لكي نُمطر ! ! !

مريزيق بن فليح السواط
1433/03/27 - 2012/02/19 18:33PM
الحمد الله الغني الحميد، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له يُنزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته، وهو الولي الحميد، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، بعثه الله رحمة للعالمين، وحجة على الخلائق أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أولي الفضل المزيد.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وأخلصوا له العبادة ووحدوه، وتوبوا إليه واستغفروه.
أيها المسلمون:
لقد أوضحَ اللهُ سبيلَ الخيرِ والفلاح، وطريقَ الفوزِ والنجاح، ونصبَ عليه الدلائل الواضحات، والحججَ البينات، ورتبَ لمن سار على طريقه، واتّبَع سبيله، سعادةَ الدنيا والاخرة، والفوزَ في الفانية والباقية، وقدرَ بحكمتهِ البالغة، وعلمه المحيط، سنناً ثابتةً لاتتغير ولا تتبدل، يبتلي بها عباده ليمييز بها الصادق من الكاذب، والبر من الفاجر قال تعالى: "آلم* أحسبَ الناسُ أن يقولوا أمنا وهم لايفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين" وقال تعالى: "وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون" والحسنات هي: النعم من الأمن والصحة ، والرخاء والعزة، والسيئات هي: المصائب من مرض، وقحط، وفقر، وتسلط الاعداء، يبتلي الله بها عباده لكي يرجعوا إليه، ويسارعوا في طاعته، ويبادروا إلى التوبة، ويقلعوا عن المعصية قال تعالى: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون" قال ابن عباس: الفساد هو: القحط وقلة النبات وذهاب
البركة، وقال أبو العالية: من عصى الله في الأرض فقد أفسد فيها، لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة الله. قال تعالى: "ولو أن أهل القرى أمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون".
عباد الله :
هذه الحسنات من الامن، والصحة، ورغد العيش، وسعة الرزق عرفناها ، وذقنا طعمها ، وعشناها أكثر سنين حياتنا، فلله الحمد والمنة، أما السيئات والفواجع والكوارث فقد حمى الله بلادنا منها، وصرف عنا كثيراً من شرورها، وأن بدت بعض ظواهرها تلوح في أُفقنا، وتنزلُ قريبا من دارنا، وهو مايحتم علينا محاسبة أنفسنا، والعودة إلى ربنا، واللجوء إلى مولانا قال تعالى: "وضرب الله مثلا قرية كانت أمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون" أختصر الله العقوبةَ المدمرة، والنهاية الموجعة، في كلمتين أثنتين "فأذاقها الله لباس الجوع والخوف" في طرفة عين، ولمحة بصر، جوعٌ يُذهبُ العقول، وخوفٌ يزلزل القلوب، كل ذلك بسبب كفرِ النعم، والفسادِ في الارض، وإجتراحِ السئيات، والتنكرِ للحق، واتباعِ الهوى، قال تعالى: "ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين" ذنوبُنا ومعاصينا هي من سلطت علينا أعدائنا، وحبستِ الخير عنا، وجرأتِ الرافضةُ في بلادنا على إبرازِ شركياتهم، وإظهارِ خُرافاتهم، وسولت للمتصوفة رفع عقائرهم، وإعلان فساد شعائرهم، وإحياء بدعهم وموالدهم، ومكنت للعلمانيين واللبراليين ليصرخوا بأعلى صوتهم، لتغريب بلادنا، وإقصاء شريعة ربنا، وإشاعة الفاحشة في نسائنا وشبابنا، فدعوا علانية لنزع الحجاب، وتقنين الاختلاط وعرض الفساد، والاستهزاء بالله ورسوله والمؤمنين، ومحاربة شعائر وشرائع رب العالمين، "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير" فالمعاصي سرُ هذه البلايا المتتالية، وسبب هذه الكوارث المتعاقبة، ذنوب اقترفناها، وأثام أكتسبناها، هجر للصلوات، ومنع للزكاة، تضييع للحقوق، وانتشار للعقوق، تبرج وسفور، ورقص ومجون، ترك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ويل للعرب من شر قد أقترب" فتقول أم سلمة رضي الله عنها: أَنَهلِك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم. إذا كُثرَالخبث" إذا قالها النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته الكرام، فما الظن بمن بعدهم، فبادروا بالتوبة، وسارعوا إلى العودة، فقد جعل الله لكم في التوبة ملاذاً مكيناً، وملجأً حصينًا، يقول النبي صلى الله علية وسلم: "كل بني آدم خطأ وخير الخطائين التوابون" ذكر ابن قدامة رحمه الله: أنه لحق ببني إسرائيل قحط على عهد موسى علية السلام فأجتمع الناس إليه، وقالوا: يا كليم الله أُدع الله لنا، أن يسقينا الغيث، فقام معهم وخرجوا إلى الصحراء وهم سبعون ألفاً أو يزيدون، فقال موسى عليه السلام: إلهي إسقنا غيثك، وانشر علينا رحمتك، فما زادت السماء الا تقشعا!! والشمس الا حرارة!! فأوحى الله إلى موسى: فيكم عبد يبارزني بالمعاصي منذ أربعين سنة، فناد في الناس أن يخرج من بين أظهركم فبه مُنعتم، فقال موسى: إلهي وسيدي عبدٌ ضعيف، وصوتي ضعيف، فأين يبلغ وهم سبعون ألفا؟ فأوحى الله إليه: منك النداء ومني البلاغ، فقام موسى منادياً فقال: يأيها العبد الذي يُبارزُ ربه منذ أربعين سنة بالمعاصي، أخرج فبك منعنا القطر!! فقام الرجل في نفسه وقال: إن أنا خرجت أُفْتُضِحتُ على رؤوس بني إسرائيل، وإن أنا قعدت منعوا لأجلي، فأدخل رأسه في ثيابه، وقال: إلهي وسيدي عصيتُك أربعين سنة وأمهلتني، وجئتُك تائباً فقبلني، فلم يستتم كلامه حتى ارتفعت سحابة بيضاء، فأمطرت كأفواه القرب، فقال موسى: إلهي وسيدي بماذا سقيتنا وما خرج من بين أظْهُرنا أحد؟ فقال: ياموسى سقيتكم بالذي منعتكم به، فقال موسى: إلهي أرني هذا العبد الطائع! فقال ياموسى: إني لم أفضحه وهو يعصيني أأفضحه وهو يطيعني.
فاتقوا الله يا عباد الله، والتجئوا إليه، وتقربوا بصالح العمل لديه، فما ضاق أمرٌ ألا وجعل الله منه مخرجا، ولا عَظُمَ خطبٌ إلا وجعل الله معه فرجاً، استكينوا إلى ربكم، وارفعوا إليه حاجاتكم، ادعوه بقلوب مخبتة، ونفوس خاشعة، فهو القريب المجيب،
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا، وأمددنا بأموال وبنين، وأجعل لنا جنات، واجعل لنا أنهارا.
اللهم أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، غيثاً هنيئا مرئيا، غدقاً سحا، طبقاً مُجللا، نافعاً غير ضار، عاجلاً غير أجل . برحمتك يأرحم الراحمين.
اللهم قد أغبرت أرضنا، وانصاعت جبالنا، اللهم فإنزل على أرضنا زينتها، وأنبت فيها بهجتها، ومتعنا بنضارتها، واكرمنا بخيرها وبركتها.
اللهم يا باسط اليدين بالعطايا، اغفر لنا الذنوب والخطايا، والسيئات والرزيا. اللهم انا خلق من خلقك، فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك.
اللهم خرجنا إليك من تحت البيوت والدور راغبين في رحمتك، راجين لفضلك ونعمتك، اللهم فأنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، وأنزل علينا من بركات السماء، وأخرج لنا من بركات الارض، وأجعل فيما أنزلته بلاغا ومتاعا إلى حين.
اللهم وجهنا وجوهنا إليك، وفوضنا أمورنا إليك، ورفعنا أكف الضراعة إليك، اللهم لا تهلكنا بالسنين، واسقنا غيثك، ولا تجعلنا من القانطين، فأنت رجاء المبتئسين، ومجيب الملتمسين.
اللهم انشر علينا رحمتك بالسحاب، لتحيي به ما قد مات، وترد به ما قد فات، وتنعش به الضعيف من عبادك، وتحيي به الميت من بلادك.
اللهم يا اله الاولين والاخرين، ويا رب السموات والارضين، أرخص أسعارنا، وغزر أمطارنا، وارزقنا وأنت خير الرازقين، اللهم سقيا رحمة لاهدم فيها وعذاب ولا غرق.
اللهم يا من بيده خزائن الرحمة والأرزاق، وإزالة الملمات والمشاق، يا من عم برزقه الطائعين والعاصين، وغمر بجوده جميع العالمين، جد علينا برحمتك وإحسانك، وتفضل علينا بغيثك ورزقك وامتنانك.
اللهم غيثا تحيي به البلاد، وترحم به العباد، وتجعله متاعا للحاضر والباد، على الله توكلنا، ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا انك أنت العليم الحكيم، ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
المشاهدات 2862 | التعليقات 2

للرفع
نفعنا الله واياكم بهدي الكتاب والسنة
وتقبل منا ومنكم بكرمه ومنّه.


جزى الله الشيخ أبا عمر خير الجزاء على خطبته إلا أن نوعية الخط يعيبها حيث أن بعض الكلمات تظهر حروفا فلو أن الشيخ غير الخط كان أفضل