لفاء الله ما أغظمه من لقاء
ضيدان بن عبد الرحمن اليامي
1433/01/20 - 2011/12/15 15:24PM
الخطبة الأولى :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَنْ يهده الله فلا مضل له، ومَنْ يضلل فلاهادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) (آل عمران 102) ، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) ( النساء 1 ) ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ) ( الأحزاب 70 ـ 71 ) .
أما بعد :
عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ ـ رضي الله عنه ـ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : « الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ ، وَالْحَمْدُ لله تَمْلأُ الْمِيزَانَ ، وَسُبْحَانَ الله وَالْحَمْدُ لله تَمْلآنِ (أَوْ تَمْلأُ) مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَالصَّلاَةُ نُورٌ ، والصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو ، فَبَايعٌ نَفْسَهُ ، فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا » رواه مسلم في صحيحه .
كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو ، فَبَايعٌ نَفْسَهُ ، فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا ، فمن منا باع نفسه لله ، وانتصر على شيطانه وهواه ، ونال رضا الله وهُداه ، فاجتهد بأعماله ليفوز مع الفائزين وينجو مع الناجين ، فصلّى لربه وصام ، وتصدّق بماله وابتعد عن فعل الحرام ، ووصل رحمه وواسى الفقراء والأيتام ، وابتعد عن أذية المسلمين ، ومن منا غلبه شيطانه واتّبع هواه ، وغرته نفسه وعمّت مصائبه وبلواه ، سيء في تعامله مع ربه ، سيء في تعامله مع نفسه ، سيء في تعامله مع أهله وجيرانه وإخوانه والمسلمين ؟.
فالمسألة بيع لهذه النفس ، فإما بيع لله فهذا هو البيع الذي فيه نجاتها ، وإما بيع للشيطان وهو البيع الذي فيه هلاكها وحسرانها ، فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا .( فَأَمَّا مَن طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) [ النازعات ] .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ، ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) [الحشر18، 19] نحن بحاجة إلى وقفة مع أنفسنا في الدنيا حتى ننظر ما قدمنا لغد .
أما بعد :
عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ ـ رضي الله عنه ـ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : « الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ ، وَالْحَمْدُ لله تَمْلأُ الْمِيزَانَ ، وَسُبْحَانَ الله وَالْحَمْدُ لله تَمْلآنِ (أَوْ تَمْلأُ) مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَالصَّلاَةُ نُورٌ ، والصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو ، فَبَايعٌ نَفْسَهُ ، فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا » رواه مسلم في صحيحه .
كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو ، فَبَايعٌ نَفْسَهُ ، فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا ، فمن منا باع نفسه لله ، وانتصر على شيطانه وهواه ، ونال رضا الله وهُداه ، فاجتهد بأعماله ليفوز مع الفائزين وينجو مع الناجين ، فصلّى لربه وصام ، وتصدّق بماله وابتعد عن فعل الحرام ، ووصل رحمه وواسى الفقراء والأيتام ، وابتعد عن أذية المسلمين ، ومن منا غلبه شيطانه واتّبع هواه ، وغرته نفسه وعمّت مصائبه وبلواه ، سيء في تعامله مع ربه ، سيء في تعامله مع نفسه ، سيء في تعامله مع أهله وجيرانه وإخوانه والمسلمين ؟.
فالمسألة بيع لهذه النفس ، فإما بيع لله فهذا هو البيع الذي فيه نجاتها ، وإما بيع للشيطان وهو البيع الذي فيه هلاكها وحسرانها ، فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا .( فَأَمَّا مَن طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) [ النازعات ] .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ، ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) [الحشر18، 19] نحن بحاجة إلى وقفة مع أنفسنا في الدنيا حتى ننظر ما قدمنا لغد .
ماذا تكلم هذا اللسان ؟! وماذا رأت هذه العين ؟! وماذا سمعت هذه الأذن ؟! وأين مشت هذه القدم ؟! وبماذا بطشت هذه اليد ؟! ( وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ ) [القمر53] .
( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ) [الكهف 49] .
( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ (18) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ (28) هَلَكَ عَنِّيسُلْطَانِيهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ (32 ) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ (37) [ الحاقة ] .
كل الناس موقنون بالموت ، وما من أحد منهم يحدث نفسه بالخلود ، لكنَّ الفرقَ بينهم في كيفية لقاءِ الله ، كل منا على موعد مع هذا اللقاء ، في لحظة قد لا يشعر الإنسان بها ، ولا يدري كم بقي له من نفس على هذا اللقاء ؟ ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) [الكهف110] عَنْ عَائِشَةَ ـ رضي الله عنها ـ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللّهِ ، أَحَبَّ اللّهُ لِقَاءَهُ . وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللّهِ ، كَرِهَ اللّهُ لِقَاءَهُ » فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللّهِ أَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ ؟ فَكُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ . فَقَالَ : «لَيْسَ كَذَلِكَ . وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللّهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ ، أَحَبَّ لِقَاءَ اللّهِ ، فَأَحَبَّ اللّهُ لِقَاءَهُ . وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ اللّهِ وَسَخَطِهِ ، كَرِهَ لِقَاءَ اللّهِ ، وَكَرِهَ اللّهُ لِقَاءَهُ » رواه مسلم في صحيحه .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : « مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللّهِ ، أَحَبَّ اللّهُ لِقَاءَهُ . وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللّهِ ، كَرِهَ اللّهُ لِقَاءَهُ» قَالَ فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَذْكُرُ عَنْ رَسُولِ اللّهِ حَدِيثاً . إِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ هَلَكْنَا . فَقَالَتْ : إِنَّ الْهَالِكَ مَنْ هَلَكَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللّهِ . وَمَا ذَاكَ ؟ قَال َ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : « مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللّهِ ، أَحَبَّ اللّهُ لِقَاءَهُ . وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللّهِ ، كَرِهَ اللّهُ لِقَاءَهُ » وَلَيْسَ مِنَّا أَحَدٌ إِلاَّ وَهُوَ يَكْرَهُ الْمَوَتَ . فَقَالَتْ : قَدْ قَالَهُ رَسُولُ اللّهِ . وَلَيْسَ بِالَّذِي تَذْهَبُ إِلَيْهِ . وَلكِنْ إِذَا شَخَصَ الْبَصَرُ، وَحَشْرَجَ الصَّدْرُ ، وَاقْشَعَرَّ الْجِلْدُ، وَتَشَنَّجَتِ الأَصَابِعُ . فَعِنْدَ ذلِكَ، مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللّهِ ، أَحَبَّ اللّهُ لِقَاءَهُ . وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللّهِ ، كَرِهَ اللّهُ لِقَاءَهُ " . رواه مسلم .
لقاءُ الله ما أعظمه من لقاء ، لقاء عظيم ، لقاء يحتاج إلى العمل الصالح من العبد ، يحتاج إلى التوحيد و الإخلاص في القول والعمل والاعتقاد ، يحتاج إلى الصدق مع الله ، إلى حسن الظن بالله ، يحتاج إلى استغلال الأوقات في طاعة الله والقرب منه .
فماذا علمنا لهذا اللقاء العظيم ، وهذا الموعد الحاسم إِذَا شَخَصَ الْبَصَرُ، وَحَشْرَجَ الصَّدْرُ ، وَاقْشَعَرَّ الْجِلْدُ ، وَتَشَنَّجَتِ الأَصَابِعُ ، ( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ ) [ الأنعام31] . ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ) [يونس45] . ( مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) [العنكبوت 5] .
وقال الحسن البصري ـ رحمه الله ـ : لا راحة للمؤمن إلا في لقاء الله ، ومن كانت راحته في لقاء الله تعالى فيومُ الموت يومُ سروره وفرحِهِ وأمنِهِ وعزِهِ وشرفِهِ .
فرحم الله عبدًا قال لنفسه كل ليلة : ألستِ صاحبةَ كذا ؟! ألستِ صاحبةَ كذا ؟! ثم ذمَّهَا ثم خَطَمَهَا ، ثم ألزمها كتابَ الله وسنةَ رسولِهِ وكان هذا لها قائدًا .
وقال أبو حازم ـ رحمه الله تعالى ـ : " عَجبًا لقومٍ يعملون لدارٍ يرحلون عنها كلَّ يوم مرحلة ، ويدَعون أن يعمَلوا لدارٍ يرحلون إليها كلَّ يومٍ مرحلة " .
( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) [التوبة 105].
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ـ رضي الله عنه ـ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : « مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ اللّهُ. لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ . فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ . وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ . وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ . فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ » «وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». رواه البخاري ومسلم .
بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعَني وإيّاكم بما فيه من الآياتِ والذّكر الحكيم ، ونفعنا بهَديِ سيّد المرسلين وبقولِه القويم ، أقول قولي هذا ، وأستَغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين مِن كلّ ذنب، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
( قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ، وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ، أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ ، أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنْ الْمُتَّقِينَ ، أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ ، بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ ) [الزمر 53،59].
عباد الله ، ليس للموتِ مَرضٌ معلوم ، وليس للمَرض سِنّ معلوم ، وليس للموتِ وقتٌ معلوم ، ولكنها آجالٌ بيَدِ الله ، إذا حضَر الأجل فلا رادّ له ، ( وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) [المنافقون 11].
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ ، وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ ، وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) [المنافقون9، 11].
فالتوبة - عباد الله - مادام في الأمر فسحة ( يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سَيّئَـٰتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِىَّ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَـٰنِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ ) [التحريم 8]. تذكَّروا سعَةَ رحمةِ الله وعظيمَ فضلِه وحِلمِه وجودِه وكرمِه ، حيثُ قبِل توبةَ التائبين ، وأقال عثرةَ المذنبين ، ورحِم ضعفَ هذا الإنسانِ المسكين ، وأثابَه على التّوبة ، وفتحَ له أبوابَ الطّهارة والخيرات ، عن أبي موسى الأشعريّ ـ رضي الله عنه ـ عن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : " إنَّ الله تعالى يبسُط يدَه بالليل ليتوبَ مسيء النّهار، ويبسط يدَه بالنّهار ليتوبَ مسيء الليل " . رواه مسلم
( وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهَا ءاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ، يُضَـٰعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ، إِلاَّ مَن تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَـٰلِحًا فَأُوْلَـئِكَ يُبَدّلُ ٱللَّهُ سَيّئَاتِهِمْ حَسَنَـٰتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) [الفرقان 68-70].
هذا وصلوا على نبيكم ...
( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ (18) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ (28) هَلَكَ عَنِّيسُلْطَانِيهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ (32 ) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ (37) [ الحاقة ] .
كل الناس موقنون بالموت ، وما من أحد منهم يحدث نفسه بالخلود ، لكنَّ الفرقَ بينهم في كيفية لقاءِ الله ، كل منا على موعد مع هذا اللقاء ، في لحظة قد لا يشعر الإنسان بها ، ولا يدري كم بقي له من نفس على هذا اللقاء ؟ ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) [الكهف110] عَنْ عَائِشَةَ ـ رضي الله عنها ـ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللّهِ ، أَحَبَّ اللّهُ لِقَاءَهُ . وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللّهِ ، كَرِهَ اللّهُ لِقَاءَهُ » فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللّهِ أَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ ؟ فَكُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ . فَقَالَ : «لَيْسَ كَذَلِكَ . وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللّهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ ، أَحَبَّ لِقَاءَ اللّهِ ، فَأَحَبَّ اللّهُ لِقَاءَهُ . وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ اللّهِ وَسَخَطِهِ ، كَرِهَ لِقَاءَ اللّهِ ، وَكَرِهَ اللّهُ لِقَاءَهُ » رواه مسلم في صحيحه .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : « مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللّهِ ، أَحَبَّ اللّهُ لِقَاءَهُ . وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللّهِ ، كَرِهَ اللّهُ لِقَاءَهُ» قَالَ فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَذْكُرُ عَنْ رَسُولِ اللّهِ حَدِيثاً . إِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ هَلَكْنَا . فَقَالَتْ : إِنَّ الْهَالِكَ مَنْ هَلَكَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللّهِ . وَمَا ذَاكَ ؟ قَال َ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : « مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللّهِ ، أَحَبَّ اللّهُ لِقَاءَهُ . وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللّهِ ، كَرِهَ اللّهُ لِقَاءَهُ » وَلَيْسَ مِنَّا أَحَدٌ إِلاَّ وَهُوَ يَكْرَهُ الْمَوَتَ . فَقَالَتْ : قَدْ قَالَهُ رَسُولُ اللّهِ . وَلَيْسَ بِالَّذِي تَذْهَبُ إِلَيْهِ . وَلكِنْ إِذَا شَخَصَ الْبَصَرُ، وَحَشْرَجَ الصَّدْرُ ، وَاقْشَعَرَّ الْجِلْدُ، وَتَشَنَّجَتِ الأَصَابِعُ . فَعِنْدَ ذلِكَ، مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللّهِ ، أَحَبَّ اللّهُ لِقَاءَهُ . وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللّهِ ، كَرِهَ اللّهُ لِقَاءَهُ " . رواه مسلم .
لقاءُ الله ما أعظمه من لقاء ، لقاء عظيم ، لقاء يحتاج إلى العمل الصالح من العبد ، يحتاج إلى التوحيد و الإخلاص في القول والعمل والاعتقاد ، يحتاج إلى الصدق مع الله ، إلى حسن الظن بالله ، يحتاج إلى استغلال الأوقات في طاعة الله والقرب منه .
فماذا علمنا لهذا اللقاء العظيم ، وهذا الموعد الحاسم إِذَا شَخَصَ الْبَصَرُ، وَحَشْرَجَ الصَّدْرُ ، وَاقْشَعَرَّ الْجِلْدُ ، وَتَشَنَّجَتِ الأَصَابِعُ ، ( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ ) [ الأنعام31] . ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ) [يونس45] . ( مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) [العنكبوت 5] .
وقال الحسن البصري ـ رحمه الله ـ : لا راحة للمؤمن إلا في لقاء الله ، ومن كانت راحته في لقاء الله تعالى فيومُ الموت يومُ سروره وفرحِهِ وأمنِهِ وعزِهِ وشرفِهِ .
فرحم الله عبدًا قال لنفسه كل ليلة : ألستِ صاحبةَ كذا ؟! ألستِ صاحبةَ كذا ؟! ثم ذمَّهَا ثم خَطَمَهَا ، ثم ألزمها كتابَ الله وسنةَ رسولِهِ وكان هذا لها قائدًا .
وقال أبو حازم ـ رحمه الله تعالى ـ : " عَجبًا لقومٍ يعملون لدارٍ يرحلون عنها كلَّ يوم مرحلة ، ويدَعون أن يعمَلوا لدارٍ يرحلون إليها كلَّ يومٍ مرحلة " .
( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) [التوبة 105].
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ـ رضي الله عنه ـ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : « مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ اللّهُ. لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ . فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ . وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ . وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ . فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ » «وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». رواه البخاري ومسلم .
بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعَني وإيّاكم بما فيه من الآياتِ والذّكر الحكيم ، ونفعنا بهَديِ سيّد المرسلين وبقولِه القويم ، أقول قولي هذا ، وأستَغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين مِن كلّ ذنب، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
( قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ، وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ، أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ ، أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنْ الْمُتَّقِينَ ، أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ ، بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ ) [الزمر 53،59].
عباد الله ، ليس للموتِ مَرضٌ معلوم ، وليس للمَرض سِنّ معلوم ، وليس للموتِ وقتٌ معلوم ، ولكنها آجالٌ بيَدِ الله ، إذا حضَر الأجل فلا رادّ له ، ( وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) [المنافقون 11].
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ ، وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ ، وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) [المنافقون9، 11].
فالتوبة - عباد الله - مادام في الأمر فسحة ( يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سَيّئَـٰتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِىَّ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَـٰنِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ ) [التحريم 8]. تذكَّروا سعَةَ رحمةِ الله وعظيمَ فضلِه وحِلمِه وجودِه وكرمِه ، حيثُ قبِل توبةَ التائبين ، وأقال عثرةَ المذنبين ، ورحِم ضعفَ هذا الإنسانِ المسكين ، وأثابَه على التّوبة ، وفتحَ له أبوابَ الطّهارة والخيرات ، عن أبي موسى الأشعريّ ـ رضي الله عنه ـ عن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : " إنَّ الله تعالى يبسُط يدَه بالليل ليتوبَ مسيء النّهار، ويبسط يدَه بالنّهار ليتوبَ مسيء الليل " . رواه مسلم
( وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهَا ءاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ، يُضَـٰعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ، إِلاَّ مَن تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَـٰلِحًا فَأُوْلَـئِكَ يُبَدّلُ ٱللَّهُ سَيّئَاتِهِمْ حَسَنَـٰتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) [الفرقان 68-70].
هذا وصلوا على نبيكم ...
المشاهدات 3043 | التعليقات 2
جزاك الله خيرا شيخ ضيدان وأظن لها أخوات فلا تحرمنا :( منها أثابك الله ...
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق