميزانه و قوّة تأثيرها، و حسن نتائجها في أعمالهم السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، مما يحصلون به علي السعادة الصحيحة و الحياة الطيبة في الدارين، فهي غاية تتطلع إليها أرواحهم فتندفع إليها بقوة..[/font]
[font="]و هذا الصيام أكبر حافز لتحصيلها، و خير أداة من أدواتها، و أحسن طريق موصل إليها، و من ثم يرفعها سياق القرآن في ختام الآية لفرضية الصيام أمام عيونهم و قلوبهم هدفا وضاء ينهجون إليه عن طريق الصيام، فيكسبهم التوبة عما اقترفوه من الذنوب قبله، و يكسبهم الجد و النشاط في القيام بوظيفة الله التي يتشرّفون بها، و لذا وصف الرسول صلى الله عليه و سلم الصيام بأعظم وصف، إذ يقول: الصيام جنّة ( بضم الجيم ) أي ستر و وقاية، يقي صاحبه من المعاصي و من جميع المزالق التي يتردى بها في حياته، بانهماكه في الملذّات، أو قنوعه بالعيشة البهيمية دون التفات إلى وظيفته..[/font]
[font="] غاية الصيام المساواة و الصحّة البدنية و المعنوية :[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]و في الصيام من الفوائد الاجتماعية للمساواة في الحكم فيه بين الفقراء و الأغنياء، و الحكّام و السوقة ( هذا من جهة )، و من جهة أخرى إعداد الصائمين لتقوى الله فيما بينهم، بأن يتفقد بعضهم بعضا، حيث يتساوون في الجوع، فتذهب غفلة الشبعان عن الجائع، و يتذكّر الموسر حال المعسرين، و يتقي الله فيما يسأله عنهم من الأرحام كما قال تعالى: " واتقوا الله الذي تسآءلون به و الأرحام ".. فيحملهم التذكّر على الرأفة و الرحمة الدّاعيتين إلى البذل و الصدقة، لا سيما مع رقّة القلب و الإجتماع على سماع المواعظ، و الرغبة في مزيد الأجر و الثواب مما ينتعش به المجتمع و يزول بؤسه.. و منها تعليم الأمة النظام في المعيشة، إذ جميع الصائمين يفطرون في وقت واحد بلا تقديم و لا تأخير..[/font]
[font="]ثم إنّ في الصيام فائدة صحية عظيمة، صحة بدنية حسية و صحة روحية معنوية، فالصحة البدنية تتمثل في القضاء على المواد الراسبة في البدن، و لا سيما أبدان المترفين أولي النعمة و النهمة و قليلي الحركة و العمل.. فقد قال الدكتور "حكيم" : الصيام : يطهّر الأمعاء من فساد الدهنيات و السموم التي تفرزها التخمة، و يحول دون كثرة الشحم في الجوف، وهي شديدة الخطر على مرضى السكري و القلب.. و من الأقوال الطبية المتواترة في هذا المجال: صيام شهر في السنة يزيل الفضلات المتراكمة في البدن منذ سنة..[/font]
[font="]و في الصيام صحة القلوب و الأرواح و الأدمغة، الذي يحصل به حسن التفكير في كينونة الإنسان التي لا يملك مجاوزتها في هذه الأرض، و معرفة مركزه فيها، و وظيفته لربّ العالمين، و أنه إذا لم يستق المعلومات من ربّه، و يستلهم الهداية من وحيه، و يقوم بتنفيذ حكمه و تشريعه، فقد تنكّر لنعمته و إحسانه، و كفر به كفرا عمليا بدل الشكر الواجب عليه، و انسلخ من شرف جندية مولاه العزيز الرحيم إلى مخلوق مثله، يشغله بمذاهب و أنظمة مصطنعة مضطربة يضل بها عن سواء السبيل، و يسعى بإضلال غيره أيضا، ثم يشقى بها فترة من الزمن، و يشقى غيره بتطبيقها عليه، ثم ينتقل إلى غيرها مما تتنوع به ضلالته، و تزداد شقاوته، و من يدور معه في فلكه، فتكون حياته شرا عليه و على غيرهن ثم بعد مماته يكون ممن يحملون أوزارهم كاملة يوم القيامة، و أوزار الذين يضلونهم بغير علم..[/font]
[font="]هكذا يتفطّن الصائم فيصح تفكيره من تأثير الصيام الصحيح،يستنير بنور الله ، و يستجيب لنداءاته جل و علا، و يحقق طاعته له، رافضا الاستجابة لغيره أو طاعة سواه من ملاحدة الشرق و الغرب، الذين يدعون الفلسفة المتناقضة " و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ".
[/font] [font="] اللهمّ ارزقنا في شهر رمضان إخلاص النية، و الصدق في القول، و النزاهة في الرأي، و الاجتهاد في العمل، و أحفظنا يا ربّنا من إتّباع الأهواء، و جنّبنا مضلاّت الفتن.. [/font]
[font="] اللهمّ بلّغنا في شهر الصيام ليلة القدر، و اختم لنا بخاتمة الخير و السعادة و الفلاح.. اللهم إنّي أعوذ بك من منكرات الأخلاق، و الأعمال و الأهواء.. آمين.. و الحمد لله ربّ العالمين..[/font]
[font="][/font]
[font="] لم يعد لنا مزيد و غدا هناك جديد[/font]
[font="][/font]
[font="] الشيخ محمّد الشّاذلي شلبي[/font]
[font="] الإمام الخطيب[/font]
[font="][/font]
[font="] [/font][font="]الخطبة الأولى: أخلاق الصائم[/font][font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="]الحمد لله الذي هدانا إلى طرق العبادة.. و وعد الصّائمين الصادقين الحسنى و زيادة.. أحمده حمدا ناميا من إيمانا واضح نقيّ، ساميا إلى مقامه السامق العليّ.. ونتوجّه إليه بالشكر و الثناء، شكر الطّاهرين المؤمنين الصّالحين الأوفياء، القائمين بحدوده من المقرّبين و الأولياء..[/font]
[font="]و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، بها يكون للعبادة معناها.. و أشهد أنّ محمّدا عبدك و رسولك وحبيبك الذي اصطفيته من بين الخلائق مبلّغا أمينا، و أحللته مقاما رفيعا ومكينا.. اللهمّ فصلّ وسلّم و بارك عليه و على آله وصحبه، صلاة ترضيك و ترضيه، وتجمعنا إلى آله وحزبه، تسليما كثيرا ناميا مباركا و غزيرا..[/font]
[font="]أمّا بعد، في مثل هذه الفترة الزمنية من كلّ عام هجري، تستعدّ الأمّة المحمّدية لاستقبال شهر عظيم و ضيف كريم، شهر تتنزّل فيه البركات و تتضاعف فيه الحسنات، تفتح فيه أبواب الجنان و تغلق فيه أبواب النيران، شهر يوقظ النفوس من غفلتها و يزيل الأغطية من على قلوبها، و يغيّر من عاداتها و مألوفها.. [/font]
[font="]عباد الرحمان، هذا الشهر شهر القرآن و الغفران، شهر الصيام و التهجّد ينتظره المحبّون بلهفة وتحرّق، و يسرّوا بمقدمه كما يسرّون الأهل بعودة العائد من سفر طويل، لماذا لا يفرح المؤمن و قد سمع نداء ربّه يناديه: " كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصوم فإنّه لي وأنا أجزي به ".[/font][font="] رواه البخاري.[/font]
[font="]خفقت قلوبهم له بالحبّ، ولهجت ألسنتهم له بالشكر، و فاضت عيونهم له بالدّمع.. لماذا لا يسعد المؤمنون و قد ضمن لهم ربّهم غفرانا من الذنوب. فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه و سلم قال: " من صام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه ".[/font][font="]الشيخان.[/font]
[font="]لماذا لا ينعمون و قد أعدّ لهم ربّهم بابا خاصا بهم لا يدخله سواهم؟ قال عليه الصلاة و السلام: " في الجنّة ثمانية أبواب منها باب يسمّى الريّان لا يدخله إلاّ الصّائمون " [/font][font="]الشيخان.[/font]
[font="]لماذا لا يتحرّقون إلى لقائه و قد تطلّعوا إلى شفاعة صيامهم، قال من يصلّي عليه الحقّ تبارك و تعالى وملائكته: " الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام:أي ربّ إنّي منعته الطعام و الشهوات بالنهار فشفعني فيه، و يقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان ". [/font][font="]أحمد..[/font]
[font="]قد علمنا أيها الناس أنّ الله تبارك و تعالى، يفتح في شهر رمضان أبوابا و يغلق أخر، يفتح أبواب الجنّة و يغلق أبواب جهنّم، يفتح أبواب الرحمة، و يغلق أبواب العذاب، قال رسول الله صلى الله عليه و سلّم: " إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء " و في رواية:" فتحت أبواب الجنّة و غلّقت أبواب جهنّم و سلسلت الشياطين "،و في رواية: " فتحت أبواب الرحمة ".[/font][font="]أخرجه[/font][font="] [/font][font="]البخاري و مسلم.[/font]
[font="]إنّها الرحمة بعمومها، الرحمة بالغفران للذنوب، الرحمة باستجابة الدعاء، الرحمة بفيض عطاء الجود العاجل و الآجل، الرحمة بمنحة النعيم المقيم في الجنّة دار الثواب الأكبر..[/font]
[font="]لقد سمع الصائمون المنادي الذي أخبر عنه محمد صلى الله عليه و سلم حين قال: " إذا كان أوّل ليلة من شهر رمضان صفّدت الشياطين ومردة الجنّ و غلّقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، و فتحت أبواب الجنّة فلم يغلق منها باب، و ينادي مناد: يا باغي الخير أقبل و يا باغي الشرّ أقصر...و لله عتقاء من النار و ذلك كلّ ليلة ". [/font][font="]أخرجه الترمذي و ابن ماجه.[/font]
[font="]نعم.. يا باغي الخير أقبل و لا تتردّد، أقبل على المعروف، أقبل على الخير بجميع أنواعه و بشتّى وسائله..[/font]
[font="]إنّ الشهر القادم علينا، نفحة من نفحات الرحمان في دهرنا هذا، و من أفضل ما يتقرّب العبد به إلى ربّه تعالى هو حسن الخلق..[/font]
[font="]إنّ مكارم الأخلاق قوام بعثة النبيّ محمد صلى الله عليه و سلم حينما قال:"إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق " [/font][font="]أخرجه الإمام مالك في الموطأ..[/font]
[font="]فالرسالة التي خطّت مجراها في تاريخ الحياة، و انفتحت على مشارق الأرض و مغاربها و اتّبعها الناس من عربهم وعجمهم، و أسودهم و أبيضهم، لا تنشد أكثر من تدعيم فضائل الأخلاق، و إنارة آفاق الكمال أمام أعين الناس حتّى يسعوا على بصيرة..[/font]
[font="]" قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبعني ".[/font][font="]صدق الله العظيم[/font]
[font="]و العبادات بشتّى صورها، الصلاة و الصيام والحج و غيرها هي مدارج الكمال المنشود، و روافد التطهّر الذي يصون الحياة و يعلِي شأنها، فهي تلتقي عند الغاية التي رسمها الرسول صلى الله عليه و سلم في قوله: " إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق "..[/font]
[font="]قيل لعالم مسلم: هل قرأت أدب النفس لأرسطو؟ فقال بكلّ إيمان و تقوى و صدق: بل قرأت أدب النفس لمحمد بن عبد الله عليه الصلاة و السلام..[/font]
[font="]نعم إنّه أدب أمّة، و شعائر دين عظيم سار على هديه رجل كريم ثم تبعه جيل قويم، بهر العالم بأسره وملك الأرض بعهده، و لمّا ابتعدوا عنه، تكالبت عليهم الأمم وتناوشتهم الذئاب، إنّه الخلق العظيم " و إنّك لعلى خلق عظيم "..[/font]
[font="]و سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم: عن أكثر ما يدخل الناس الجنّة فقال: " تقوى الله و حسن الخلق " [/font][font="]أخرجه الترمذي في سننه.[/font]
[font="]و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خُلُقًا و خياركم خياركم لنسائهم ".[/font][font="] أخرجه الترمذي. [/font]
[font="]و قال عليه الصلاة و السلام: " إنّ المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ".[/font][font="]أخرجه أبو داود[/font][font="].. [/font][font="]إنّه توافق عجيب و تلازم رتيب، الخلق الحسن من أكثر ما يدخل الناس الجنّة، و الصيام من أكثر ما يعتق الله به الناس من النار و يدخلهم الجنّة..[/font]
[font="]و الخلق الحسن من العبادات التي ترتقي بالإنسان ليصل إلى ذروة الطهارة القلبية و النقاوة النفسية، و لعمري ماذا يفعل الصيام بالإنسان غير هذا[/font][font="] [/font][font="]؟..[/font]
[font="]إنّ الصيام و الأخلاق قرينان، و الصائم الحقّ المبتغي وجه الله تعالى، المؤمن بما عند الله من وافر الأجر و المثوبة، من أشدّ الناس مراعاة لحسن خلقه ومكارم أخلاقه و عاداته، و لربّما يُنفى عن المرء صفة الصيام إذا كان خلقه ينافي الصيام، فربّ صائم ليس له من صيامه سوى الجوع و العطش..[/font]
[font="]و من هذا المنطلق، سنحاول طيلة هذا الشهر المبارك ما كتب الله لنا أن نعيش، أن نحلّق في جولة أخلاقية بين رياض الإيمان نقطف من زهور الأخلاق و نجمع أشجار المعرفة في دوحة من الخير..[/font]
[font="]نسأل الله أن يوفقنا لما يحبّه و يرضاه و أن يبلّغنا رمضان كما بلّغنا شعبان..اللهم ارزقنا في شهر رمضان الجدّ و الاجتهاد و القوّة و النشاط..اللهم ارزقنا صيامه وقيامه و بلوغ الآمال فيه، و استكمال ما يرضيك عنا خيرا و احتسابا و إيمانا و يقينا، ثم تقبّل ذلك منا بالأضعاف الكثيرة و الأجر العظيم.. اللهم اجعل دعاءنا فيه إليك واصلا، و فضلك إلينا فيه نازلا..[/font]
[font="]اللهمّ صلّي على محمد نبيّ الرحمة المختار، و على آله الأكارم الأخيار، و صحابته الأعلام الأبرار ومن تبعهم بتقوى و إحسان إلى يوم اليقين و القرار.. آمين يا ربّ العالمين.. [/font]
[font="] [/font]
[font="]أقول ما تسمعون فإن كان حسن فمن الله وحده، و إن كان غير ذلك فمن الشيطان و من نفسي، و استغفر الله العظيم لي و لكم فاستغفروه و توبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم و لا حول و لا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم..[/font]
[font="] لم يعد لنا مزيد و غدا هناك جديد..
[/font]
[font="]
[/font]
[font="] [/font]
[font="] الشيخ محمّد الشاذلي شلبي [/font]
[font="] الإمام الخطيب[/font]
[font="] جامع الإمام محمّد الفاضل ابن عاشور[/font]
[font="] بالزّهور الرّابع - تونس [/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="] الخطبة الأولى: أخلاق الصّائم (2)[/font][font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="]الحمد لله الذي هدانا لطرق العبادة، و وعد الصّائمين الصادقين الحسنى وزيادة.. أحمده أن شرّفنا بإتّباع سيّد الكائنات، و شرع لنا من الدين ما فيه صلاحُ المعاش و المعاد.. و أشكره تعالى على نعمه الوافرة، و آلائه المتكاثرة، شكر المؤمنين الطاهرين الصالحين الأوفياء، القائمين بحدوده من المقرّبين و الأولياء.. [/font]
[font="]و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، بها يكون للعبادة معناها، و ينبلج نورها و يلمع سناها، ثبّت الله عليها اللسان و الفؤاد، عند النزع و يوم ينادي المناد..[/font]
[font="]و أشهد أنّ سيّدنا محمدا عبدك و رسولك، وحبيبك الذي اصطفيته من بين الخلائق مبلّغا أمينا، و أحللته مكانا رفيعا و مكينا.. اللهم فصلّ و سلّم و بارك على سيّدنا محمد الصائم القائم، و على آله و أصحابه الأكارم و أولي المكارم، ما تعاقب الجديدان أو تكرّرت المواسم، و على التابعين لهم بإحسان في الأقوال و الأفعال و الإعتقاد.. [/font]
[font="]أمّا بعد، فقد استلهمنا الجمعة الماضية من مدرسة محمّد صلى الله عليه و سلم، قسم الصيام، أخلاق المسلم الصائم، و أخلاق الصائم أربعة : الأخلاق القلبية، الأخلاق القولية، الأخلاق العملية و الأخلاق التربوية.. و بعد أن تعرّفنا على الفصل الأول من الأخلاق القلبية وهو الخوف من الله و مراقبة النفس، نتوقف اليوم عند أهم فصل من أخلاق الصائم على الإطلاق، وهو الصبر باعتبار أنّه نصف الإيمان، فلا عبادة بدون صبر..[/font]
[font="]و كما أنّ الصيام طريق التقوى و المراقبة، فإنّه أيضا مضمار للتربّي على خلق الصبر، وهو خلق يتخلّق به الصائم، يصبر عن الطعام و الشراب و كلّ ما يفطر من المفطرات، لا يلين أمام هذه الشهوات بل تقوى إرادته وتنمو عزيمته، فيصبر على طاعة الله تعالى و اجتناب ما نهى عنه : " و بشّر الصابرين "..[/font]
[font="]و لقد اختُصّ رمضان بأنّه شهر الصبر لما فيه من حبس النفس عن شهواتها خلال شهر كامل.. و كأنّ المسلم قد التحق بدورة تدريبية في كيفية الصبر، يتخرّج بعدها و قد حصل على شهادة الصبر من مدرسة شهر رمضان..[/font]
[font="]و الصبر ضرورة حياتية لكل عمل سواء كان دنيويا أم أخرويا.. و لهذا احتاج كل عامل في هذه الحياة الدنيا إلى خلق الصبر، إذ به تسير حياته بصورة مطمئنّة واثقة، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " عجبا لأمر المؤمن إنّ أمره كلّه له خير و ليس ذلك لأحد إلاّ المؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له، و إن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له ". [/font][font="]أخرجه مسلم في صحيحه..[/font]
[font="]و الصبر من عناصر الرجولة الناضجة، فإنّ أثقال الحياة لا يطيقها المهازيل، و أعباء الرسالة المحمّدية لا يطيقها الضعاف، و لا يؤدّي حقّها المتهالكون، إنّما يرفع شأنها و يعلي كلمتها الأبطال الصابرون..[/font]
[font="]و الصائم صابر لله و بالله و في الله و مع الله تبارك وتعالى، فلا يتأفّف من طول وقت النهار، و لا يضجر من شدّة الجوع، بل تجده صابرا محتسبا يتقبّل الصيام بنفس رضية، مهيمن على نفسه و مالك لزمامها، فهو الذي يسعد بالصيام و يفرح بالعبادة مهما كانت شاقة و قاسية، لأنّه عرف محبوبه و امتلأ قلبه بنوره..[/font]
[font="]عباد الرحمان، ما دمنا نحلّق و نتنقّل في جولة أخلاقية بين مختلف أقسام مدرسة محمد، بل قل جامعة محمد صلى الله عليه و سلم، فلنقطف من زهور الأخلاق ونجمع من هذه الجامعة أشجار المعرفة في دوحة من الخير و الإيمان.. و اعلموا أنّ الورع لا يقلّ قيمة عن الصبر، بل يلتقي معه في مسلك واحد، و إن كان الصبر يعطي للنفس القوة على الثبات، فإنّ الورع يطهّر دنس القلب ممّا علّق به من أدران الحياة الدنيا و زينتها، وهو أوّل طريق إلى الزهد، فقّهه أبو الدرداء رضي الله عنه فقال: " تمام التقوى أن يتّقي العبد الله حتّى يتّقيه في مثقال ذرّة حيث يترك بعض ما يرى أنّه حلال خشية أن يكون حراما "..[/font]
[font="]فلا تحقرنّ شيئا من الشرّ أن تتّقيه، و لا شيئا من الخير أن تفعله. و الصيام ليس عبارة عن عبادة شكلية مجرّدة، هي ترك الطعام و الشراب [/font]!!![font="] [/font][font="]لا، و إنّما الصيام عبادة كاملة تامة قلبا و قالبا، شكلا و مضمونا، فشكلها و قالبها هو ترك المفطرات الحسّية المادية كالأكل و الشرب، و مضمونها و معناها هو القدرة على التخلّص من كل ما يغضب الله تعالى، و الابتعاد عن كلّ ما يخدش الصيام، و الابتعاد عن كلّ ما نهى عنه الحقّ تبارك و تعالى، سواء في شهر رمضان أو في غير شهر رمضان، و استمع إلى الإرشاد النبوي حول هذا المعنى عندما قال صلى الله عليه وسلم: " كم من صائم ليس له من صيامه إلاّ الظمأ وكم من قائم ليس له من قيامه إلاّ السهر ".[/font][font="]أخرجه الدارمي بإسناد جيّد[/font][font="] .. [/font]
[font="]و عليه فلا يتوقّف قبول العبادة على الشكل الخارجي و المظهر العام، إنّما توجد هناك أمور معنوية تكمل ذلك بعد الصبر، من إخلاص و تقوى و ورع، و لهذا فالصائم تراه بعيدا كل البعد عن المحرّمات، بل يترك كثيرا من المباحات حرصا على صيانة نفسه من الوقوع في الحرام، و لا سيما إذا كان ذلك المباح متردّدا بين الحلال و الحرام، قال تعالى:" يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي حلقكم و الذين من قبلكم لعلّكم تتّقون ".فهي الغاية من العبادات جميعا..[/font]
[font="]أقول ما تسمعون و استغفر الله لي و لكم فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم..[/font]
[font="] [/font]
[font="] الشيخ محمد الشاذلي شلبي [/font]
[font="] الإمام الخطيب[/font]
[font="] جامع الإمام محمّد الفاضل ابن عاشور[/font]
[font="] بالزّهور الرّابع - تونس [/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]الخطبة الثانية: الأخلاق القلبية للصّائم[/font]
[font="] [/font]
[font="]الحمد لله المحمود على كلّ حال، المعبود بالغدوّ و الآصال، وفّق للخير من اصطفاه من النساء و الرجال، و تعبّدنا بالصيام و القيام وزكاة المال، وجعل الجنّة للقادمين عليه بصالح الأعمال، و النار لأهل الزيغ و الضّلال، الذين لا يعرفون الله و لا يعبدونه و لا يقابلون أوامره بالامتثال، فلا يستجيبون داعي الله في رمضان و لا شوّال.. " و من لا يُجِبْ داعيَ اللهِ فليس بمعجز في الأرض و ليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين ".[/font]
[font="]و نشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، أمر بالخير و لا تنفعُهُ طاعةُ المتعبّدين، و نهى عن الشرّ و لا تضُرُّهُ معصيةُ المقصّرين و لا الجاحدين..[/font]
[font="]ونشهد أنّ سيّدنا محمّدا عبده و رسوله الناصح الأمين القائل صلى الله عليه و سلم:" من صام رمضان و قامه إيمانا و احتسابا غُفر له ما تقدّم من ذنبه.." و الذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سُبُلَنا و إنّ اللهَ لمع المحسنين " اللهمّ فصلّ و سلّم على سيّدنا محمد المُنْزَلِ عليه من ربّ العالمين، " و اتّقوا الله واعلموا أنّكم ملاقُوهُ و بشّر المؤمنين " صلى الله وسلّم عليه و على آله الطّاهرين و صحابته الميامين و على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين..[/font]
٭[font="] أيها الناس، أوّل روضة من رياض الأخلاق القلبية: المراقبة الذاتية و الخوف من الله.. فالصيام طريق إلى تقوى الله تعالى و استشعار لمراقبة الله عزّ و جلّ في السرّ قبل العلن، فالمؤمن يجعل الله تبارك وتعالى أمام عينيه و إن لم يكن يراه، و الإحسان: " أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك "..[/font][font="]أخرجه مسلم..[/font]
[font="]فيدع الصّائم الطّعام و الشراب من أجل الله تعالى لا سواه، لا يردعه عن ذلك إلاّ خوفه من الله ومراقبته، فالصيام يربّي المؤمن على مراقبة نفسه بنفسه، و صدق تعامله مع ربّه و لو خلا مع نفسه، أو لم يشاهده أحد من الناس، و أعمال البرّ كلّها على وجهين: سرّ و علانية.. فمن لم يقدر على تصحيح السرّ فيما يعمل من السرّ، كان للتصحيح فيما يعمل من العلانية أبعد، فهو مضمار لتربية النفس، و خلق يتخلّق به المؤمن الصائم..[/font]
[font="]و لنتأمل في قوله تبارك وتعالى: " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلّكم..." نعم.. لعلّكم تتّقون، فحقيقة المراقبة و الخوف من الله عزّ و جلّ تتجلّى في هذه العبادة، فالطّاعة في الصيام طاعة سلبية، طاعة إمساك عن تلبية حاجيات الجسد و طلبات النفس، بخلاف الطاعة التي يقوم فيها الإنسان بأعمال إيجابية يراها الناس كالصلاة و الحجّ و الزكاة و غيرها.. فالصلاة قد يؤديها الإنسان كاملة وهو يرائي بها الناس، و كذلك الحجّ، لكن الصيام لا يعمله الصائم كاملا وهو يرائي به الناس، لأنّه يستطيع إذا خلا مع نفسه أن ينقض صيامه، وهنا يتجلّى عنصر مراقبة النفس بالنفس و محاسبة النفس للنفس..[/font]
[font="]و من روائع شعر الإمام الشافعي رحمه الله :[/font]
[font="] إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلـوت و لكن قـل عليّ رقيــب[/font]
[font="] فلا تحسبنّ الله يغفل ســاعة و أنّ ما يخفى على الناس عنه يغيب[/font]
[font="]وهي وصية خير المتّقين محمد صلى الله عليه و سلّم حينما قال: " اتّق الله حيث ما كنت وأتبع السّيئة الحسنة تمحها و خالق الناس بخلق حسن "..[/font][font="]أخرجه الترمذي..[/font]
[font="]الخوف من الله و مراقبته حيثما كنت و أينما كنت، الدّافع في ذلك هو استشعارك لمعنى الإحسان و الخوف من الله تبارك و تعالى، و يقول أبو عبد الله الأندلسي:[/font]
[font="] و إذا خلوت بريبة في ظلمــة و النفس داعيــة إلى الطّغيــان[/font]
[font="] فاستحي من نظر الإله و قــل لها إنّ الذي خلق الظّلام يـــران[/font]
[font="]و لهذا فمن أوضح العبادات و أجلّها التي تربّي المؤمن على خلق المراقبة هي الصيام، و صدق الحقّ تبارك و تعالى إذ قال: " لعلّكم تتّقون "..[/font]
[font="]أخي في الله، أعمل هذا العام على أن يكون الصيام أكثر من أي وقت مضى، سرّ بينك و بين الله تبارك وتعالى، لا يطّلع على صيامك إلاّ الله،، و لا يعلم أنك صائم إلاّ الله،، بإمكانك أن تأكل وراء الجدران، و أن تشرب وراء الحيطان، و لكن من الذي يعلم السرّ و أخفى إلاّ الله،، من الذي يعلم أنّك أكلت أو شربت أو تمتّعت إلاّ الله؟ هو ربّ الظلام و ربّ الضياء..[/font]
[font="]فجدّوا عباد الله في طاعة الله و لا تقصّروا واذكروا الله قياما و قعودا و على جنوبكم و في ملكوت الله تفكّروا، و إذا دُعيتم إلى الخير فلبّوا و بادروا، و صوموا نهار رمضان و قوموا لياليه و اتلوا كتاب الله و تدبّروا.. و ادعوا الله في السرّ و العلن.. و اعلموا أنّ يوم الجمعة فيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن مسلم يسأل الله فيها خيرا إلاّ أعطاه إياه،، فارفعوا أيديكم و تضرّعوا و أمّنوا فإنّي داع..[/font]
[font="].. اللهمّ ارزقنا لذّة النظر إلى وجهك الكريم، و الشوق إلى لقائك.. اللهمّ فصلّ و سلّم و بارك على سيّدنا محمد نور شمس العرفان، و مهبط أسرار القرآن، المنقذ العظيم و المرشد الحكيم و خير داع إلى الصراط المستقيم،، و على آله الأطهار و صحابته الأبرار ومن تبعهم بإحسان و تقوى إلى يوم القرار،، و عنّا و معهم و فيهم برحمتك يا عزيز يا جبّار،، اللهمّ يا أكرم مسؤول اكتب لصالح أعمالنا الرضا و القبول،، اللهمّ وال علينا فيض جودك و كرمك و فضلك و أكرمنا في الدّارين.. [/font]
[font="]اللهمّ أعزّ الإسلام والمسلمين،، اللهمّ أنصر الإسلام و أنصاره و أذلّ الشرك و أصهاره،، اللهمّ أنصر جيوش الموحّدين في العراق وأفغانستان و فلسطين،، اللهمّ أعد المسجد الأقصى إلى رحاب المسلمين و ارزقنا فيه صلاة قبل الممات يا أرحم الراحمين يا رب العالمين ..[/font]
[font="]اللهمّ بلّغنا رمضان كما بلّغتنا رجب و شعبان،، اللهمّ أعد علينا رمضان مرّات عديدة و كرّات مديدة،، اللهمّ افتح لنا شهر رمضان برضوانك و أجرنا فيه من عقابك و نيرانك وجد علينا بفضلك و رحمتك ومغفرتك و امتنانك، وهب لنا ما وهبته فيه لأنبيائك و أنصارك،، اللهمّ اكتبنا في سابق علمك و على مرادك ممّن صاموا شهرك و ختموا قرآنك يرجون رحمتك و يخافون عذابك،، اللهمّ أعطنا ولا تحرمنا و أكرمنا ولا تهنّا، و اجعل كتابك شفيعا لنا يا أرحم الراحمين..[/font]
[font="]اللهمّ أجرنا من النار.. اللهمّ أعتقنا و أعتق رقاب أبائنا و أمّهاتنا و ذرّيتنا من النار.. اللهم تقبّل توبتنا و اغسل حوبتنا و ثبّت حجّتنا و سدّد ألسنتنا.. اللهمّ طهّر قلوبنا من النفاق، و أعمالنا من الرياء و ألسنتنا من الكذب و أعيننا من الخيانة إنّك تعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور.. [/font]
[font="]اللهمّ هذا الدعاء، وهذه المناجات، وهذه الصلوات، وهذه العبارات و هذا البكاء، فارحمنا رحمة واسعة من عندك يا ربّ.. أبكنا من خشيتك يا ربّ.. أذقنا حلاوة القرب منك يا ربّ.. اللهم إنّا ندعوك دعاء المساكين و نرجوك رجاء الخائفين، رجاء من كثرت ذنوبه و قلّت حسناته و ألجمته خطاياه، و لم يجد إلاّ أنت راحما.. و لم يجد إلاّ أنت ناصرا.. يا واسع المغفرة.. يا واسع الفضل.. لا إله إلاّ أنت بها نحيا و بها نموت و بها نلقاك.. آمين،، آمين يا ربّ العالمين و صلّ و سلم على سيد الأولين و الآخرين محمد بن عبد الله و على آله و صحبه و التابعين..[/font]
[font="]عباد الله إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلّكم تذكّرون،، اذكروا الله يذكركم و اشكروه على نعمه يزدكم و لذكر الله أكبر و الله يعلم ما تصنعون..[/font]
[font="][/font]
[font="] لم يعد لنا مزيد و غدا هناك جديد..
[/font]
[font="] [/font]
[font="] الشيخ محمد الشاذلي شلبي [/font]
[font="] الإمام الخطيب[/font]
[font="] جامع الإمام محمّد الفاضل ابن عاشور[/font]
[font="] بالزّهور الرّابع - تونس [/font][font="] [/font][font="] [/font]
[font="] [/font][font="] [/font]
[font="] بسم الله الرحمان الرحيم[/font]
[font="] دروس شهر رمــضان[/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="]الدرس الأوّل:[/font][font="] [/font]
[font="]علّمني رمضان في ظلّ العقيدة أنّه لا خير و لا أفضل و لا أجمل من كلمة طيّبة..[/font]
[font="]الحمد لله الواحد الأحد، تعالى سبحانه عن الشريك و الصاحبة و الولد. نحمده و نستعينه و نستغفره و نتوب إليه، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، و أشهد أنّ سيدنا محمّدا عبده و رسوله، أرسله الله رحمة للعالمين فشرح به الصدور و أنار به العقول، و فتح به أعينا عميا و آذانا صمّا و قلوبا غلفا.. اللهم أجزه عنّا أفضل ما جازيت نبيا عن أمّته، و أعلي على جميع الدرجات درجته و احشرنا تحت لوائه و زمرته و أوردنا حوضه في الآخرة..[/font]
[font="]اللهم لا تجعل لقلوبنا في الدنيا حوضا ترده إلاّ كتابك و سنّة رسولك صلى الله عليه و سلم أفضل صلاة و أتمّ سلام و أكمله و أعلاه..[/font]
[font="]اللهمّ حبّب إلينا الإيمان و زيّنه في قلوبنا و كرّه إلينا الكفر و الفسوق و العصيان و اجعلنا من الراشدين..[/font]
[font="]اللهمّ و بغّض إلى قلوبنا البدعة و المبتدعين، و أرنا الحقّ حقّا و الباطل باطلا و وفقنا لإتّباع الحقّ و العمل به و الدعوة إليه و الصبر على الأذى فيه ابتغاء وجهك و طلب مرضاتك.[/font]
[font="]" ربّنا إنّنا سمعنا مناديا ينادي إلى الإيمان أن آمنوا بربّكم فآمنّا ربّنا فاغفر لنا ذنوبنا و كفّر عنّا سيّئاتنا و توفّنا مع الأبرار[/font]٭[font="] ربّنا و آتنا ما وعدتنا على رسلك و لا تخزنا يوم القيامة إنّك لا تخلف الميعاد ".[/font]
[font="]" يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا الله و قولوا قولا سديدا [/font]٭[font="] يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما[/font][font="] ".[/font]
[font="]السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته،[/font]
[font="] أحبّتي في الله، بدءا أسأل الله تعالى أن يجعل هذه الدّروس لي و لكم ذخرا ليوم تتقلّب فيه القلوب و الأبصار.. و أسأله أن يجعلها من صالحات الأعمال و خالصات الآثار و باقيات الحسنات إلى آخر الأعمار.. [font="]" ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيّبة كشجرة طيّبة أصلها ثابت و فرعها في السماء [/font]٭[font="] تؤتي أُكُلَهَا كلّ حينٍ بإذن ربّها و يضرب الله الأمثال للنّاس لعلّهم يتذكّرون ".[/font][/font]
[font="] أيها الناس: البرّ شيء هيّن، وجه طليق و كلام ليّن..[/font]
[font="] ها هو أعرابيٌّ كما يُروى يدخل على رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو بين أصحابه، فيمسكه بتلابيبه و يهزّه و يقول: أعطني من مال الله الذي أعطاك لا من مال أبيك و لا من مال أمّك.. فيقوم صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم يريدون أن يؤدّبوا من يعتدي على شخص محمّد صلى الله عليه و سلم، فيقول عليه الصلاة و السلام: " على رسلكم المال مال الله، أو كما قال صلى الله عليه و سلم. ثمّ يأخذ هذا الأعرابيّ يداعبه و يلاطفه، و يذهب به إلى بيته صلى الله عليه و سلم فيقول: " خذ ما شئت و دع ما شئت ". لكن ماذا يأخذ من بيت محمّد صلى الله عليه و سلم ؟.. [/font]
[font="]بيت لا توقد فيه النار شهرين و لا ثلاثة أشهر..[/font]
[font="]بيت لم يشبع أهله من خبز الشعير، و لم يشبع من دقل التمر و رديء التمر..[/font]
[font="]بيت يأتي السّائل يسأل فلا يوجد يوم من الأيام في بيته إلاّ عنبة، و في يوم من الأيام لا يوجد في بيته صلى الله عليه و سلم، سوى تمرة واحدة، لكنّه خيرُ بيتٍ وجد على ظهر الأرض بأبي و أمي صاحب ذاك البيت صلى الله عليه و سلم..[/font]
[font="] ما ملك الأعرابي إلاّ أن قال: أحسنت و جزاك الله من أهلٍ و عشيرةٍ خيرا.. فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " إنّ أصحابي قد وجدوا عليك، أو كما قال " فأخرج إليهم و قل لهم ما قلت لي الآن "، فخرج و جاء إليهم فقال صلى الله عليه و سلم: " هل أحسنت إليك يا أعرابي؟ قال: نعم و جزاك الله من أهلٍ و عشيرةٍ خيرا، أشهد أن لا إله إلاّ الله و أشهد أنّك رسول الله. فقال صلى الله عليه و سلم: " إنّما مثلي و مثلكم و مثل هذا الأعرابي كرجل كانت له دابة، فنفرت منه فذهب يطاردها، فجاء الناس كلّهم وراءه يطاردون فما ازدادت الدابة إلاّ نفارا و شردا، فقال دعوني و دابتي أنا أعلم بدابتي، فأخذ من خشاش الأرض و لوّح به لهذه الدابة فما كانت منها إلاّ أن انساقت إليه و جاءت إليه فأمسك بها، أما إنّي لو تركتكم على هذا الأعرابي لضربتموه فأوجعتموه فذهب من عندكم على كفره فمات فدخل النار ".[/font]
[font="] " و ما يلقّاها إلاّ الذين صبروا و ما يلقّاها إلاّ ذو حظٍّ عظيم ".[/font]
[font="] المؤمن الحقّ كالشجرة المثمرة كلّما رُجمت بالحجارة أسقطت ثمرا طيّبا.. فيا له من قمّة و يا لها من مثل..[/font]
[font="] هاهو يهودي معه كلب، و اليهود لطالما استفزّوا المسلمين يريدون أن يوقعوهم في شركهم يمرُّ على إبراهيم بن أدهم – عليه رحمة الله – ذلكم المؤمن العادل الثقة فيقول له: ألحيتك يا إبراهيم أطهر من ذنب هذا الكلب، أم ذنب الكلب أطهر من لحيتك ؟.. فما كان منه إلاّ أن قال بهدوء المؤمن الواثق بموعود الله تبارك و تعالى:[/font]
[font="]" إن كانت في الجنّة لهي أطهرُ من ذنب كلبك، و إن كانت في النار لذنب كلبك أطهر منها ". فما ملك هذا اليهودي إلاّ أن قال: أشهد أن لا إله إلاّ الله، و أشهد أنّ محمّدا رسول الله، و الله ما هذه إلاّ أخلاق الأنبياء..[/font]
[font="]" [font="][/font][font="][/font][font="]و لا تستوي الحسنة و لا السيّئة ادفع بالّتي هي أحسن فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنّه وليٌّ حميم [/font]٭[font="] و ما يلقّاها إلاّ الذين صبروا و ما يلقّاها إلاّ ذو حظّ عظيم [/font][font="]".[/font][/font]
[font="]أقول هذا لعموم الناس، أمّا نحن الدعاة، ليس لنا أن ننزل عن مستوى دعوتنا إلى التراشق برديء الكلام..[/font]
[font="]ليس لنا أن ننزل إلى سفاسف الأمور و لو حاول غيرنا جرّنا إلى هذه الأمور.. يكن تحرّكنا ذاتيا، فلا يحرّكنا غيرنا لأن لا نستجر إلى المعارك وهمية خاسرة و لا شكّ، ثمّ علينا أن لا نغضب لأنفسنا بل علينا أن نسمو بأنفسنا عن كلّ بذيءٍ و عن كلّ ساقطٍ..[/font]
[font="] لو كلّ كلب عوى ألقمتـه حجرا لأصبح الصخـر مثقـالا بدينـار[/font]
[font="] و من عاتب الجهّال أتعب نفسه و من لام من لا يعرف اللّوم أفسد[/font]
[font="] [/font]
[font="]ليس معنى ذلك أن نستسلم فلا ندافع، لكن المدافعة أحيانا يا أيّها الأحبّة تكون بالسكوت..[/font]
[font="]و المدافعة أحيانا تكون بالاختفاء..[/font]
[font="]و المدافعة أحيانا تكون بالإعراض عن الجاهلين..[/font]
[font="]في يوم أحد و ما أدراكم من يوم أحد، يوم أصاب المسلمين ما أصابهم، نادى أبو سفيان، و لا يزال مشركا رضي الله عنه و أرضاه، قال: هل فيكم محمّد ؟..[/font]
[font="]فلم يردّ عليه صلى الله عليه و سلم، و لم يأمر أحد بالردّ..[/font]
[font="]هل فيكم أبو بكر، هل فيكم عمر ؟..[/font]
[font="]فلم يجبه أحد مع أنّ الجواب قد كان أغيظ له، لكن الموقف كان يستلزم السكوت من باب قول القائل:[/font]
[font="] إذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السُّكُوتُ[/font]
[font="] فإن كلّمته فرّجت عنــه و إن خلّيته كمدا يمـوتُ[/font]
[font="]و من باب قول الآخر:[/font]
[font="] و الصمت عن جاهلٍ أو أحمقٍ شرفُ [/font]
[font="] و فيه أيضا لصون العرض إصلاحُ[/font]
[font="] أما ترى الأسدَ تخشـى وهي صامتة[/font]
[font="] و الكلبُ يخزي لعمرُ اللهِ نبـــاحُ[/font]
[font="] و هاهو الإمام أحمد عليه رحمة الله في مجلسه و بين تلاميذه، و يأتي سفيهُ من السفهاء، فيسبّه و يشتمه و يقذفه بالسبّ و الشتم، فيقول له طلاّبه و تلاميذه: يا أبا عبد الله رد على هذا السفيه، قال لا و الله فأين القرآن إذا. يقول الحقّ تبارك و تعالى: " و عبادُ الرحمانِ الذين يمشون على الأرض هونا و إذا خاطبهُمُ الجاهلون قالوا سلاما ".[/font]
[font="] إذا سبّـَني نذلٌ تزايـدتُ رفعةً و ما العيبُ إلاّ أن أكون مُسابِبُهُ[/font]
[font="] ولو لم تكن نفسي عليّ عزيزةً لمكّنْتُهَا من كُلِّ نـذْلٍ تُحارِبـُهُ[/font]
[font="] هاهو مصعب ابن عمير رضي الله عنه سفير الدعوة الأولُ إلى المدينة المنوّرة، يأتيه أسيد ابن خضيرٍ بحربته وهو لا يزال مشركا، فيقول لمصعب: ما الذي جاء بك إلينا تُسَفِّهُ أحلامنا و تشتم آلهتنا و تضيع ضعفائنا ؟.. اعتزلنا إن كنت في حاجة إلى نفسك و إلاّ فاعتبر نفسك مقتولا.. فما كان من مصعب بهدوء المؤمن الواثق بموعود الله و بنصر الله لهذه الدعوة، إلاّ أن قال له في كلمات هادئة: أو تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرنا قبلته، و إن كرهته كففنا عنك ما تكره.. قال: لقد أنصفت.. و كان عاقلا لبيبا، فكلّمه مصعب رضي الله عنه عن الإسلام و قرأ عليه القرآن فتهلّل وجهه و برقت أساريرُ وجهه و قال: كيف تصنعون إذا أردتم الدخول في هذا الدين ؟.. جاء ليقتله و الآن يريد أن ينهل من ما نهل منه مصعب..قال: اغتسل و تطهّر و أشهدْ أن لا إله إلاّ الله و أنّ محمّدا رسول الله صلى الله عليه و سلم..[/font]
[font="] أسلم الرجل و في نفس الوقت أصبح داعية، و قال: إنّ ورائي رجلا إن اتّبعكم لم يتخلّف عنه أحد من قومه هو سعد ابن معاذ.. و ذهب إلى هذا الرجل و استفزّه بكلمات معيّنة فجاء هذا يركض إلى مصعب و يقول: إمّا أن تكفّ عنّا و إمّا أن نقتلك.. قال: أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمرنا قبلته و إن لم ترضه كففنا عنك ما تكره، فجلس.. فقام يخبره عن الإسلام و يبيّن له هذا الدين فما كان منه إلاّ أن استهلّ وجهه و برقت أسارير وجهه و قال: كيف يفعل من يريد الدخول في هذا الدين ؟.. قالوا: اغتسل و تطهّر و أشهد أن لا إله إلاّ الله و أنّ محمّدا رسول الله صلى الله عليه و سلم.. ففعل، ثم خرج من توّه داعية إلى قومه، فذهب إلى بني عند الأشهل و قال: كيف تعلمون أمري فيكم ؟.. قالوا: سيّدنا و أفضلنا رأي و خيّرنا و أيمننا.. قال: فإنّ كلامكم عليّ حرام، رجالكم و النساء حتّى تأمنوا بالله الذي لا إله إلاّ هو و تصدّقوا برسالة محمّد صلّى الله عليه و سلّم..[/font]
[font="]يقول: فلم يبقى رجل و لا امرأة في تلك الليلة إلاّ مسلم أو مسلمة..[/font]
[font="]فلا إله إلاّ الله الكلمة الطيّبة، الإحسان،، الإحسان،، و الله يحبّ المحسنين.. [/font]
[font="] أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم لطالما ما ملك الإنسان إحسان[/font]
[font="] اللهم إنّا نسألك في هذه الساعة المباركة باسمك الأعظم الذي إذا سألت به أعطيت، و إذا استرحمت به رحمت، و إذا استفرجت به فرجت، أن تجيرنا من النار، و أن ترزقنا ألسنة ذاكرة، و قلوبا خاشعة، و أعينا مدرارة، و إيمانا نجد حلاوته يوم أن نلقاك..[/font]
[font="] نسأل الله العظيم ربّ العرش العظيم أن يتوفّنا مسلمين و أن يلحقنا بالصالحين، و أن يجعلنا من عباده المتّقين الفائزين..[/font]
[font="] اللهم و اجعل ما قلناه خالصا لوجهك الكريم بمنّك و كرمك يا أكرم الأكرمين.. و صلّ و سلّم و بارك اللهم على سيّدنا محمّد النبيّ المصطفى الأمين، و على آله الطّاهرين الطيّبين، و صحابته الأبرار الميامين، و على من تبع نهجهم و تقواهم بإحسان إلى يوم القرار و اليقين..[/font]
[font="] [/font]
[font="]لم يعد لنا مزيد و غدا هناك جديد..[/font]
[font="] [/font]
[font="] الشيخ محمد الشاذلي شلبي [/font]
[font="] الإمام الخطيب[/font]
[font="] جامع الإمام محمّد الفاضل ابن عاشور[/font]
[font="] [/font][font="]بالزّهور الرّابع - تونس[/font][font="] [/font][font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="] [/font][font="] [/font]
حاطب خير
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ها أنا أعود - بعد انقطاع طويل -. . والعود أحمد
وأعتذر للأخ أبي عبد الرحمن الذي أحسن الظن بأخيه وأقول :
عفا الله عنك لقد استسمنت ذا ورم
إخواني
المؤمن ضعيف بنفسه قوي بإخوانه والمتأمل في واقع بعض المساجد يجد أن هناك تقصيرا كبيرا في العمل الخيري فالإمام لا يستطيع أن يقوم بكثير من المقترحات وحده , ولو تكلف ذلك فإنه حتما سيتعب وربما توقف تماما عن العمل
لدي اقتراح واحد :
أن يقوم الإمام باختيار مجموعة من جماعة المسجد ويتفق معهم على الاجتماع في كل شهر مرة واحدة ويتناقش معهم في المناشط الدعوية وغيرها ويختار لكل منشط شخصا مناسبا يتولى إدارة ذلك المنشط ويكون دور الإمام الإشراف العام والمتابعة لأداء الإخوة من خلال الاجتماعات المتتالية
ولا شك أن في توزيع العمل من الفوائد الشيء الكثير منها التخفيف عن الإمام وإشراك جماعة المسجد في العمل الخيري وسهولة المتابعة والتقييم والتطوير
تعديل التعليق