﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾وَيَومَ عَاشُورَاءَ
محمد البدر
1442/01/07 - 2020/08/26 17:02PM
الْخُطْبَةَ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ : قَالَ تَعَالَى :﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾أرسل الله موسى ﷺ إلى فرعون بالآيات البينات ودعاه إلى التوحيد،قَالَ فِرْعَوْنُ ﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾وهذا إنكار منه لربه، ظلما وعلوا، مع تيقن صحة ما دعاه إليه موسى فأجابه موسى ﴿قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ﴾ففي السماوات والأرض وما بينهما من الآيات ما يوجب الإيقان للموقنين، فقال فرعون متجرهما، ومعجبا لقومه﴿أَلا تَسْتَمِعُونَ﴾ما يقول هذا الرجل، فقال موسى﴿رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ﴾فقال فرعون معاندا للحق، قادحا بمن جاء به ﴿إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ﴾فقال موسى مجيبا لإنكار فرعون﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾فلما خنقت فرعون الحجة، وعجزت قدرته وبيانه عن المعارضة قَالَ متوعدا لموسى بسلطانه ﴿لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾،﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ﴾ مستعليا بباطله، قد غره ملكه، وأطغاه ماله وجنوده ﴿يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ﴾ أي: ألست المالك لذلك، المتصرف فيه ﴿وَهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي﴾ أي: الأنهار المنسحبة من النيل، في وسط القصور والبساتين.﴿أَفَلا تُبْصِرُونَ﴾هذا الملك الطويل العريض، وهذا من جهله البليغ، حيث افتخر بأمر خارج عن ذاته، ولم يفخر بأوصاف حميدة، ولا أفعال سديدة. ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾يعني -قبحه الله- بالمَهِينٌ ، مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ ، كَلِيمُ الرَّحْمَنِ ، الوجيه عند الله، أي: أنا العزيز، وهو الذليل المهان المحتقر، فأينا خير{و} مع هذا فـ ﴿لا يَكَادُ يُبِينُ﴾ عما في ضميره بالكلام، لأنه ليس بفصيح اللسان، وهذا ليس من العيوب في شيء، إذا كان يبين ما في قلبه، ولو كان ثقيلا عليه الكلام. ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾ أي: استخف عقولهم بما أبدى لهم من هذه الشبه، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا حقيقة تحتها، وليست دليلا على حق ولا على باطل، ولا تروج إلا على ضعفاء العقول.فأي دليل يدل على أن فرعون محق، لكون ملك مصر له، وأنهاره تجري من تحته ،وأي دليل يدل على بطلان ما جاء به موسى لقلة أتباعه، وثقل لسانه، وعدم تحلية الله له، ولكنه لقي ملأ لا معقول عندهم، فمهما قال اتبعوه، من حق وباطل. ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾فبسبب فسقهم، قيض لهم فرعون، يزين لهم الشرك والشر.﴿فَلَمَّا آسَفُونَا﴾ أي: أغضبونا بأفعالهم ﴿انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلا لِلآخِرِينَ﴾ليعتبر بهم المعتبرون ويتعظ بأحوالهم المتعظون.
عِبَادَ اللَّهِ:عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:« قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ المَدِينَة، فَرَأَى الْيَهُودَ تصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: مَا هذَا قَالُوا: هذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هذَا يَوْمُ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسى، قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ » مُتّفَقٌ عَلَيْهِ وأمر بمخالفة الْيَهُودُ فقدكَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ الْيَهُودُ عِيدًا قَالَ ﷺ « فَصُومُوهُ أَنْتُمْ» مُتّفَقٌ عَلَيْهِ .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ:إِنَّ يَومَ عَاشُورَاءَ الَّذِي هُوَ مُنَاسَبَةٌ لِلذِّكرِ وَالشُّكرِ وَالعِبَادَةِ قَدِ ارتَبَطَ عِندَ الرِّافِضَةِ مَجُوسِ هَذِهِ الأُمَّةِ ببِدَعًا وَأَوهَامًا وَمُنكَرَاتٍ، فيتباكون ويَدَّعُونَ حُبَّ الحُسَينِ وَأَهلِ البَيتِ وهُم وَاللهِ أَشَدُّ النَّاسِ لِلصَّحَابَةِ بُغضًا وحقداً وكرهاً؛ إذْ يُكَفِّرونهم إِلاَّ نَفَرًا قَلِيلاً، وَيَلعَنُونَ أَشيَاخَهُم أَبَا بَكرٍ وَعُمَرَ، وَيَتَّهِمُونَ بِالزِّنَا أَطهَرَهُم الصِّدِّيقَةَ بِنتَ الصِّدِّيقَ زَوجَةَ رَسُولِ اللهِ ؛ قال تعالى﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُم عَذَابًا مُهِينًا﴾.وَهُم في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ أَلَدُّ أَعدَاءِ أَهلِ السُّنَّةِ وَأَشَدُّ خُصُومِهِم،وَالوَاقِعُ المُشَاهَدُ في البلدان المجاورة الآنَ خَيرُ دَلِيلٍ ..الا وصلوا ....