لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة-11-6-1438ه-حسام الجبرين-الملتقى-بتصرف

محمد بن سامر
1438/06/10 - 2017/03/09 18:22PM
[align=justify]أما بعد: فقد خرج رسولُ اللهِ-صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ-يومًا، فإذا هو بأبي بكرٍ وعمرَ-رضي الله عنهما-فقال: ما أخرجكما من بيوتِكما هذه الساعةَ ؟ قالا: الجوعُ، يا رسولَ اللهِ! قال: وأنا-والذي نفسي بيده-أخرجَني الذي أخرجَكما، قوموا، فقاموا معه، فأتوا رجلًا من الأنصارِ، فإذا هو ليس في بيتِه، فلما رأته المرأةُ قالت: مرحبًا وأهلًا، فقال: لها رسولُ اللهِ-صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ-: أين فلانٌ؟، قالت: ذهب يستعذِبُ لنا من الماءِ-يحضر لنا الماء العذب-، إذ جاء الأنصاريُّ فنظر إلى رسولِ اللهِ-صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ-وصاحبَيه، فسلم عليهم، ورحب بهم، ثم قال: الحمد للهِ، ما أحدٌ اليومَ أكرمُ أضيافًا مِنِّي-لا أحدَ عنده ضيوفٌ أكرمُ من ضيوفي-، فانطلق فجاءهم بعذقٍ فيه بُسرٌ وتمرٌ ورطبٌ، فقال: كلوا من هذه، وأخذ المُديةَ-السكينَ-فقال له رسولُ اللهِ-صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ-: إياك والحَلوبَ، فذبح لهم، فأكلوا من الشاةِ، ومن ذلك العِذقِ، وشربوا، فلما أن شبِعوا ورَوَوْا، قال رسولُ اللهِ-صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ-لأبي بكرٍ وعمرَ: -والذي نفسي بيده-لتُسأَلُنَّ عن هذا النعيمِ يومَ القيامةِ، أخرجَكم من بيوتِكم الجوعُ، ثم لم ترجِعوا حتى أصابَكم هذا النَّعيمُ.
لا أدري أنعجبُ من جوع خير البشر وأفضل أصحابه، أم من هذا النعيم الذي حوته سفرة فيها ثلاثة أصناف فقط!
بالله عليك كم صنفُ طعامٍ في وجبة غداءك أو عشائك؟!
نُشر في بعض الصحف الالكترونية خبرٌ مزعجٌ؛ فيه أن السعودية هي الدولة الأولى عالميا في إهدار الأطعمة!
أيعقل أن تكون بلاد الحرمين ومهبط الوحي هي الأولى بالإسراف وهدر النعمة؟!، حيث قُدرت قيمة الهدر بعشراتِ الملياراتِ.
كيف نسي المترف المسرف جوع أبيه أو جده؟!، ألم يعلم أن من أهل هذه البلاد من فرح بجيفة حمار حين وجدها، فلم يخبر بها أحدا، وصار يترددُ عليها فيأخذُ قطعةً منها، وينفضُها بيده ليتساقطَ منها الدود، ثم يشويها فيأكلُها.
وحدثَ بعضُهم: أن جده لأمه بكى مرة لما رأى علبة زبادي فُتحتْ، وتُرك بعضُها على السفرة لم يؤكل، فلما بكى ذكر من أخبار الجوع وقصصهِ، ومنها أنه عايش رجلا كان يعرض ابنته لمن يقبل الزواج بها مقابلَ مَلء بطنها!، ولكنه لم يجد، وماتت-رحمها الله-بعد مدة قصيرة!.
أَجهِلَ الذي لا يُقَدِّرُ النعمةَ أن أهل هذه البلاد فيهم من كان يبقى أياما بلا طعام، ومنهم من مات جوعا!
إخواني: إن حفظ النعم من الزوال إنما يكون بالشكر، [وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ]، إن دوامَ النعمةَ واستمرارَها يكون بثلاثٍ: الشعورِ بالقناعةِ والرضا بالقلبِ، والحمدِ باللسانِ، والشكرِ ببقيةِ الأعضاءِ: بفعل ما يحبه الله ويرضاه، وتجنب ما يكرهه ويُسخطه، [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ]، [يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبا وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ*إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ]، [كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ]، فأمر-سبحانه-بالأكل من رزقه، ونهي عن اتباع خطوات الشيطان ومن ذلك الإسراف.
إن كفرَ النعمة سببٌ لزوالها، [وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ].
ولأن الله أمر بالشكر ونهى عن الإسراف، [كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ]، [وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ].
الخطبة الثانية
أما بعد: فإن وعي الفرد ووعي الأسرة هو أول خطوة في التصحيح فالوالدان مع أولادهم، والمعلم مع تلاميذه وهكذا.
إذا وجد الوعي: فإن أهل البيت يطبخون ما يحتاجونه، وحين يبقى شيء يحفظوه، فيَأكلونه فيما بعد أو يتصدقون به، وإذا زاد الوعي: عند الذهاب لمطعم أو نزهة وضع الإنسان الراقي الطعام النظيف الباقي في صحن أو حافظة، فأكله إذا جاع أو تصدق به، ولا يرميه، وما أحسنَ جمع بقايا الطعام في البيوت والمطاعم والمدارس مما لا يصلح للبشرِ فيُطعمُ للطيور والبهائم.
ويلاحظ على أهل المطاعم أن نفر الرز-كما يسمونه-كثير على الشخص الواحد، وغالبا لا يأكل الواحد إلا نصفه أو أقل، والمقترح أن تجعل المطاعم كمية نفر الرز أقل، وبسعر أقل، فإذا كان سعرُ النفر الرز أربعةَ ريالات مثلا، تبيع نصفه بريالين.
ومن المقترح على التجار ومصنعي الألبان والأغذية إيجاد أحجام صغيرة بأسعار أقل، فلماذا لا يوجد علبة زبادي صغيرة بنصف ريال، ولماذا لا يكون في الخبز حجم أصغر بنصف ريال.
ومن نعم الله انتشارُ مشاريع حفظ النعمة وجمعياتِها في المدن، ليأخذوا بقية أطعمة المناسبات الكبيرة فيوصلونها إلى المحتاجين.
لقد أمر الرسول-صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ-بأكل ما سقط من الطعام بعد إزالة ما فيه من أذى، فقال: "فإذا سقطت من أحدِكم اللقمةُ فليُمطْ-يُزلْ-ما كان بها من أذى، ثم لْيأْكلْها، ولا يدعْها للشيطانِ، فإذا فرغَ فلْيلْعقْ أصابعَه"، ويقول أنس-رضي الله عنه: "وأَمرَنا أن نَسْلُتَ القصعةَ"-نمسَحَها ونتتبَّعَ ما بِقِيَ فيها مِنَ الطَّعامِ-فكيف بما كان نظيفا في صحنه؟!
وأقل شيء تُجاه النعمة أن توضع للطيور والحيوانات وعسى الله ألا يؤاخذنا.
[كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى]...
[/align]
المرفقات

لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة-11-6-1438ه-حسام الجبرين-الملتقى-بتصرف.docx

لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة-11-6-1438ه-حسام الجبرين-الملتقى-بتصرف.docx

المشاهدات 1148 | التعليقات 0